التسوية السياسية كمدخل للإصلاح الأمني والعسكري في ليبيا جدلية السبق والأولوية
قــــــــــــــــــــــــرآءة تحليليــــــــــــــــــــــــة
المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية
تمهيد
تستمر الأزمة الليبية في التعقيد نتيجة الانقسام السياسي وتفكك المؤسسات الأمنية والعسكرية، مما يثير جدلاً حول أولوية الإصلاح. هل يجب تحقيق تسوية سياسية شاملة أولاً حتى تكون بمثابة الأساس لإصلاح المؤسسات الأمنية والعسكرية؟ أم أن توحيد المؤسسة الأمنية والعسكرية هو الطريق لتحقيق الاستقرار السياسي والتسوية الشاملة؟
سوف نقوم باستعراض كيف ستساهم الإجابة على هذا السؤال في توجيه الخطط الاستراتيجية الداخلية والخارجية الرامية لإنهاء الصراع الليبي.
خلاصة الجدلية: الحاجة إلى خطة شاملة ومتوازنة
تشير التحليلات إلى أن الحالة الليبية، بما فيها من تعقيدات ناجمة عن التشرذم السياسي وتعدد القوى المسلحة، تتطلب اعتماد نهج شامل ومتوازن يجمع بين الإصلاح السياسي والإصلاح العسكري والأمني لتحقيق استقرار مستدام. حيث إن الفصل بين المسارين يعزز احتمالات الفشل ويترك المجال لتجدد النزاع؛ إذ يعتمد الإصلاح السياسي الناجح على بيئة أمنية وعسكرية مستقرة ومؤسسة أمنية موحدة قادرة على تنفيذ الاتفاقات وحماية المكتسبات السياسية. في الوقت ذاته، لا يمكن للإصلاح الأمني والعسكري أن يحقق نتائجه بشكل فعّال إلا بوجود توافق سياسي شامل يعزز من شرعية الدولة ويدفع باتجاه دمج الفصائل المتصارعة تحت سلطة موحدة.
لذا، يعد تبني خطة شاملة تعمل على مسارين متوازيين، بحيث تسعى لتحقيق التوافق السياسي مع تعزيز المؤسسات العسكرية والأمنية، هو الخيار الأمثل للتعامل مع الأوضاع الليبية. ومن خلال دمج الإصلاحين معاً، يمكن تأسيس بيئة مرنة وفعّالة تسمح بتحقيق استقرار سياسي وأمني في ليبيا، مما يفتح المجال أمام بناء دولة موحدة ومستقرة على المدى الطويل.
وأخيرا: تدعو هذه الدراسة إلى رؤية شاملة متكاملة لإعادة بناء الدولة الليبية ترتكز على مصالح مشتركة تحقق استقراراً دائماً. يُعد هذا النهج المتوازن استجابة لتطلعات الشعب الليبي نحو الأمن والاستقرار، ويهيئ السبيل أمام دولة قادرة على تحقيق سيادة مستقلة ونمو مستدام، بما يحقق التوازن بين الاحتياجات الوطنية والمصالح الإقليمية.