أزمة غياب الدبلوماسية الليبية.. بين ضخامة الفساد الداخلي وفقدان دورها الخارجي
ورقــــة تحليليـــة
المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية
الأزمة ليست فقط في إدارة البعثة الدبلوماسية وفقدان بوصلة تكوين سياسة خارجية واضحة تناسب المرحلة، بل تعد الأمر إلى اعتبار العمل في السلك الدبلوماسي وسيلة لكسب المال غير المشروع، كون أغلب البعثات تدار بعيدةً عن الرقابة الدقيقة والرادعة.
فمنذ عام 2023 وحتى كتابة هذه الورقة، صدرت عديد القرارات من قبل مكتب النائب العام بإيداع عدد من رؤساء البعثات الدبلوماسية في الخارج، سواء سفراء أو قائم بالأعمال أو مراقب مالي وإداري، في السجن بتهم الاستيلاء على المال العام، وتزوير الوثائق والتلاعب بالأرقام واستغلال المناصب للمصالح الخاصة.
وإيماناً من المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية بدور وأهمية الدبلوماسية الليبية في هذه المرحلة الحرجة للبلاد، تقدم الورقة بعض التوصيات لصناع القرار، ومنها:
- ضرورة توحيد وزارة الخارجية تحت مظلة واحدة لتنسيق العمل الدبلوماسي والحديث بلغة واحدة مع جميع الدول، لتقديم رؤية واضحة ومتماسكة للأزمة الليبية وطلب دعم الحلفاء من أجل الخروج من الأزمة. وتشكيل لجان من قبل الوزارة ومكتب النائب العام ومصرف ليبيا المركزي، لتقييم حالة الإنفاق والميزانيات الممنوحة للبعثات الدبلوماسية بعد ثورة 2011، وتقديم تقارير بالمخالفات لمكتب النائب العام لاتخاذ اللازم.
- تفعيل نصوص القوانين والاتفاق السياسي الخاصة بتنظيم العمل الدبلوماسي، وإعادة هيكلة وزارة الخارجية وشروط تعيين أعضاء السلك الدبلوماسي، بداية من سفير فوق العادة حتى آخر موظف دبلوماسي في السفارات. ومراجعة السفارات والبعثات الدبلوماسية في الخارج منذ 2011 وحتى الآن، وإلغاء أي مناصب مستحدثة في هذه المؤسسات لا دور لها ولا وظيفة واضحة.
ومراجعة السير الذاتية لكل السفراء ورؤساء البعثات الدبلوماسية الذين تم تعيينهم منذ تشكيل السلطة الموحدة في ليبيا (المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية) في اتفاق جنيف، ومطابقة مدى صلاحية الشخص في تمثيل ليبيا في الخارج.
- منع السفراء وأطقم العمل الدبلوماسي بالدخول في المعترك السياسي، أو الإدلاء بتصريحات تزيد من حالة التشظي الداخلي أو تسبب أزمات مع دول فاعلة وذات أهمية، أو الحديث بلغة تسبب مشكلات خارجية للدولة. وسن قوانين تجرم وتعاقب كل مسؤول يتعدى صلاحياته ويتقمص أي دور أو صلاحية أصيلة لوزارة الخارجية ووزيرها المكلف، سواء بتصريحات أو توقيع اتفاقات أو مفاوضات أو حل إشكاليات دبلوماسية مع دول يوجد بها بعثة دبلوماسية للدولة الليبية.
- إعادة وزارة الخارجية النظر في بعض البعثات الدبلوماسية المتواجدة في أماكن لا يكاد يتواجد بها ليبيون أو مصالح للدولة الليبية، وإغلاق المقرات الدبلوماسية الكبيرة هناك والاكتفاء فقط بمكتب تمثيل دبلوماسي يتناسب وحجم الدولة وعدد الجالية الليبية أو إضافة متابعة هذه الدولة لسفارة أخرى، وضرورة دمج أكثر من دولة في بعثة دبلوماسية واحدة من أجل تخفيف عبء الإنفاق ولمنع الفساد والقضاء على سياسة الترضيات في العمل الدبلوماسي.
- تشكيل وزارة الخارجية لـ “لجنة مراقبة أداء” من شيوخ العمل الدبلوماسي ووزراء الخارجية السابقين وأساتذة قانون ومختصين في التنظيم الدبلوماسي وخبراء في الاتفاقات الدولية والمنظمات الدولية تقوم بجولة دورية على كل البعثات الدبلوماسية، من أجل تقييم أداء أعضاء السلك الدبلوماسي، بدايةً من السفير وحتى باقي الموظفين، ومراقبة الأداء من حيث مواكبة التطور وإلمام المسؤول بكافة التطورات التي تخص الدولة المضيفة، وكذلك الاتفاقات المبرمة معها.
ومنح هذه اللجنة صلاحيات تسمح لها بمراقبة أداء البعثات، وتقديم تقارير دورية عن مدى نجاح هذه البعثات في تمثيل الدولة وتنفيذ السياسة الخارجية للبلاد، ونجاحها في حل الإشكالات وتوقيع الاتفاقات التي تعود على البلاد بالنفع، على أن تتبع اللجنة لوزير الخارجية مباشرةً، وتتمتع بالذمة المالية المستقلة والحصانة الدبلوماسية.
يمكنكم تحميل النسخة الإلكترونية PDF (اضغط هنا)