الإيجاز
أخر الأخبار

إيجاز .. المشـــهد اللــيبي

ملخص:

لا زالت ليبيا تواجه تحديات سياسية كبيرة، فالبلاد تشهد انقساماً سياسياً بين حكومتين. رغم كل الجهود الدولية، والمحلية لحل الأزمة السياسية، إلا أن الانقسامات الداخلية والتدخلات الخارجية تحول دون الوصول إلى حل شامل. وهذا بالطبع يخدم مصالح الأطراف الفاعلة والتي حققت مكاسب على مستوى النفوذ والسلطة، محلياً ودولياً، أو على مستوى الإثراء غير المشروع.

البعد السياسي

فبعد تعثر اتفاق أبو زنيقة رغم توصل أطراف لجنة ( 6+6 ) إلى صيغة نهائية للاتفاق، إلا أنه لم يجد القبول، لا على المستوى المحلي، بين رئيس مجلس النواب ” عقيلة صالح ” ورئيس مجلس الدولة ” خالد المشري” ، أو على المستوى الدولي.

 فقد أصدرت سفارة الولايات المتحدة  بياناً مشتركاً مع الدول الخمس بريطانيا  وفرنسا وإيطاليا  وألمانيا  ، ترحب فيه ببيان بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا،  وتعترف بجهود لجنة ( 6 + 6 ) بشأن مشاريع القوانين الانتخابية ، ولكنه في الوقت نفسه لم يحث الأطراف الليبية على التعامل مع مخرجات هذا الاتفاق ، ومن الجدير بالذكر أن الإمارات العربية المتحدة قد رحبت بالاتفاق  ، هذه الحالة بدورها انعكست على الأزمة الليبية بشكل واضح، وأيقن الجميع أن التوافق في ليبيا بين متصدري المشهد، يشكل تحدي حقيقي لليبيا ، إذ كل محاولات التوافق من بدء الأزمة السياسية في 2014 ، لم يكتب لها النجاح، وكانت تحقق المصالح الضيقة والآنية للفاعلين في المشهد.

وفي الوقت الذي يتحدث فيه مراقبون عن تقارب في بعض الملفات بين “عبدالحميد الدبيبه ” رئيس حكومة الوحدة الوطنية، والمشير “خليفة حفتر ” عبر وسطاء مقربين من الطرفين ، في الوقت نفسه تزداد الهوة بين “عقيلة و الدبيبه ، حيث يصر عقيلة على ضرورة خروج الأخير من المشهد ، وتكليف شخصية جديدة يقوم بتشكيل الحكومة خلفا لدبيبة ، ولعل هذا من أحد أهم الأسباب غير المعلنة الذي أدى إلى فشل اتفاق أبو زنيقه.

وبكل تأكيد هذا الفشل يخدم حكومة الوحدة الوطنية ويطيل في عمرها ، وقد استثمر رئيسها ذلك على مستوى إرضاء طيف فاعل في المشهد الأمني والعسكري بإصدار قرار إنشاء الجهاز الوطني للقوى المساندة ( تناولنا القرار

بورقة توضيحية حين صدوره ) ، وكذلك قيامه بزيارات دولية وتوقيع مذكرات تفاهم مع إيطاليا ومصر وفرنسا في ملفات الطاقة والهجرة والخدمات، وقد قام في أقل من شهر واحد بزيارة تركيا ثلاث مرات ، وقام مؤخرا بوضع وديعة بنكية في البنك المركز المصري في محاولة لتخفيف الأعباء الاقتصادية علي الرئيس السيسي .

البعد الأمني والعسكري

أمنياً لا توجد تحديات ظاهرة تذكر تهدد حكومة الوحدة الوطنية ، بل بالعكس أثبتت الحكومة قدرتها على استخدام الطيران المسير في عمليات اعتبرتها الحكومة تأمين غرب العاصمة طرابلس ، تحديدا مدينة االزاوية وضواحيها ، رغم أن البرلمان وحكومة ” أسامة حماد ” التابعة له ،  اعتبراها اعتداء على المدنيين كما انها تعتبر توظيف سياسياً لمصلحة الدبيبه، إلا أن الأخير استطاع إستيعاب ردود الأفعال جميعها ، بل واستمر في تنفيذ هذه الضربات الموجهة ، وهو ما يعني أن استخدام الطيران المسير أصبح بالنسبة لحكومة الوحدة الوطنية أيسر من ذي قبل ، وهذا يعتبر تطور و تفوق استراتيجي مهما يحسب لها.

أما في شرق البلاد فقد نفذت الأجهزة الأمنية بمساعدة وحدات من القوات المسلحة التابعة للمشير “خليفة حفتر” ، حملة أمنية شنت خلالها مداهمات على أوكار تستخدم في تجميع المهاجرين غير الشرعيين ، وتجارة المخدرات،  وكانت الحملة ناجحة من وجهة نظر القائمين عليها، رغم التحديات القبلية التي واجهتها ( وقد تناولنا الحملة واسبابها وتداعياته في ورقة تفصيلة – يمكن الرجوع إليها ).

أما على المستوى العسكري فالمنطقة الجنوبية تشهد استنفار عسكري غير مسبوق  منذ ما يقرب من أسبوعين ماضيين، ودخول أرتال من اللواء 128 معزز للصحراء الليبية  ، وصلت  فيها إلى الحدود الجنوبية لليبيا، واللافت هنا أن هذه الحملة جاءت بعد زيارة للجنوب قام بها نجل المشير خليفة حفتر ” صدام ” وهو آمر لواء طارق بن زياد قبل أكثر من شهر ، قام خلالها بزيارة الحقول النفطية ، وبعض المواقع الاستراتيجية.

 على عكس الأوضاع السياسة تشهد الحالة الأمنية في ليبيا استقرار ملحوظ هذه الأيام، رغم القيام بعمليات أمنية شرقاً وغرباً وجنوباً، إلا أنها لم تتطور إلى مواجهات عنيفة ، بل كانت عمليات محدودة ، ونتوقع أن يستمر هذا الاستقرار الأمني، بسبب توازن الرعب الداخلي بين اطراف الصراع.   

12 يونيو 2023                                        

لتحميل الملف إضغط هنا 

هذا المحتوى متوفر أيضًا باللغة: English Français Türkçe Italiano

زر الذهاب إلى الأعلى