المؤشرالمؤشر الليبي

المؤشــر العـــــدد السابع عشـــر النصـف الأول أبريل 2024

المؤشــر العـدد السابع عشـــر

يصـدر عن المركز الليبي لبناء المؤشـــرات

الجديد في جلسة مجلس الأمن التي ناقشت الملف الليبي هذه المرة هو بروز حالة الصراع الروسي الأمريكي المتصاعدة مؤخراً حول ليبيا في كلمات مندوبي الدولتين، فبينما تحدث الأمريكي عن دور الفاغنر ونفوذها في الشرق، فإن الروسي قد أشار إلى شركة أمينتيوم الأمريكية، دون أن يسميها، في تدريب جماعات مسحلة في الغرب. ومن هذا المعطي يمكن الانطلاق لتفسير استقالة باتيلي، وذلك من خلال زاويتين:

الأولى أن الصراع الجيوسياسي المحموم بين الروس والأمريكان حول ليبيا مؤخراً زاد من تعقيد الأزمة السياسية الليبية، وأجهض أي أمل في حدوث اختراق قريب في هذه الأزمة، ما أحبط جهود باتيلي، الذي أدرك المستقبل القاتم للأزمة الليبية في ضوء هذه المتغيرات.

الزاوية الثانية، أنه مع عودة الولايات المتحدة مؤخراً للساحة الليبية، في محاولة منها لاحتواء النفوذ الروسي المتصاعد في شرق وجنوب ليبيا، فإنها قد تخطط لاستبدال باتيلي بنائبته الأمريكية، المعينة مؤخراً، “ستيفاني خوري”، لتحكم الولايات المتحدة قبضتها على الملف الليبي، في محاولة لزيادة فاعليتها في ملف لا تمتلك فيه نفوذاً كافياً، بحكم العامل التاريخي، الذي كانت فيه ليبيا خارج دائرة النفوذ الأمريكي.

على الرغم من الفشل المتراكم لباتيلي في مهمته، إلا أن استقالته لا تبشر بخير لليبيا؛ إذ أنها مؤشر على مدى تعقد الأزمة السياسية، ومن ثم استبعاد إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في المدى المنظور، لتستمر معها ذات الشخصيات السياسية المهيمنة على المشهد الليبي سياسياً واقتصادياً. وفي هذا الصدد، هناك حاجة ماسة وعاجلة لتبني وإعلان المؤسسات الرسمية في الشرق والغرب الليبيين موقفاً محايداً تجاه الصراع الروسي الأمريكي، وما يتطلبه هذا الموقف من ضرورة تجميد أي خطط أو اتفاقيات تعاون أمني وعسكري، سواء مع روسيا أو الولايات المتحدة، مع خلق حالة وعي وحراك شعبي ومجتمعي تجاه هذا الموقف “الحياد”، قبل أن تتعمق حالة الصراع هذه، بما قد تقود لحرب جديدة محتملة جداً في ليبيا بين الشرق والغرب برعاية دولية، وقودها الليبيين وهدفها مواردهم والمستفيد منها الأمريكان والروس.

وهذا السيناريو الكارثي يجب أن يدفع الفرقاء الليبيين لتقديم تنازلات والوصول لحل وسط، يقطع الطريق أمام القوى الدولية لتحقيق مآربهم، ويحول دون سيناريو الحرب، الذي بات يلوح في الأفق، والذي لن يجعل هؤلاء القادة يهنئون بمقاعدهم وسيعصف بمصالحهم، ولعل هذا يحركهم قليلاً، ذلك فضلاً عن كارثية هذا السيناريو على الدولة الليبية، وهو الأهم.

يمكنكم تحميل النسخة الإلكترونية PDF (اضغط هنا)

 

زر الذهاب إلى الأعلى