منتديات الهجرة عبر المتوسط في ليبيا: بين الواقع والطموح
ورقــــة تحليليـــــة
المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية
واليوم ، مع وجود هذا الإتحاد الكونفدرالي ودائرة ارتباطاته وتحالفاته الإقليمية والدولية، أصبح بمقدور روسيا أن تلتقط ملف الهجرة الغير شرعية، وتستعمله كأحد أوراقها الرابحة في معادلة علاقاتها مع أوروبا وأمريكا، عبر تحالفها مع بعض دول المصدر ونفوذها المتصاعد في ” النيجر ومالي وبوركينا فاسو و أفريقيا الوسطى “، وكذلك دولة العبور ” ليبيا “، بهيمنة وسلطة حليفها المشير “خليفة حفتر” على مساحة واسعة من الأراضي الليبية في الشرق والجنوب، خصوصاً وأن عناصر روسية منتشرة في بعض القواعد العسكرية، كالجفرة وبراك الشاطئ وتمنهنت، وغيرها.
والسؤال الذي يطرح نفسه، هل ستسمح أوروبا المعنية بملف الهجرة الغير شرعية بمزيد من الاستفزاز الروسي لها من خلال تحريك حلفائها في المنطقة؟.
إن بازدياد معدلات تدفق المهاجرين من دول الساحل والصحراء الأفريقية إلى الدول الأوروبية عبر البحر المتوسط، تكون الدولة الروسية قد بدأت فعلياً في توظيف مكتسباتها الأخيرة، في إطار صراعها مع المعسكر الغربي. فمنذ أن نجحت في أن تقود “حركات التحرر ” في بعض الدول الأفريقية، عبر ذراعها الأمني والعسكري “مجموعة الفاغنر”، وهي تحاول التموضع في القارة وتشكيل نفوذ حقيقي يخدم استراتيجياتها، وقد نجحت بالفعل إلى هذه اللحظة في خلق حالة عدم استقرار أمني وسياسي في المنطقة عبر سياسات التمرد والانقلابات.
إن حالة عدم الاستقرار الحاصلة في منطقة الساحل والصحراء الأفريقية هي بمثابة صراع دولي، وتشبه إلى درجة كبيرة ما حدث بالحرب العالمية الأولى، حيث بدأت باجتياح بارد الى أن وصل لمرحلة المواجهة بين الكبار، وتحولت فيه الدول الصغيرة إلى ساحات مواجهة. وكما هو معلوم، فإن الهشاشة السيادية التي تعيشها ليبيا، مع حالة الاستقطاب الدولي، يجعل الكثيرين يتوقعون أن مستقبل الدولة الليبية والمنطقة محفوف بالمخاطر.
أخيراً، لا يمكن تأمين حلول حقيقية لقضية الهجرة الغير شرعية في الدولة الليبية بدون تجاوز حالة الانقسام السياسي وتأثيراتها الواضحة على الواقع والمعادلة الأمنية في ليبيا؛ فوجود أجهزة ومؤسسات متعددة في الشرق والغرب الليبي، تُعنى بنفس الموضوع وتتواصل مع الأطراف والمؤسسات والمنظمات الدولية لذات الموضوع، لن ينتج التفاعل الإقليمي والدولي المناسب للحد من معدلات التدفق، لعلمها بتداخل الصلاحيات والاختصاصات، وأثرها السلبي على كل السياسات والإجراءات المعدة لذلك.
يمكنكم تحميل النسخة الإلكترونية PDF (اضغط هنا)