تمهيد
من جديد ، يفاجيء “عبدالحميد الدبيبة ” رئيس حكومة الوحدة الوطنية ، الجميع بقرار جريئ يتعلق بإنشاء جهاز جديد تحت مسمى “الجهاز الوطني للقوى المساندة” ، يعنى بالبدأ في ضم الجهاز ” لأفراد القوى المساندة من تشكيلات وكتائب ثوار 17 فبراير ، لإعادة تنظيمها وتنظيم تحركها ووضع الآليات والأسلحة والذخيرة الموجودة بحوزتها ” ، كما جاء في نص القرار ، و وفقا للقرار رقم ( 313 لسنة 2023 ) بإنشاء الجهاز الوطني للقوى المساندة ، وهو يكون بذمة مالية مستقلة ، وبصلاحيات واسعة ، و يتبع مباشرة مجلس الوزراء ويتمتع بالشخصية الاعتبارية ، يكون مقره الرئيسي طرابلس ، وجاء القرار بعدد محدد من المهام والصلاحيات وهي : –
- المحافظة على أهداف ثورة 17 فبراير ، وفق للتشريعات القانونية المعمول بها في الدولة الليبية.
- حماية شرعية الدولة والمؤسسات السيادية ، والمحافظة على أمن واستقرار البلاد وأمنها القومي.
- مساندة الجيش ، وفق ما تتطلبه الضرورة للمساعدة في تأمين وحماية الحدود الليبية والمنافذ، وتأمين الأهداف والمنشآت الحيوية والإستراتيجية.
- مساندة وزارة الداخلية عند الحاجة ، في حماية المقار السيادية ومقرات البعثات الدبلوماسية.
- المساندة في حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية وعمليات الإنقاذ.
- المساندة في تأمين مشروعات البنية التحتية ، والمواقع الأثرية والسياحية.
- أي اختصاصات تسند للجهاز لاحقا.
قراءة في مخرجات القرار وتأثيراتها المحتملة
جديرا بالذكر ، أن الأفت في القرار هو بعد فبراير الواضح والصريح ، و مايشكله هذا القرار من حاجة ورغبة ملحة كانت فواعل وقيادات فبراير تتمنى إنجازه طيلة السنوات الماضية ، وعملت جاهدة على التعريض به لكل الحكومات الانتقالية المتوالية ، ولكن كانت الاستجابة معدومة ، والردود صادمة. لذا فإن مستوى الجرأة في القرار هو غير مسبوق ، استطاع الدبيبة أن يلامس به الحاجة لتلك القوى ، وأن يجعل من هذا القرار وآثاره جسماً صلباً ، من الممكن أن يراهن و يناور به في نضاله ، وسعيه للإستمرار في الحكم ، أطول فترة ممكنة.خصوصاً ، أن القرار ينص على أن تبعية الجهاز لرئاسة مجلس الوزراء بشكل مباشر ، وأن قرار رئيس الجهاز يصدره رئيس مجلس الوزراء ، وهو ماقام به عبدالحميد الدبيبة ، بإصداره قرار ينص على تكليف ” أحمد علي خليل عيسى ” ، وهو ابن مصراتة وقريب لإحد أهم شخصيات رجال الأعمال الداعمة لحكومة الدبيبة ، لذا فإن تبعية القرار المباشرة لرئيس الحكومة ستلقي بظلالها على تبعاته ، وغاياته السياسية.خاصة ، أن السجال السياسي على أشده بين الفرقاء الليبين ، كما سيفسر القرار ، بأنه سيكون داعماً لجهود الحكومة في إعلانها مؤخراً عن إطلاق حملة لتطهير الزاوية ، والمنطقة الغربية من عصابات التهريب المختلفة ، وبارونات الفساد ” بحسب ما أعلنته الحكومة ” ، وأنه محاولة للتضييق أكثر وأكثر على المعارضين لهذه الحملة ، وإن هذا القرار سيسحب البساط من تحتهم ، خاصة إذا تم دعمه وتقويته بما يناسب مقتضيات الضرورة التي تخدم فكرة توسع نفوذ الحكومة في الغرب الليبي.ومن زاوية أخرى ، يرى الناقدين لهذا القرار ، أنه إذا لم يتم ضبط آليات تنظيم وإدارة هذا الجهاز بشكل احترافي وفاعل ومهنى ، فإنه من الممكن أن يحاكي هذا الجهاز في طور متقدم تجربة قرار جهاز ” الدعم السريع ” الذي انشأه الرئيس السوداني المعزول ” عمر البشير ” وما سببه ونتج عنه من كوارث علي السودان في الوقت الحالي ، إضافة إلي أن تضخم الأجسام الموازية لأجهزة الدولة الرسمية مع أزدواجية وتداخل المهام والصلاحيات بينها ، سيضعف تلك الأجهزة ،ويجعل قادتها يشعرون بالتهميش وسلب صلاحياتهم.من جهة أخري ، يرى المؤيدين لهذا القرار أنه جاء في وقته المناسب ،وأن ضرورة دمج وتوحيد مجموعات المقاتلين الذين انضموا إلى الأجهزة الأمنية والعسكرية من ثوار 17 فبراير ، هو أمر يخدم مصلحة الدولة واستقرارها ، ويمنع المؤامرة التي تتصيد قادة فبراير وتعمل على تفتتيتهم وتفريقهم وإضعافهم ، خدمة لمشروع تغول العسكر.كذلك أن التشخيص الدقيق للمرحلة السابقة يسجل ، أن العبث المخابراتي الدولي والإقليمي ، هو أحد أسباب ظهور شخصيات فبراير ، بمظهر الفوضى والفساد ، ووسمهم بأصحاب الأجندات وذلك من خلال تماهيهم مع شماعة الإسلام السياسي ، لذا فأن الداعمين لهذا القرار يراهنون على أن هذا الجسم سيخلق الكيان العسكري والأمني المؤسساتي ذو العقيدة الوطنية ، والتي مافتأت أطراف محلية وخارجية على محاربة وجوده ، وأنه بالمطلق لن يكون جسماً ميليشياوياً ، ولن يسمحوا بذلك، وأن قياداته سيجعلوا منه نموذجاً ، للمؤسسة العسكرية المنضبطة والناجحة.
الخلاصة
يعيد إصدار هذا القرار إلي الأذهان مجموعة من القرارت أصدرت سابقا تقريبا في نفس الظرفية الزمنية والسياسية التي تمر بها من قبل رئيس حكومة الوفاق ” فايز السراج “، من قبيل اصدار قرار إنشاء جهاز “الدعم والأستقرار ” ، تحت قرار رقم ( 26 \ 2021 ) وإعطاءه صلاحيات واسعة تعادل صلاحيات ومهام وزارة الداخلية.كذلك القرار رقم ( 578 \ 2021 ) و الذي يقضي بإنشاء جهاز ” الردع لمكافحة الجريمة المنظمة والإرهاب”، وجعل تباعيته المباشرة الي رئيس المجلس الرئاسي ، وبناء علي هذا القرار تم حل ” قوة الردع الخاصة ” التابعة لوزارة الداخلية ، وضم جميع منتسبيها إلى الجهاز الجديد ” قوة الردع ” ، بذات أوضاعهم الوظيفية التي كانوا عليها وقت صدور القرار ، ونص القرار على ” أن تؤول إلى الجهاز الجديد كافة الأصول الثابتة والمنقولة التي كانت بحوزة قوة الردع الخاصة ، بما في ذلك القوة العمومية للأسلحة والذخائر”. هذين القرارين أعطي من خلالهم صلاحيات ومهام متعددة لهذين الجسمين تعادل صلاحيات و مهام وزارة الداخلية ، المؤسسة الرسمية للدولة ، وبذلك اصبح كأن هناك ثلاث مؤسسات شرطية لها نفس المهام والصلاحيات ، في مساحة جغرافية واحدة. أن تداخل الأجهزة والتشكيلات العسكرية والأمنية ، في المهام والصلاحيات مع مؤسسات الدولة الرسمية، يعد من الظواهر السلبية التي تؤثر علي إستقرار الدولة ، وتعمل علي إضعاف سلطتها وتقويض حكم القانون ، وزعزعة الاستقرار السياسي والمجتمعي ، لما لهذه التشكيلات من الصفة التصادمية مع بعضها البعض ، وعدم القدرة علي الانضباطية وأحترام التراتبية العسكرية لدي افرادها ، لضعف االتدريب والممارسة المهنية والاحترافية.و كذلك يشير هذا التداخل الي أستخدام تأثير هذه الأجهزة والتشكيلات علي عدم تعزيز مركزية مبدأ القوة الخاص بالدولة ومؤسساتها الرسمية من وزارتي الدفاع والامن ، مع أمكانية استخدام هذه التشكيلات والأجهزة ، من قبل الحكومة التنفيذية ، خاصة رئيس الحكومة لتباعيتها المباشر له ، في صراعه السياسي ، وتغول سلطة الحكومة علي خصومها.
وهنا ربما يتوارد الي الذهن مجموعة من الأسئلة بالخصوص
- مامدى إمكانية أن يصبح القرار واقعاً ، رغم الجدل الكبير حوله؟ ، وهل تقبل المؤسسة العسكرية بوجود كيانا موازيا لا يكون لها السيطرة عليه ، او يأتمر بآوامرها مما يزيدها تشظي وفرقة ؟؟.
- مامدى تماهي ” الصديق الكبير ” في تخصيص الميزانيات المالية اللازمة له لإنجاحه ؟؟ وهل تكون بمعزل عن الميزانية المخصصة لوزارة للدفاع ؟؟
- هل يمكن أن يكون للبعد الدولي والأقليمي تأثير في تنفيذ القرار من عدمه ؟؟
- مامدي تأثير هذا القرار علي المسار السياسي ؟؟ وهل سيعزز مثل هذا القرار مبدأ التغول والاستبداد السياسي وعدم التداول السلمي للسلطة ؟؟ خاصة أن تباعيته المباشرة ستكون لرئيس الوزراء.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نص القرار
قرار رقم 313 لسنة 2023 م بإنشاء الجهاز الوطني للقوى المساندة
مجلس الوزراء
بعد الاطلاع
على الإعلان الدستوري الصادر بتاريخ 3 أغسطس 2011 م، وتعديلاته.
وعلى الاتفاق السياسي الليبي الموقع بتاريخ 17 ديسمبر 2015 ميلادي.
وعلى مخرجات ملتقى الحوار الليبي المنعقد بتاريخ 19/ نوفمبر/ 2020 م.
وعلى قانون النظام المالي للدولة ولائحة الميزانية والحسابات والمخازن وتعديلاتهما.
وعلى القانون رقم 40 لسنة 1974 م بشأن الخدمة بالجيش الليبي وتعديلاته.
وعلى القانون رقم 12 لسنة 2010 م، بشأن إصدار قانون علاقات العمل.
وعلى ما قرره مجلس النواب في 10/ مارس/2021 م بمنح الثقة لحكومة الوحدة الوطنية.
وعلى كتاب أمين شؤون مجلس الوزراء رقم 10284 المؤرخ في 2023/05/22 م.
وعلى اجتماع مجلس الوزراء العادي الثالث لسنة 2023 م.
قــــــــــــــرر
مادة 1
ينشأ جهاز يسمى الجهاز الوطني للقوى المساندة يتبع مجلس الوزراء يتمتع بالشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة مقره الرئيسي طرابلس.
مادة 2
يضم الجهاز أفراد القوى المساندة من تشكيلات وكتائب ثوار 17 فبراير لإعادة تنظيمها وتنظيم تحركها ووضع الآليات والأسلحة والذخيرة الموجودة بحوزتها وفق إجراءات إدارية وقانونية وتشريعات معمول.
مادة 3
يعني بأفراد القوى المساندة:-
- ثوار 17 فبراير.
- المشاركين في العمليات العسكرية للدفاع عن الوطن من المدنيين.
- المدربين من العسكريين والأجهزة الأمنية الذين سيتم ندبهم للجهاز.
مادة 4
يتولى الجهاز الاختصاصات الآتي:
- المحافظة على أهداف ثورة 17 فبراير وفق التشريعات القانونية المعمول بها بالدولة الليبية.
- حماية شرعية الدولة والمؤسسات السيادية والمحافظة على أمن واستقرار البلاد وأمنها القومي.
- مساندة الجيش وفق ما تتطلبه الضرورة للمساعدة في تأمين وحماية الحدود الليبية والمنافذ وتأمين الأهداف والمنشآت الحيوية والإستراتيجية.
- مساندة وزارة الداخلية عند الحاجة في حماية المقار السيادية ومقرات البعثات الدبلوماسية.
- المساندة في حالات الطوارئ والكوارث الطبيعية وعمليات الإنقاذ.
- المساندة في تأمين مشروعات البنية التحتية والمواقع الأثرية والسياحية.
- أي اختصاصات تسند للجهاز لاحقا.
مادة 5
يدار الجهاز برئيس يصدر بتسميته قرار من رئيس مجلس الوزراء.
مادة 6
يكون للجهاز فروع تتبعه بالمدن الليبية وفق اقتراح يعرض من رئيس الجهاز ويصدر بشأنه قرار من رئيس مجلس الوزراء.
مادة 7
يعتبر رئيس الجهاز مسئولا عن تنفيذ المهام وفق اختصاصات هو اختصاصات الجهاز كما يعتبر مسئولا أمام القانون عن ما يتعارض ومهام الجهاز وفق التشريعات القانونية.
مادة 8
تتكون الموارد المالية للجهاز مما يلي:-
- ما يخصص له من مبالغ مالية بالميزانية العامة للدولة.
- أي موارد أخرى يرخص له في الحصول عليها قانونا.
مادة 9
يكون للجهاز حساب مصرفي أو أكثر بأحد المصارف العاملة في ليبيا تودع فيه أمواله وفقا للتشريعات النافذة.
مادة 10
يعمل بهذا القرار من تاريخ صدوره، وعلى الجهات المختصة تنفيذه.
مجلس الوزراء
7 يونيو 2023
لتحميل الملف إضغط هنا
هذا المحتوى متوفر أيضًا باللغة: English Français Türkçe Italiano