أوراق تحليليةتقارير وتقديرات

تزايد النفوذ الروسي في شرق ليبيا.. هل يعاند أميركا فعلا أم تلاقي مصالح واستراتيجيات بين القوتين؟

ورقــــة تحليليـــة 
المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية

سيطر الحديث عن تزايد النفوذ الروسي في ليبيا مؤخرا خاصة في المنطقة الشرقية عبر اتفاقات معلنة وغير معلنة مع القيادة العامة هناك على المشهد العام محليا وإقليميا ودوليا، وسط توقعات بتحركات من قبل الدول الكبرى الرافضة للتواجد الروسي في مناطق نفوذها أو بالقرب من شواطئها المائية.

وزاد الحديث عن هذا النفوذ وتطوره بعدما تناقلت عدة أنباء بالصوت والصورة لشحنات تسليحية من مواد ومعدات وناقلات أسلحة روسية ورسوها في ميناء طبرق بشرق البلاد، وسط حالة تعتيم متعمد من قبل السلطات العسكرية هناك وصمت مطبق من قبل السلطة التشريعية المتواجدة في شرق ليبيا.

وسارعت الأوراق البحثية والمراكز المهتمة بهذا الملف إلى صياغة تقديرات موقف وقراءات للموقف الأميركي من النفوذ الروسي في ليبيا، وأن الأمر قد يتطور إلى حرب بين القوتين على الأراضي الليبية، وأن أميركا بدأت تعد عدتها وعتادها للتحرك نحو قوات موسكو سواء الفاغنر أو مشروع الفيلق الإفريقي الروسي الجديد، لكن واشنطن لم تحرك ساكنا وكأنها تقرأ هذه الأوراق والأبحاث والتوقعات وهي تضحك على سذاجة الطرح.

المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية له رؤية مغايرة عن كل هذه القرارات، تقوم على أن الأمر كله يتم بناء على اتفاق ضمني بين واشنطن وموسكو، على أن تتوسع الأخيرة في شرق ليبيا وشمال إفريقيا لكبح نفوذ الاتحاد الأوروبي وبعض دوله خاصة فرنسا، التي تتحرك وتتصرف كأنها دولة كبرى ورائدة في المنطقة والاتحاد وتناطح الولايات المتحدة في الكثير من الملفات خاصة في القارة الإفريقية.

نرى كذلك في المركز الليبي أن التواجد الروسي في ليبيا عامة سواء الدبلوماسي في غرب البلاد أو العسكري في الشرق، هو عبارة عن تلاقي استراتيجيات بين موسكو وواشنطن وربما تستغله الأخيرة في ضرب النفوذ الفرنسي في إفريقيا عامة، أو كورقة ضغط وابتزاز وإضعاف للاتحاد الأوروبي عامة ليظل الجميع تحت قيادة البيت الأبيض وفي حاجة دائما لدفاعه عنه، وتبني الإدارة الأميركية لقضاياه، وهذه استراتيجية متبعة في الإدارة الأميركية منذ زمن.

وعليـــه

فإن طبيعة التحركات العسكرية الروسية في شرق البلاد والتحركات الدبلوماسية في المنطقة الغربية، يمكننا التأكيد على ما ذهبنا إليه، بأن هذه الخطى المتسارعة تتم بتوافق ضمني مباشر أو غير مباشر مع الاستراتيجية الأميركية والطموح الأميركي الذي يريد إضعاف وكبح جماح دول الاتحاد الأوروبي التي تريد الخروج من تحت نفوذه وسيطرته، لترسم هي سياسة الدول في العالم الثالث، وتسيطر على مناطق نفوذ لواشنطن لتنطلق منها إلى مناطق هامة في القارة الإفريقية.

أما الأطراف المحلية في ليبيا سواء العسكرية أو التنفيذية أو التشريعية فهي مجرد أدوات في يد القوى الكبرى تحركها طبقا لاستراتيجيات تحقيق المصالح وطبقا للتوقيتات المتفق عليها بين هذه القوى لتصبح هذه الأطراف أدوات تنفيذية لمصالح أكبر من طموحاتها في السلطة أو البقاء في المشهد.

يمكنكم تحميل النسخة الإلكترونية PDF (اضغط هنا)

زر الذهاب إلى الأعلى