الإيجاز

حراك 27 يوليو : إلي اين ؟؟

تمهيد

لا حديث في الشارع الليبي إلا عن اقتراب موعد حراك يوم 27 يوليو  2023  ، الذي تم الإعلان عنه منذ فترة من خلال منصات التواصل الاجتماعي المختلفة ، ويرتكز  المُشاركون  فيه في المنطقة  الغربية  وبعض  ومناطق  طرابلس  وضواحيها، مع سعيهم للحشد في جميع مناطق ليبيا للمشاركة فيه – بحسب تصريح المسؤولين عنه ، في هذا الإيجاز سنتعرف علي المنظمين و الداعمين و المتربصين والمختلفين مع هذا الحراك مع  قراءة  لإنتائجه  ومآلاته المتوقعة.

حراك 27 يوليو : إلي اين ؟؟

ينطلق الحراك  كما  يقول منظميه ، بتنظيم  مظاهرات  سلمية في مُدن المنطقة  الغربيه  وبعض  مناطق  طرابلس  الذي يدعي منظموا الحراك أن بها  الكثير من  مناصريهم ، ويؤكد  القائمين  عليه أنهم  سينظمون  مسيرة  سيرًا على  الأقدام  تنطلق من  مدينة  الزاوية  وصولاً  إلى  ميدان  الشهداء  في طرابلس ، ثم  سيعلنون اعتصام  بالميدان  لحين  تحقيق  مطالبهم . والتي  تهدف إلى  إسقاط  الأجسام  السياسية  كاملة “مجالسي الأعلى للدولة والنواب والرئاسي”، والحكومات  القائمة ، وإنهاء  المراحل الانتقالية ، كما أن من بين الأهداف التي ذكرها الحراك أيضًا، ضرورة  محاسبة الفاسدين ، وإيقاف  نزيف الفساد  والسرقة  في ليبيا .

فيما يصف آخرون أن من بين مقتضيات الخطة ، أنها ستعمل على تنظيف المنطقة الغربية  ، وستكون البداية إقفال خط الطريق  الرابط  بين   منطقة  المطرد  امتدادً الي المربع الممتد من العسة  وحتى راس جدير ،  والهدف من ذلك هو القضاء على أي نفوذ  لقوة مخالفة ذات نفوذ ، والتمهيد  للسيطرة العسكرية الكاملة على المناطق  التي تقع تحت  ذلك  النفوذ،  والخط الآخر سيكون  عبر  منطقة  الصياد مروراً  إلى ورشفانه ، وإفراغ  المنطقة  من داعمي حكومة الدبيبة والذين قد يشكلون خطراً  على الحراك – بحسب ماصرح به قادة الحراك – ، فيما  يشكل البعد الذي  يصنعه  تموضع  اسامة الجويلي جنوب  مناطق طوق  العاصمة – الجنوبي الغربي – رافد عسكري حقيقي  لهذا الحراك.

وتتحدث المصادر  على أن  أبرز  من  نسق على تدشين هذا الحراك هو  ” شعبان  هدية ” الملقب  ب ” ابوعبيدة ” والذي عمل  على  هذا  الحراك  منذ  عودته إلى  ليبيا  في شهر  فبراير  2023 ، حيث  بدأ في التحشيد  المعنوي  والعملي من  خلال عقد  لقاءات متعددة  مع  الكثير  من الوفود الذين استقبلها في مقر  إقامته في مدينة الزاوية من جميع مناطق ليبيا  للتنسيق لهذا الحراك ، بعد ذلك أعلن علي هذا الحراك شخصيا  في لقاءه  مع  مجموعة من الفعاليات بث علي مواقع  التواصل الاجتماعي خلال  اليومين السابقين.

ويبدوا أن حالة الاستياء  العام  ، والأوضاع  الأمنية  والاجتماعية والسياسية التي كانت  تعبر عنها حالة  الفوضى  والإنفلات التي تشهدها مدينة الزاوية  ومحيطها في المنطقة الغربية ، إضافة الي حالة الإحباط من الإختلاف و التجادبات بين الأجسام السياسية المختلفة  ، أسهمت في بلورة  مشروع الحراك  لدى  القائمين  عليه، وشكلت شخصية ” أبو عبيدة ” التي توصف بأنها لم تلطخ يديها بما يعتري الدولة من فساد وما علق بها من تغول لما يوصف “بالمليشيات” علي مؤسسات الدولة  ، وقيامها بتوظيف ذلك في صالح  تحقيق  النفوذ والسيطرة ، أسهم في تشكيل ترحيب  لما يدعو اليه.

ثم يأتي في المقام التاني ،  قائمة  المساهمين  والداعمين لهذا الحراك ،  والذي جمعتهم العديد من المشتركات أهمها حالة  العداء  المطبق  لحكومة  “عبدالحميد الدبيبة ” ، والذي  تؤكد  المصادر أنهم يشكلون تحالفاً صلباً ، يسعون من خلال دوائر  قوتهم  الأمنية  والعسكرية  ،  وارتباطاتهم  المحلية  والإقليمية  إلى تغيير الواقع السياسي والرجوع إلى العاصمة طرابلس التي تم اقصاءهم منها  قبل عدة أشهر ، حيث كان  أبرز هؤلاء  الداعمين  لهذا  الحراك  والمؤيدين له : أسامة الجويلي  – هيثم التاجوري  – ايوب ابوراس – معمر الضاوي  – وأبناء ابوزريبة ، فيما تتحدث مصادر أخرى ،عن شخصيات أخرى من داخل  طرابلس  ومناطقها  مساندة  وداعمة لهذا  الحراك.

ثم تأتي قائمة  المتربصين  لنتائج  الحراك ، والذين  يسعون  بشكل غير  ظاهر  لنجاحه  لإستثمار نتائجة ،  ولعل أهمهم على الصعيد السياسي  ” مجلسي النواب الأعلى للدولة ”  ، لان هذا الحراك يصب في استمرار  تطبيقهم  لخارطة الطريق التي تم   إقرارها من الطرفين – برغم الجدل الداخلي في المجلسين حولها – ، ويروا  أن  وجود حكومة  الدبيبة  سيظل عقبة  في تحقيق أي تقدم .

ولعل  من الملاحظ  والغريب في  نفس الوقت أن  توقيت  إنعقاد  جلسة  البرلمان  والتي عقدت قبل يومين من تاريخ موعد ” حراك الانتفاضة” ، تحديدا في 25 يوليو   والتي  تم فيها  إقرار مبدأ تشكيل حكومة إنتقالية ثالثة تشرف على الانتخابات القادمة ، وكأنه جاء ليخدم الحراك ويجعل له زخم وسند اجرائي  يبرر توسعه  ، و لا ننسى تصريحات “خالد المشري ” التي أشار  فيها إلى أن ” سياسات الحكومة الأخيرة  وتعنتها قد  يجر الدولة  إلى مالا  يحمد  عقباه ” ، في  إشارة  فهم  منها  استعداد بعض  الأطراف  للسعي  للتغيير  وبأي شكل في حالة  تعنت الحكومة  الحالية.

ثم يأتي طرف آخر ،  أمني  وعسكري  متربص  ، متمثل في القيادة العامة التي تراقب في تطورات الأوضاع  وتعمل  بحسب  ما يرد من  مصادر  على  دعم  حلفائها  في المنطقة  الغربية ، وهي تعلم  علم  اليقين  أن كلفة  وثمن تجربة عسكرية أخرى على غرار  محاولة  دخول  طرابلس 2019   لن تكون  سهلة  ولن تكون  متاحة إلا بتغيير  أدواتها  وخططها.

و أخيراً تأتي قائمة ،  لايمكن  مغادرة  حقيقة  وأهمية  مرتكزات حكومة  الوحدة  الوطنية  عليها  امنيا وعسكريا  ، مع رهانات القوة  المالية والمكانية والتحالفات الدولية التي تملكها ، ومن خلال الأذرع التي  تدعمها امنيا وعسكريا ، ولكن يرى البعض أن خارطة  التحالفات  دأبت  بإستمرار  على  التشكل  والتكيف بحسب  تقاطع  المصالح   والرؤيا  والتأثيرات والمواقف.

وفي الختام…

من سيكون سيد الموقف  في يوم الحراك ، حكومة الوحدة الوطنية ، ام منظموا الحراك والداعمين له ؟

رهانات اللحظات الأخيرة قد تكشف  وتؤشر إلى حقيقة ما سيحصل في يوم الحراك ، و مستوى  الثقة  التي تظهر على أداء حكومة الدبيبة  لاتنبئ عن مخاوف جدية لديهم من هذا الحراك ، ثم إن ما يعتقده الدبيبة  أن مستوى ما قدمته حكومته من خدمات ومعالجات للكثير من الملفات  وأبرزها  مشكلة انقطاع  الكهرباء هي رصيد لحكومته  ، وأن الشارع أصبح  مدركاً  وواعياً  بدرجة تكفى  لتأيده والوقوف خلفه.

أم رهان منظموا الحراك ، يركز على سرعة  الأستجابة  والتفاعل  لدى الشارع  مع  الحراك ، والتي عبرت عنها  تواصلات  ولقاءات وتعهدات ومواقف .

كما أن توافق  المجلسين  مؤخراً  على ضرورة  التغيير  ، وتشكيل حكومة  ثالثة ، هي نقطة  كسب حقيقية   لاتخدم الحكومة  في طرابلس ، كما  أن إشارات  التشجيع  والدعم من المناطق  وخصوصاً المنطقة الشرقية  هي محل إعتبار  يخدم  فكرة  وغرض الحراك .

كذلك  ،  فأن  تهم الفساد التي تتعلق بالحكومة أصبحت محل  تنذر وسخط من قبل رجل الشارع ، والتي ستكون بلا شك في صالح  الحراك  والرغبة  في التغيير  والمضي قدما الي مرحلة  انتقالية جديدة.

وأخيرا .. الكل ينتظر إلي ماتاؤل اليه الأمور يوم الخميس 27 يوليو 2023 … هل سيكون هناك زخم شعبي مؤيد للحراك وداعميه ، يسحب البساط من  تحت كل  الأجسام السياسية  القائمة ؟؟ .. ام سينقلب كل ذلك الي حراك عسكري مسلح يدخل  العاصمة الي  مرحلة  جديدة  يستخدم فيها  كل طرف  أوراقه  التي يمكن  الفوز بها ؟؟ ، ام أن الحراك سينتهي  بطريقة سلمية  ، ويرجع كل  الأطراف المتخاصمه الي قواعدها سالمة في أخر النهار.؟؟

لتحميل الملف إضغط هنا

هذا المحتوى متوفر أيضًا باللغة: English Français Türkçe Italiano

زر الذهاب إلى الأعلى