المرصــد الأسبوعــي 05 سـبـتمبــــر – 2023
المؤسسات المالية.. بوادر أزمة جديد
بعد إعلان محافظ ليبيا المركزي ” الصديق الكبير” ونائبه ” مرعي البرعصي” توحيد المصرف المركزي، بعد أعوام من الانقسام بين إدارتين، أحدهما في الشرق وأخرى في الغرب، أخذ عدد من المراقبين في استجلاء الفوائد الاقتصادية التي ستترتّب على هذه الخطوة ، فيما اعتبرها البعض إجراءً شكلياً أو مؤقتاً، سيعود للانفجار في وقت لاحق. والانفجار قد حدث فعلاً، غير أنه في مؤسسة أخرى، إذ بعد أسابيع من توحيد المركزي أعلن ” البرعصي” استقالته من عضوية اللجنة المالية العليا، المشكلة بقرار المجلس الرئاسي برئاسة ” محمد المنفي”، وذلك لمتابعة الإنفاق العام ، وفق ما أفاده قرار تشكيلها.
” البرعصي” في رسالة استقالته ، ذكر أن اللجنة المالية العليا شُكّلت بالمخالفة للقوانين والتشريعات النافذة في الدولة الليبية ، وبالمخالفة للاتفاق السياسي الموقع في الصخيرات المغربية. وفي بيان آخر، أعلن 4 أعضاء في اللجنة المالية العليا وهم: فاخر بوفرنة، حاتم العريبي، أحمد المرتضى وعبدالله العبيدي، عدم مشاركتهم في بيان اللجنة الأخير الصادر بتاريخ 30 أغسطس 2023، وأوضح الأعضاء الـ4 أن اللجنة لم تحسم آلية حول توزيع لإنفاق الحكومي، مؤكدين أن اللجان الفرعية لأبواب الميزانية ما تزال في مناقشات وجمع البيانات وحصر التعثرات في الإنفاق الحكومي.
وكانت اللجنة المالية العليا أعلنت في بيان سابق اعتماد النظام الأساسي لعملها والبدء الفعلي في التواصل والتنسيق مع الوزارات والجهات العامة، والانتهاء من تنظيم أوجه الصرف للبابين الثالث والرابع وسيتم صرفها خلال الفترة القليلة القادمة.
وفي رده عليهم ، قال رئيس المجلس الرئاسي إن اجتماع اللجنة في سبها يقطع الطريق أمام المشككين في قدرتهم على مواصلة تفعيل هذه الآلية الوطنية ، جاء ذلك خلال كلمته التي ألقاها في الاجتماع العادي للجنة المالية العليا في سبها، رفقة أعضاء اللجنة وبحضور المكونات السياسية والاجتماعية للمدينة. واستغرب المنفي ما وصفه بالتشكيك في قانونية تشكيل اللجنة بعد مرور أكثر من 60 يوما على ذلك، مؤكداً أن الدائرة الدستورية مفعلة ويمكن الطعن أمامها، وحث ” المنفي” الجميع على عدم الخروج عن الإجماع الوطني والدولي واحترام مقررات اللجنة عبر وضعها حيز التنفيذ، وفق قوله.
وأضاف رئيس المجلس الرئاسي أن اللجنة المالية ماضية في واجبها الوطني، والمدعوم بوضوح من قبل مجلس الأمن بالإجماع ، اتساقاً مع حزمة قراراته ومنها الاتفاق السياسي وخارطة الطريق، وبين المنفي أن المجلس الرئاسي حريص على ضرورة تبديد مخاوف كافة الأطراف وتطلعها للمشاركة دون إقصاء أو تهميش أو انتقائية في إدارة موارد البلاد ، معتبراً أن استمرارهم في عقد اجتماعات اللجنة المالية بكافة مدن ومناطق البلاد مؤشر حقيقي على تعافي الأوضاع الأمنية بالبلاد وإعلاء المصالحة الوطنية على ما دونها، وفق قوله.
مع وجود حكومة الوحدة الوطنية بميزانيتها المستقلة، بالإضافة إلى ملامح الانقسام داخل اللجنة المالية، فإن البلاد الآن قد تكون أمام نفق مظلم حول المستقبل القريب لمؤسسات الدولة السيادية والمالية جراء هذه المستجدات، التي ربما تذكرنا بسنوات سابقة لا يرغب الليبيون في العودة إليها.
“معالم بنغازي” في تقرير “الخبراء”
حث تقرير لخبراء الأمم المتحدة قوات “خليفة حفتر” على التوقف فوراً عن إجلاء السكان قسراً وهدم المنازل في مدينة بنغازي وإنهاء أعمال الانتقام والعنف ضد المتظاهرين، وأفاد بأن أكثر من 20 ألف شخص من بنغازي أُجبروا على إخلاء منازلهم خلال وقت قصير، والتخلي عن ممتلكاتهم ووثائقهم على يد كتيبة طارق بن زياد والكتيبة 20/20. وأشار الخبراء في تقريرهم إلى عدم وجود مشاورات مسبقة مع السكان بشأن قرار الإخلاء، مشيراً إلى عدم وجود أي خطة لتعويض المتضررين، أو تقديم أي مساعدة لتأمين مساكن جديدة بما يساوي قيمة منازلهم ، وإجبارهم على الصمت والتنازل، وعبر الخبراء الأمميون عن قلقهم أيضا إزاء منع المتظاهرين وتفريقهم والاعتقال والاحتجاز التعسفي لبعض المدافعين عن حقوق الإنسان والسكان المعارضين لعملية الإخلاء.
وعن هدم المواقع الأثرية والتاريخية بالمدينة، ذكر التقرير أن عمليات الهدم المتعمد تسببت بأضرار لا يمكن إصلاحها للبناء المعماري الحضاري في المدينة ، موضحاً أن الدمار حرم السكان من المواقع الأثرية والدينية الهامة الشاهدة على تاريخ طويل للوجود البشري في المدينة ، وكشف تقرير الخبراء عن احتمالية تورط شركات محلية أو أجنبية مختلفة ، مطالبين بتوضيح الوضع ،ومنع مزيد من التدمير التعسفي وانتهاكات حقوق الإنسان. وعبر الخبراء عن أسفهم لعدم إجراء أي تحقيقات حتى الآن من جانب السلطات القضائية رغم تقديم الشكاوى إلى النائب العام منذ مارس 2023، معتبرين أن عمليات الإخلاء تنطوي على مسؤولية جنائية ومسؤوليات قانونية أخرى
درنة.. البندقية تسبق الانتخابات
عقب توتر لأسابيع أشعله ما يعرف بمجموعة ” أولياء الدم” الموالية لـ” حفتر” حول اعتراضها بشأن ترشح بعض الشخصيات والقوائم إلى انتخابات بلدية درنة، أصدرت وزارة الحكم المحلي التابعة لحكومة مجلس النواب قرارا بتأجيل الانتخابات إلى حين إشعار آخر، وسط استياء من أواسط مدنية داخل المدينة.
إيقاف الانتخابات شكل خيبة أمل لدى سكان المدينة الذي أملوا طوال الفترة الماضية تنفيذ هذا الاستحقاق، الذي لم يتمكنوا من إجرائه في وقت سابق، وقد أتى هذا التأجيل بسبب تصعيد مايعرف ب ” أولياء الدم ” بإحراق صور دعائية لقوائم المشرحين وتهديد مرشحين بالقتل المباشر والتهجير خارج المدينة ، وذلك قبل أن يقوم الأمن الداخلي باعتقال رئيس إحدى القوائم لمرتين في غضون 4 أيام، ما عده كثيرون خرقاً واضحاً للقانون ، سيما وأن محكمة الاستئناف بدرنة رفضت طعونا مقدمة في وقت سابق ضد القوائم التي يعترض عليها ” أولياء الدم “.
فشل الانتخابات الفرعية ( البلدية ) في درنة، بسبب صراع قبلي أو فكري سيدعو الجميع إلى عدم الاطمئنان على سلامة الانتخابات الكبرى ( الرئاسية + البرلمانية )، سيما وأنها تمثل أهمية كبرى للاعبين المحليين ومن خلفهم داعميهم الدوليين ، في وقت يدعو فيه صناع القرار القدرة على إجراء الانتخابات وتأمينها.
لا يثير القلق هذه الأحداث وفقط، فلقد دار الحديث -بشكل كبير- خلال عام 2022 حول وقوع عمليات تزوير في إصدار بطاقات الناخبين، حتى استغرب كثيرون وصول العدد الكلي إلى أكثر من مليوني ناخب، ما يمثل أغلبية الشعب من المسموح لهم بالإدلاء بأصواتهم فوق السن القانونية.
حملة اعتقالات في سرت ضد “أنصار معمر”
منذ أواخر شهر أغسطس، أطلقت قوات “حفتر” حملة أمنية تستهدف موالين للقذافي في مدينة سرت، وذلك مع قدوم الذكرى السنوية لانقلاب سبتمبر، الذي يعده أنصار القذافي فرصة لإحياء ذكراه.
إذ تحدثت مصادر من داخل مدينة سرت إن أكثر من 30 مدنيا من قبيلة القذاذفة وحدها اعتقلتهم قوات تابعة لـ” حفتر” دون أي تهمة تذكر، مضيفة أن حملات الاعتقال استمرت لأيام ، وأن مناطق عدة في مدينة سرت ، كمنطقة بوهادي والغربيات تتعرض للحملة ذاتها ، واصفةً ما يحدث في حق المدنيين الموالين للنظام السابق بـ” المهان والمخزي”.
ونفت المصادر دخول القبائل أو المكونات الاجتماعية في مفاوضات مع قوات “حفتر” لوقف حملات الاعتقال، وأن قبيلة القذاذفة لم تستنجد بتدخل أي جهة باعتبار أن ما يحدث واضح للعيان. وأوضحت المصادر أن عمليات الاعتقال تجرى بشكل مقصود للمنتمين لقبيلة القذاذفة ، سواء أكان بسبب الهوية أو الانتماء السياسي ، معتبرين أن عملية الانتخابات ومن ترشح لها هي عملية ديمقراطية يجوز للجميع التقدم لها.
واستغربت المصادر من صمت باقي القبائل بسرت عما يحدث من حملات اختفاء قسري للمدنيين من القبيلة ، مشيراً إلى أن عمليات الهدم للمنازل تحدث بين الحين والآخر، وأنهم في حالة تأهب لأي اقتحام من قبل قوات ” حفتر” إلى المدينة ، فيما قامت قوات تابعة للكتيبة 20-20 التابعة لكتيبة ” طارق بن زياد” بمدينة سرت ، باعتقال شابين من منطقة بوهادي تعسفياً دون أي تعليمات أمنية.
وشهدت منطقة بوهادي في ضواحي مدينة سرت في المدة ذاتها من العام الماضي توترات أمنية وقطعاً للاتصالات، وإقامة استيقافات من قبل مديرية أمن سرت والبحث الجنائي بنغازي ، تحسباً لخروج أنصار النظام السابق للتظاهر، احتفالاً بذكرى انقلاب القذافي.