الطوق التطبيعي الجديد حول ليبيا أية تداعيات؟؟
الطوق التطبيعي الجديد حول ليبيا أية تداعيات؟؟
لسنوات ظلت ليبيا ودول جوارها في الجنوب والغرب عصية على محاولات الاختراق التطبيعي مع إسرائيل. لكن يبدو أن ما يجري من تغيرات في سياسات العديد من دول الجوار المباشر لليبيا مؤخرا يسلك طريقا آخر. إذ تتطور الأحداث في المنطقة بسرعة باتجاه ترتيب لقاءات لمجموعة من الأنظمة الحاكمة مع النظام الاسرائيلي والسعي للتطبيع الكامل بما يفرض أمرا واقعاً لا يمكن تجاهله.
فبعد ظروف مقتل الرئيس التشادي السابق إدريس ديبي والتي تسببت في وصول نجله محمد والملقب بـ(كاكا) للسلطة مباشرة ليحلّ محل والده. التي كانت حادثة وفاته بعد يوم واحد من فوزه في جولة الانتخابات الرئاسية السادسة تسارعت خطوات إسرائيل نحو التطبيع مع النظام الجديد، في بلد كانت تعد ضمن البلدان الطامحة في الانضمام لجامعة الدول العربية يوما ما.
تزامن ذلك أيضا مع التطور الخطير في ملف التطبيع السوداني مع إسرائيل حيث تحولت الأنباء غير المؤكدة إلى دائرة التأكيد بزيارة وزير الخارجية الإسرائيلي للخرطوم في الثاني من فبراير 2022. في تطور خطير لتنضم دولتان من جوار ليبيا لعمليات تطبيع واسعة النطاق وفي ظل أنظمة غير مستقرة في مراحل تحول وعلى غير رغبة الجماهير الواسعة لشعبيهما، مما يثير القلق حول إمكانية حدوث ذلك في ليبيا أو تداعيات عمليات التطبيع تلك على ليبيا وبالذات من الناحية العسكرية والأمنية. حيث تروج إسرائيل لقدراتها الكبيرة على تزويد هذه البلدان وجيوشها وأجهزتها الأمنية بتقنيات عسكرية وأمنية تتركز أجزاء كبيرة منها في تعزيز قدرة هذه الأجهزة على مواجهة المعارضة والاحتجاجات في الداخل.
أما عن الجارة الجنوبية الأخرى وهي دولة النيجر فمنذ سنوات، يتكهن المسؤولون الحكوميون ووسائل الإعلام الإسرائيلية بأن تقوم النيجر بتطبيع العلاقات مع “إسرائيل”، ويستشهدون في ذلك فيما عرضه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في شهر فبراير 2019، خلال اجتماع له مع قادة الجالية اليهودية في الولايات المتحدة حيث أشار لخريطة للقارة الأفريقية. صنّف فيها دول القارة إلى أربع فئات بناء على علاقاتها مع “إسرائيل”. كانت دولة النيجر من فئة “العلاقات المحتملة”.
ولم تخفي صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية أن الكيان الاسرائيلي لايزال يحاول من خلال اتصالات سرية مع النيجر، التوصل إلى اتفاق تطبيع علاقات بينهما. وهو يعي الأحمال التي تتقل كاهل الدولة النيجرية والحالة المعيشة الصعبة لسكانها البالغ عددهم 25 مليون نسمة تقريباً. وما يعانونه من تبعات ” الإرهاب”، وسوء الأوضاع الأمنية، وفي مارس 2021 صرح وزير الاستخبارات الإسرائيلي أن أربعة دول تتجه نحو تطبيع علاقاتها مع إسرائيل بينها النيجر مردفا أنه “كان هناك انتخابات في النيجر فاز بها مرشح موال لأمريكا وهذا يزيد من فرص تطبيع العلاقات”.
وعن الجارة الأخرى تونس فإن مؤشرات أداء الرئيس التونسي قيس سعيد لتعطي انطباعاً عن شخصية متقلبة وغامضة، لا يتوقع منها معارضوها أن تصمد في وجه موجة التطبيع. خصوصاً بعد اتهامات المعارضة للرئيس التونسي قيس سعيد بأنه تراجع عن شعار “التطبيع خيانة” الذي رفعه سابقاً، ووصفته بأنه يسعى لفتح جسور العلاقات مع الكيان الإسرائيلي، وذلك بعد تسارعه الغير مفهوم للتوقيع على بروتوكول دولي مثير للجدل يتعلق بحماية البيئة البحرية والمناطق الساحلية في البحر المتوسط جنبا لجنب مع الدولة الإسرائيلية. فيما غابت عن التوقيع دول أخرى مثل ليبيا والجزائر ومصر وإيطاليا وتركيا واليونان والبوسنة والهرسك وقبرص. واعتبروه أنه مؤشر على القابلية للاستجابة لمستوى الضغوط التي يتعرض لها نظامه في سبيل بقاءه أكثر فترة ممكنة في السلطة.
أما الجارة الشرقية مصر فإن مستوى علاقاتها وارتباطها مع الكيان الإسرائيلي في المرحلة الحالية أكثر من استراتيجي إذ تصف إسرائيل الجنرال السيسي بالكنز الاستراتيجي والتنسيق الأمني والعسكري بين الجانبين لا يختلف عليه اثنان.
لنصل في النهاية إلى صورة تعبر عن حزام حدودي مطبع، تمثله دول مصر و تشاد والسودان ودول تصنف أنها في الطريق للتطبيع مثل النيجر وتونس.
تحاول هذه الورقة تحليل تبعات هذا الطوق التطبيعي الجديد على ليبيا وبالذات من الناحية الأمنية والعسكرية واحتمالية انخراط قيادات عسكرية وأمنية ليبية في عملية التطبيع تلك في مقابل بعض التطمينات حول مستقبلها السياسي. وذلك في ضوء تعثر المرحلة الانتقالية الحالية والاحتمالية الكبيرة القائمة لتأجيل الانتخابات لأجل غير مسمى رغم المساعي الأممية والمحلية للوصول لنهاية للمرحلة الانتقالية وإشكالياتها الحالية.
اضغط هنا للإطلاع أكثر حول الطوق التطبيعي
هذا المحتوى متوفر أيضًا باللغة: English Français Türkçe Italiano