سيناريوهات تعاطي الإدارة الأميركية مع الملف الليبي بعد فوز “ترامب”
وحــــــــــدة الدراســـــــات والأبحــــــــــــاث
المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية
من الملاحظ خلال الفترة الأخيرة عودة الدور الأميركي بقوة للمشهد في ليبيا سواء عبر الدبلوماسية أو الضغوطات أو تفعيل لغة ” العصا والجزرة ” مع الأطراف السياسية والعسكرية الليبية، وحتى في ظل غياب التواجد الأميركي في تفاصيل المشهد كانت ” واشنطن ” حاضرة بتوجيهها للأطراف الأوروبية والإقليمية ورسمها للخطط الاستراتيجية والرؤى الخاصة بمسارات المشهد الليبي العسكري والسياسي والاقتصادي.
وانتهجت الولايات المتحدة الأميركية عدة استراتيجيات في التعاطي مع ملف ليبيا، تمثلت في البعد الدبلوماسي عبر المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا، ريتشارد نورلاند والقائم بأعمال السفارة الأميركية، جيرمي برنت وعقدهم لقاءات مع أطراف جدلية ومتنفذة في المشهد الليبي شرقا وغربا، وأيضا استراتيجية الضغط العسكري عبر الوفود المخابراتية التي زارت ليبيا شرقا وغربا والتقت بالأطراف العسكرية وبلغتها رسالة واشنطن الواضحة جدا وخلاصتها: “غير مقبول عودة الاقتتال ولا تصعيدات عسكرية في المنطقة ولا انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار “، وهو ما التزمت به الأطراف المتصارعة ويستمر حتى الآن. بعد آخر انتهجته الإدارة الأميركية مع أطراف النزاع الليبي وهو استغلال منبر الأمم المتحدة ومجلس الأمن للتلويح بالعقوبات والإبعاد عن المشهد، ونتج عن ذلك تهدئة بين المتنازعين سواء مجلس النواب أو الأعلى للدولة أو الحكومتين أو رئاسة الأركان.
ما نحاول إثباته أو التكهن به خلال هذه الورقة المختصرة، التي ستركز على السيناريوهات المتوقعة لتعامل إدارة ترامب مع المشهد الليبي، وهو أن الرؤية الأميركية تجاه القضية الليبية ثابتة، لكن التغير فقط سيكون في آليات تنفيذ هذه الرؤية وتطبيقها وإجبار الأطراف المحلية على تبني هذه الرؤية التي توضع فقط على مكيال تحقيق المصالح الأميركية، أو إبعاد المنطقة عن صراعات دولية بالوكالة تكون الأراضي الليبية ساحة مناسبة لها ما يؤثر على القارة الأوروبية والمصالح الأميركية بها، وتضرر قوى إقليمية ذات علاقات استراتيجية مع الإدارة الأميركية من هذا الصراع مثل تركيا ومصر.
والتكهنات هنا سنربطها فقط بالسياسة الخارجية التي ستتبناها إدارة ترامب ونسبة الملف الليبي فيها، وهل سيكتفي الرئيس الجديد بنفس الشخصيات الممثلة لبلاده في ليبيا ويراهن على استكمال الدور الأميركي هناك عبر ثلاثية ” نورلاند وبرنت وخوري “، أم ينتهج طريقا آخرا بزيادة الطاقم الدبلوماسي فعليا وتعيين سفير جديد دائم في سفارة بالعاصمة طرابلس وفتح قنصلية في الشرق الليبي.
كذلك تعاطي إدارة ترامب مع أطراف النزاع الليبي، هل يراهن على مؤسسات بعينها من حكومات أو قوات عسكرية أو مؤسسات مالية أو دور مخابراتي، أم يراهن على أشخاص يمكنها تبني الرؤية الأميركية وتنفيذها حرفيا دون نقاش، أم يلجأ للانفتاح على الجميع منتهجا سياسة الاحتواء والدبلوماسية تارة واستراتيجية الضغط والتهديدات تارة أخرى.
بعض الرؤى والتكهنات تذهب إلى أن إدارة ترامب لن تعطي الملف الليبي أولوية في الشهور الأولى من إدارتها نظرا لمزاحمة ملفات أهم بالنسبة للولايات المتحدة، وأهمها البيت الداخلي والأزمات المتورطة فيها أميركا، ثم الانتقال إلى ملفات أخرى أقل أهمية سيكون ملف ليبيا من أهمها، لكن هذه الرؤية ليست دقيقة بدليل أن استراتيجية الإدارة الأميركية في التعاطي مع جميع الملفات تكون دائما بالتوازي، بل وتوظف حتى الملفات الأقل أهمية في خدمة مصالحها ومفاوضاتها وحتى صداماتها، ملف ليبيا مؤهل جدا لذلك لتشابكه مع فاعليين دوليين وإقليميين يرتبطون بعلاقات مع إدارة ترامب سواء علاقات مصالح وتنسيق أو علاقات صدام وتنافس، خاصة أن ترامب معروف أنه ” رجل الصفقات ” مع الجميع.
سيناريوهات ترامب للتعاطي مع المشكل الليبي وأطرافه
وإن كان من الصعب التكهن بآليات وطرق تعاطي إدارة ترامب الجديدة مع القضية الليبية وأطرافها المحليين، كونه لم تصدر أيه تصريحات أو رؤى من قبل هذه الإدارة بخصوص ليبيا، ولكن وفقا لتوجهات وخلفية ترامب والمجموعة التي بدأ في اختيارها لتشكل إدارته يمكننا في ” المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية ” توقع بعض السيناريوهات التي قد تلجأ لها الإدارة الأميركية في عهد ” ترامب” سواء على المدى القريب أو البعيد، ومنها:
- استمرار السياسة القديمة
- دعم أطراف بعينها
- سيناريو عقد الصفقات من أجل النفط
- الضغط على الجميع للدفع نحو الانتخابات
- سيناريو عسكري واستهداف الروس
- تسليم الملف لقوى إقليمية متحالفة “تركيا ومصر”
وعليــــه
أيا ما تكون السيناريوهات التي ستنفذها إدارة ترامب للتعاطي مع الملف الليبي يظل الرهان، ونود ألا يكون خاسرا، على الأطراف الليبية المحلية أن تملك زمام أمورها وتتجه لحوارات ومفاوضات “ليبية – ليبية” لتحجم الدور الدولي والتدخلات الخارجية من قبل الفاعليين الدوليين والإقليميين، وإلا ستتحول هذه الأطراف إلى أدوات يتم تحريكها لتحقيق مصالح القوى المتداخلة ، وهنا اللوم سيقع على الأطراف المحلية التي أضاعت فرصة التوصل لحلول ليبية خالصة وفضلت استيراد الحلول من المتدخل الخارجي طالما سيحقق مصالحها الشخصية والمناطقية.