الإيجاز

قرارات حكومة الوحدة الوطنية الأخيرة

تمهيد

تبدو حكومة الوحدة  الوطنية  برئاسة  “عبدالحميد الدبيبة ”  وهي في طريقها إلى الدفاع  عن تواجدها  وحضورها والحديث  عن  أنجازات  تحققت ،  يبدوا  أنها تعطي في مناوئيها  المجال  لألتقاط  الفرص  والتي  بدأت تلوح  من خلال  تعثر  حقيقي في الكثير  من  قراراتها   وردود  أفعالها  الغير  مدروسة  فيما  يبدوا  ، والمأزق الحرج الذي  بدأت  الحكومة  تضع  نفسها فيه.

قرارات وردود أفعال

فما قام به جهاز  الأمن الداخلي مؤخرا  بإيقاف  الوزير السابق في حكومة السراج ” فرج بومطاري ” ، ومانتج عنه من إغلاق  حقلي الفيل  والشرارة  وغيرهما ، مما أدى  إلى انخفاض تصدير  النفط بشكل كبير ، نتج عنه إرتفاع لسعر الدولار في السوق الموازي إلى 7 قروش  ،و هذا سيكون له  توابعه  وتداعياته  التي  بدت سريعة.

تسبب هذا الموقف ، في إعادة  الروح لمبادرات  ربط  الجنوب الشرقي  بالجنوب الغربي ، والتي كان  ينادي بها الكثيرين من أجل دعاوي رفع  التهميش  والمعاناة ، وتجاوز  حالة الفوقية التي يشعر  بها  سكان الجنوب في تعامل الساسة في الشمال.

كذلك جديرا بالذكر ، فأن هذا الاعتقال على صعيد الفرص ، سيخدم علي المدى المنظور  شخصية  بومطاري  كمحافظ لمصرف ليبيا المركزي ، حيث  أن أمر الاعتقال قدم  شخصية  بومطاري  للمجتمع  كمنافس حقيقي ومدعوم ، وبدأ  الحديث  عن  نزاهته  ومواقفه ،  وآخرها   ما ذكره ” خالد المشري ” رئيس  المجلس  الأعلي  في شأنه  من حسن  أداءه  فترة  حكومة  الوفاق  الوطني ، وأنه  لم  يتهم بأي  قضية أو جناية او فساد.

ثم كان  دخول الولايات المتحدة على خط  الإدانة  لحادثتي الاعتقال  والمنع ، حيث  ذكرت  في بيان  عبر  سفارتها  لدى ليبيا  إدانتها  لاعتقال ” فرج بومطاري “، و منع  أعضاء  مجلس الدولة  من السفر  ، واحتجاز  وثائق  سفرهم  لدي  مكتب الامن الداخلي ، وأكدت  في بيانها  تأييد  لبيان البعثة  الأممية  حول الأعتقال والمنع  ، وردود الفعل الناجمة  عنها،  خصوصاً  أنه لم  يصدر  أي  إجراء من النائب العام أو  نيابات طرابلس.

ومن جهة  أخرى ، أظهر   إغلاق  الحقول مدى الإنتظام  والإرتباط الذي  يتعاطى به  أهل الجنوب مع القيادة  العامة في الشرق  ، وعبرت عن تبعية واضحة لها ، إذ لم يتم  إغلاق أي  حقل في المناطق  الشرقية  والوسطى  نتيجة  لإعتقال ابنهم ، نجد  الجنوب  يسارع لفعل ذلك ، في تقدير  وتصور بأنه تصرف غير مبرر  وغير مفهوم.

وفي هذا الإطار  ، فإن ما  قام   به  جهاز  الأمن  الداخلي  تنفيذا  لأوامر  حكومة  الدبيبة   ” وفقاً  لتصريحات  رئيس المجلس  الأعلى  للدولة   “خالد المشري”  ،  بمنعه  أعضاء  من مجلس الدولة  من السفر  لتركيا  ، أعاد  تدوير  آليات الصراع  والتنافس  القائم حول  الاستحقاقات  القادمة.

حيث  شكل  نقلة  نوعية في تجيير  الأدوات  التي  حرصت  حكومة الوحدة  الوطنية على الإحاطة  بها  لصالح   تنفيذ أوامرها، وسببت فى  تضييق  علي  أعضاء  المجلس  الأعلى للدولة ، الذين  صوتوا لصالح  خارطة  الطريق  ، مما  أعطى  فرصة  ذهبية  للمشري  في السعي  لإعادة   توحيد  أعضاء  المجلس  – المنقسمين –  لرفض  تقييد حرية  حركتهم  والإساءة  التي  وقعت علي  زملائهم  ، كذلك  تحصل  المشري علي فرصة  سانحة  لتوحيد  فعاليات   وقوى الزاوية  وتغييره  للخلاف  السياسي  بينه  وبين الحكومة  ، إلى خلاف  بين مدينتين ، وذلك  من  خلال  تأمين اجتماع  للفواعل ، وبعض  الشخصيات  القيادية  الإجتماعية  والأمنية  و رؤساء  بلديات الزاوية  ، لمناقشة  التطورات التي ستوضع  في قالب استدامة  تهميش  وأبعاد المسؤولين  المحسوبين على المدينة.

وهذا  لم  يتأخر  كثيراً  ، فقد  خرج  عدد  من أهالي  مدينة  الزاوية ، في بيان  يُدينون  فيه  اعتقال ” فرج بومطاري “، ومنع أعضاء  مجلس الدولة  من السفر،  ووصفوا  مافعله  الدبيبة  وأذرعه الأمنية الخارجة عن القانون ” بحسب وصفهم” تجاه أعضاء  مجلس الدولة ، رغم الحصانة  الدبلوماسية  التي  يتمتعون بها  ” إهانة للسلطة التشريعية ” ، وحملوا “الدبيبة”  مسؤولية  إغلاق النفط ، وعودة  الفوضى  وتأخير  إجراء الانتخابات ، وأمهلوا  في بيانهم  حكومة الوحدة الوطنية  والتي  وصفوها ب “منتهية الولاية ”  إلى يوم 25  من  الشهر  الجاري  لتحكيم  لغة العقل.

كذلك في شان اخر ، ما قام  به وزير الداخلية  في حكومة  الوحدة  الوطنية  في بداية  الشهر  الجاري  ، بإصداره  القرار  المثير  للجدل ، والذي  قام  فيه  بإلغاء  ودمج  مديريات  الأمن   بمدن الجبل  الغربي  ، وتسبب في فوضى عارمة في كامل مدن  الجبل.

هذه كانت  فرصة   أخرى  مضافة  لمناوئي  حكومة الدبيبة ، للتحريض و تصعيد  الموقف  بغرض  إحراج  الحكومة  وصولاً إلى إسقاطها ، حيث تطور الأمر  لرفض  أعيان الجبل  الجلوس مع لجنة الحكومة ، وتطور الي ان قامت بعض

القوى المسلحة  إلي قطع  بعض  الطرق  بالمنطقة ، وهو  بلا  شك سيكون  محل إستثمار   من قبل  الداعين  إلى  إنهاء حكومة الدبيبة و أستغلال الفرصة التي سنحت لهم .

وختام ما كان  من  فعاليات  يوم  امس الخميس 13 يوليو ، و التي  يخشى  أيضا  أن  تكون ليست في صالح حكومة الدبيبة ،  ماحصل في  مباريات  نهائي الدوري الليبي ، وتعثر  إقامة  مباراة  الديربي  بين  نادي الاهلي – بطرابلس ، ونادي الإتحاد  وذلك نتيجة  انسحاب الأخير  من  المباراة ، وقيام  اتحاد الكرة   بتتويج  نادي  الأهلي  بطرابلس  بلقب الدوري، والتي وقوبلت  بإعتراض  كبير  من  جماهير  الكورة  و بعض  الأندية  الرياضية العريقة .

الخلاصة…

كل مايحصل  من تنافس  وتجادب  حول  اشتراطات  السلطة  بين  الساسة  في الدولة  الليبية ، يعطي المجال  إلى المندوب الاممي ” عبدالله باثيلي ” لأن يسارع  في تكثيف  مشاوراته  الداخلية  والخارجية ، و الإعلان عن مبادرته  التي بدأ يلمح لها  في تصريحاته الأخيرة ، ليتجاوز  فيها  الأجسام الحالية  ، ويصنع  لجنة حوار  جديدة ” لجنة  رفيعة المستوي ” بحسب  وصفه ، تشرف على الوضع  الإنتقالي ، بإختياره  حكومة  مصغرة  تمهد  للانتخابات.

هذا السياق ، استبقه رئيس الحكومة الليبية “أسامة حماد ” التابع  للبرلمان ، بتصريحه  الذي قال فيه ” نحذر جميع الشخصيات  السياسية   والدبلوماسية   والبعثات  الدولية   بعدم  الدخول  والتجول  في المدن  والقرى  الخاضعة   لسيطرة حكومتنا  جنوب البلاد  وشرقها ، إلا بعد  الحصول على الموافقة  والتصاريح  اللازمه من الحكومة “.

فهل  فعلاً  غابت عن فريق رئيس حكومة الوحدة الوطنية ” عبدالحميد الدبيبة ” الحنكة في إدارة المحطات الأخيرة الحاسمة ، وقد كان  الانطباع السائد ، أنه استطاع  الوصول إلى قطاعات  واسعة من المجتمع  بطريقة  أداء  حكومته ، والتي  يصنفها  البعض  ، بأنها  اقتربت من المواطن  بشكل  فارق نسبياً عن  سابقاتها من الحكومات ؟ .

أم أن هناك شواهد  وترتيبات داخلية  وخارجية  تعيها  حكومة  الدبيبة  و ألقت  بثقلها على المواقف الحكومية ، واضطرتها إلى تصدير  هذه المواقف .

فالقرارات العشوائية  ، والغير  مدروسة  والارتجالية  ،أسهمت  في إغلاق  الحقول في الجنوب ، وعصيان وتذمر  واضح في جل  مناطق الجبل الغربي  ، وأرتياب  وتوجس في مدينة  الزاوية ، و استنفار  وتربص  في القيادة  العسكرية  في الشرق كل ذلك  يطرح  تسألا .. إلي أين  يمكن أن تمضي  وتقود هذه   الأحداث  المتسارعة  الفترة  القادمة ؟.

 

لتحميل الملف إضغط هنا

 

هذا المحتوى متوفر أيضًا باللغة: English Français Türkçe Italiano

زر الذهاب إلى الأعلى