طرابلس علي صفيح ساخن
طرابلس : تجدد الاشتباكات
” إعتقال محمود حمزة آمر اللواء 444 قتال “
تمهيد
ذكرت مصادر إعلامية متنوعة عصر يوم الأمس الموافق 14-8-2023م، نبأ اعتقال عقيد ” محمود حمزة ” آمر اللواء 444 قتال التابع لرئاسة الأركان العامة التي يرأسها فريق ” محمد الحداد” ، بمطار معيتيقة بالعاصمة طرابلس، من قِبل جهاز الردع لمكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، الذي يرأسه ” عبدالرؤوف كاره”، وهو جهاز يتبع للمجلس الرئاسي.
وذكرت مصادر مطلعة أن عملية الاعتقال تمت أثناء توجه عقيد ” محمود حمزة ” برفقة كلٍ من رئيس حكومة الوحدة الوطنية ووزير الدفاع ” عبدالحميد الدبيبة “، ورئيس الأركان العامة فريق “محمد الحداد” ، إلى مدينة مصراته لحضور حفل تخرج دفعة جديدة من طلبة الكلية الجوية مصراته ، واللافت هنا أنه لم يتم الإعلان رسمياً عن سبب الاعتقال في حينه.
وقد ترتب على هذا الأعتقال كرد فعل من اللواء 444 اشتباكات بينه وبين جهاز الردع وقوة العمليات بالشرطة القضائية التي يرأسها ” أسامة نجيم” ، بمناطق جنوب طرابلس – كعين زارة والفرناج وطريق الشوك والسدرة وصلاح الدين – ، نتج عنها قتلى وجرحى.
وقد خرجت بعض المظاهرات بطريق الشط ضد جهاز الردع مطالبة بالإفراج عن “محمود حمزة “، ورغم محاولات حكماء ووجهاء منطقة سوق الجمعة التدخل بالوساطة للإفراج عن ” حمزة “، حقناً للدماء ، إلا أن هذه المحاولات لم تسفر عن أي نتائج إيجابية ، وزادت وتيرة الاحتقان والتوتر، بين قوة جهاز الردع وقوة العمليات بالشرطة القضائية من جهة، واللواء 444 من جهة أخرى ، وتبادل الطرفين عمليات مداهمة المقرات مما نتج عنه قتل ومعتقلين من الطرفين.
وجدير بالذكر هنا ، أن هذه القوى الثلاث التي تتقاتل اليوم، كانت في مرحلة ما تحت مظلة “قوة الردع الخاصة”، فعقيد ” محمود حمزة ” قبل أن يشكل اللواء 444 قتال ، كان آمراً للفرقة ( 20 – 20 ) التابعة لقوة الردع الخاصة، وكذلك آمر العمليات بالشرطة القضائية ” أسامة نجيم ” ، كان تابع لنفس القوة و زميل تشكيل مسلح.
وفي هذا الإطار ، فقد شهدت العاصمة تحرك أرتال مسلحة تابعة للواء 111 الذي يترأسه ” عبدالسلام زوبي”، بهدف الانتشار الذي يسمح للقوات بالفاعلية على مستوى الدفاع أو الإشتباك أو كمحاولة احتواء الموقف بالتدخل بين القوات المشتبكة.
رغم التوقعات المسبقة بإحتمالية حدوث مواجهات مسلحة بين جهاز الردع واللواء 444 ، بسبب تمدد النفوذ، وتوسع مسرح عمليات اللواء 444 في مناطق مختلفة من جنوب العاصمة ، ونجاحه في تكوين شبكة علاقات محلية ودولية فاعلة، كذلك مستوى قبول العمليات التي تقوم بها كتائب وسرايا اللواء لدى المجتمع على نطاق واسع في ليبيا ، من مداهمات لأوكار المخدرات والهجرة غير النظامية ، ومستوى انضباطية أفراد اللواء، وكذلك تدخله في مناسبات عدة كطرف ثلاث لفض اشتباكات مسلحة كانت تحدث بين قوى عسكرية داخل طرابلس ، لعل أبرزها تلك التي حدثت إثناء محاولة دخول ” فتحي لباشاغا ” لطرابلس بعد تكليفه رئيساً للحكومة من قبل مجلس النواب .
إلا أنه لم يكن من المتوقع أن يكون سبب هذه الاشتباكات هو اعتقال آمر اللواء شخصياً، وهذا يجعلنا في مواجهة تساؤل مهم، هو ” ما هو السبب الحقيقي لعملية الاعتقال ؟؟ “، ” ومن هو الذي اصدر أوامر الاعتقال؟” رغم ارتفاع مخاطر هذه العملية ، التي قد تتسب في اشتباكات مفتوحة تنتشر أفقياً ولا يمكن السيطرة عليها بسهولة ، وربما قد تستغلها اطراف محلية لتغيير موازين القوى لمصلحة أطراف سياسية وعسكرية أهمها مشير ” خليفة حفتر “، في ظرفية أمنية محلية وإقليمية معقدة وهشة.
الجدير بالذكر ، أن هذه الاشتباكات هي السادسة في عهد حكومة الوحدة الوطنية ، إلا أنه لم يتم إصدار بيان صحفي من قبل أي مسؤول سياسي أو أمني أو عسكري تابع للمجلس الرئاسي برئاسة ” محمد المنفي “، أو حكومة الوحدة الوطنية – علي الأقل إلي وقت كتابة هذا الإيجاز – وذلك لإطلاع الرأي العام على الوضع الراهن ومسبباته وآلية احتوائه و التعامل معه، وما إذا كان ستُجرى تحقيقات لمحاسبة المتسببين و المسؤولين عن هذه الفوضى الأمنية .
الخلاصة
لابد من الإشارة هنا الي أن ، هذه الاحداث أكدت من جديد أن التشكيلات المسلحة بغرب البلاد، على اختلاف مسمياتها وتبعيتها ، غير خاضعة لسلسلة القيادة والسيطرة بالمؤسسات السيادية للدولة – إلا في بند المرتبات والمنح _ لا تلك التي تتبع القائد الأعلى للجيش الليبي ، الممثل في المجلس الرئاسي ، ولا تلك التي تتبع
وزارة الدفاع التي يحمل حقيبتها رئيس الحكومة نفسه ” عبدالحميد الدبيبة “، ولا لرئاسة الأركان العامة ، التي على رأسها فريق ” محمد الحداد”.
وهذا بكل تأكيد يحرج الاطراف الفاعلة سياسياً وأمنياً في غرب ليبيا ، وحتى الفاعلين الدوليين الذين يعتبرون تدخلهم في ليبيا هو لمصلحة الليبيين ، وإن هذا التدخل قد أسهم بشكل فاعل في خلق حالة من الاستقرار بليبيا –بحسب ما يعلن – خاصة وإن اللواء 444 قد أشرف عليه الأتراك من ناحية التنظيم والتدريب وحتى التسليح.
كل المؤشرات المنطقية تؤشر إلى أن هذه الاشتباكات لن يُسمح لها بالاستمرار ولن يطول أمدها ، لعوامل محلية ودولية. ويُنتظر أن يتم التأكيد عن الافراج عن حمزة الذي لم يتم معرفة وضعه حتي الان.
و مما لا شك فيه ، أن تأخر جهاز الردع في الإفراج او الإعلان عن مصير حمزة ، سيؤدي في المحصلة إلى تحالف كل الجهات التي تعتبر أن الردع أصبح قوة تشكل تحدي كبير بالنسبة لها ، ومن ثم فأن إعلان الحرب على الجهاز وإضعافه مسألة وقت لا غير ، هذا أذا ما لم يتم إعلان حله – علما بإن تلك الجهات كثيرة.
بكل تأكيد ، فإن جهاز الردع على مستوى القادة والأفراد يواجهون حالة من الضغط الغير مسبوق ، بسبب كارثية ما قد تؤل إليه الأوضاع بالنسبة لهم، فيما لو تعرض آمر اللواء 444 ” محمود حمزة ” للأذى الذي قد يفقده حياته ، فحلفاء جهاز الردع الموثوقون ليسوا بالكثرة التي تجعله يراهن على الصمود في اشتباكات قد تتسع دائرة تأثيرها ونتائجها التي نعتقد أنها لن تكون في مصلحة الجهاز.
لتحميل الملف إضغط هنا
هذا المحتوى متوفر أيضًا باللغة: English Français Türkçe Italiano