أبعاد الموقفتقارير وتقديرات

اتفاق انقره.. الصومال وأثيوبيا.. هل يتحقق السلام؟

أبعــــــــــــاد الموقـــــــــــــف

في خضم الصراعات المزمنة التي تعصف بمنطقة القرن الإفريقي، جاء “إعلان أنقرة” ليبعث أملاً جديداً لتحقيق السلام بين الصومال وإثيوبيا. الاتفاق، الذي جرى توقيعه بحضور الرئيس التركي رجب طيب أردوغان يوم 11 ديسمبر 2024، يُعتبر تتويجاً لجهود دبلوماسية استمرت تسعة أشهر بوساطة تركية، وسيمثل نقطة تحوّل في العلاقات الثنائية بين دولتين ظلتا على خلاف لعقود.

أبعاد الاتفاق وأهدافه

“إعلان أنقرة” يعكس سعي أنقرة إلى تعزيز حضورها كوسيط موثوق في أزمات المنطقة، في حين يفتح للصومال وإثيوبيا أبواب تعاون جديدة. الاتفاق ينص على احترام سيادة كلا الطرفين، وتعاون مشترك يتيح لإثيوبيا، الدولة الحبيسة، منفذاً بحرياً عبر الموانئ الصومالية، مما يُعد فرصة لتحفيز التنمية الاقتصادية وتخفيف الأعباء الناتجة عن الاعتماد على جيبوتي.

التحديات أمام السلام

رغم الأجواء التفاؤلية، واجه الاتفاق أول اختبار له بتبادل الاتهامات بين الطرفين بعد فترة وجيزة. ففي 23 ديسمبر 2024، اتهمت الصومال القوات الإثيوبية بمهاجمة مواقع داخل ولاية جوبا لاند. ورغم إنكار إثيوبيا هذه الاتهامات وتوجيه اللوم إلى “طرف ثالث”، إلا أن الحادثة أظهرت هشاشة الاتفاق وضرورة التحلي بالحكمة لضمان استمراريته.

تركيا: الرابح الأكبر؟

لعبت تركيا دوراً محورياً في الوساطة بين البلدين، مستفيدة من علاقاتها المتينة مع كلا الطرفين. وقد نجحت أنقرة في تعزيز مكانتها كقوة إقليمية في إفريقيا، حيث أدارت هذا الملف الدقيق بمهارة دبلوماسية، مما منحها مكاسب استراتيجية واقتصادية على حد سواء. ويتوقع أن ينعكس نجاح الوساطة على زيادة استثماراتها في البنية التحتية والتجارة في المنطقة.

من الرابح؟ ومن الخاسر؟
  • الصومال: كسب اعترافاً إثيوبياً بوحدة أراضيه وسيادته، إلى جانب تحسين علاقاته الإقليمية، مما يُهيئ فرصة لاستثمار موارده في التنمية وإعادة الإعمار.
  • إثيوبيا: ضمنت وصولاً مستداماً وآمناً للبحر عبر الصومال، مما يُقلل تكاليف التجارة ويساهم في تنمية اقتصادها، لكن بشروط قد تُضعف موقفها داخلياً.
  • تركيا: عززت نفوذها الإقليمي وسمعتها كوسيط ناجح، مع توقعات بتوسيع استثماراتها في كلا البلدين.
أفق السلام

يظل السلام المنشود مشروطاً برغبة الأطراف في تنفيذ الاتفاق بشفافية وصدق. منطقة القرن الإفريقي تحتاج إلى الاستقرار، و”إعلان أنقرة” قد يكون خطوة في الاتجاه الصحيح، إذا تجاوز التحديات وأثبت قدرته على الصمود.

السؤال الأهم يبقى: هل ستضع الأطراف النزاعات خلفها وتركز على بناء مستقبل مشترك؟

ختاماً

السلام ليس مجرد كلمات تُدوَّن على الأوراق، بل قرار إرادي يُتَّخذ من أجل غدٍ أفضل. وإذا أثبت “إعلان أنقرة” نجاعته، فقد يشهد القرن الإفريقي بداية جديدة نحو الأمن والاستقرار والتنمية.

يمكنكم تحميل النسخة الإلكترونية PDF (اضغط هنا)

زر الذهاب إلى الأعلى