أوراق تحليليةتقارير وتقديرات

مؤتمر روما : البداية

تمهيــد:

عقد يوم السبت 23 يوليو 2023 في العاصمة الإيطالية روما مؤتمر دولي لمناقشة الهجرة الغير شرعية عبر المتوسط بدعوة  من  رئيسة الوزراء الإيطالية ” جورجيا ميلوني ” ،  و حضور الرئيس التونسي ” قيس سعيد ” إضافة  إلي الوفد الليبي  المكون من  رئيس  الحكومة  الوحدة الوطنية ” عبدالحميد الدبيبة ” ، ورئيس المجلس الرئاسي ” محمد المنفي ” ،  وبحضور  مشاركين  يمثلون  أكثر من 20 دولة ،  توافقوا  علي تقديم  التمويل  اللازم  لدعم  مشاريع التنمية  في ما اطلقت  عليه ميلوني ” عملية روما ” ،  والتي ستسمر لعدة سنوات – بحسب ما صرحت به – ،  كما رحبت ميلوني بالتعهد الذي أعلنه رئيس دولة الامارات ” محمد بن زايد ” بتقديم 100 مليون دولار للمشروع ،  وقالت ان ” الخطوة التالية هي انعقاد مؤتمر المانحين “.

كان  المستهدف من  هذا  المؤتمر – كما  صرحت  الدولة  الراعية  علي  لسان  رئيسة الحكومة ” ميلوني “-  هو  ” إطلاق  خارطة طريق  دولية  لتنفيذ  تدابير  وأجراءات  ملموسة  للنمو  والتنمية في البحر المتوسط وإفريقيا  ، ومعالجة الأسباب الجذرية لتدفق الهجرة غير النظامية ، وهزيمة الأنشطة الإجرامية  للمهربين، مع  العمل علي  إيجاد حلول  لحماية البيئة  ومواجهة  تحديات  المناخ “.

تهدف هذه  المبادرة كذلك  ،  إلي إعادة  الدبلوماسية  الإيطالية  إلي دورها  في المتوسط ،  بإطلاق خارطة طريق متعددة المحاور والسنوات ، مع الحصول علي إلتزامات ملموسة وقابلة للتحقيق ، من قبل الدول المشاركة خاصة في الشمال الافريقي في  مجالي التنمية ومكافحة الهجرة ، وهو خطوة اخري تقدم بها الرئيسة ” ميلوني”  نفسها ، لتعزيز  مبدأ  الدبلوماسية  الشاملة  للتعامل مع الأزمات ، بنهج  متكامل  يهدف  إلي بناء شركات متعددة وطويلة الأمد _ بحسب المعلن.

ولكن ، سبق  هذا المؤتمر سلسلة من اللقاءات  والزيارات أجرتها  ميلوني منذ بداية هذه السنة 2023 ،  كان الهدف الرئيسي  والمعلن  منها هو  محاربة الهجرة  الغير شرعية  والحد منها ،  لما  تشكله  من خطر  وتهديد مباشر لدولة إيطاليا،  وتقديم عدة مشاريع  ومقترحات للمعالجة للمشكلة ،  علي مستويات دول العبور والمصدر  ومحاولة  التوطين  للمهاجرين في  بلدانهم او  دول العبور ، بالتعاون المباشر  مع اهم  دولتين  لعبور المهاجرين  عن  طرق المتوسط  نحو  جنوب أوروبا ،  هما ليبيا وتونس.


بداية القصــة :

كانت بداية هذه اللقاءات التي أجرتها ميلوني مع تونس وليبيا ،  ففي الوقت  الذي  تحاول أن ترسم تونس لنفسها مكاناً في مواجهة تدفق الهجرة  الغير شرعية  من خلال تنسيق مشترك مع الاتحاد الأوروبي ،  نجد رئيس حكومة الوحدة الوطنية ” عبدالحميد الدبيبة ”  يسارع  إلى تعزيز  العلاقات الليبية  الإيطالية ، باذلا  قصارى جهده  في  إثبات قدرة  حكومته  على القيام  بما من  شأنه  وقف  تدفق  المهاجرين  إلى  أوروبا ، مبدئ  حرصه  على  إيجاد أرضية  مشتركة  لمعالجة  الكثير من القضايا  المشتركة  التي تخدم  مصلحة البلدين،  ومن  ضمنها قضية  الهجرة الغير  قانونية  التي تقلق الدولة الإيطالية  بشكل خاص ،  ودول الاتحاد الأوروبي بشكل عام.


الشراكة مع ليبيا و تونس : نمودج لبناء علاقة مع دول الشمال الافريقي:

وإستعراضا  لحراك الحكومة التونسية الأخير ،  نجد أنها شملت زيارات رسمية لقادة ومسؤولين من دول الاتحاد الأوروبي  لتونس  والعكس، حيث  كانت زيارتين  متاليتين في خلال الأسبوع  الثاني من  شهر يونيو  الماضي  لرئيسة  مجلس الوزراء الإيطالية “جورجيا ميلوني”  الي تونس ،  كانت الثانية برفقة  رئيسة المفوضية الاوربية ” أورسولا فون ديرلاين ” و رئيس  وزراء هولندا ” مارك روته ” ، وهي الأبرز ، وأعطت مؤشّراً  مهما  لمستوى  تطور  العلاقات الإيطالية  التونسية ، بشأن  موضوع  الهجرة  الغير  شرعية  وسبل التعاون  بين  البلدين ، لا سيما أن إيطاليا برزت أخيراً  في وضع  المدافع  المستميت عن مصالح الدولة التونسية ، وكانت آخر هذه اللقاءات  زيارة  الرئيس التونسي ” قيس سعيّد” إلى باريس  تلبية لدعوة من الرئيس الفرنسي ” ماكرون ” ، للمشاركة في “قمة باريس من أجل عقد مالي جديد”

وحوصلة  لنتائج  تلك التحركات ،  نجد أن  قادة دول  الاتحاد الأوروبي  بدءوا  يعكفون  مؤخراً  على دراسة إنجاز  اتفاق مع  تونس يهدف بشكل  رئيسي إلى  مكافحة  الهجرة  وضبط  شبكات  المهربين، ويعتزم  من  خلاله  منح  تونس  هذا  العام ، قوارب  ورادارات   متنقالة  ،  وكاميرات  وعربات لمساعدتها  في تعزيز  ضبط حدودها  البرية والبحرية.

كما أن الخطة  ،  تستهدف منح تونس مساعدات  مالية  طويلة  الأمد  بقيمة 900 مليون يورو،  ومساعدة  بقيمة 150 مليون يتم  صرفها  “فورا”  ، وحزمة  بقيمة 105 ملايين  لإدارة الهجرة في 2023 ،  كما  أن  الاتحاد  الأوروبي قدم  مقترحاته التي تهدف إلى تعزيز  التعاون  في مجالي الشرطة  والقضاء  لمكافحة  شبكات  المهربين.

وتأكيداً من الحكومة   الإيطالية في رغبتها الجادة في خلق آفاق  تعاون  فاعل لمواجهة  تلك  الأزمة،  وقعت  الحكومة الإيطالية  مؤخراً  اتفاقاً  مع الحكومة  التونسية، أبدت إيطاليا  فيه استعدادها لزيادة  نسبة  المهاجرين  القانونيين  من  تونس ، وأنها  ستعمل من  جهتها  على زيادة عدد المهاجرين  التونسيين  القانونيين القادرين على القدوم  للعمل في مجالي  الزراعة والصناعة  ،  وذلك  عبر  توقيع  اتفاقيات العماله القانونية ،  مقابل  تعهدات  تلتزم  بها  تونس  لبذل المزيد من  الجهود لمكافحة  ظاهرة  الهجرة الغير  قانونية ،  ومعلوم أن المقترحات  الأوروبية  تضمنت  تسهيل  إعادة   التونسيين  المقيمين  بشكل  غير  قانوني في أوروبا  إلى بلادهم ، وأن  يتولى الاتحاد الأوروبي تمويل العودة ” الطوعية ” للمهاجرين من أفريقيا جنوب الصحراء عبر تونس إلى  بلادهم .

 وبذلك  ، أصبح  واضحاً التوجه الأوربي الذي يسعى من خلاله  لتحويل دول شمال  إفريقيا  من أراضي  وممرات  للعبور،  إلى أراضي للأستقرار  والتوطين ،  وهو ما سبب احتقاناً  شديداً  لدى الشارع  التونسي ،  خصوصاً  أنه يعيش  في ظل أزمة  اقتصادية  ومالية خانقة.

وجديرا  بالذكر فأن ،  تونس قد شهدت  المدة الماضية  خروج  المئات من التونسيين  في مظاهرات شعبية ، في مدينة  صفاقس ضد المهاجرين  غير الشرعيين  تخللتها  أحداث شغب ، وتخشى  السلطات  التونسية  توسع  دائرة  المظاهرات  وتزايد ردود الأفعال تجاه  توافد المهاجرين الغير  مسبوق إلى تونس ، وهي تدرك حقيقة وهشاشة  الأوضاع  السياسية  والاقتصادية  في البلاد ، وتأتي   هذه التحركات  الأخيرة  بعد  أقل من شهر  على وقوع  إحدى  أسوأ  كوارث  غرق  قوارب المهاجرين في البحر المتوسط ، التي انطلقت من الشرق الليبي – تحديدا مدينة طبرق.

وتزامناً مع سرعة  الخطوات التونسية  قام  السيد “عبد الحميد الدبيبة ”  رئيس حكومة الوحدة الوطنية ، بزيارة عمل رسمية إلى  العاصمة  الإيطالية  روما ، يوم  الأربعاء  الموافق 7 يونيو 2023  ، تم   التوقيع  فيها  على إعلان “حسن النوايا ”  من أجل   تعزيز  التعاون  في مجال  الأمن  بين السيد  وزير  الداخلية  المكلف  لواء “عماد الطرابلسي” ، والسيد  وزير الداخلية  في جمهورية  إيطاليا “ماتيو  بيانتيدوزي “.

كانت هذه الزيارة  امتداداً  للزيارة  التي  قامت بها  رئيسة  الحكومة  الإيطالية ” جورجيا ميلوني ” ، أواخر  شهر  يناير  الماضي إلى العاصمة  الليبية – طرابلس رفقة  وفد حكومي رفيع ، وجاء  الإعلان  في هذه الزيارة  على  التأكيد  على تكثيف التعاون  المشترك في مجال  أمن الحدود ، ومكافحة  الهجرة  غير  الشرعية  في البحر  والصحراء ، وفقاً  للمعايير الدولية  وبما  يتماشى مع حقوق الإنسان ، إضافة الي ، تبادل  المعلومات والخبرات  حول  مكافحة  عصابات الأتجار  بالبشر  وتهريب المهاجرين ، وتقديم  المعدات التقنية  لضمان أمن الحدود  الجنوبية  الليبية ، وتحديدا مبادرات  لتقديم  الدعم التقني لجهاز حرس  الحدود الليبي ، وبحث القيام  بتدريبات بحرية  مشتركة ، واستكمال  دورات  التدريب  المتفق عليها  لتحسين  قدرات إدارة  أمن السواحل الليبية ، ومواصلة  توريد الزوارق  والمعدات  التقنية  في  سياق  مشروع  دعم  متكامل  للإدارة  مكافحة  الهجرة  والحدود  في ليبيا  الممول من الأتحاد الأوروبي ، مع  التأكيد على  دعم  جهود  وزارة  الداخلية  الليبية  في  مكافحة الجريمة بإستخدام المنظومات الحديثة.  

وتحاول حكومة  الدبيبة  ملاحقة ملف الهجرة  الغير  قانونية  وهي تعي أن الجهود الدولية لمكافحة تدفق المهاجرين  إلى أوروبا  باتت تبحث عن البدائل التي تؤدي إلى نتائج ملموسة ، وأن الكارثة التي وقعت في منتصف شهر  يونيو  الماضي  قبالة  السواحل  اليونانية  والتي أدت إلى غرق  أكثر من 79  شخص إضافة الي عدد كبير من المفقودين ، كان  لها  وقع  سيئ  على مستوى الخطط  والبرامج  المعدة  لمكافحة  تدفق  المهاجرين  إلى  أوروبا ، وأبرزت  ضعف  الجهود  المبذولة  في ذلك  ، كونها  عمليات عشوائية ،  لم تحد من عمليات التدفق  الكبيرة  القادمة من الجنوب  وكشفت جلياً  ضعف الإمكانيات الليبية في مكافحة الهجرة الغير قانونية.

وتجدر الإشارة هنا الي ان  ، المصادر الأمنية  بالمنطقة  الجنوبية  تتحدث  عن أن دخول المهاجرين عبر المناطق  الصحراوية  الجنوبية  لم  يتوقف ، بل لوحظ  أنه في  ازدياد  يومي  يقدر بـ400 مهاجر في المتوسط،  يصلون  في رحلات منتظمة.

وتشير الأرقام  إلى أن  تدفقات الهجرة غير قانونية ،  تزايدت بشكل  واضح في أواخر عام 2022  وبداية  العام  الجاري،  وقد  كشفت  بيانات وزارة  الداخلية ، عن  وصول أكثر من 20 ألف مهاجر، خلال  نوفمبر  وحتى  ديسمبر  من العام  2022 ، مقارنة   بنحو 13 ألفا  خلال  الفترة  نفسها من عام 2021 ، أما  خلال الأيام  العشرة  الأولى  من عام  2023، فقد  سجلت إيطاليا   وصول  نحو 3800 مهاجراً  غير  نظامي الي شواطئها الجنوبية ، مقارنة  بأقل من 400  مهاجر فقط  في نفس  الفترة  من العام 2022. علما بأن الكثير من المهاجرين  يتعرضون في طريق رحلتهم الطويلة إلى ظروف قاسية  تصل  أحيانا إلى التعذيب  والاعتقال، وغالباً  ما يكون  الموت حليف المئات  منهم.

ووسط هذه الأجواء  يسعى  ” عبدالحميد الدبيبة ” إلى سرعة  متابعة ملفاته التي ترتبط بتفاهماته  الداخلية والإقليمية  والدولية  ، و التي  تعزز  سيطرة  الحكومة  بشكل  مباشر ، حيث  قام  في شهر يونيو  الماضي ،  بإعطاء  أوامره  لرؤساء أجهزة  الأمن الداخلي  ، والحرس  البلدي  ومصلحتي الجوازات  والجمارك والاستخبارات، بضرورة استبدال  كافة  العاملين التابعين  لهم في منفذ ” رأس اجدير ” بعناصر  أخرى  جديدة  وموافاته  بما تم من  إجراء بشكل حازم  وسريع ، مما عده البعض  مرتبطاً بما ورد عن قيام أجهزة  الأمن التونسية  بترحيل العديد من المهاجرين  الأفارقة  بالقرب من الشواطئ   والحدود  الليبية ،  لتخفيف الضغط عن الدولة التونسية، ومحاولتها  تصدير الأزمة  خارج حدودها  ، ورأي فيه  آخرون أنه محاولة  إثبات للفواعل الدولية بما  فيهم الطليان عن سيطرة حكومة  الوحدة  الوطنية  على جميع  المنافذ  البرية  والبحرية  في المنطقة  الغربية ،  وقدرتها  على أن  تكون  شريكة حقيقية في معالجة  ملف الهجرة  الغير شرعية.


مخرجات مؤتمر روما:

واستنادا إلي ما سبق ، فإن ملف توطين المهاجرين في دول شمال إفريقيا  بات أمراً  لا تتردد  الحكومة الإيطالية  والاتحاد الأوروبي من  تداوله  مع  المسؤولين من  تلك  الدول ، خاصة في الشمال الافريقي ،  وأن  الوعود  والإغراءات التي تقدم لدعم  بقاء واستمرار  الحكومات  الحالية ، هو مفتاح  مهم  يستخدم للضغط في جعل ملف التوطين أمراً  واقعاً ، من   خلال  سلسلة  من الخطوات والإجراءات  التي  تشمل  شراكات وحوافز  ودعم  وتأييد  لتلك الحكومات.  

وكانت اهم  مخرجات  مؤتمر  روما  المنعقد في  23 يوليو 2023  ، هو   التأكيد علي أهمية  التعاون  بين أوروبا  وافريقيا  في معالجة  أسباب الهجرة  الغير قانونية ، مع  محاولة  حوكمة  ظاهرة  الهجرة .

فقد  اكد الحضور أن  مؤتمر  روما  ” نقطة تحول ”  في   بناء  شركات حقيقية بين  أوروبا  وافريقيا  في معالجة  مشكلة الهجرة  ، وان  المؤتمر  يهدف الي “بناء مستقبل  اكثر  عدلا  وازدهارا  ”  ، كما  صرحت رئيسة  المفوضية الأوروبية ، كما  إن  اطلاق ” عملية روما ” ،  ستكون  لمعالجة  الأسباب  الجذرية  لملف الهجرة  ، مع  التأكيد علي   إلتزام  أوروبا  بتقديم  التمويل اللازم  ” لتنمية  دول الانطلاق  والعبور ” ، من  خلال  التخطيط  المشترك  وتنفيذ  المبادرات  والمشاريع في ” دول العبور والمصدر ” ، من خلال  تعزيز  ست قطاعات  رئيسية هي : الزراعة ، الطاقة ، البنية التحتية، التعليم والتدريب ، الصحة ، إضافة الي  المياه و النظافة العامة ، مع  التأكيد علي  تعزيز  التعاون  في مجال  مراقبة  الحدود ، والتصدي  للتهريب  والاتجار  بالبشر  ، مع  التأكيد علي احترام  حقوق الانسان  للاجئين  والمهاجرين.

كما صرح رئيس المجلس الرئاسي ” محمد المنفي ” في كلمته بأن موقف ليبيا  لمشكل الهجرة ، هو أن المقاربة الأمنية وحدها  لا تكفي ، ويجب  معالجة جذور  المشكلة من دول  المصدر والعبور  ، وذلك بتمويل التنمية المستدامة ، مع تعزيز القدرات الأمنية في مراقبة الحدود 

اما  رئيس حكومة  الوحدة  الوطنية ” عبدالحميد الدبيبة ” ، فقد صرح  علي  هامش  المؤتمر بإن ” رؤية  الدولة  الليبية لاتتضمن أي توطين للمهاجرين  ” ، مع تأكيده بإن ” ليبيا تعتبر مناطق عبور ليس إلا ”  ، كما  اكد علي ” مطالبة ليبيا في حقها من الدعم الدولي  لمعالجة  ملف الهجرة  أمنيا  وسياسيا  وماديا “.

وكان  تصريح سابق لوزير الخارجية الإيطالي ” أنطونيو تاياني ” قال فيه ” سندعم القدرات العملياتية  لليبيا  والنيجر  لمحاربة المتاجرين بالبشر  وتقديم البدائل  الملموسة  ، وسننفذ في ليبيا أنشطة لدعم النظام التعليمي ، ما يخلق فرص جديدة  للمهاجرين  والمجتمعات التي  تستضيفهم “.

مضيفا ، ” بأنه تم  تحديث برامج  صندوق الهجرة  لعام 2023 ، ويهدف بشكل خاص إلي تعزيز  عمل إيطاليا علي طول  طريق  ووسط  البحر المتوسط ، وتحقيقا   لهذه الغاية سيتم إطلاق حزمة من الإجراءات ليتم تنفذها  في ليبيا  والنيجر” ،  مضيفا  ” لقد  خصصنا 16 مليون يورو ، 8.5 مليون يورو منها  لثلاثة مشاريع  في ليبيا ، و 7.5 مليون لثلاثة مشاريع اخري في النيجر “. 


الخلاصة…

  • سقف المطالب التي ترفعه  تونس في معالجة  ملف الهجرة  الغير  قانونية  لا يمكن  إلا أن يوصف  بأنه  مستوى من المناورة  لتحقيق  أفضل  قدر من المكاسب الاقتصادية  والسياسية ، ومعالجة الظروف الصعبة  التي تمر بها  الدولة ، وأن المناورة التونسية  لا زالت تحاول أن لا تقطع خطوط التواصل ، بل إنها  تعطي في  إشارات  للاتحاد الأوروبي بإمكانية  صياغة  تفاهمات  متقدمة  بالخصوص، ويمكن  القول إنها  نجحت في ذلك  إلى حد الآن، وما  توالي زيارات المسؤولين الأوروبيين إلا دليل على اقتناعهم  بوجود  فرصة حقيقية تستثمر الظروف التي تمر بها  تونس من  انتهاكات لحقوق الإنسان  والتضييق  على الحريات ، التي توصف بها  ممارسات  قيس سعيّد  ضد  خصومه،  ويرغب في أن  يغض الاتحاد الأوروبي الطرف  عنها  ، وأن يتفهم الظروف الصعبة في إدارته للدولة .
  • محاولة تونس ترحيل ودفع المهاجرين غير النظاميين إلى الحدود والشواطئ الليبية ، لعله أحد البواعث التي كانت وراء  إصرار حكومة  الدبيبة  على تغيير الجهاز  الفني الذي يدير منفذ رأس اجدير  ،  ومحاولة  من الحكومة  إثبات  قدرتها على فرض الأمن  والاستقرار ، ويقع ضمن استعدادها  لمعالجة  تدفق المهاجرين على  الحدود الليبية.
  • مستوى الارتباط  بين حكومة  الوحدة الوطنية  برئاسة ” عبدالحميد الدبيبة ” والدولة الإيطالية شهد مستوى من  العلاقات المتقدمة   تجاوز موضوع  ملف الهجرة الغير قانونية ، إلى آفاق اقتصادية تتعلق بقطاع النفط والغاز ومشاريع  البنية  التحتية وملف إعادة الإعمار ، والإعلان عن فتح الأجواء  والطيران بين البلدين ، وتسعى  حكومة  الوحدة  الوطنية لإستثماره بشكل  حقيقي  بما يخدم  فكرة محاولة  تحقيق استقرار غير مسبوق  بعد ثورة 17 فبراير، ليتم تصديره  لصالح رئاسة الحكومة  التي يسعى رئيسها ” عبدالحميد الدبيبة ” إلى إطالة عمر حكومته ، وبقاءها قدر الإمكان ، وبإي طريقة  كانت.
  • مقاربة تونس الأخيرة من ملف الهجرة الغير قانونية ،  والذي تسعى من خلاله لتحقيق جملة من المكاسب  والمساعدة  في  إيجاد الحلول  للمستويات الغير مسبوقة  من  أعداد  المهاجرين  الأفارقة، هي محل ملاحقة ومتابعة من الدولة الليبية ، حيث إنه بات ينظر المراقبون  إلى تونس إلي  أنها سبقت ليبيا  وأصبحت  بلد  العبور الرئيسي في  المنطقة إلى  إيطاليا  على متن قوارب ضمن موجات الهجرة غير القانونية من مناطق جرجيس  وصفاقس ، حيث  تفيد بيانات  رسمية صادرة عن  وزارة  الداخلية  الإيطالية، عن تدفق ما يقارب 49 ألف مهاجر إلى السواحل  الإيطالية  منذ بداية  شهر يناير  وحتى شهر مايو  2023، أغلبهم  وافدون  من  دول  إفريقيا  جنوب الصحراء،  استخدموا   تونس  كنقطة  عبور.

 التوصيات…

  • الحديث عن تبلور رؤى واستراتيجيات دولية  جديدة  بشأن القضايا  المتعلقة بالهجرة، لا يمكن للمسؤولين وصناع القرار في الدولة الليبية التغافل عنه، بل إن مقتضيات الأمن القومي الليبي تقتضي العمل بكل جدية  لبلورة خطط  وبرامج  تتعلق  بكل  السيناريوهات  المطروحة  والمتوقعة من الدول الكبرى  ، والتي تستهدف دول المنطقة، ولعل ما تم طرحه  من ورقات على موقع ” المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية ” ، بما يخص قضايا الهجرة الغير قانونية  وإعادة التوطين ،  لدليل على الشبهه  والتحفظات التي ارتأتها   قطاعات واسعة من  البلديات  والفعاليات والجهات  الرسمية   والغير  رسمية بخصوص عمل  ونشاط المنظمات الدولية  في ليبيا،  ودورها في التمهيد لعمليات توطين وإدماج المهاجرين غير النظاميين ، حيث إن ما تم تقديمه كان مفتاحاً  لفهم بعض  الترتيبات  الأوروبية  المقترحة  لمعالجة  هذا  الملف ، وقد كانت منظمة “اراباتشي”  أحد الأمثلة التي ساقها المركز  والتي  يكتنف أداءها الكثير من الغموض  ، وكذلك ماصرح به وزير الخارجية الإيطالي دليل أخر لما تفكر فيه دول أوروبا  لمعالجة ملف الهجرة  الغير قانونية  وذكر  التوطين  بصور متعددة.
  • تضاعف  وزيادة  الأرقام  في ما يخص أعداد  طالبي الهجرة  الغير قانونية والذين وصلوا  بالفعل لسواحل جنوب أوروبا، يحتم على المسؤولين في الدولة الليبية التوقف ملياً لمتابعة المستويات المرتفعة لإعداد المهاجرين،   ومراجعة سياساتها الداخلية والخارجية في هذا الملف الخطير  ، ودراسة ظاهرة تحول تونس إلى ممر مهم للمهاجرين  من حيث الأسباب  والنتائج  والتأثيرات المحتملة.
  • مستوى التنسيق  الذي ترغبه الحكومة التونسية ، والذي عبر عنه  رئيسها  ” قيس سعيّد ” في اتصاله  برئيس الحكومة الليبية ” عبدالحميد الدبيبة ” ، وطلب أن يكون  هناك جهد جماعي  ، وعمل مشترك في معالجة ملف الهجرة الغير قانونية  ، لا يمكن للحكومة الليبية مغادرته أو تجاهله لأنه  قد يضطر الدولة  التونسية  الشروع في تفاهمات  وتعهدات لا تخدم المصلحة الليبية  ،  مما  يؤدي إلى ممارسات  وإجراءات  تضر  بالسلامة  والأمن  القومي  وعلي راسها  إعادة  ترحيل  المهاجرين الغير  قانونيين  إلي الأراضي  الليبية  للتخلص منهم   والذي بدأ فعليا بعد احداث  صفاقس الأخيرة.

لتحميل الملف إضغط هنا

هذا المحتوى متوفر أيضًا باللغة: English Français Türkçe Italiano

زر الذهاب إلى الأعلى