تمهيد
عبد الله باتيلي من مواليد سنة 1947 هو سياسي ودبلوماسي سنغالي، تحصل على درجة الدكتوراه من جامعة برمنغهام في بريطانيا ودكتوراه الدولة من جامعة الشيخ أنتا ديوب في السنغال. كتب ونشر العديد من الأعمال حول التاريخ والسياسة الأفريقية، بما في ذلك كتاب مايو 68 في داكار: الثورة الجامعية والديمقراطية سنة 1992 ، وكتاب الجيش والعسكرة في إفريقيا سنة 1998م.
وشغل باتيلي عدة مناصب سابقة في الأمم المتحدة قبل تكليفه بمهام بعثة ليبيا وهي:
- منصب نائب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (2013-2014).
- الممثل الخاص لوسط إفريقيا ورئيس المكتب الإقليمي للأمم المتحدة في وسط إفريقيا في الغابون (2014-2016).
- عيُن في العام 2018 مستشاراً خاصاً للأمين العام بشأن مدغشقر.
- عُيّن خبيراً مستقلاً للمراجعة الاستراتيجية لمكتب الأمم المتحدة في غرب إفريقيا في 2019.
كما شغل عدة مناصب وزارية في بلده السنغال منها:
- وزير أول في مكتب الرئيس والمكلف بالشؤون الإفريقية (2012-2013).
- وزير الطاقة والمياه (2000-2001).
- وزير البيئة وحماية الطبيعة (1993 – 1998).
- شغل منصب نائب رئيس الجمعية في الفترة 2001-2006.
- انتخب أيضاً لعضوية الجمعية الاقتصادية لبرلمان دول غرب إفريقيا (2002-2006).
تشكيل لجنة 6 + 6
تشكلت اللجنة استناداً إلى المادة ” 30 من الإعلان الدستوري ” المقر من مجلسي النواب والدولة، والتي تقضي بـ “تشكيل لجنة مشتركة من قبل مجلسي النواب والدولة بواقع ستة (6) أعضاء عن كل مجلس للتوافق بأغلبية الثلثين من أعضاء كل مجلس ، وذلك لإعداد مشروعات قوانين الاستفتاء والانتخابات”.
وقد سمى مجلس الدولة أعضاءه في هذه اللجنة بقرار صدر من رئيسه “خالد المشري “، وهم ” أحمد الأوجلي، وحماد بريكاو ، وعمر أبوليفة، وفتح الله حسين ، وفوزي العقاب، وماما سليمان بلال”، وألزم القرار اللجنة بتقديم تقرير لمكتب الرئاسة بعد كل اجتماع ، كما ألزمها بالتشاور مع مكتب الرئاسة في المسائل المختلف فيها، وأجاز لها الاستعانة بمن ترى ضرورة الاستعانة به لأداء مهامها ، فيما انتخب مجلس النواب في جلسة غير معلنة الأعضاء الستة للجنة المشتركة لإعداد قوانين الانتخابات، وضمت النواب ” نورالدين خالد، جلال الشويهدي، صالح قلمه، أبو صلاح شلبي، ميلود الأسود، عزالدين قويرب”.
مخرجات بو زنيقة
بعد عدة اجتماعات عقدتها اللجنة داخل ليبيا انتقلت للانعقاد في بو زنيقة بالمغرب، وبعد مسار وصف بالشاق انتهت اللجنة لاتفاق ختامي وصف بالجيد والمتوافق عليه ، وكان من المقرر ظهور كلا من “عقيلة صالح والمشري ” لتلاوة البيان الختامي ، والاعلان عن نتائج عمل اللجنة ، وقالت اللجنة ، في بيان لها، إنها أنهت “إعداد مشروعات قوانين الاستفتاء والانتخابات منذ 3 يونيو/حزيران 2023 “، مؤكدة “صحة وسلامة الاتفاق على مشروع صياغة القوانين بالتوقيع والتصويت عليها بالإجماع “، وأوضحت اللجنة أن القوانين الانتخابية التي أعدتها استندت فيها إلى التعديل الدستوري ، وأنها قوانين ” تستوعب مختلف الرؤى وتبدد مخاوف كل الأطراف الفاعلة المتصارعة في المشهد”، لافتة إلى أن إعداد القوانين تم بحضور خبراء البعثة الأممية وبالتشاور المستمر مع المفوضية العليا للانتخابات ، وفي تفاصيل القوانين، قال بيان اللجنة إن قانون انتخاب مجلس الأمة “يعتمد على عودة الحياة الحزبية لتكون بصمتها واضحة بانتخابات مجلس النواب”، وأنه “يحافظ على المساواة في الانتخابات والترشح بين النساء والرجال ومنح المرأة مقاعد للتنافس الخاص”، وتحدثت اللجنة عن مشروع قانون انتخاب مجلس الأمة ” السلطة التشريعية “، ولم تشِر اللجنة في بيانها إلى الخلافات في مشروع قانون الانتخابات الرئاسية، معقبة بالقول: “سنرسل المشروعين إلى مجلس النواب ليصدرهما، ثم يُحالان إلى المفوضية لتبدأ بتحضير التنفيذ على أرض الواقع”.
ردود الفعل على مخرجات عمل اللجنة
أولاً: البعثة الأممية
أحاطت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عِلماً بنتائج أعمال لجنة ( 6+6 ) المُشَكّلة من قبل مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، والتي اجتمعت في مدينة بوزنيقة بالمملكة المغربية في الفترة الممتدة بين 22 أيار/مايو و6 حزيران/يونيو 2023 لوضع مشاريع قوانين للانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
وتُعبر البعثة عن تقديرها للجهود التي بذلتها اللجنة ، وتتقدم بالشكر لحكومة المملكة المغربية على استضافة اجتماعاتها، وقالت البعثة أنها ستواصل العمل مع جميع المؤسسات الليبية المعنية، بما في ذلك المجلس الرئاسي، لتيسير مشاورات بين جميع الأطراف الفاعلة لمعالجة المواد الخلافية في القوانين الانتخابية، وتأمين الاتفاق السياسي اللازم لوضع البلاد على طريق الانتخابات، وتوفير بيئة متكافئة للتنافس الانتخابي بين جميع المترشحين، ودعت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا جميعَ الأطراف الفاعلة في ليبيا إلى الانخراط، بروح من التوافق، في مساعي لمعالجة جميع القضايا العالقة ، وخلق بيئة أوفرَ أمانًا ، وأكثر ملاءمة لإجراء الانتخابات في عام 2023 ، وتحث البعثة جميعَ الفاعلين على الامتناع عن أساليب المماطلة الهادفة إلى إطالة أمد الأزمة السياسية التي سببت الكثير من المعاناة للشعب الليبي ، وقالت البعثة أنه تماشيا مع ولايتها، تجدد بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا تأكيدَ إلتزامها بإجراء انتخابات شفافة وشاملة وذات مصداقية للسماح للشعب الليبي بإختيار ممثليه بحرية، وتجديد شرعية مؤسسات البلاد.
ثانياً: الأطراف الليبية
المجلس الرئاسي
دعا لجنة ( 6+6 ) ، إلى الاستمرار في معالجة النقاط العالقة للوصول إلى انتخابات برلمانية ورئاسية قبل نهاية العام الجاري، داعيًا كافة المؤسسات والقوى الوطنية إلى التشاور بمشاركة البعثة الأممية لهدف إجراء الانتخابات وضمان قبول نتائجها.
مجلس النواب
قال عضو مجلس النواب، ” خليفة الدغاري” أن لجنة ( 6+6 ) تحلت بالشجاعة والاستقلالية وقامت بعملها على أكمل وجه رغم الصعوبات والضغوط عليها، وأضاف أن اللجنة عملت بإستقلالية كبيرة عن مجلس النواب، ولكنها قابلت تدخلات مباشرة وغير مباشرة من أطراف أخرى، وأشار إلى أن المخرجات عن لجنة القوانين مقبولة ومُرضية لكثيرين خاصة في مرحلة بناء الدولة الحديثة، وفيما يتعلق بموضوع مزدوجي الجنسية، قال الدغاري أنه كان فيه تنازلات من قبل أعضاء اللجنة بالرغم أنه معقد ، لكنه مقبول كون البلاد في أزمة، وأضاف أن القوانين الليبية النافذة تمنع تولي مزدوجي الجنسية لأي منصب قيادي في الدولة ، وأكد الدغاري أن رئيس مجلس النواب، ” عقيلة صالح ” متحفظ على مخرجات لجنة ( 6+6 ) وربما يكون تحت ضغوط محلية أو خارجية لكن عليه الإفصاح عن ذلك.
وقالت عضو مجلس النواب “ربيعة بوراس”، أنها ترى أنّ بيان البعثة هو حسم للفوضى التي ستنتج حال فشل توقيع الاتفاق من قبل رئاستي المجلسين، وليس للبعثة أي رغبة في إفشال أي توافق بين الليبيين ، والمبعوث الأممي سيحاول خلق نوع من التوازن للحفاظ على وقف إطلاق النار والاستقرار لحين قدوم موعد الانتخابات.
وقال ” عبد المنعم العرفي ” عضو مجلس النواب في تعليق له على نتائج عمل اللجنة ، أن رئيس البعثة الأممية في ليبيا “عبدالله باتيلي” يحاول عرقلة إجراء الانتخابات ، حتى أنه لم يحضر مراسم اعتماد القوانين الانتخابية.
المجلس الأعلى للدولة
في تدوينه على حسابه على موقع التواصل الاجتماعي – فيس بوك – كتب ” المشري ” رئيس المجلس الأعلى للدولة ” نتقدم بجزيل الشكر للمملكة المغربية ملكاً وحكومةً وشعباً على استضافتها لقاءات لجنة ( 6+6) ، ونشكر أعضاء اللجنة على الجهد المبذول للوصول لتوافقات هامة ، وعلى الرغم بأن التعديل الثالث عشر يَعتبر عمل اللجنة نهائي وملزم إلا أننا نأمل زيادة التفاهم حول بعض النقاط من خلال اللجنة نفسها في لقاءات قادمة “.
و تعليقًا على البيان الختامي للجنة ( 6+6 ) .. رئيس اللجنة السياسية بالمجلس الأعلى للدولة “موسى فرج” يَصرح ” الحل الأفضل الآن هو إجراء انتخابات تشريعية لمجلس الأمة وتأجيل انتخابات الرئاسة ” ، ووصف فرج نتائج اللجنة بـأنها ” وهمية ولن تؤدي إلى إجراء انتخابات ذات مصداقية “.
الهيئة التأسيسية لصياغة الدستور
قال عضو الهيئة التأسيسية للدستور ” سالم كشلاف ” في تعليق له على مخرجات اللجنة ” مشروع القوانين الانتخابية الصادرة عن لجنة ( 6+6 ) ولدت ميتة ولن يكتب لها النجاح وذلك لعدة أسباب ، منها:
أنّ القوانين بنيت في الأساس على التعديل الدستوري الثالث عشر الذي تم بشكل غير دستوري ومطعون فيه قضائياً، كما أن هذا التعديل لم يحظى بالتوافق المطلوب حيث عارضته كتلة كبيرة من المجلس الأعلى للدولة، فضلاً عن أطياف كثيرة من الشعب الليبي جعل الجميع على يقين من أن مصير هذه القوانين هو الفشل قبل حتى عملية صدورها، كذلك حالة الرفض الشديد داخلياً التي صاحبت صدور هذه القوانين بسبب كيفية تشكيل اللجنة ، وجعل أعمالها مُلزمة نهائية، وتعرضها لضغوطات من بعض الأطراف المؤثرة بقصد تفصيل نصوص المواد لاسيما المُتعلقة بشروط ترشح رئيس الدولة لتتناسب مع حالات معينة من حملة مزدوجي الجنسية ، بعثة الأمم المتحدة يبدو أنها منذُ البداية لم تكن راضية على المسار الخاص للجنة (6+6) ويبدو أن المبعوث الأممي “باتيلي” كان يرى أنها ستفشل في مهمتها، ولذلك لم تشارك في رعاية أعمالها أو عملية الإعلان عنها “.
ثالثاً: الأطراف الدولية
لاقت مخرجات لجنة ( 6+6 ) الخاصة بإعداد القوانين الانتخابية ردود فعل عربية ودولية، مرحبة بهذه الخطوة ووصفها بالمهمة، مطالبين أن تكون دافع لإجراء انتخابات قريبا بتوافق جميع الأطراف .
حيث قالت: الخارجية المصرية أنها ترحب بجهود لجنة ( 6+6 ) ، مُثمنة استضافة المغرب لجولة أعمال اللجنة، كما أعلنت الخارجية السعودية ترحيبها بتوافق أعضاء لجنة ( 6+6 ) حول القوانين الانتخابية البرلمانية والرئاسية، مُعتبرة القوانين الانتخابية التوافقية خطوة مهمة في طريق الاستقرار وإنهاء الأزمة الليبية ، وأعربت الخارجية الإماراتية في – بيان – لها بإعلان اللجنة المشتركة المكلَّفة من مجلسي النواب والأعلى للدولة توافق أعضائها حول القوانين المنظمة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، المقررة نهاية العام الحالي، وذلك في ختام اجتماعاتها في مدينة بوزنيقة المغربية.
المسارات المتوقعة
المسار الأول: المتابع لتحركات ” باتيلي ” ولقاءاته مع المسؤولين الليبيين، وتصريحاته حول مخرجات عمل لجنة ( 6+6 ) يخرج بانطباع أن باتيلي ليس في عجلة من أمره ، وأن مسألة الوقت ليست أمراً ملحاً عنده، وأن بقاء الحالة الليبية على ذات الوتيرة الحالية أمر جيد بالنسبة له ، لذلك فمن المتوقع الاستمرار في نفس الاتجاه من خلال عقد المزيد من الاجتماعات ، وتشكيل العديد من اللجان ، والمحافظة على بقاء الوضع الراهن لأطول مدة.
المسار الثاني: حالة الرفض لمخرجات عمل لجنة ( 6+6 ) داخل مجلسي النواب والاعلى قد تكون تصاعدية ويتم رفض هذه القوانين وعرقلة الوصول لإقرارها ، ما يفتح الباب على مصراعيه في الدفع نحو انتخابات برلمانية ورئاسية في التواريخ المعلنة.
المسار الثالث: عدم ظهور ” عقيلة والمشري ” في الإعلان عن نتائج عمل اللجنة يجعل مساحة المناورة عندهما كبيرة ، وبالتالي المواقف قد تتغير تبعاً لأي صفقات سياسية محتملة خاصة مع تنامي الأصوات المعارضة لهما داخل المجلسين، وقد تدخل البلاد هذه المرة في معمعة تشكيل لجان داخلية في كلا المجلسين للوصول لصيغ موحدة وننسى مرحلة اللجان الخارجية.
14 يونيو 2023
لتحميل الملف إضغط هنا
هذا المحتوى متوفر أيضًا باللغة: English Français Türkçe Italiano