ما الذي يحدث في المنطقة الشرقية ؟؟
تمهيد
تتوالى الأحداث المفاجأة بشكل لافت في المنطقة الشرقية ، لترسم مجموعة من الأسئلة والملاحظات حول تفسير السلوك الحاصل من الأطراف المختلفة ، وطبيعة المستجدات التي مهدت لهذا السلوك.في هذه الورقة ، سنلقي الضوء علي بعض من هذه الاحداث والمتغيرات ، وما يتعلق بها من أسئلة تحتاج الي إجابات ، ربما خلال الأيام القادمة يتبين لنا بعض التفسيرات المنطقية لما يحدث.
مجريات الاحداث
في منطقة امساعد على الحدود المصرية ، تقوم القوة الأمنية المشتركة ، بترحيل أكثر من 4000 مهاجر غير شرعي معضمهم مصريين الجنسية ، وجدوا بمخازن في المنطقة الحدودية ،ترجع الي احد المهربين هناك ، تم تقوم القوة نفسها بمداهمة مخزن أخر يحتوي على 700 كليو من مادة الحشيش مع مايقارب من مليون وستمائة ألف حبة ترامادول المخدرة ، كانت معدة لترويج داخل ليبيا. وفي نفس التوقيت ، يقوم ” خالد خليفة حفتر ” ، قائد اللواء 106 التابع للقيادة العامة في المنطقة الشرقية ، بالبدأ في شن حملة ضد العمالة المصرية على الحدود الليبية _المصرية في منطقة امساعد ، ويتم تصويرهم وهم منقولين بقوة السلاح في شاحنات كبيرة ، في مظهر وصفه الكثيرين بأنه ” غير لائق “. وأن مشهد يتم ابرازه بهذه الصورة ، أمر يثير الاستغراب ، في ضوء العلاقة المعهودة بين الدولة المصرية والمشير ” خليفة حفتر ” الحليف الدائم ، وكذلك الإصرار على نقلهم من امساعد إلى طبرق ، في الوقت الذي كانت المسافة إلي الحدود المصرية أقرب ، ونقلهم إليها أيسر وأوفر !! ..فيما أبدى ” عباس كـامل ” رئيس المخابرات العامة المصرية ، والمسؤول الأول عن الملف الليبي في الدولة المصرية ، في اتصال له مع ” خليفة حفتر ” ، عن غضبه الشديد من الطريقة التي تم بها ترحيل المهجرين المصريين ،و يأمر بمعالجة الوضع فوراً ، وذلك كما أوردته صحيفة ” اليوم السابع المصرية ” ، ويتم أيضاً التداول بأن الخارجيةالمصرية ستستدعي ” عقيلة صالح ” ريئس البرلمان الليبي ، على خلفية موضوع الترحيل الذي تم للمصريين بطريقة مهينة على حسب تعبيرهم.فيما تؤكد مصادر نقلاً عن السلطات الأمنية المصرية ، أنها أعادت 2000 مهجر مصري من مجموع ال 4000 إلى ليبيا ، كونهم على ارتباط بشركات الإستثمار العسكري ، القريبة من قيادة الرجمة ، بحسب ما ذكرته تلك المصادر.وفي طبرق يعلن العميد ” سامي إدريس ” مدير أمن طبرق ، عن البدء في الحملة الأمنية ضد تجار المخدرات و الحبوب المهلوسة ، والخارجين عن القانون ، والشروع في القيام بهدم وإزالة العشوائيات داخل المدينة ، وتقوم القوة المشتركة بمساندة الطيران العمودي بستهدف مواقع تهريب الهجرة الغير شرعية ، وأوكار تجارة المخدرات في مناطق “كمبوت وبئر الأشهب” ، والمناطق المجاورة لمدينة امساعد الحدودية. وفي الوقت الذي جسد هذا الحضور الأمني ، مظهر طمأنينة وارتياح لدي المواطن ، نظراً لملامستها لقضايا حساسة تتعلق بالأمن المجتمعي ، ومكافحة مظاهر الإجرام ، فهم منه آخرون استدراك الوضع في المنطقة ، وإعادة ترتيب الأوضاع فيها ، خصوصاً أن القيادة العامة تعي جيداً طبيعة المجتمع القبلية و وضوحها في مواجهة المشاريع التي تستهدف الدولة ، ومنها قضية التجنيس لما يطلق عليهم بالعائدون القادمون من مصر ، وإتهام البعض للقيادة العسكرية في المنطقة الشرقية ، سابقا ، بمحاولة توظيف الأعداد الوافدة في ملفات الاستحقاقات الأنتخابية القادمة. وكان بيان شباب مدينة طبرق في مطلع شهر يوليو 2022 الماضي ، قوياً في رفضه لإي مشروع أو قانون يسمح بالتجنيس او التوطين ، على حساب التركيبة المجتمعية القائمة ، مع تحذير لرجال السياسة ، ومشائخ القبائل المتواطئين في هذا المشروع ، من مغبة السماح بتمربر ه وتحمل نتائج التصعيد المحتمل لذلك. ومن جهة أخرى ، وفي تطور لافت ، قبيلة العبيدات تقوم بطرد كتيبة الـ 106 وتسيطر على مطار الأبرق ، في رد فعل على خلفية قيام ” خالد خليفة حفتر الفرجاني ” ، بإحضار أفراد من كتيبة ال106 ، ومحاولته للدخول إلي المطار بغية السيطرة عليه .ونتيجة لذلك ، قامت قبيلة العبيدات بعدها بيومين ، بعقد اجتماعاً لإفراد القبيلة ، أوضحوا فيه رفضهم الشديد لمحاولة أبناء المشير حفتر ” خالد وصدام ” ، الإستيلاء والسيطرة على المعسكرات و المطارات التي في نطاق القبيلة الجغرافي ، وقاموا بإصدار بيان شديد اللهجة والوضوح موجه للقيادة العامة في الرجمة .أن المشير ” حفتر ” ومشروعه لحكم ليبيا الذي يرى فيه أمر واقعا ، وسياسة لارجوع عنها ، لذي كل الخطوات والتصرفات يجب أن تفسر بما يخدم فكرة الوصول للسلطة ، وإرساء حكم العسكر له ، ولمن بعده . لذا ، فإننا نتفهم أن مستوى الإصلاحات في المنطقة الشرقية ، والتي بدأت فعلياً بالقيام بصيانة الطرق والمباني، والقيام بتنفيذ مشاريع بنية تحتية مختلفة ، هي في الحقيقة ، محاولة لكسب الرأي العام لصالح مشروع الحكم الذي ينشده المشير حفتر ، لذي هو لن يتساهل مع أي معطى يحد من نفوذه ، وسيطرته على المنطقة الشرقية، وهو ما يفسر بعض التحركات الأخيرة و السريعة لأبناءه. لذلك ، يبدوا أنه كانت هناك رغبة حقيقية ، في سرعة التصرف بالميزانية ، التي كانت مطلوب صرفها من قبل حكومة باشاغا ، إلي قيادة الر جمة والتي كان مقدر لها أن تتجاوز ال 5 مليارات دينار ليبي ، و تشير بعض المصادر إلى رفض باشاغا تسييل هذه الميزانية ، لصالح متطلبات القيادة العامة ، وهو مافسره البعض بأن هذا الرفض ، كان أحد الأسباب الرئيسية لإستبعاد باشاغا وعزله عن رئاسة الحكومة ، من قبل مجلس النواب وذلك بإستخدام الأدوات النيبابية التابعة للقيادة العامة في البرلمان ، وفي غياب رئيس المجلس عن جلسة العزل.
الخلاصة..
الإصلاحات التي تشهدها المنطقة الشرقية ، يرى الكثير من المراقبين أنها تصب في مصلحة المواطن ، وإن كانت تحت طائل ضرورة النجاح في المشروع الإنتخابي القادم الخاص بالمشير حفتر . إجراءات ترحيل المصريين الوفدين من شرق ليبيا ، يجعل التكهنات التي تتحدث عن وجود أزمة غير مفهومة مؤخراً بين حفتر و القاهرة تخرج إلى العلن ، عبر عنها اتصال عباس كامل رئيس جهاز المخابرات المصرية الغاضب بحفتر ، مع أن بعض المصادر تشير إلى أن مستوى التقارب المصري _التركي ، قد تكون لها أثر في ماحصل من جانب ، وكذلك التقارب المصري مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية ” عبدالحميد الدبيبة ” من جانب آخر. كما أن أن سلوك ” عقيلة صالح ” ، و تصرفات قبيلته “العبيدات” الأخيرة ، هو الآخر يعطي مظهراً جديدا لمظهر التباين بينه وبين حفتر .ولكن تبقي هناك مجموعة من الأسئلة ، منها علي سبيل المثال :ما سبب هذا التراجع في العلاقة بين المشير حفتر ، والسلطات المصرية ؟؟ ، خاصة أذا استذكرنا تصريحات حفتر التي كان دائما يعبر فيها عن عمق العلاقات الاستراتيجة مع النظام المصري ، وقد أشار في أحد المناسبات لإمكانيةأن تستقبل الأراضي الليبية زهاء 10 مليون مواطن مصري ، فلماذا اليوم يقوم بترحيل وطرد العمالة المصرية الوافدة بشكل يراه الأعلام المصري انه ” مهين وغير لائق ” ، وما هي الرسائل التي يريد إيصالها الي السلطات المصرية ؟؟ .ماهي دلالات التوقيت ؟؟ ، وهل تزامن مع التواصل الأخير للمشير حفتر مع حكومة الوحدة الوطنية ، إلي درجة التنسيق بين الاثنين ، في محاولة لعزل عقيلة صالح من منصبه كرئيسا للبرلمان ، والذي يعتبر حليفا استراتيجيا للنظام المصري ، كما صرحت بذلك بعض المصادر المطلعة ؟؟.هل يمكن القول ، إنها أحدي أوراق الضغط من حفتر علي الدبلوماسية المصرية ، لدخولها في ترتيبات بينية مع الحكومة التركية ، خاصة وهو يعي جيدا مستوي ارتباط حكومة الدبيبة ، بالدولة التركية ؟؟كل هذه الأسئلة وغيرها ، ربما الأيام القريبة القادمة تطلعنا علي بعض الإجابات المقنعة لها ، فإلي ذلك الوقت سيستمر التنافس المحموم من الجميع في استجماع قواه ، ومناصرية ، ويضعهم أمامه في مواجهة مشروع الآخر.
6 يونيو 2023
لتحميل الملف إضغط هنا
هذا المحتوى متوفر أيضًا باللغة: English Français Türkçe Italiano