المؤشرالمؤشر الليبي

المؤشــر العدد الثالث

 

المؤشــــر الأمنـــي والعسكــــري: العدد الثالـــث

مقدمة

يتناول المؤشر التطورات الأمنية والعسكرية وكل ما يرتبط بالأمن القومي الليبي بمفهومه الشامل، والذي لا يقتصر فقط على الجوانب العسكرية، وإنما أيضا ما يتماس من الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية مع صميم الأمن القومي الليبي.

وينقسم المؤشر لعدة محاور، تزيد أو تنقص حسب توافر الأحداث في كل عدد. وفي هذا العدد، شمل المؤشر تسعة محاور: الاحتجاجات والمطالب، التشكيلات المسلحة، الجرائم المنظمة وأمن الحدود، النفوذ العسكري

الإقليمي والدولي، جهود التسوية السياسية، العلاقات الدولية، ملفات خاصة، بالإضافة لمقال وشخصية العدد.

وفي ظل هذه المحاور، كانت هناك العديد من التطورات، فبالإضافة لاستمرار تداعيات كارثة درنة، سواء على مستوى الخسائر وكيفية تعامل السلطات واستمرار وصول المساعدات الدولية، برزت زيارة “خليفة حفتر” لروسيا، لما تحمله من أبعاد جيوسياسية هامة، لا ترتبط فقط بليبيا وإنما أيضا بالتوازنات الدولية والصراع بين روسيا والولايات المتحدة.

1.    الاحتاجات والمطالب

أجهزة الأمن شرق ليبيا تشن حملة اعتقالات بعد مظاهرات درنة

في 21 من سبتمبر 2023، نقلت “الجزيرة نت”، عن مصدر مطلع، أن الأجهزة الأمنية شرق ليبيا شنت حملة من الاعتقالات استهدفت ناشطين بمدينة درنة المنكوبة ممن شاركوا في المظاهرات التي شهدتها الأيام الماضية. وتظاهر المئات من المواطنين وسط مدينة درنة، في 16 سبتمبر الماضي، تعبيراً عن غضبهم من السلطات، وطالبوا بمحاسبة المسؤولين، منهم رئيس البرلمان “عقيلة صالح”. وأضاف المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته، أن الإعلامي “طه بوبيضة” قد تعرض لمحاولة اغتيال، وأن آليات مسلحة بها ملثمون قد حاصرت منزله بحثا عنه. وأضاف أن “بوبيضة” ذهب في اليوم ذاته إلى مقر الغرفة الأمنية بالمدينة للاستفسار عما يحدث، قبل أن يغادر المقر بعد بضع ساعات. وتابع هذا المصدر أن الأجهزة الأمنية حققت أيضا مع “مروان الدبياني”، رجل أعمال وصاحب أحد المنتجعات السياحية بالمدينة، قبل أن تخلي سراحه. وأكد أن الأجهزة الأمنية اعتقلت عددا من الناشطين ونقلتهم إلى مدينة بنغازي، من بينهم “جمال الحمر” و”صهيب الهنشير”، مشيراً أنه لا توجد معلومات عنهم حتى الآن.

وفي 20 سبتمبر، أيد 90 حزباً سياسياً مطالب أهالي مدينة درنة التي أعلنوها خلال المظاهرات. وأشادت هذه الأحزاب بالهبة الشعبية لدعم ومؤازرة المنكوبين بمدينة درنة، واعتبروها دليلاً على اللحمة الوطنية والترابط البعيد عن مظاهر الانقسام السياسي. وشددت الأحزاب على موقفها الثابت الداعي إلى ضرورة احترام إرادة أهالي مدينة درنة، الذين طالبوا بحقهم في إعادة تشكيل المجلس التسييري الجديد للبلدية، من أبناء المدينة المشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، بالإضافة لمطالبة المفوضية العليا للانتخابات بالإسراع في انتخاب المجلس البلدي الجديد للمدينة في أسرع وقت ممكن. كما شدد بيان الأحزاب السياسية على ضرورة احترام حق التظاهر السلمي، الذي يكفله الإعلان الدستوري، ويحميه القانون، ومطالبة الأجهزة الأمنية باحترامه.

قال نواب في البرلمان الليبي إن اقتصار توجيه اللوم لمجلس النواب، ورفع شعارات للمطالبة بإسقاطه دون غيره من المؤسسات الليبية، خلال مظاهرات أهالي درنة يثيران احتمالات وجود استهداف سياسي للبرلمان من قبل أطراف متعددة. بينما رفض عضو مجلس النواب “محمد عامر العباني”، وصف البعض للمظاهرات المطالبة بمعاقبة الجناة والمتورطين في الكارثة بـ”الفتنة”، مشدداً على أن “عدم المطالبة بذلك هو الفتنة ذاتها”.

تعبر حملة الاعتقالات التي شنتها السلطات في شرق ليبيا عن الطبيعة الأمنية لهذه السلطة، وهي بتلك الاعتقالات ترسل رسالة لخصومها في الغرب والخارج، بأنها لن تسمح لكارثة الإعصار بأن تكون سبباً في إحداث فراغ في السلطة أو خلل في القبضة الأمنية والعسكرية المفروضة على المكونات المدنية والتشكيلات العسكرية على حد سواء في المنطقة الشرقية. ولذلك لم تراعي تلك السلطات الظروف الاستثنائية للكارثة؛ لأنها ترى في هذه التظاهرات تهديد وجودي لها.

2.    التشكيلات المسلحة

الأمم المتحدة تكشف خطة حفتر لتعزيز النفوذ العسكري لأسرته

في 29 سبتمبر 2023، كشف تقرير خبراء الأمم المتحدة بشأن ليبيا، عن خطة للمشير “خليفة حفتر” خلال العام الماضي والحالي لتعزيز سيطرة أسرته على مفاصل قيادة قوات الشرق الليبي، وتوسيع دائرة نفوذها على الشأنين الاقتصادي والسياسي. وذكر التقرير، الذي يغطي الفترة من 25 إبريل 2022 إلى 17 يوليو 2023، جانباً من خطة حفتر التي اعتمدت على إقصاء العديد من الضباط والقيادات العسكرية وإحلال أبناءه محلهم. وأشار التقرير إلى عدد من الإجراءات والخطوات التي اتبعها حفتر منذ فشل حملته العسكرية على العاصمة طرابلس وانسحابه من محيطها في يونيو2020، من بينها تعيين أبنائه في المناصب العسكرية الأهم إلى أن وصلت خطته إلى مستويات متقدمة. وسمى التقرير ثلاثة من أنجال حفتر تولّوا مهام وصلاحيات مطلقة داخل القيادة العسكرية، وامتد نفوذهم إلى حد التأثير على الحياة السياسية والاجتماعية، وهم “خالد وبلقاسم وصدام”، إلا أن التقرير أكد أن الأخير أكثرهم نشاطاً ونفوذاً.

وعن ” خالد حفتر”، أكد التقرير أن والده أولاه قيادة اللواء 106 المعروف بحجمه العسكري الكبير، وضمّ إليه الكتيبة 115 مشاة التي يقودها “عبد الفتاح الناظوري”، نجل رئيس الأركان التابع لقيادة حفتر الفريق “عبد الرزاق الناظوري”، رغم معارضة الأخير ومحاولته حشد معارضة اجتماعية قبلية ، إلا أنه فشل في منع تنفيذ القرار. أما ” بلقاسم حفتر”، ألمح التقرير إلى أنّه سعى لتعزيز نفوذ أسرته داخل مجلس النواب والحكومة المكلفة من مجلس النواب، وضغط باتجاه ذلك للتأثير على المؤسسة السياسية من خلال شبكة من الشخصيات دفع بهم للسيطرة عملية صنع القرار السياسي، حتى إن العملية السياسية لم يعد بإمكانها أن تمضي دون موافقة بلقاسم.

وجاء الحظ الأكبر ضمن التقرير للحديث عن ” صدام حفتر”، بإعتباره أكثرهم أنجال حفتر نفوذاً وحركة في الاتجاهين العسكري والاقتصادي. فبالإضافة إلى أنه يقود اللواء طارق بن زياد ، وهي من أقوى التشكيلات المسلحة ، فإن صدام تمكن من بناء شبكة واسعة داخل قيادة والده العسكرية ، حتى بات الشخصية الرئيسية في أي حوار استراتيجي على صلة بوالده ، سواء على المستوى السياسي أو العسكري. وحول طبيعة القوات التي تتبع صدام ، أشار التقرير إلى أن عناصره المسلحة مزيج من المجموعات المسلحة النظامية، وأخرى من المقاتلين غير النظاميين بينهم كتيبة سلفية. ومن بين أهم القوات التي تخضع لسيطرته قوات الصاعقة، التي تمكن من نقل تبعيتها إليه بعد اغتيال القائد الميداني “محمود الورفلي”، في مارس 2021، والمطلوب للعدالة الدولية.

كما أفاد التقرير بأن قائد المجموعة 20:20 “علي المشاي”، من بين رجال صدام المهمين، والذي يتولى تنفيذ عمليات أمنية غير قانونية ، كالاعتقالات غير القانونية والاغتيالات بحق أي معارضة لسلطة حفتر، ومنهم الناشطين على وسائل التواصل الاجتماعي.

وبحسب التقرير، فقد توسع نفوذ صدام ليطول مكاسب اقتصادية واسعة ، من خلال إنشائه جهاز يعرف باسم ” جهاز طارق بن زياد للخدمات والإنتاج “، والذي يسيطر على تنفيذ عمليات في مجالات صيانة الطرق والمنشأت المدنية وفي مجال النظافة، ليس في بنغازي فقط بل في مدن أخرى كمدينة سبها جنوب البلاد، مشيراً إلى أن الجهاز من بين الجهات الرئيسية التي تقوم بدراسة الخطط المستقبلية لتطوير وتوسيع مدينة بنغازي.

وأكّد التقرير أن تلك القرارات عززت قبضة حفتر وأسرته على مفاصل الوحدات العسكرية التابعة لقياداته، وشكلت سداً أمام أي صعود محتمل لشخصية عسكرية خارج الدائرة المقربة من حفتر، مشيراً إلى أنه لم تعد هناك أي قوة عسكرية ذات نفوذ تعمل خارج سيطرة الدائرة المقربة من حفتر.

واشنطن تحض الليبيين على إنشاء جيش موحد

في 21 سبتمبر 2023، استبق ” مايكل لانجلي” قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا ( أفريكوم) ، و” ريتشارد نورلاند ” السفير والمبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا ، اجتماعهما المقرر مع المشير ” خليفة حفتر” في بنغازي، بالدعوة مجدداً لإنشاء حكومة موحدة في البلاد ، وتشكيل قوة عسكرية تضم طرفي الصراع العسكري في الشرق والغرب. وقال ” لانجلي” إنه ناقش مع ” محمد الحداد ” رئيس أركان القوات الموالية لحكومة الوحدة الوطنية ، كيف يمكن للجيش في الشرق والغرب أن يدعم بشكل مشترك جهود الإغاثة في المناطق المتضررة من الفيضانات ، وكيف يمكن للولايات المتحدة أن تساعد بهذا الخصوص. وأضاف: ” نحن متفقون على أن الجهود الرامية إلى إعادة توحيد الجيش الليبي، ومواصلة العمل على قوة مشتركة بين الشرق والغرب، هي ذات أهمية حيوية لضمان السلم والاستقرار اللذين يستحقهما الشعب الليبي”.

هناك عاملان مركزيان يعيقان عملية توحيد التشكيلات العسكرية في الشرق والغرب الليبيين في إطار جيش موحد: الأول : يرتبط بالشرق ، ومتمثل في تغول وسيطرة خليفة حفتر” وأبناءه على قيادة قوات الشرق بفرقها القتالية المختلفة، تجعل من إمكانية قبولهم تقديم تنازلات لأجل بناء جيش موحد مستبعدة.

الثاني : يرتبط بالغرب، وهو أنه، بخلاف الحال في الشرق، لا يوجد انضباط وسيطرة مركزية من حكومة الوحدة على التشكيلات العسكرية المتعددة في طرابلس، وإن كانت هناك محاولات لذلك، لكنها لم تصل مبتغاها حتى الآن.

3.    الجرائم المنظمة وأمن الحدود

مجلس الأمن يجدد تفويضاً للدول الأعضاء بشأن الهجرة والإتجار بالبشر قبالة سواحل ليبيا

في 29 سبتمبر 2023، تبنى مجلس الأمن الدولي القرار 2698، الذي يجدد لعام إضافي التفويض الممنوح للدول الأعضاء العاملة على المستوى الوطني أو من خلال المنظمات الإقليمية، لتفتيش ومصادرة السفن المشتبهة بتهريب المهاجرين أو الإتجار بالبشر في البحار أو قبالة سواحل ليبيا. وكان مجلس الأمن قد تبنى التفويض لأول مرة من خلال القرار 2240 في أكتوبر لعام 2015. وجرى تجديده عدة مرات منذ ذلك الحين وبشكل سنوي، آخرها سبتمبر العام الماضي. وحصل القرار على تأييد 14 دولة مع امتناع روسيا عن التصويت ، وصاغت كل من مالطا وفرنسا مشروع القرار، وهما الدولتان الحاملتان لقلم الملف في مجلس الأمن.

وكانت المنظمة الدولية للهجرة قد قالت ، في تقريرها أمام مجلس الأمن في اجتماع 28 سبتمبر، إن هناك أكثر من 2778 شخصاً لقوا حتفهم أو فُقدوا منذ بداية العام ، خلال محاولاتهم مغادرة القارة الأفريقية عبر المتوسط إلى أوروبا. وقال مدير مكتب المنظمة لدى الأمم المتحدة ” بار ليكرت “، أن أكثر من 187 ألف شخص عبروا البحر الأبيض المتوسط بحثاً عن مستقبل أفضل.

بدورها ، قدمت مديرة مكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في نيويورك ” روفن مينيكديويلا “، خلال إحاطتها أمام المجلس إحصائيات في تونس وليبيا والجزائر، مشيرةً أن أكثر من 45 ألف حاولوا العبور من ليبيا نحو أوروبا عابرين البحر المتوسط. وأشارت إلى إنقاذ أو اعتراض أكثر من 10 آلاف مهاجر في ليبيا.

وفي ذات السياق، أعلن المكتب الإعلامي لقوات شرق ليبيا إنقاذ 110 مهاجرين غير شرعيين في شرق العاصمة طرابلس. مؤكداً إنزالهم في نقطة الإنزال بقاعدة الخمس البحرية، وتسليمهم إلى الجهات المختصة بعد تقديم الدعم والمساعدة لهم. وتعد ليبيا إحدى دول العبور في أفريقيا، حيث يقصدها مهاجرون من دول أفريقية وعربية بغية الهجرة

عبر البحر إلى أوروبا عن طريق عصابات تخصصت في هذا المجال، مستغلةً الوضع الأمني والسياسي غير المستقر في البلاد منذ عام 2011.

يعد هذا الملف من أهم الملفات الخطيرة والتي تُعلي من قيمة “خليفة حفتر” عند الدول الأوروبية ، إذ أنه بقدرته على توحيد وضبط التشكيلات العسكرية في الشرق الليبي ، ومن ثم قدرته على إحداث استقرار أمني في ليبيا، يجعلها بيئة غير مناسبة لتهريب اللاجئين ، فضلاً عن قدرته على السيطرة وضبط الحدود الجنوبية وأجزاء من الحدود الشمالية، فإن ذلك يجعل حفتر الشخص المناسب بالنسبة للدول الأوروبية في ضبط ملف الهجرة غير الشرعية نحو بلادهم.

4.    النفوذ العسكري الإقليمي والدولي

حفتر يبحث مع بوتين ووزير دفاعه عن شراكة عسكرية معلنة ومصير الفاغنر

في 26 سبتمبر 2023، وصل “خليفة حفتر” قائد قوات الشرق الليبي إلى روسيا، لبحث الأوضاع في بلاده والعلاقات الثنائية، واستقبله نائب وزير الدفاع “يونس بك يفكيروف”، الذي سبق وأن زار مراراً الشرق الليبي للقاء حفتر. ويعود آخر لقاء جمع الرجلين إلى 17 سبتمبر الماضي، وجرى في بنغازي، بعد أيام قليلة من إعصار “دانيال”. وفي 28 سبتمبر، أعلن الكرملين عن لقاء جمع الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” ووزير دفاعه “سيرغي شويغو” في موسكو، مع خليفة حفتر. وأعلن المتحدث باسم الكرملين “ديمتري بيسكوف”، أن بوتين وحفتر ناقشا الوضع في ليبيا والمنطقة، وهو اللقاء الأول بين الرجلين منذ عام 2019.

وقد كشفت مصادر ليبية متطابقة، مقربة من قيادة حفتر ومجلس النواب، أن المباحثات الجارية حالياً ترتبط مباشرة بالتعاون العسكري بين الجانبين. كما أشارت المصادر بأن حفتر طلب من موسكو ترقية العلاقة بينهما إلى مستوى توقيع اتفاق دفاعي وأمني على غرار اتفاق أنقرة مع طرابلس، ليتمكن “حفتر” من الحصول على المزيد من المعدات العسكرية، كمنظومات الدفاع الجوي الروسية وطائرات مسيّرة وإقامة ورش متقدمة لصيانة عتاد تشكيلاته العسكرية، باعتبار أن السلاح الليبي روسي الصنع. ووفقاً لذات المصادر، فإن موسكو استدعت حفتر بعد أن كرر طلبه في

أثناء زيارتي يفكيروف لبنغازي، في أغسطس الماضي والأسبوع قبل الماضي، لكن المصادر أكدت أن المباحثات لا تزال في أولها، حيث لا تزال موسكو غير راغبة في إعلان وجودها العسكري في ليبيا رسمياً، من خلال  توقيع أي اتفاق رسمي ومعلن.

ويضيف أحد المصادر، وهو مسؤول مقرب من لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب، إن حفتر ناقش في السابق مع “يفكيروف” الضغوط الواقعة عليه من جانب واشنطن وعواصم غربية بشأن ضرورة تخليه عن علاقته بمجموعة “فاغنر”، لكن في الحقيقة لم تكن شكوى حفتر سوى محاولة للضغط للحصول على دعم عسكري ورسمي روسي يرجع له مكانته التي فقدتها منذ سنوات. وأكد المصدر أن حفتر أبلغ المسؤولين الروس عدم رغبته في الاستمرار في التحالف العسكري غير المعلن، أو تفكير روسيا في إدارة تركة “فاغنر” في ليبيا باتصالات شبه رسمية، كذلك فإنه تعهد بمنح الاتفاق شرعية من خلال مجلس النواب والعمل من خلال كوادر الحكومة التابعة لمجلس النواب.

كما يرى مراقبون أن الزيارة تأتي في إطار مناقشات جدية تتعلق برغبة “حفتر” في إخراج  مقاتلي مجموعة فاغنر من ليبيا، حيث أصبحت تشكل تهديداً له في الشرق الليبي، خاصة مع ما يتعرض له من ضغوطات من عدد كبير من الدول، في مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية. ويرى مراقبون بأنه طالما لم تسحب تركيا وقوات أجنبية أخرى قواتها من الجهة المقابلة، أي من طرابلس، فإن بوتين لن ينهي مهام فاغنر في الشرق الليبي. ما يعقد من موقف حفتر هو أنه كان قد طلب الدعم العسكري من العديد من الدول الغربية في حربه ضد الإرهاب، لكن من دون جدوى، ما جعله يتوجه إلى روسيا في نهاية المطاف.

ويحمل توقيت الزيارة دلالات، خصوصا وأنها تأتي مباشرة بعد زيارة قام بها قبل أيام إلى بنغازي الجنرال “مايكل لانغلي” قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، وركزت على دفع حفتر نحو تقليص وجود الفاغنر، بالإضافة لملفي النفط وإعادة إعمار درنة. ولم تستبعد مصادر أن يكون حفتر نقل إلى الجانب الروسي تفاصيل لقائه مع الوفد الأميركي. كما يعد هذا الملف رئيسياً على طاولة المحادثات الروسية – الليبية، خصوصاً في إطار سعي وزارة الدفاع الروسية إلى ترتيب وضع الفاغنر في أفريقيا عموماً، بعد مقتل زعيمها “يفغيني بريغوجين”. وكان يفكوروف، الذي تم تكليفه بمهمة إعادة ترتيب العلاقة مع هذه المجموعة، قد قام بجولة أفريقية مهمة الشهر الماضي،

حملته إلى مالي وبوركينا فاسو والنيجر وليبيا. وقد قدم تطمينات في البلدان التي زارها بأن نشاط المجموعة في المهام الأمنية والعسكرية الموكلة إليها سوف يتواصل، ولكنه سيكون تحت إشراف مباشر من وزارة الدفاع.

ويُعد “حفتر” حليف روسيا في ليبيا، إذ تنامت العلاقات بين الطرفين منذ عام 2017، عندما رست حاملة الطائرات الروسية “الأميرال كوزنتسوف” قبالة شواطئ بنغازي، وظهر حفتر على متنها. لاحقاً، استقبلت موسكو حفتر مرتين، في نوفمبر 2018، وفبراير 2020، والتقى مسؤولَين رفيعَي المستوى، هما وزير الدفاع “سيرغي شويغو”، ووزير الخارجية “سيرغي لافروف”.

وعلى الرغم من تأكيدها مراراً وقوفها على مسافة واحد من أطراف الصراع الليبي، وإعلانها في مارس الماضي، إعادة فتح سفارتها في طرابلس، ورغبتها في دعم خيار الحوار بين الأطراف المتصارعة، وصولاً إلى الانتخابات، قدمت موسكو دعماً عسكرياً مباشراً لحفتر، منذ حملته العسكرية الفاشلة على العاصمة طرابلس، خلال عامي 2019 و2020، من خلال مجموعات فاغنر والتي انسحبت إلى مدينة سرت وسط شماليّ البلاد، قبل أن تتمركز في نقاط عسكرية استراتيجية، ولا سيما في قاعدة الجفرة وسط الجنوب، وقاعدة الخروبة المحاذية لقاعدة الرجمة، المقر العسكري لحفتر في شرق البلاد، بالإضافة إلى وجودها في العديد من المناطق في الجنوب الليبي. ولا يتعدى عدد أفراد “فاغنر” في ليبيا ألف مقاتل، بعدما توجه قسم من المجموعة إلى مالي وآخر إلى أوكرانيا للقتال إلى جانب القوات الروسية.

وفي ضوء هذه الزيارة وما انبثق عنها من معلومات وتحليلات، يمكن استخلاص الآتي:

  • من غير المرجح إخراج مقاتلي فاغنر على المدى القريب من ليبيا، وفي الوقت الذي ستسحب فيه روسيا “الغاغنر” غالبا سيكون فقط لأجل الإحلال محلها بشكل مباشر عبر القوات الروسية الرسمية. إذ أن “الفاغنر” هي الورقة الوحيدة التي يمتلكها بوتين في الملف الليبي، بما تمثله ليبيا من أهمية جيوسياسية، إذ أولا توفر له موطأ قدم في المياه الدافئة، وثانياً تعد قاعدة انطلاق للتحركات الروسية في العمق الأفريقي، وثالثا ما تحتويه ليبيا من نفط وغاز، وأهمية التحكم الروسي في هذا الملف في مواجهة خصومها الغربيين.
  • لا يبدو أنه سيكون هناك إعلان عن تحالف استراتيجي عسكري معلن ورسمي بين روسيا وقوات شرق ليبيا في المدى القريب، بما يتضمن تواجد عسكري روسي مباشر ورسمي في ليبيا وعقد اتفاقيات عسكرية وتسليم صفقات أسلحة استراتيجية: أولاً، لأن الولايات المتحدة ستسعى لعرقلة ذلك، معتمدةً على العلاقة التاريخية

التي تربطها بـ”حفتر”. فهي وإن كانت لا تضع ليبيا ضمن أولويات سياستها الخارجية، ولم تكن حليفا استراتيجياً لها من قبل في منطقة الشرق الأوسط، لكنها لن تسلمها بشكل كامل لروسيا، خاصة وأن الروس من الممكن أن يستخدموا ملف الهجرة غير الشرعية في ليبيا كورقة ضغط في مواجهة حلفاء الولايات المتحدة الأوروبيين. ثانياً، رغبة بوتين في الاكتفاء مرحلياً بالتواجد الغير مباشر والغير رسمي عبر مجموعة فاغنر؛ لكون عدم وجود حكومة موحدة تضمن استمرار هذا التحالف وهذا الوجود العسكري، ولضبابية مستقبل “حفتر” في الترتيبات السياسية المستقبلية في ليبيا، فليس من الحكمة ربط مصالح قوة دولية بشخص مهما كانت قوته، ولأن حكومة الغرب هي المعترف بها دولياً، كما هناك رغبة روسية في عدم قطع روابطها مع الغرب الليبي.

5.    جهود  التسوية السياسية

رغم كارثة الإعصار باتيلي يلتقي مسؤولين أوروبيين ومحليين لتسريع الحل السياسي

في 21 سبتمبر 2023، عقد ممثلو 11 دولة والمبعوث الأممي إلي ليبيا “عبدالله باتيلي”، مشاورات غير رسمية على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وذكرت وزارة الخارجية الأمريكية، أن ممثلين عن الجزائر ومصر وفرنسا وألمانيا وإيطاليا والمغرب وقطر وتركيا والإمارات وبريطانيا والأمم المتحدة والولايات المتحدة عقدوا مشاورات غير رسمية بمشاركة “عبد الله بايلي”، تناولت تعزيز التوافق السياسي اللازم لإنجاح الانتخابات الليبية، والفيضانات التي اجتاحت شرق البلاد. وأكدت مساعدة وزير الخارجية الأمريكي “باربرا أ. ليف”، خلال اللقاء على الحاجة إلى التزام دولي متجدد لدفع العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة. ودعت إلى استكمال مشروع قانون الانتخابات ودعم جهود “باتيلي” لعقد اجتماع مع أصحاب المصلحة الليبيين الرئيسيين بغرض تحفيز المسار الانتخابي من خلال اتفاق سياسي.

وفي 26 سبتمبر، عقد “عبد الله باتيلي”، بمقر البعثة الأممية في طرابلس، اجتماعًا وصفه بـ”البناء” مع أعضاء اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 عن المنطقة الغربية. وقال باتيلي، إنه استمع إلى بواعث قلق الأعضاء بشأن استمرار

الانسداد السياسي وتداعياته المحتملة على المسار الأمني، وخاصة في أعقاب مأساة درنة. وشجعهم المبعوث الأممي على مواصلة العمل عن كثب مع زملائهم من الشرق من أجل التنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار، والمساهمة في خلق بيئة مواتية لإعادة الإعمار والسلام والاستقرار في ليبيا.

وفي 28 سبتمبر، دعا “عبد الله باتيلي” الاتحاد الأوروبي والشركاء الدوليين للحديث “بصوت واحد” لدعم العملية السياسية في ليبيا. جاء ذلك خلال لقاءه الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية “جوزيب بوريل”، في العاصمة البلجيكية بروكسل. ودعا “باتيلي” إلى إجراء انتخابات شاملة لإضفاء الشرعية على المؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية وإعادة توحيدها. وتشهد ليبيا أزمة سياسية تتمثل في صراع على السلطة بين حكومة عينها مجلس النواب مطلع العام الماضي برئاسة “أسامة حماد”، وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة “عبد الحميد الدبيبة”، الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة يعينها برلمان جديد منتخب. ولحل تلك المعضلة تتواصل جهود ليبية وأممية للوصول إلى تلك الانتخابات العام الجاري، إضافة لتسيير البعثة الأممية في البلاد حواراً عسكرياً يهدف لتوحيد المؤسسة العسكرية.

وفي 29 سبتمبر، نبهت هولندا وسويسرا وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، إلى أن الوضع القائم والمتمثل في استمرار الانقسام السياسي والمؤسسي، وغياب المساءلة عن المقدرات والموارد الوطنية، لا يمكن أن يستمر، جاء ذلك في بيان صادر عن الرؤساء المشاركين. وأعتبر البيان أن الليبيين تعرضوا للخذلان بسبب العجز الحاد في الحوكمة في ليبيا، وأنهم يطالبون اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، بوحدة الصف وبقيادة أخلاقية تضع حقوق الإنسان وكرامة الشعب في المقام الأول، مبينا أن مأساة بحجم كارثة درنة لابد أن تكون حافزاً لإنهاء الجمود السياسي. وقد أصبح صوت الدعوات إلى التغيير مسموعاً في جميع أنحاء البلاد ويزداد صداهُ ارتفاعاً.

رئيس البرلمان يبحث تشكيل حكومة ليبية جديدة

في 26 سبتمبر 2023، ناقش رئيس مجلس النواب الليبي “عقيلة صالح”، بمكتبه في مدينة القبة، مع وفد من مدينة مصراتة مستجدات الأوضاع في أنحاء البلاد كافة على مختلف الأصعدة، والجهود المبذولة لإنهاء المرحلة الراهنة، عبر تشكيل حكومة موحدة على كامل التراب الليبي، توصل لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في أقرب الآجال.  ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر، أن “صالح” يسعى لفتح قنوات تواصل مع القيادات الفاعلة في مصراتة، مسقط رأس الدبيبة، بهدف الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة لإجراء الانتخابات المؤجلة.وفي 29 سبتمبر، استبق “عقيلة صالح” توافقاً وشيكاً للجنة 6+6، التي تضم أعضاء من مجلسي النواب والدولة، حول حسم كل النقاط الخلافية بشأن القوانين الانتخابية، للمطالبة بـتشكيل حكومة واحدة تشرف وتُجهز للانتخابات المؤجلة، ورأى أنه حان الوقت لانتخاب رئيس لليبيا، وتكوين حكومة واحدة مصغرة. وقال “صالح” في تصريحات تلفزيونية،: “نحن على تواصل مع عبد الله باتيلي، رئيس بعثة الأمم المتحدة، ونكاد نكون متفقين على أنه بعد صدور القوانين، لا بد من تشكيل حكومة موحدة”. ودعا أعضاء مجلس النواب لإعطاء الثقة لرئيس الوزراء المقبل على أساس برنامجه.

وفي ذات السياق، في 29 سبتمبر، قال عضو المجلس الأعلى للدولة “سعد بن شرادة”، إن لجنة مجلس الدولة 6+6 أكملت أعمالها وسلمت لمجلس النواب نسخة من القوانين الانتخابية، بعد الأخذ في الاعتبار ملاحظات المفوضية العليا للانتخابات. “بن شرادة” وفي تصريحات خاصة لشبكة “لام”، أوضح أن التسليم لمجلس النواب تم حسب التعديل 13 الذي ينص على أن تسلم القوانين لرئيس مجلس النواب لاعتمادها ونشرها في الجريدة الرسمية. وأكد أنه لم يتم تحديد موعد للاعتماد النهائي للقوانين الانتخابية.

أخيراً يبدو أن إعصار “دانيال” وتداعياته لن تتوقف عند خسائره البشرية والمادية، بل ستمتد لتؤثر على المشهد السياسي برمته، وبالأخص ما يتعلق بتأجيل إجراء الانتخابات وتشكيل حكومة مؤقتة لتدير هذه العملية.

6.    العلاقات الدولية

الطرابلسي يبحث في روما سبل دعم التعاون الأمني بين البلدين

في 28 سبتمبر 2023، بحث وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية “عماد الطرابلسي” مع نظيره الإيطالي، في العاصمة الإيطالية روما، سبل دعم التعاون الأمني بين البلدين خاصة في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية. وكان “الطرابلسي” قد وصل في وقت سابق إلى روما للمشاركة في فعاليات المؤتمر الدولي لإحياء الذكرى العشرين لدخول اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية حيز النفاذ والذي سيعقد في مدينة باليرمو بمشاركة أكثر من 168 دولة.

وفي 29 سبتمبر، وقعت وزيرة العدل “حليمة البوسيفي” ونظيرها الإيطالي “كارلو نورديو” اتفاقية لتبادل السجناء المحكومين بعقوبات سالبة للحرية بين الدولتين، وذلك على هامش مشاركتهما في المؤتمر الدولي لإحياء الذكرى العشرين لدخول اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة حيز التنفيذ. ووفقا لمنصة “حكومتنا”، حضر مراسم التوقيع كل من “عماد الطرابلسي” ومدير إدارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بديوان رئاسة الوزراء “الطاهر الباعور”. وتنص الاتفاقية على تبادل السجناء الليبيين والإيطاليين المحكوم عليهم بعقوبات سالبة للحرية، وذلك وفق شروط وأحكام الاتفاقية. وتهدف الاتفاقية إلى تعزيز التعاون القضائي بين البلدين، وإعادة تأهيل واستقرار السجناء المحكوم عليهم، وإدماجهم داخل مجتمعهم.

7.    ملفات خاصة

تضارب في البيانات الرسمية بخصوص ضحايا الإعصار

في 23 سبتمبر 2023، أعلن المتحدث باسم اللجنة العليا للطوارئ التابعة للحكومة المكلفة من البرلمان في شرق ليبيا ” محمد الجارح”، خلال مؤتمر صحفي، ارتفاع حصيلة ضحايا إعصار ” دانيال” إلى 3845 حالة وفاة، وفقا للأرقام الموثقة والمسجّلة لدى وزارة الصحة بحكومة الشرق. وعدّد “الجارح” أسباب تأخر إصدار بيانات نهائية بخصوص الوفيات، ومنها “عدم وجود منظومة واحدة لحصر الجثامين ومن ثم دفنها، فضلا عن دفن بعض المتوفين دون التعرف عليهم”. بينما أعلنت حكومة الوحدة الوطنية ومقرها طرابلس قبلها بثلاثة أيام مصرع أكثر من 6 آلاف شخص في المناطق الشرقية. وفي إحصائية أخرى، أفاد ” أحمد المسماري” الناطق باسم قوات شرق ليبيا، في 27 سبتمبر،  بأن العدد الإجمالي للجثامين المكتشفة في مدينة درنة بلغ حتى الآن 4120 قتيلاً. ولا يبدو أن هذه الأرقام الرسمية تعبر عن العدد الحقيقي للضحايا، خاصة وأن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، أعلن في 17 سبتمبر، أن حصيلة الفيضانات ارتفعت الى 11,300 قتيل و10,100 مفقود.

وفي 21 سبتمبر، كشفت “اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان” بليبيا عن أن إجمالي عدد الضحايا من المهاجرين والعمالة الوافدة اللذين كانوا متواجدين بمدينة درنة عند وقوع الفيضانات بلغ 333 شخصاً. وقالت اللجنة إن عداد الضحايا من الجنسية المصرية بلغ 145، بينما بلغ عدد الضحايا من الجنسية السودانية 124، وعدد الضحايا السوريين بلغ 46. في حين أعلنت وزارة الخارجية الفلسطينية عن وفاة 64 فلسطينياً، وأكثر من    10 مفقودين.

وفي 23 سبتمبر، أعلن “أحمد المسماري” عن مقتل 94 فرداً من قوات شرق ليبيا أثناء مشاركتهم في عمليات المساعدة والإنقاذ لأهالي مدينة درنة. وفي 25 سبتمبر، أعلن وزير الصحة بحكومة الشرق الليبي “عثمان عبدالجليل”، فقدان 101 عنصر طبي جراء الإعصار في مدينة درنة وضواحيها. وفي 28 سبتمبر، أكد مراقب تعليم بلدية درنة

“عبدالحميد حماد”، فقدهم جراء الفيضانات 300 معلم ومعلمة، في حين يقدر عدد الطلاب المفقودين بالآلاف بين رياض أطفال وتعليم أساسي وثانوي وجامعي.

مخاوف من أزمة غذائية في شرق ليبيا بسبب إعصار دانيال

في 25 سبتمبر 2023، قال مدير إدارة الثروة الحيوانية بمنطقة الجبل الأخضر ” صالح سليمان”، إن التقديرات المبدئية تشير إلى أن أكثر من 40% من الثروة الحيوانية في بلدية الجبل الأخضر من أغنام وأبقار وإبل ودواجن قد نفقت وتضررت حظائرها بسب الإعصار. ولذلك يتخوف الكثير من الليبيين من حدوث أزمة غذائية في ليبيا، خاصةً وأن الإعصار دمر نحو 85% من الأراضي الزراعية. يذكر أن المنطقة الشرقية تشكل 40% من إنتاج لبيا من الثروة الحيوانية، معظمها في منطقة الجبل الأخضر. كما تعد المنطقة الشرقية بمثابة مزرعة ليبيا، خاصة في الحبوب، حيث تنتج المنطقة المنكوبة 23 في المائة من إنتاج البلاد من القمح والشعير. كما أن الخسائر التي لحقت بالخضروات والفواكه والحيوانات سوف يكون لها تأثير على الأسعار في مختلف أنحاء ليبيا.

حكومة الوحدة تعلن إنشاء جسر يربط شطري درنة وخطة لإنشاء 3 سدود في المدينة

في 22 سبتمبر 2023، أعلن رئيس حكومة الوحدة الوطنية “عبد الحميد الدبيبة “، استكمال المرحلة الأخيرة من إنشاء جسر مؤقت لربط شطري مدينة درنة التي قسمتها الفيضانات إلى نصفين. وفي 25 سبتمبر، قال مدير إدارة السدود بوزارة الموارد المالية في حكومة الوحدة الوطنية “عمر المغربي”، في تصريحات لـ”العربي الجديد”، إن هناك 3 سدود سيتم إنشاؤها خلال الفترة المقبلة، مؤكداً أن شركات سيتم التعاقد معها لبناء السدود الجديدة من دون الإفصاح عنها أو تحديد تكلفتها. وأضاف ” المغربي”، أن هناك سببين لانهيار سدّي درنة، الأول عدم وجود ميزانيات

كافية خلال السنوات الماضية، والثاني يتعلق بالشق الفني، وهو عدم عودة الشركة الأجنبية المنفذة للسدين إلى ممارسة عملها في ليبيا. وفي 28 سبتمبر، وجه “الدبيبة” بمنح مصلحة المرافق التعليمية الإذن بالتعاقد لصيانة عدد من المدارس، عبر تخصيص 92 مليونا و800 ألف دينار لصيانة 117 مدرسة ومرفق تعليمي في 15 مدينة.

كما استمر ” الدبيبة ” في عقد لقاءات مع مسؤولين محليين وأجنبيين؛ من أجل إنهاء كارثة درنة. ففي 22 سبتمبر، التقى الدبيبة، في ديوان رئاسة الوزراء في العاصمة طرابلس، بـ”عبد الله اللافي” نائب رئيس المجلس الرئاسي، و”محمد تكالة “ ورئيس المجلس الأعلى للدولة، حيث بحث المجتمعون سبل توحيد جهود مواجهة الأزمة الإنسانية بالمناطق المنكوبة شرقي البلاد، وفي مقدمتها مدينة درنة الأكثر تضررا من الفيضانات. وفي 24 سبتمبر، بحث “الدبيبة ” مع المديرة الإقليمية لـ”يونيسف” في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ” أديل خضر”، تفعيل نظام المسح الإحصائي للأطفال وتنسيق الجهود ودعم مناطق شرق البلاد المنكوبة جراء الفيضانات.

وفي 26 سبتمبر، ناقش رئيس حكومة الوحدة الوطنية مع المبعوث الأممي إلى ليبيا “عبدالله باتيلي”، آلية تنسيق الجهود الدولية والأممية لمعالجة الأوضاع في كافة المناطق المتضررة بالفيضانات شرقي البلاد.

اللقاء حضره رئيس الفريق الحكومي للطوارئ والاستجابة السريعة وزير الحكم المحلي “بدر الدين التومي”، ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء “عادل جمعة “، ووزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية ” وليد اللافي”، وعضو الفريق الحكومي ” محمد حمودة “.

رئيس جهاز الاستخبارات في غرب ليبيا يتفقد درنة برفقة نجل حفتر

في 25 سبتمبر 2023، قال مصدر مقرب من المشير ” خليفة حفتر” قائد قوات الشرق الليبي، لـ” الشرق الأوسط”، إن “حسين العائب” رئيس جهاز الاستخبارات الليبية التابع لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة “عبد الحميد الدبيبة”، والموجود منذ بضعة أيام في بنغازي بشرق البلاد، تفقد مدينة درنة مؤخراً برفقة العميد “صدام حفتر” قائد القوات الخاصة في قوات الشرق الليبي. لكن المصدر، الذي طلب عدم كشف اسمه، نفى اجتماع حفتر مع العائب، لافتاً إلى أن زيارة الأخير إلى درنة، “تمت بموافقة الجميع، بما في ذلك حكومة الدبيبة”، التي رفض الناطق باسمها التعليق على هذه المعلومات.

يمكن قراءة هذه الزيارة في سياق قدرة “عبد الحميد الدبيبة” في الفترة الأخيرة على إدارته لسياسة بناء التحالفات محلياً وإقليمياً ودولياً، والتي دفعته لعقد  لقاءات واتصالات، غير معلنه في معضمها، لحكومته مع أبناء خليفة حفتر، للوصول إلى قدر من التفاهمات في إدارة بعض ملفات الدولة، والتي كان أبرزها ملف المؤسسة الوطنية للنفط والشركات التابعة لها. وبالتالي هناك رصيد سابق سمح لرئيس جهاز الاستخبارات التابع لحكومة الدبيبة في القيام بهذه الزيارة، والذي لا يُستبعد أن يكون هو أحد من خُولوا بعقد الاتصالات السابقة مع أبناء حفتر.

حماد يتجول في درنة رفقة السفير التركي ويصرف تعويضات للمتضررين

في 21 سبتمبر 2023، أجرى رئيس حكومة الشرق المكلفة من البرلمان، رئيس لجنة الطوارئ والاستجابة السريعة “أسامة حماد”، رفقة نائبه “سالم الزادمة”، ووزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء “محمد فرحات”، ووزير الداخلية اللواء “عصام أبو زريبة “، والسفير التركي لدى ليبيا “كنعان يلماز”، جولة اِستطلاعية في مدينة درنة المنكوبة للوقوف على حجم الأَضرار التي لحقت بالمدينة جراء الإعصار الذي ضربها قبل أسبوع، بالإضافة إلى زيارة المستشفى الميداني التركي الذي أنشأته الحكومة التركية لتقديم المساعدة لضحايا الإِعصار.

وفي 23 سبتمر، منح “حماد” صفة ” مكفول الدولة “ لكل طفل ليبي فقد ذويه خلال الإعصار، جاء ذلك وفق قرار أصدره ونشرته حكومته عبر حسابها الرسمي على فيسبوك. ونص قرار “حماد” وفق مادته الأولى أنه يمنح كل طفل حامل للجنسية الليبية فقد عائلته جراء إعصار دانيال صفة “مكفول الدولة”. أما المادة الثانية من القرار، فنصت على أن تتكفل الدولة بتوفير الرعاية الاجتماعية والصحية والدعم النفسي لهؤلاء الأطفال، وتشمل هذه الرعاية صرف نفقة شهرية وتوفير سكن والتكفل بالمصاريف الدراسية ومصروفات العلاج. كما نص القرار في مادته الثالثة على أن تُشكل لجنة مختصة تتولى إحصاء الأطفال المشمولين بأحكام القرار.

وفي 29 سبتمبر، عقد وكيل عام وزارة الحكم المحلي بحكومة ” حماد ” ورئيس لجنة الحصر والتعويضات “أبوبكر أمصادف”، رفقة وكيل وزارة الداخلية “فرج أقعيم”، ورئيس جهاز الحرس البلدي اللواء “توفيق المسماري”، اجتماعاً مع عمداء 14 بلدية من أصل 17 بلدية متضررة من العاصفة المتوسطية “دانيال”. وتم خلال الاجتماع تسليم استمارات حصر الأضرار إلى رئيس لجنة الحصر والتعويضات، وفي المقابل تم تسليم صكوك التعويضات إلى عمداء البلديات، على أن يتم تسليمها لكل مواطن متضرر عن طريق اللجنة المشكلة داخل البلدية وفق الآلية المعتمدة للتعويض.

وأشارت الحكومة إلى أنه سيتم تعويض كل المواطنين المتضررين بداية من مطلع الأسبوع القادم ، حيث طالبت اللجنة جميع المتضررين بمراجعة البلديات كل في نطاق بلديته، مؤكدة بأنه سيتم مراقبة اللجنة المشكلة من البلدية لدفع التعويضات عن طريق اللجنة المشكلة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 73 لسنة 2023، ورفع تقرير أسبوعي

بنتائج أعمالها إلى رئيس مجلس الوزراء. وقال ” فرج قائم” نائب وزير داخلية هذه الحكومة، إنه سيتم منح 100 ألف دينار ليبي (19 ألف يورو) للسكان الذين دمرت الفيضانات منازلهم بالكامل. وأضاف أن الذين دُمرت منازلهم جزئياً سيحصلون على 50 ألف دينار، فيما تم تخصيص 20 ألف دينار للسكان الذي فقدوا أثاثهم وأجهزتهم المنزلية بسبب ارتفاع منسوب المياه.

قرار حماد بتشكيل لجنة عليا للطوارئ قبل الكارثة بـ3 أيام يُحمل حكومته المسؤلية الأكبر

أصدر ” أسامة حماد ” رئيس حكومة الشرق الليبي المكلفة من البرلمان، قبل ثلاثة أيام من حدوث الكارثة، قراراً  من أجل مواجهة إعصار ” دانيال”، الذي كان متوقع وصوله آنذاك إلى ليبيا. حمل القرار رقم 7 لسنة 2023، ويقضي بتشكيل “لجنة عليا للطوارئ والاستجابة السريعة” بتاريخ 7 سبتمبر 2023؛ لتشرف على كل الإجراءات اللازمة للتعاطي مع الإعصار. وبالتالي، فإن هذه اللجنة هي المخولة لإدارة ملف إعصار “دانيال” واحتواء تداعياته. وطبقاً للمادة (1) من القرار، تضم اللجنة رئيس مجلس الوزراء كرئيس للجنة، وعضوية كل من: وزراء الداخلية والصحة والموارد المائية والحكم المحلي والأشغال العامة والكهرباء والطيران ووزير الدولة لشؤون رئيس الحكومة بالإضافة لمستشار الأمن القومي لرئيس مجلس الوزراء ورئيس لجنة إعادة الإعمار ومندوب عن النيابة العامة ومندوب عن جهاز المخابرات العامة ورئيس غرفة عمليات القوات البرية بـ”القيادة العامة” ورئيس أركان الوحدات الأمنية بـ”القيادة العامة” ورئيس جهاز الأمن الداخلي. وتنص المادة (2) على أن اللجنة تتولى إعلان حالة الطوارئ واتخاذ الاستعدادات القصوى لأية تداعيات طارئة قد تحدث، وفقاً للتوقعات الجوية المعلن عنها آنذاك. ويناط باللجنة اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة والعاجلة بحسب ما قد تتطور إليه الأوضاع، ولها استخدام كافة الإمكانات وإصدار التعليمات اللازمة حفاظاً على أمن وسلامة المواطن، على أن تكون اللجنة في حالة انعقاد دائم طوال أيام الأزمة. ونص القرار على اعتبار سريان عمل اللجنة من تاريخ صدوره.

هناك عدة ملاحظات يمكن رصدها من خلال القراءة الأولية لنصوص هذا القرار:

أولاً، تنصيب رئيس الوزراء في حكومة الشرق الليبي “أسامة حماد” نفسه كرئيس للجنة، ومن ثم تصديه بشكل خاص لتحمل مسؤولية إدارة أزمة الإعصار. ثانياً، غياب عمداء البلديات التي تقع تحت طائلة الإعصار ومصلحة الجسور والطرق عن عضوية اللجنة، وهو سوء تقدير للموقف من قبل الحكومة، التي غاب عن حساباتها احتمالية أن تشمل التداعيات انهيار بعض السدود في المنطقة، فضلاً عن الجسور والطرق. ثالثاً، وجود أبناء “خليفة حفتر” في اللجنة المشكلة بصفات مختلفة، والذي يعبر عن مدى تغلغل حفتر وأبناءه في بنية السلطة بكل مظاهرها في شرق ليبيا، مما يجعل أي محاولة لإبعادهم عن أي ترتيبات سياسية مستقبلية مصيرها الفشل. رابعاً، إن قدرة الحكومة على الاجتماع ثم إصدار قرار بتشكيل لجنة لمواجهة الإعصار قبل وصوله ليبيا، يعني أنها كانت لديها الوقت الكافي لاتخاذ الإجراءات الاحترازية اللازمة، وهو ما لم يحدث. خامساً، تشكيل لجنة لمواجهة الإعصار قبل وصوله ليبيا بأيام يعني أن هذه اللجنة بأعضائها تتحمل المسؤولية الأكبر، ليس فقط في التعامل مع تداعيات الإعصار من تعويضات وعمليات إنقاذ وتوطين للنازحين، بل أيضا في الاستعداد له قبل وصوله ليبيا؛ لاحتواءه وتفادي تداعياته أو التقليل من آثارها. لكن ذلك لا يعني أن حكومة الشرق تتحمل المسؤولية وحدها، وإنما تتشارك معها المسؤولية الحكومات المتعاقبة، فضلاً عن حكومة الوحدة الوطنية بقيادة “عبد الحميد الدبيبة”.

صراع محتدم حول عملية إعادة إعمار درنة بين حكومتي الدبيبة وحماد

في 21 سبتمبر 2023، التقى رئيس حكومة الشرق ” أسامة حماد”، رفقة رئيس لجنة إعادة الإعمار والاستقرار “حاتم العريبي”، عددا من ممثلي الشركات المصرية في ليبيا. ” حماد” أكد خلال اللقاء بحسب المكتب الإعلامي للحكومة،على ضرورة بدء الإعمار في مدينة درنة وضواحيها عقب الانتهاء من عمليات البحث والانقاذ. وشدد “حماد” على ضرورة التعجيل بالمشاريع في المدينة، لما لها من أهمية في تقديم الخدمات للمواطنين في المناطق المنكوبة. وفي 22 سبتمبر، أعلنت حكومة الشرق تنظيم مؤتمر دولي في مدينة درنة في 10 أكتوبر المقبل، لإعادة إعمار

المدينة والمناطق المجاورة التي دمرها إعصار “دانيال”، ودعى المجتمع الدولي للمشاركة في المؤتمر، جاء ذلك في بيان لرئيس الحكومة المكلفة من البرلمان.

وفي 28 سبتمبر، قررت حكومة “حماد” إنشاء صندوق لإعادة إعمار مدينة درنة ومناطق شرق البلاد المتضررة جراء الإعصار، جاء ذلك وفق بيان صادر عن حكومة البرلمان، بعد اجتماع طارئ عقده مجلس وزرائها في مدينة درنة شرقي البلاد. وفي حين لم تعلن الحكومة تفاصيل صندوق إعمار درنة، إلا أن مقترحاً مماثلاً يناقشه مجلس النواب منذ أسبوع، يقضي بإنشاء الصندوق عبر فتح حساب خاص تصب فيه جميع الإعانات المالية المقدمة من الدول والمنظمات الأممية.

أما حكومة الوحدة الوطنية بقيادة “عبد الحميد الدبيبة”، فكانت قد أعلنت في 12 سبتمبر الماضي، عن تخصيص مبلغ 2 مليار دينار (446.4 مليون دولار)، لصالح صندوق إعمار مدينتي بنغازي ودرنة، لإعادة إعمار البلديات المنكوبة. ومؤخراً طلبت حكومة الوحدة رسمياً، في 22 سبتمبر، الحصول على دعم البنك الدولي لإعادة إعمار درنة. ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصدر في وزارة المالية، أنها “تسعى للاستفادة من الأموال المجمدة في الخارج للغرض نفسه”. وكانت حكومة الوحدة التي شكلت لجنة قانونية لبحث الملف، ورصدت دعاوى قضائية في عدة دول للحصول على جزء من هذه الأموال، حذرت العام الماضي، دولاً لم تحددها، من محاولة الاستيلاء على هذه الأموال المقدرة بنحو 200 مليار دولار، موزعة على عدد كبير من الدول الأوروبية في شكل أصول ثابتة، وودائع وأسهم وسندات مالية، واستثمارات عينية.

ورداً على هذه الخطوة، سعى رئيس المجلس الرئاسي الليبي “محمد المنفي”، لقطع الطريق على حكومة الوحدة لاستخدام الأموال الليبية المجمدة في الخارج في إعادة إعمار المناطق المنكوبة بشرق البلاد. وعد “المنفي” أن “السلطات المنتخبة وفق دستور دائم، هي من تملك التصرف في هذه الأموال”، مؤكداً أن “الدعم الدولي في كل مراحله يحتاج إلى مؤسسة ليبية مختصة وموحدة تحظى بثقة المتضررين”. وفي ذات السياق، دعى المبعوث الأمريكي الخاص إلى ليبيا “ريتشارد نورلاند”، في 29 سبتمبر، لضرورة تنسيق جهود إعادة الإعمار في مدينة درنة والمناطق المتضررة، واقترح “نورلاند” على الليبيين إنشاء الهياكل التي تجمع السلطات من جميع أنحاء البلاد معاً، والتي ستشرف

على عملية إعادة الإعمار، والتركيز على النفقات ذات الأولوية، وضمان تخصيص الأموال بأكثر فاعلية وبشكل صحيح.

النائب العام يصدر قرار بحبس 8 مسؤولين عن إدارة مرفق السدود

في 25 سبتمبر 2023، أعلن مكتب النائب العام الليبي “الصديق الصور”، أن سلطة التحقيق في انهيار سدي درنة حركت دعاوى جنائية ضد 16 مسؤولاً حاليين وسابقين، وقررت حبس 8 منهم، معظمهم في إدارة الموارد المائية وإدارة السدود. وهم بالإضافة لعميد درنة، رئيس هيئة الموارد المائية السابق و خلفه، مدير إدارة السدود الحالي و سلفه، رئيس قسم تنفيذ مشروعات السدود والصيانة، رئيس قسم السدود بالمنطقة الشرقية، ورئيس مكتب الموارد المائية- درنه. وقال “الصديق” في بيان، إن “هؤلاء لم يقدموا ما يدفع عنهم مسؤولية إساءة إدارة المهمات الإدارية والمالية المنوطة بهم، وإسهام أخطائهم في وقوع كارثة فقد ضحايا الفيضان، وإهمالهم اتخاذ وسائل الحيطة من الكوارث، وتسبّبهم في خسائر اقتصادية لحقت البلاد”. ولفت إلى أن عميد بلدية درنة، “فشل في الدفاع عن إساءة استعمال سلطة وظيفته، وانحرافه عن موجبات ولاية إدارة الأموال المخصَّصة لإعادة إعمار مدينة درنة، وتنميتها”.

وفي 29 سبتمبر، أمر مكتب النائب العام بحبس 4 مسؤولين آخرين على خلفية قضية انهيار سدي وادي درنة، شمل القرار حبس عضوي المجلس البلدي لدرنة ومدير مكتب مشروعات إعادة إعمار المدينة، ورئيس اللجنة الفنية المكلفة بتنفيذ مخطط إعمارها. واتهم النائب العام هؤلاء المسؤولين بعد استجوابهم بسوء الإدارة والتقصير في العمل؛ مما أسهم في حدوث فيضانات أودت بحياة آلاف الأشخاص.

حكومة الوحدة: وصول 70 طائرة إغاثة و8 سفن بعد الفيضانات

في 24 سبتمبر 2023، أعلنت حكومة الوحدة الوطنية، أن أكثر من 70 طائرة إغاثية من 24 دولة ونحو 8 سفن وصلت البلاد لمساعدة متضرري الفيضانات التي اجتاحت مدن الشرق قبل أسبوعين. جاء ذلك في إيجاز صحفي، للفريق الحكومي للطوارئ والاستجابة السريعة التابع للحكومة.

وفي 25 سبتمبر، أعلنت حكومة الشرق المكلفة من قبل مجلس النواب، أن 8 فرق إنقاذ دولية لا تزال تعمل في مدينة درنة مع مدن أخرى شرقي البلاد ، وهي من مصر وتركيا والجزائر والإمارات وفرنسا وإيطاليا وروسيا والاتحاد الأوروبي.

وكانت آخر الفرق التي وصلت ليبيا فريق تحديد هوية ضحايا الكوارث الإماراتي “”DVI، والذي باشر أعماله في 23 سبتمبر، كأول فريق مرسل من الإنتربول والمتخصص في التعرف على هويات الضحايا. وقد أعلنت حكومة الوحدة الوطنية أن الفريق باشر عمله مع جهاز المباحث الجنائية وغرفة الطوارئ بالمناطق المتضررة، مضيفةً أن الأمانة العامة للإنتربول سترسل مزيداً من الفرق من دول أخرى ، وذلك بالتنسيق مع مكتب الشرطة الجنائية العربية والدولية بالوزارة لدعم جهود البحث والإنقاذ والتعرف على الجثث مجهولة الهوية.

بتقييم عام لتعامل السلطات في الشرق والغرب مع كارثة درنة ، فإنه يمكن القول بأن حكومة الشرق ومعها البرلمان الذي شكلها فضلاً عن التشكيلات العسكرية هناك بقيادة “ خليفة حفتر” يتحملوا المسؤولية الأكبر بحكم وقوع المناطق المتضررة من الإعصار تحت سلطتهم ، وما عمق من حجم المسؤولية القرار الذي أصدره “ حماد ” بتشكيل “ اللجنة العليا للطوارئ والاستجابة السريعة ” برئاسته، قبل الإعصار بثلاثة أيام، من أجل مواجهة هذه الموجة وتداعياتها، والتي كان يجب أن تقوم بدور محوري في الاستعداد للإعصار بشكل استباقي من أجل احتواء تداعياته. لكن المسؤولية بشكل عام لا تتحملها فقط حكومة “حماد”، وإنما أيضا الحكومات المتعاقبة التي أهملت عملية صيانة سدود وادي درنة، فضلاً عن حكومة الدبيبة التي تتشارك مع حكومة حماد في تحمل مسؤولية ما بعد الإعصار والتعامل مع تداعياته. إذ أن الإعصار الذي كان يجب أن يدفعهما لتجاوز خلافاتهما وانقسامهما من أجل مواجهة هذه الكارثة الاستثنائية، كان سبباً لتعميق هذا الانقسام ، حيث شرعت الحكومتان في إدارة الأزمة

ومعالجة آثار الكارثة بشكل مستقل عن بعضهما البعض دون تنسيق أو تشكيل هيئة عليا موحدة، وهو ما أدى إلى بطء شديد في عمليات الإغاثة والإنقاذ ووصول المساعدات للمناطق المتضررة.

8.    شخصية العدد

عبد الحميد الدبيبة، رئيس حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دولياً

ينحدر “عبد الحميد الدبيبة” من مدينة مصراتة الواقعة على الساحل الليبي، على بعد نحو 200 كيلومتر إلى الشرق من العاصمة طرابلس. ولد فيها عام 1959، في أسرة يعمل الكثير من أبنائها في التجارة وقطاع الأعمال. وعلى الصعيد الشخصي هو متزوج وأب لستة أبناء. وتوصف مصراتة بأنها ثالث أكبر المدن الليبية، وكانت تاريخياً في مفترق طرق التجارة عبر الصحراء والتجارة البحرية في المتوسط ، كما كان لها دورها في التاريخ الليبي المعاصر، إذ تولى العديد من أبنائها مناصب سياسية واقتصادية مهمة في الحكومات الليبية المتعاقبة منذ استقلال البلاد في عام 1951.

وكانت عائلة الدبيبة واحدة من العائلات التي استفادت كثيراً من فورة المشاريع الصناعية والاقتصادية التي شهدتها المدينة ، في أعقاب الفورة النفطية وارتفاع أسعار النفط إبان حكم نظام ” معمر القذافي”. وقد دخل الدبيبة العمل في قطاع البناء والمقاولات ، وبنى أسس ثروته منها في هذه المرحلة إلى جانب ابن عمه ” علي الدبيبة “، وتدور بعض الشكوك بشأن ثروتيهما ، إذ تشير تقارير إلى أن تحقيقات قد فتحت بحقهما في ليبيا ودول أخرى بتهم تتعلق بالاختلاس.

درس الدبيبة تقنيات التخطيط والبناء في جامعة تورنتو الكندية ، وتخرج منها حاملا شهادة الماجستير في هذا التخصص. وتولى عدداً من المناصب الرسمية في فترة حكم القذافي ، من بينها إدارة ” الشركة الليبية للتنمية والاستثمار الحكومية ” ( لدكو). وأشرف على عدد من مشاريع البناء فيها ، من بينها بناء مشروع ألف مسكن في مدينة سرت،

مسقط رأس القذافي. وبعد الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بنظام القذافي في عام 2011، حاول الدبيبة دخول الساحة السياسية ، فأسس حركة ” ليبيا المستقبل” التي ظل حضورها متواضعاً في الشارع. لكنه واصل نشاطه التجاري وظل يرأس مجلس إدارة شركة لدكو. وقد وصفته وكالة ” فرانس برس” بأنه يتمتع بعلاقات قوية مع تركيا ومع جماعة الإخوان المسلمين في ليبيا.

وكان يفتررض من حكومته “حكومة الوحدة الوطنية “، التي نالت اعترافا أممياً ودولياً وحصلت على ثقة مجلس النواب في مارس 2021، أن تمهد الطريق لانتخابات تشريعية ورئاسية. لكن الأمور تعقدت لاحقاً بعد قرار البرلمان بسحب الثقة من الدبيبة في سبتمبر 2021، بعد خلافات عديدة ، أهمها رفض البرلمان التصويت على الموازنة العامة للدولة، ليتهمه الدبيبة بعرقلة عمل الحكومة لأسباب واهية ، ومع تكليف البرلمان وزير الداخلية السابق ” فتحي باشاغا “، بتشكيل حكومة جديدة، أكد الدبيبة أنه لن يسلم السلطة إلا لحكومة منتخبة. ومنذ ذلك الحين تُحكم ليبيا بحكومتين، أحدهما في الشرق ومكلفة من البرلمان ويرأسها حالياً ” أسامة حماد “، والأخرى في الغرب هي حكومة الدبيبة.

9.    مقال العدد

ليبيا في الممرّ الرّوسي إلى أفريقيا: خليفة حفتر في المعادلة الجيوسياسية، راغدة درغام

قررت الدبلوماسية الروسية أن الوقت ملائم لإحياء اهتمامها بليبيا ولإعادة التفكير بكيفية دفع ” خليفة حفتر” نحو بسط سيطرته على كامل البلاد ، فعادت إلى الدعم العلني لـ” حفتر”، وذلك من خلال استقباله في زيارته الأخيرة لموسكو. بالموازاة ، برز دور متزايد للبنتاغون في ليبيا وتفاعله مع ” حفتر”، حيث تأخذ الولايات المتحدة دوراً أكبر في الشأن الليبي وتبدو وتيرة التعاون بينها وبين حفتر في تصاعد. لكن الاهتمام الأميركي والروسي بحفتر ليس بالوتيرة نفسها، لأن الإدارة الأميركية منشغلة بأولويات أخرى في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. أما روسيا فإنها في أعقاب الانقلاب العسكري في النيجر ترى أمامها فرصة مميزة لاستئناف حيويتها السياسية بالذات في القارة الأفريقية.

أحداث النيجر ونجاح الانقلابيين في دبّ الرعب في الدول الأوروبية والولايات المتحدة وفي الدول الأفريقية عامة، دفعت بروسيا إلى إعادة التفكير بأدوارها في أفريقيا وبالفرصة المؤاتية لكسر طوق استبعاد روسيا عن صنع القرارات الدولية النيجر ألهمت. روسيا لجهة تناولها ملف ليبيا، وهذا أمر لافت لأسباب عدة.

إن استقبال بوتين لحفتر في لقاء علني بحضور وزير الدفاع الجنرال ” سيرغي شويغو” له دلالات مهمّة ، أبرزها أن روسيا قررت الانخراط في ملف ليبيا لإثبات جدارة  دورها الفاعل في  تحويل مسار الدول الأفريقية ، لتوجيه رسالة إلى الغرب بأن عزل روسيا ليس سوى في المخيّلة الغربية. بوتين يريد تغيير مستقبل أفريقيا، لأنه قرأ في المزاج الأفريقي أن الكيل طفح من الأداء الغربي في القارة الغنية بالموارد الطبيعية. أفريقيا قد تكون لـ”بوتين” وسيلة لإنقاذه من مخالب الغرب وحلف الناتو في الحرب الأوكرانية ، اقتصادياً وسياسياً ، وهكذا تراهن روسيا على أفريقيا، مستفيدةً من الغضب الأفريقي من الغرب.

وليبيا تبدو ساحة مؤاتية لاستراتيجية ” بوتين” الجديدة. لماذا ؟ لأن الرئيس الروسي ومؤسسته الحاكمة على ثقة بأن تركيا والدول العربية المعنية بملف ليبيا لن يمانعوا. كما أن قراءة الروس للخريطة الدولية المعقدة في ليبيا تفيد بأن أوروبا لن تتدخل في سياسة الدعم الروسي لـ” خليفة حفتر” ، لأنها تريد ما من شأنه أن يحول دون هجرة كبرى من السواحل الليبية إلى القارة الأوروبية. ” فليتحالف الشيطان مع الشيطان” ، ما دام ذلك يؤدّي إلى ضبط الهجرة التي تُرعِب الدول والقيادات الأوروبية ، ولها الأولوية. أما الولايات المتحدة فإنها ، بحسب القراءة الروسية ، لن تضع ثقلها في ليبيا ، لأن لدى الرأي العام الأميركي حساسية ضد ليبيا بسبب الإخفاقات الأميركية في ليبيا ، وليس فقط نتيجة انعدام الثقة والاحترام في أداء السلطات الليبية المتعاقبة.

وبالتالي ، يرى الكرملين أن إدارة ” بايدن ” لن تعارض دعم روسيا لخليفة حفتر، وأنها ستغض النظر عن هذا الدعم ما دام ذلك يؤدّي إلى ضبط الأمور في ليبيا. هذا يفسر، جزئياً ، اجتماع القيادات العسكرية الأميركية بحفتر، كي لا يفلت كلياً من المعادلة الجيوسياسية ويظن أن عليه وضع كل البيض في السلّة الروسية. فإدارة ” بايدن” قد تغض النظر عن الاستثمار الروسي في ليبيا ، لكنها لن تكون نائمة في الملف الليبي ، ولن تقدم القارة الأفريقية إلى روسيا، ولن تساعد ” بوتين ” في استخدام أفريقيا لمصلحته.

ماذا تريد روسيا من حفتر؟ تريد منه أن يتحلى بالنشاط وبالقوة اللازمة لبسط سلطته على كامل البلاد ، وليس على مجرد جزء من البلاد، ومجموعة “فاغنر” قادرة على المساعدة الحيوية. فعودة روسيا إلى ليبيا مهمة للكرملين، لأنها حجر مهم في سياستها الأفريقية يضاف إلى الحجر الأساس الذي وضعته التطورات في النيجر. 

إن الآفاق التي فتحتها تطورات الانقلاب في النيجر حرّكت ليس فقط رغبة روسيا بملء الفراغ الذي تتركه فرنسا والغرب ، فهناك دول عدة في الشرق الأوسط، عربية وغير عربية ، تتجهّز لرسم سياسات نحو أفريقيا في ظل غياب الغرب عن القارة. الأسباب الاقتصادية حاضرة بالطبع نظراً للفرص المتاحة للاستثمار في هذه الدول الغنية بالموارد الطبيعية ، لكن المال ليس وحده المحرّك وراء الاندفاع العربي مثلاً نحو أفريقيا ، بل إن المعطيات الجيو-سياسية لها القدر نفسه من الأهمية.

لتحميل الملف من هنا ….

زر الذهاب إلى الأعلى