المؤشــر العـــــدد الخامـــــس
المؤشــــر : العــــدد الرابــــــع
المقدمة
المؤشر هو تقرير نصف شهري، يتناول أهم ما تشهده الدولة الليبية من تطورات أمنية وعسكرية وسياسية واقتصادية، مع التركيز على الملفات التي ترتبط بصميم الأمن القومي الليبي، في القلب منها الملفات الأمنية والعسكرية. وبالتالي يتكون المؤشر من خمسة محاور رئيسية: المحور الأمني والعسكري، المحور الاقتصادي والتجاري، المحور السياسي الداخلي، المحور السياسي الدولي، وأخيراً مختارات وتشمل شخصية ومقال العدد.
ويتناول هذا العدد أهم الأحداث التي شهدتها ليبيا خلال النصف الثاني من شهر أكتوبر، أبرزها: اشتباكات مدينة غريان بين قوات عادل ادعاب والقوات التابعة لحكومة الوحدة الوطنية، والتي أسفرت عن سيطرة مؤقتة لقوات ادعاب على المدينة مع سقوط عدد من المصابين والقتلى، قبل أن تجهز حكومة الوحدة قوات مشتركة وترسلها لغريان لتستعيد بعدها السيطرة على المدينة. وتأتي أهمية هذه الاشتباكات وخطورتها في توقيتها، فهي قد تكون ردة فعل من حفتر وحلفائه على الاشتباكات التي اندلعت في بنغازي بين قوات الشرق الليبي بقيادة حفتر وقوات المهدي البرغثي، التي اتهمت السلطات الأمنية في الشرق حكومة الوحدة الوطنية بالتورط فيها. أو قد تكون مقدمة خطة، يسعى من خلالها حفتر لاستغلال الانشغال الدولي بالحرب على غزة في إعادة محاولاته الرامية للسيطرة على العاصمة طرابلس، وبالتالي قد تؤدي هذه الاشتباكات لحرب شاملة من جديد بين المنطقتين الشرقية والغربية..
أولاً: المؤشر الأمني والعسكري
يتناول هذا المحور التطورات الأمنية والعسكرية التي تشهدها ليبيا، سواء بين المكونات المحلية أو تلك التي تنخرط فيها القوى الأجنبية. وتشمل التطورات بين المكونات المحلية التشكيلات العسكرية المختلفة التي تعج بها ليبيا، والمواجهات الأمنية والعسكرية بين هذه التشكيلات، فضلاً عن الجرائم المنظمة وتتضمن الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر والتهريب وما يرتبط بهذه الجرائم من مسألة أمن الحدود. أما التطورات التي تنخرط فيها القوى الأجنبية فتشمل النفوذ العسكري للقوى الإقليمية والدولية داخل ليبيا، وكذلك صفقات التسليح والتدريبات والمناورات العسكرية.
1. التشكيلات المسلحة
قضية تغيير الولاءات لدى التشكيلات المسلحة تتصاعد في ليبيا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أرجع عضو المجلس الأعلى للدولة “سعد بن شرادة”، بروز قضية تغيير الولاءات في الوقت الراهن لتعدد الفرقاء والتشكيلات العسكرية بالساحة، الذين يمكن الانتقال ما بين معسكراتهم، مقارنة بما كان الحال عليه خلال عهد “معمر القذافي”، حيث لم يكن هناك سوى معسكر القائد الأوحد. بن شرادة قال في تصريحات خاصة لصحيفة “الشرق الأوسط”، إن عقاب من ينشق حالياً لا يتسم بذات الشدة، كما كان عليه الوضع خلال عهد القذافي، بل بات يتأرجح بين الشدة واللين، وفقاً لخريطة المصالح المتشابكة التي تربط علاقات الأطراف حالياً. وأشار إلى قيام بعض عناصر بالتشكيلات المسلحة بالانفصال عن قياداتها الرئيسية والانتقال لمعسكر آخر، أو تأسيس تشكيل مسلح خاص بها. ورغم أن مثل هذه الخطوات تزعج قيادات التشكيلات الكبيرة، فإن الأخيرة تتفادى أحياناً الدخول في معارك طويلة الأمد مع التشكيلات المنشقة عنها، نظراً لإمكانية تشاركهما مستقبلاً بمصلحة ما، كتقاسم النفوذ على منطقة هامة بمدينة ما.
إن عودة المهدي البرغثي وزير الدفاع السابق في حكومة الوفاق الوطني، إلى بنغازي مسقط رأسه، وما أعقبتها من اشتباكات بين مسلحين مرافقين له وقوات تابعة لقوات الشرق الليبي، التي سارعت إلى اعتقاله بعد اتهامه بمساندة “خلايا إرهابية”، سلطت الضوء مجدداً على قضية تغيير الولاءات في ليبيا. وقد أشار أحد المصادر المقربة من عائلة البرغثي في تصريح لـ”الشرق الأوسط”، إلى أن تأزم قضية الوزير الأسبق يعود لتوتر العلاقة بدرجة كبيرة بين البرغثي وحفتر، ما أعاق حلها.
وخلال العقد الماضي، وتحديداً خلال فترات الفوضى الأمنية والصراعات المسلحة، تكررت عملية تبدل الولاءات، من بينها تخلي قوات “الكانيات” التي سيطرت على مدينة ترهونة (غرب) عن تحالفها مع حكومة الوفاق الوطني بطرابلس عام 2019، وانتقالها للتحالف مع قوات الشرق الليبي التي كانت تخوض حرباً على العاصمة حينذاك. ولم يقتصر الأمر على البرغثي أوالكانيات، فهناك أيضاً عدة شخصيات سياسية ومجموعات مسلحة عدلت اختياراتها وفقاً لتبدل السلطة. وفي منتصف شهر أغسطس الماضي، شهدت العاصمة طرابلس مواجهات عنيفة بين قوات “الردع” برئاسة عبد الرؤوف كاره، واللواء “444 قتال” بقيادة محمود حمزة، أسفرت عن سقوط كثير من القتلى والجرحى، وأرجع البعض هذا الاقتتال إلى توتر علاقة الرجلين، خاصة أن حمزة بدأ مسيرته العسكرية كقيادي بـ”قوات الردع”، قبل أن ينفصل عنها لاحقاً، ويؤسس كياناً مستقلاً يحظى بنفوذ واسع داخل العاصمة والمنطقة الغربية.
2. المواجهات الأمنية والعسكرية
اشتباكات مدينة غريان على وقع عودة عادل ادعاب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في 29 أكتوبر 2023، دخل “عادل ادعاب” إلى مدينة غريان بكامل قواته القادم بها من المنطقة الشرقية، بعد تنسيق مسبق مع المجلس البلدي للمدينة وقبيلته، ومع آمر القوة المشتركة بقيادة “عبد الخالق الدايخ”، و”ناصر اشطيبة” أحد قادة القوات المتواجدة في مدينة غريان. وبمجرد دخول ادعاب المدينة، تحدثت تقارير عن حدوث اشتباكات بين قواته وقوات الدعم والاستقرار بقيادة “محمود الغصري” التابعة لحكومة الوحدة الوطنية ، أسفرت ، كما أعلن مدير مستشفى غريان “خالد زويط”، عن سقوط ستة قتلى وإثنى عشر جريحًا وصلوا المستشفى منذ صباح اليوم 29 أكتوبر. وأسفرت هذه المعارك عن سيطرة مؤقتة لقوات ادعاب على كامل مدينة غريان، مع توقف حذر للاشتباكات.
ورداً على سيطرة ادعاب على مدينة غريان، قررت حكومة الوحدة الوطنية في تفس اليوم، تشكيل غرفة عمليات مشتركة للدفاع عن المنطقة الغربية والجنوب الغربي بقرار رقم ( 445 ) لسنة 2023، ضمت تكليف 28 من آمري الوحدات العسكرية والأجهزة الأمنية في المنطقة الغربية، برئاسة المقدم “عبد السلام الزوبي”، ويعاونه كل من: ضابط من اللواء 444 قتال، وضابط من جهاز الأمن العام، وعضوية مندوب عن كل وحدة مكلفة ضمن هذه الغرفة. وتتركز مهام الغرفة في التحرك الفوري لمواجهة وردع ودحر المجموعات الخارجة عن القانون والمعتدية على مدينة غريان، والتعامل معها بالقوة إن لزم الأمر وفق المعمول به في العمليات العسكرية، وملاحقة فلولها، وتأمين المدينة والمناطق المحيطة وكافة المناطق الغربية والجنوب الغربي _ كما ورد في نص القرار.
بعد هذا القرار مباشرةً، وكما ذكرت بعض المصادر، توجهت حشود عسكرية ضخمة بقيادة الزوبي لمدينة غريان، متضمنةً أكثر التشكيلات العسكرية خصومةً ” الردع و 444″ ، فضلاً عن كتيبة البقرة وكتائب أخرى من تاجوراء، وبصحبتهم الطيران المسير، بهدف استعادة السيطرة على المدينة من قوات ادعاب. كما ألمح آمر قوة الإسناد الأولى الزاوية “محمد بحرون”، لاتجاهه للمشاركة في اشتباكات غريان ضمن القوات التابعة للدبيبة. وبعد دخول القوات التي أرسلها الدبيبة للمدينة، تحدثت مصادر عن حدوث اشتباكات متقطعة في عدد من أحياء غريان، ونتيجةً لاستهداف الطيران المسير التابع للدبيبة لمقرات ادعاب، سقط ثلاثة قتلى، من بينهم “محمد المرغني” القيادي بقوات ادعاب، و”جبريل الغصري” أخ آمر اللواء الغصري، وثمانية جرحى. كما أشارت مصادر إلى أن قوات الأمن العام بقيادة “عبدالله الطرابلسي” شقيق وزير داخلية الدبيبة، سيطرت بشكل كامل على مدينة غريان، وأن العناصر والقوات التابعة لعادل ادعاب وناصر اشطيبة انسحبت خارج المدينة.
ويعتبر عادل ادعاب أحد أذرع حفتر القوية في المنطقة الغربية في حرب 2019، وهو أحد ابناء مدينة غريان، وكان له فضل كبير في تمكين ودعم حفتر في هجومه على العاصمة طرابلس في 4 أبريل 2019، حيث هو والقوة العسكرية التابعة له في ذلك الوقت، من سهل الطريق لوصول حفتر إلى الحدود الإدارية للعاصمة طرابلس، وقد أصيب ادعاب في تلك الاشتباكات بمدينة الغريان، قبل أن تستعيد قوات حكومة الوفاق الوطني السيطرة على المدينة، وانتقل بعدها إلى الإقامة في المنطقة الشرقية بصحبة ما تبقى من قواته. ويحمل ادعاب الجنسية الإنجليزية، وترقي إلى رتبة رائد مؤخراً من قبل المشير خليفة حفتر، على الرغم أنه لم يدخل الكلية العسكرية من قبل. وتذكر بعض المصادر أن ادعاب قد استلم مبلغ 60 مليون دينار ليبي من حكومة الدبيبة الفترة السابقة، قام باستخدامها في كسب ولاء أبناء قبيلته والمكونات الاجتماعية في المدينة، ولحلحلة مشاكل الدماء ودفع الدية لمن قُتل في 2019.
فيما يتعلق بدوافع عودة عادل ادعاب لمدينة غريان، هناك ثلاث احتمالات:
الأول، أن تكون عودته للمدينة تكراراً لنفس السيناريو الذي حدث في يومي 2 و3 أبريل 2019، قبل هجوم خليفة حفتر على طرابلس، إذ كانت قوات ادعاب هي رأس الحربة في تلك الحرب، فهي من بدأت المعارك الأولى في 2019، بهدف السيطرة على طرابلس، خاصةً وأن غريان مدينة استراتيجية تقع في منطقة جبلية مطلة علي الحدود الإدارية للعاصمة، وتعتبر بوابة الدخول لطرابلس وتبعد عنها 70 كم. وبالتالي وفقاً لهذا السيناريو، فإن الهدف من عودة ادعاب واسترجاعه السيطرة على المدينة بقواته ربما هي مقدمة أو جزء من خطة كبيرة لتحقيق حلم حفتر بالسيطرة على طرابلس والغرب الليبي. وهذا السيناريو يتواكب مع الترتيبات العسكرية التي قام بها حفتر من خلال أبناءه مع قيادات عسكرية وأمنية في المنطقة الغربية، مثل مصراتة والزاوية وغرب الزاوية. وكذلك عودة القوات العسكرية التي تتبع التوجه المدخلي إلى مدن غرب الزاوية من جديد بعد إبعادهم منها سابقاً. ولعل عامل التوقيت مهم، إذ قد يستغل حفتر انشغال المجتمع الدولي بالحرب على غزة في تكرار سييناريو الهجوم على طرابلس من جديد.
الثاني، أن تكون عودة ادعاب وسيطرته على المدينة بإيعاز من حفتر، بحكم العلاقة القوية التي تربط الرجلين، كرد فعل من حفتر على عملية المهدي البرغثي في بنغازي، والتي اُتهمت حكومة الوحدة الوطنية بالتورط فيها من قبل حكومة الشرق الليبي.
الثالث، أن تكون عودته طبيعية كابن من أبناء المدينة لحل مشاكلها التي كان هو أحد أسبابها، بسبب اشتباكات 2019، وما نتج عنها من دماء وانتهاكات ضد أبناء وعائلات المدينة. وهذا السيناريو يرتبط بتنسيقه وترتيبه مع المجلس البلدي ومع القوات العسكرية المسيطرة على المدينة والمكونات الاجتماعية في المدينة.
وفي ضوء معارك الكر والفر وتبادل السيطرة على المدينة بين قوات عادل ادعاب والقوات التابعة لحكومة الوحدة الوطنية والتي تسيطر الآن على المدينة، فإن هناك تساؤلان يطرحان نفسهما: الأول، كيف يواجه الدبيبة قوات ادعاب بكل هذه القوة والحزم، في حين أن الأخير تحدث في البيان المصور، الذي ألقاه بعد سيطرته المؤقتة على المدينة، عن أنه يدعم حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي بقيادة محمد المنفي؟ الثاني، هل ستتحرك قوات الشرق الليبي بقيادة حفتر لنجدة ودعم ادعاب في معركته مع قوات حكومة الوحدة، خاصة في ظل العلاقة التي تربط الرجلين منذ معارك طرابلس 2019، وإذا حدث ذلك، ما مدى قدرة قوات حفتر على إنجاح مساعي ادعاب في استعادة السيطرة على المدينة من جديد، ومدى تطور هذه المعارك خارج المدينة، بمعنى هل ستشهد ليبيا حربا شاملة بين المنطقتين الشرقية والغربية مرة أخرى؟
……………………………………………………………
قوات حفتر تسلم جثامين خمسة من أنصار البرغثي من بينهم نجله
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
سلمت قيادة قوات الشرق الليبي لقبيلة البراغثة جثث خمسة من أسرة ومرافقي وزير الدفاع بحكومة الوفاق الوطني السابقة “المهدي البرغثي”، من بينهم نجله إبراهيم، وتم دفنهم على يد قوات الشرق بحضور أحد أقرباء المهدي فقط ومن دون وجود أي مراسم للعزاء والدفن، وذلك وفقاً لما ذكره “إدريس شويقي” أحد أخوال المهدي البرغثي، وسط استمرار الغموض حول مصير الأخير حتى الآن. وشهدت مدينة بنغازي مواجهات مسلحة في السادس من أكتوبر 2023، بين قوات الشرق وأنصار المهدي البرغثي، إثر وصول الأخير إلى منزله في منطقة السلماني بالمدينة بعد غياب سبع سنوات. وأسفرت المواجهات التي تزامنت مع قطع الاتصالات عن كامل المدينة، عن القبض على البرغثي، ومقتل تسعة من أنصاره، وإصابة ثمانية آخرين، وإلقاء القبض عليهم. ويتهم معسكر حفتر البرغثي بـ”تورط جهات خارجية في دعمه، وفق وزير الداخلية بحكومة الشرق الليبي “عصام أبو زريبة”، الذي اتهم حكومة الوحدة الوطنية أيضا بتقديم الدعم للبرغثي.
وذكر شويقي في حديث لـ”العربي الجديد”، في 23 أكتوبر 2023، أن إبراهيم نجل المهدي ظهر حيا في الفيديو الذي نشره جهاز الأمن الداخلي التابع لحفتر لحظة القبض على المهدي، متسائلا عن الظروف التي مات فيها، وقال من المؤكد أن تصفيته جرت بعد القبض عليه، على الرغم من أن إبراهيم مدني، وليس عسكرياً، كما أن من بين القتلى الآخرين مدنيين، وليسوا كلهم عسكريين. وعن مصير المهدي، أكد شويقي أن مصيره لا يزال مجهولا حتى الآن، ولم تُبلغ القبيلة بأي تفاصيل تتعلق بوضعه الحالي منذ القبض عليه. وفيما بث الإعلام الموالي لحفتر، بعد خمسة أيام من القبض على البرغثي، فيديو يظهر فيه لحظة القبض عليه وهو بصحة جيدة، إلا أن المدعي العسكري التابع لقيادة حفتر “فرج الصوصاع”، ظهر في مؤتمر صحافي منتصف أكتوبر، معلناً تعرض البرغثي لـ”إصابات خطيرة وبليغة”، ما أثار قلقا في أوساط قبيلته حوله مصيره.
ونقل شويقي شكوك القبيلة في أن الجثامين الخمسة كانت مدفونة وتم استخراجها ووضعها في ثلاجة الموتى، بعد أن تعرضت قيادة حفتر لضغط محلي ودولي، وأصبحت قضية البرغثي ورفقائه قضية رأي عام. وقال: “الجثث عند دفنها كانت منتفخة ومتحللة، ولهذا السبب لم يُسمح بحضور إلا ممثل واحد من الأقرباء لحضور عملية الدفن التي تمت على يد مليشيا حفتر، حتى لا يطلع أحد على شكل الجثث والآثار التي عليها”. وأشار أحد المصادر إلى استمرار عمليات الاعتقالات في أوساط أقارب البرغثي، مبيناً أن قوات 20/20 التابعة لصدام نجل حفتر تتولى عمليات الاعتقال، فيما يتولى جهاز الأمن الداخلي التحقيق في صلة أي معتقل بالبرغثي. وقال “أغلب المعتقلين يتم الإفراج عنهم بعد أن يجبروا على الإدلاء بشهادة تؤكد علمهم بتحضير المهدي البرغثي لفوضى مسلحة في بنغازي وبراءتهم منه”.
وفيما تؤكد وثائق متداولة وصول البرغثي وفقاً لاتصالات أجراها زعماء قبليون مع قيادة حفتر سمحت له بالرجوع إلى بنغازي، تضاربت تصريحات مسؤولي المنطقة الشرقية حول طريقة وصوله إلى بنغازي. وفيما اتهم رئيس حكومة الشرق الليبي “أسامة حماد”، البرغثي باستغلال التسهيلات الأمنية لمرور قوافل الإغاثة إلى مناطق شرق ليبيا المنكوبة جراء عاصفة “دانيال” للوصول من خلالها إلى بنغازي، ذكر وكيل وزير الداخلية “فرج قعيم”، أن “البرغثي تسلل مع أنصاره المسلحين على متن أربعين عربة مسلحة إلى بنغازي من خلال المسارب الصحراوية بهدف تشكيل سرية لزعزعة استقرار بنغازي”.
وبعد مرور أربعة أيام على القبض على البرغثي، طالب رئيس حكومة الوحدة الوطنية “عبد الحميد الدبيبة”، النائب العام بفتح تحقيق عاجل في الأحداث المسلحة في بنغازي، فيما أصدرت البعثة الأممية بياناً أعربت فيه عن قلقها على حياة المدنيين في بنغازي في ظل انقطاع الاتصالات.
3. الجرائم المنظمة وأمن الحدود
النائب العام الليبي يصعّد ضد مهربي الوقود
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أعلنت شركة “البريقة” الليبية لتسويق النفط إيقاف تزويد الوقود لـ32 محطة في مدينة الزاوية (غرب البلاد ) ، بناءً على تعليمات ” الصديق الصور ” النائب العام، بهدف القضاء على عمليات تهريب المحروقات. وناشدت الشركة في بيان لها، في 23 أكتوبر 2023، كل شركات التوزيع بمتابعة أعمال التفتيش على المحطات التابعة لها بشكل دوري، بما يضمن وصول الوقود لمستحقيه. وكان الصور، قد طالب شركة البريقة بإيقاف التعامل مع هذه المحطات، بسبب شبهات حول تورطها في عمليات تهريب الوقود. وقدّر للمصرف المركزي الليبي، فاتورة تهريب الوقود بأكثر من 30 مليار دينار، وبنسبة 30 في المائة من قيمة فاتورة المحروقات. وسبق أن أطاحت السلطات الأمنية في العاصمة الليبية طرابلس، تشكيلاً عصابياً يضم مواطنين ووافدين، بعد تورطهم في تهريب المحروقات خارج ليبيا.
وفي هذا السياق، كان مجلس الأمن الدولي قرر، في 21 أكتوبر، تمديد تفويض التدابير الهادفة إلى مكافحة التصدير غير المشروع للنفط والمنتجات البترولية من ليبيا حتى الأول من فبراير المقبل. ويقضي قرار مجلس الأمن بتمديد تفويض لجنة الخبراء التابعة للأمم المتحدة، والتي تشرف على تلك العملية.
الطرابلسي يبحث مع نظيره الجزائري التعاون في مكافحة الهجرة غير الشرعية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بحث وزير الداخلية بحكومة الوحدة الوطنية “عماد الطرابلسي”، في 16 أكتوبر 2023، مع نظيره الجزائري “إبراهيم مراد”، سبل تعزيز التعاون الثنائي في المجالات ذات الاهتمام المشترك. جاء ذلك خلال لقاء عقد بمقر وزارة الداخلية الجزائرية بالعاصمة الجزائر، في إطار زيارة يجريها الطرابلسي على رأس وفد تدوم يومين بحسب بيان لوزارة الداخلية الجزائرية. وأضافت الوزارة أن اللقاء تركز حول مواجهة التحديات الأمنية المشتركة ومكافحة الجريمة المنظمة والعابرة للحدود على غرار تهريب المخدرات والهجرة غير الشرعية، بالإضافة التنسيق بخصوص تنقل الأشخاص بين البلدين.
وأوضحت الوزارة أن وزير الداخلية الجزائري أكد بأن هذه الزيارة ستفتح أفاقاً جديدة للتعاون، خاصة من خلال تدعيمها بتحيين الاتفاقيات الثنائية ذات الصلة. من جهته أكد “الطرابلسي” على رغبة ليبيا للتعاون بين وزارتي داخلية البلدين بما يضمن تحقيق الأهداف المنشودة.
……………………………………………………………..
4. النفوذ العسكري الإقليمي والدولي
جدل ليبي متزايد بسبب وجود عسكري أجنبي في مصراتة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تصاعد مجدداً الجدل في مدينة مصراتة، الواقعة غرب ليبيا، بشأن وجود عسكريين أجانب في قاعدتها الجوية. ودعا “صلاح بادي” قائد قوات ما تعرف باسم “لواء الصمود”، مجلس بلدية مصراتة لتحمل “مسؤولية الموقف التاريخي للمدينة”، وطالبه بإخراج وإجلاء القوات الأجنبية منها من دون رجعة. وقال بادي، المناوئ لحكومة الوحدة الوطنية، في بيان له، في 23 أكتوبر 2023، إن مجلس بلدية مصراتة، الذي اجتمع في وقت سابق مع مستضيفي هذه القوات الأجنبية داخل مقر الكلية الجوية بالمدينة، تعهد باتخاذ قرار جماعي يشارك فيه كل أطياف المدينة من مسؤولين وممثلين لأهالي المدينة وقادتها، عبر اجتماع سيدعو له في أقرب وقت.
لكن “حسن الصادق” عضو مجلس مصراتة البلدي ومسؤول الملف الأمني، أكد رفضه خروج القوات الأجنبية الموجودة في الكلية الجوية بمدينة مصراتة، لافتاً إلى أن أعداد هذه القوات ضئيل، ولا يتجاوز 50 عسكرياً إيطالياً، و17 عسكرياً إنجليزياً، و7 من القوات الأميركية، ولديها مهام تقوم بها. وقال بهذا الخصوص: “في حالة تبين عدم جدوى وجود هذه القوات داخل الكلية الجوية، أو أن وجودها يشكل خطراً ما، فإن الجناح العسكري بالمدينة سيقوم بإعداد تقرير بضرورة إخراجها”، موضحاً أن وجود هذه القوات تم بناءً على تعليمات عبد الحميد الدبيبة، بصفته أيضاً وزير الدفاع في الحكومة التي يترأسها، بالإضافة إلى “محمد الحداد” رئيس أركان القوات الموالية لها.
حفتر يرفض اقتراح أمريكي بإخراج الفاغنر والإبقاء على القوات التركية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خلال زيارة قائد الأفريكوم “مايكل لانغلي”، في 21 سبتمبر 2023، لقائد قوات الشرق الليبي “خليفة حفتر”، في مقره بالرجمة، جدد طلب بلاده إخراج قوات الفاغنر من منطقتين تسيطر عليهما في برقة وفزان. وفي 18 يناير الماضي، أثار مدير وكالة المخابرات المركزية “ويليامز بيرنز”، القضية مع حفتر رفقة نائب قائد القوات الجوية للأفريكوم “جون لامونتانيا”، وفقاً للموقع الاستخباراتي الفرنسي “أفريكا إنتلجينس”. السيناريو المقترح من الولايات المتحدة سيسمح للقوات المسلحة التركية بالبقاء، بالاضافة إلى ذلك تسعى واشنطن إلى تأسيس قوات مسلحة ليبية مشتركة، تديرها لجنة 5+5، ويقودها رئيسي الأركان محمد الحداد وعبد الرزاق الناظوري، بحسب الموقع الفرنسي.
المقترح جاء فيه قيام الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا بتدريب القوات وتوفير المعدات للقوة المسلحة المشتركة الجديدة من أجل القيام بذلك. وكشف أفريكا إنتلجينس رغبة واشنطن في إعادة النظر في حظر الأسلحة الحالي الذي فرضه مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على ليبيا. حفتر أبدى حذره من اقتراح واشنطن، وأوضح أنه لا يريد أن تغادر فاغنر دون ضمانات بأنه سيكون لديه بديل لمساعدته على السيطرة على المناطق التي توجد بها قواته. وفي خضم هذه السجال بين واشنطن وموسكو، زار حفتر أواخر الشهر الماضي العاصمة الروسية، والتقى نائب وزير الدفاع “يونس بك يفكوروف” والرئيس “فلاديمير بوتين”.
لقد كان أحد شروط وقف إطلاق النار في ليبيا في أكتوبر 2020 بعد الحرب على طرابلس، بين شرق وغرب ليبيا، هو رحيل جميع القوات المسلحة الأجنبية التي تعمل في ليبيا، بما في ذلك القوات التركية المتمركزة في منطقة طرابلس وقوات الفاغنر في الجنوب الشرقي.
5. التسليح والتدريبات العسكرية
فتح تحقيق مع شركة شحن هولندية لانتهاكها حظر توريد الأسلحة إلى ليبيا
فتحت النيابة العامة الهولندية تحقيقًا جنائيًا مع شركة الشحن الهولندية “جرونينجن” بتهمة ارتكابها انتهاكات محتملة لحظر توريد الأسلحة المفروض على ليبيا. ووفقاً لقناة (RTL Nieuws)، قامت سفينة حربية تنفذ دوريات في البحر الأبيض المتوسط لمنع انتهاكات حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، باعتراض سفينة الشحن الهولندية (Meerdijk) ، وهي في طريقها إلى مدينة بنغازي الليبية ، في 11 أكتوبر 2022. وعثر المفتشون على متن السفينة على 41 مركبة مدرعة مصنعة في دولة الإمارات.
بعد ذلك جرت مرافقة سفينة الشحن إلى مرسيليا الفرنسية، حيث تمت مصادرة المعدات بسبب انتهاك العقوبات، وتم إطلاق سراح الطاقم. وذكرت القناة ، أنه لم يكن لدى طاقم السفينة الوثائق التي تثبت الوجهة النهائية لهذه السفينة- وهي وثيقة مهمة عند نقل البضائع العسكرية. وحاول المفتشون الاتصال بشركة الشحن للحصول على توضيحات، لكنهم لم يتلقوا أي رد. ونوهت القناة، بأن الموضوع أثار اهتمام النيابة العامة الهولندية، لكن لا يزال مجهولاً كم من الوقت سيستغرق التحقيق. وبعد مصادرة المركبات المدرعة، قالت شركة جرونينجن إنها تصرفت بما يتوافق تماما مع اللوائح المعمول بها، ولديها جميع التصاريح والوثائق اللازمة، وشددت على أنها تعاونت مع المفتشين بشكل تام.
المؤشرات الأمنية والعسكرية خلال النصف الثاني من شهر أكتوبر:
- بينما شهدت المنطقة الشرقية اضطرابات أمنية وعسكرية في النصف الأول من شهر أكتوبر ، فإنها في النصف الثاني من الشهر ذاته شهدت عودة الاستقرار والهدوء الأمني بعد أن سيطرت قوات الشرق الليبي بقيادة حفتر على الوضع، واستطاعت احتواء قوات المهدي البرغثي، الذين تفرقوا ما بين جريح وقتيل ومسجون، على رأسهم البرغثي نفسه الذي يثار الجدل حول مصيره في السجن. وهو أمر متوقع، إذ أن المنطقة الشرقية ليست معتادة على مثل هذه المواجهات العسكرية، في ظل بسط القوات الأمنية والعسكرية سيطرتها على الأرض في إطار وحدة عسكرية منضبطة تضم كل التشكيلات المسلحة.
- وعلى النقيض ، فإن المنطقة الغربية التي شهدت هدوءاً واستقراراً أمنياً في النصف الأول من شهر أكتوبر، فإنها شهدت في النصف الثاني من هذا الشهر اضطراباً أمنياً وعسكرياً ، حيث شهدت مواجهات عسكرية ضخمة في مدينة غريان، بين قوات عادل ادعاب القادمة معه من المنطقة الشرقية والقوات التابعة لحكومة الوحدة الوطنية، والتي انتهت باستعادة الأخيرة السيطرة على مدينة غريان ، بعد أن سيطرت قوات ادعاب في البداية على المدينة. وتشير السيطرة المؤقتة لقوات ادعاب في وقت قصير لمدى عدم الجاهزية وضعف السيطرة الأمنية لقوات الغرب الليبي ، والتي تضم تشكيلات عسكرية متعددة متنافسة وغير منضبطة أو موحدة. لكن هذه الأزمة أعطت مؤشراً على أن هذه التشكيلات العسكرية برغم التنافس والخلافات فيما بينها، كقوات الردع وقوات 444، إلا أنها حينما تواجه خطراً قادماً من الشرق فإنها تتحد مع بعضا البعض، وبمجرد هدوء الأوضاع الأمنية تعود الخلافات لتطفو على السطح.
- من الصعب الفصل المطلق لعملية ادعاب العسكرية في غريان عن حفتر وقوات الشرق، فقد يكون هناك دعم ودفع من الأخير لادعاب للقيام بهذه التحركات، خاصة أنه وقواته قدمت من المنطقة الشرقية. وبالتالي قد تكون هذه العملية إما رد من حفتر على عملية المهدي البرغثي في بنغازي، والتي اُتهمت حكومة الوحدة الوطنية بالتورط فيها من قبل حكومة الشرق ، أو أنها بداية مخطط لإعادة حفتر محاولاته الرامية للسيطرة على العاصمة طرابلس.
إن المواجهات العسكرية التي شهدتها المنطقة الشرقية في النصف الأول من شهر أكتوبر، ثم المواجهات التي شهدتها المنطقة الغربية مؤخراً في النصف الثاني
من الشهر ذاته، تشير إلى أن اندلاع حرب شاملة مرة أخرى بين الشرق والغرب أصبح وارداً في أي لحظة، خاصةًّ مع انشغال المجتمع الدولي بحرب غزة.
وأخيراً، فإن تقييم المؤشر الأمني والعسكري للمنطقة الشرقية في النصف الثاني من شهر أكتوبر إيجابي، في حين أن تقييم المنطقة الغربية سلبي. وفي المحصلة، التقييم العام للمؤشر الأمني والعسكري على مستوى الدولة الليبية سلبي، في ظل تكرار الاشتباكات العسكرية في المناطق المختلفة، وتزايد معها احتمالات المواجهة بين المنطقتين الشرقية والغربية، واستمرار حالة الانقسام المؤسساتي الأمني والعسكري.
………………………………………………………………….
ثانياً: المؤشر الاقتصادي والتجاري
يتناول هذا المحور التطورات الاقتصادية، مع التركيز فقط على الملفات التي ترتبط بشكل وثيق بالأمن القومي الليبي، وهي ثلاث ملفات رئيسية: أولاً، الاستثمارات المحلية والأجنبية والتبادلات التجارية بين ليبيا ودول العالم. ثانياً، المؤسسة الوطنية للنفط، وما يرتبط بها من تطورات تتعلق بقطاعي النفط والغاز. وأخيراً، المصرف المركزي، لما يمثله من أهمية مركزية بالنسبة للسياسات المالية والاقتصادية للدولة الليبية.
1. الاستثمارات المحلية والأجنبية
الاتفاق على آلية لتفعيل الاتفاقية الجمركية بين ليبيا وتركيا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اتفقت ليبيا وتركيا على آلية عمل لتفعيل الاتفاقية الجمركية الخاصة بالتعاون الإداري المتبادل، والمبرمة بين الطرفين عام 2014. جاء ذلك خلال اجتماع عقد بمقر وزارة التجارة التركية بالعاصمة أنقرة، في 19 أكتوبر 2023، بين وفد من مصلحة الجمارك الليبية برئاسة مديرها اللواء “سليمان علي سالم” ونظيره التركي. وأوضح بيان نشرته صفحة مصلحة الجمارك على “فيسبوك”، أن الاجتماع تناول الدور المهم الذي تلعبه الجمارك في انسياب حركة السلع، وحماية المستهلك، وتعزيز الأمن الاقتصادي بين البلدين. وشهد الاجتماع، حسب البيان، توقيع محضر اجتماع بين الجانبين لتفعيل تبادل المعلومات، والتعاون في تنفيذ أنشطة تدريبية، لرفع كفاءة أعضاء مصلحة الجمارك.
وتصدرت تركيا المرتبة الأولى حسب بلد المنشأ، بقيمة 1.9 مليار دولار، وبزيادة بقمة 53% خلال الأشهر التسعة الأولى من العام، مقارنة بالمدة نفسها من العام الماضي. ووفقا لبيانات مصرف ليبيا المركزي، الذي تحصلت “العربي الجديد” على نسخة منه، جاءت مصر في المرتبة الثانية بقيمة 1.4 مليار دولار، ثم الصين بقيمة مليار دولار. ومن ناحية بلد المستفيد، حلت تركيا في المرتبة الثالثة بقيمة 814 مليون دولار، جاءت بعد الإمارات ومصر.
وفي سياق متصل، دعا وزير الاقتصاد والتجارة في حكومة الوحدة الوطنية “محمد الحويج”، المستثمرين وأصحاب الأعمال والشركات التركية لاستكمال تنفيذ مشاريعهم المتوقفة لسنوات في ليبيا، والاستفادة من الفرص التي بات يوفرها الاقتصاد الليبي. وخلال مباحثات أجراها الحويج مع نظيره التركي “عمر بولات”، ونائبه “مصطفى تتوج”، تم تناول العلاقات الاقتصادية بين البلدين، على هامش منتدى الاقتصاد والأعمال التركي الأفريقي باسطنبول. وبدأت حكومة طرابلس في منح عقود للشركات التركية في عام 2020، حيث شيدت شركات البناء التركية ثلاثة آلاف منزل جاهز في طرابلس. وتحاول تركيا، خلال ولاية أردوغان الجديدة، توسيع مشروعات البناء وتعزيز مصالحها الاقتصادية في ليبيا.
وتمتد العلاقات الاقتصادية التركية – الليبية أيضا إلى قطاع البناء والإنشاءات، الذي كانت للحرب الأهلية في البلاد تداعيات شديدة عليه. ووفقا لـ”مرتضى قرنفلي” رئيس مجلس الأعمال التركي – الليبي في مجلس العلاقات الاقتصادية الخارجية، بلغت قيمة تجارة البناء التركية في ليبيا 29 مليار دولار أميركي في عام 2010. ووصلت قيمة اتفاقية المشروعات، التي رست مناقصاتها على الشركات التركية في عهد القذافي، إلى نحو 16 مليار دولار، قبل أن يتعطل استكمال هذه المشاريع؛ بسبب الحرب إبان الثورة الليبية عام 2011، وفقا لبيانات وزارة التخطيط بحكومة الوحدة الوطنية.
…………………………………………………………….
طريق تنموي يربط سيوة المصرية بالكفرة وبلدية الكفرة تنفي علاقتها بالمشروع
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كشفت محافظة مطروح المصرية عن تنفيذ طريق تنموي جديد، يمتد من جنوب مدينة سيوة الواقعة على حدود شرق ليبيا، حتى مدينة الكفرة جنوب شرق البلاد، بطول 200 كيلو متر. وذكرت المحافظة عبر صفحتها في فيسبوك، أن محافظ مطروح “خالد شعيب تفقد”، في 21 أكتوبر2023، الطريق رفقة رئيس مدينة سيوة “محمد بكر”، ورئيس مجلس إدارة شركة المقاولات المنفذة للمشروع “بلال أحمد بلال”، مؤكدةً أن الطريق الجديد سيسهم في تنمية وزراعة مساحة 650 ألف فدان جديد جنوب واحة سيوة.
في المقابل، نفى مدير مكتب الإعلام ببلدية الكفرة “عبدالله سليمان” لموقع “فواصل”، علاقة البلدية بهذا المشروع الذي ينفذ جنوب مدينة سيوة المصرية، مؤكداً أن تنفيذ هذا الطريق مستحيل جغرافياً، لأن سيوة تبعد عن الكفرة حوالي 800 كيلو متر. وأوضح سليمان أن مدينة الجغبوب الليبية هي أقرب للحدود المصرية من الكفرة، مستغرباً ذكر محافظة مطروح لمدينة الكفرة في هذا المشروع، الذي وصفه بـ”غريب جدا، وغير منطقي”
2. المؤسسة الوطنية للنفط
“سوناطراك” الجزائرية تستأنف التنقيب عن النفط والغاز في ليبيا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أعلن المدير العام لمجمع المحروقات الجزائري سوناطراك “رشيد حشيشي”، عودة الشركة لاستئناف عمليات التنقيب عن النفط والغاز في ليبيا. حيث جرى، في 30 أكتوبر 2023، اتصال بين مدير “سوناطراك” ورئيس مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا “فرحات عمر بن قدارة”، ناقشا خلاله موضوع استئناف مجمع “سوناطراك أنشطته، في أعقاب الإخطار الرسمي الذي تقدمت به “سوناطراك” بشأن رفع حالة القوة القاهرة، وقرارها استنئاف العمل في الحقول النفطية التي كانت تعمل فيها قبل عام 2016. وجاء قرار رفع القوة القاهرة واستئناف العمل، وفقاً لبيان “سوناطراك”، بمثابة “استجابةً لدعوة المؤسسة الوطنية للنفط الموجهة للشركات العالمية العاملة في مجال النفط والغاز في ليبيا”، حيث اتفق الطرفان على عقد اجتماع رفيع المستوى يوم 7 نوفمبر القادم في طرابلس، بقصد ترسيم عملية استئناف العمل، ومناقشة سبل ترقية الشراكة الثنائية وتعزيز علاقات التعاون بين الشركتين.
وتحوز “سوناطراك” عقود استكشاف في رقعتين لحوض غدامس، وكانت اضطرت لوقف العمل فيهما بسبب التوترات الأمنية التي شهدتها ليبيا منذ العام 2011، ثم عادت الشركة إلى النشاط عام 2012، قبل أن تعاود التوقف عام 2015، بسبب تدهور الوضع الأمني، وأبقت سوناطراك على عتاد استكشاف واستغلال النفط في موقعين بمنطقة غدامس جنوب غربي ليبيا. وفي يناير2018، وقعت سوناطراك ومؤسسة النفط الليبية اتفاقاً تقوم بموجبه الأولى بتسيير حقول النفط الليبية الواقعة قرب الحدود بين البلدين، هما “الرار” و”الوفاء” اللذان يقعان في منطقة غدامس الليبية قرب الحدود مع الجزائر، تمهيداً لبدء استغلالهما. وفي يونيو الماضي، أعلنت الحكومة الجزائرية أنها تُجري تنسيقاً واتصالات مع الحكومة الليبية بشأن عودة “سوناطراك” للنشاط في ليبيا، حال توفر الظروف المساعدة على ذلكّ، تطبيقاً لاتفاق وقع في بداية عام 2018.
وفي 26 أكتوبر، أعلنت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا تشغيل بئر متوقف منذ 22 عاما، لتضيف 1510 براميل نفط يوميا ضمن خطتها لرفع إنتاجها. وقالت المؤسسة إن الفرق الفنية التابعة لشركة الخليج العربي للنفط (أكبر الشركات الليبية ) تمكنت من تحويل البئر (DD21-80) بحقل مسلة النفطي (الضخم، على بعد 500 كلم جنوب شرق بنغازي) إلى بئر ينتج 1510 براميل يوميا. وأكدت أن البئر كان مصنفا بئر ملاحظة غير منتج منذ 22 عاما، موضحةً أنها “تمكنت من الإنتاج منه اليوم باستخدام تقنية الحفر الموجه وإعادة الدخول. وذكر بيان المؤسسة الليبية أن تشغيل البئر جاء سعياً لتنفيذ خطتها الطموحة لزيادة معدلات الإنتاج.
وتأتي الخطوة الجديدة من المؤسسة الليبية ضمن خطوات أخرى اتخذتها في أوقات سابقة لزيادة الإنتاج، وذلك ضمن رؤيتها الجديدة التي أعلنتها للمرة الأولى خلال ملتقى “دعم قطاع النفط والغاز” الذي نظمته بمدينة إسطنبول في 3 فبراير الماضي. تجدر الإشارة إلى أن ليبيا معفاة من قرار منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” القاضي بخفض الإنتاج.
وكانت المؤسسة الوطنية للنفط أعلنت، في 25 أكتوبر، أن إنتاج النفط الخام بلغ خلال الـ24 ساعة الماضية في ليبيا مليون و 215 ألف برميل يومياً. وأضافت المؤسسة، في بيان لها أن إنتاج المكثفات بلغ 54 ألف برميل يومياً خلال الـ 24 ساعة الماضية.
وأنتجت ليبيا خلال شهر سبتمبر الماضي حوالي 35.872 مليون برميل من النفط الخام، و513.5 ألف طن من المنتجات النفطية، و 41.151 ألف طن من المنتجات البتروكيماوية، 197.730 ألف طن من المكثفات، ومليار و44 ألف متر مكعب من الغاز الطبيعي، وفق إحصائيات المؤسسة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مونتيل: مساع ليبية لزيادة إنتاج البلاد من الغاز خلال 5 سنوات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أكد تقرير اقتصادي نشره موقع “مونتيل” الإخباري الدولي سعي ليبيا لمضاعفة إنتاجها من الغاز خلال 5 سنوات وتعزيز صادراتها منه. التقرير أشار لسعي ليبيا لمضاعفة الإنتاج الغازي لـ41 مليار متر مكعب سنوياً، ما يزيد حجم التصدير وتلبية الاحتياجات المحلية المتزايدة، ناقلاً عن المسؤول بمؤسسة النفط في طرابلس “خليفة رجب عبد الصادق” وجهة نظره بالخصوص. وصرح عبد الصادق على هامش مشاركته في قمة الطاقة في مدينة رافينا الإيطالية، أن التطورات الجديدة في حقول الغاز ستتماشى مع تحرك ليبيا لتعزيز إنتاج الغاز، وخط أنابيب الغاز الأخضر الوحيد في ليبيا ينقل حاليا ما يزيد قليلاً عن 3 مليارات متر مكعب سنويا وصادراته.
وقال عبد الصادق أن الهدف هو الوصول إلى طاقته الكاملة التي تزيد قليلا عن 10 مليارات متر مكعب سنوياً خلال السنوات الـ3 إلى الـ5 المقبلة، وأن كمية الغاز المصدرة في السنوات اللاحقة تعتمد على الطلب المحلي مع استخدام المزيد من مصادر الطاقة المتجددة. وتابع عبد الصادق قائلا إن ليبيا تنتج حالياً نحو 20 مليار ونصف المليار متر مكعب سنوياً من الغاز، مع خطط التوسع التي تتوقف إلى حد كبير على العلاقات الحالية والجديدة للمؤسسة الوطنية للنفط مع شركات الطاقة الأوروبية متعددة الجنسيات، مثل إيني وريبسول وتوتال إنيرجي.
3. المصرف المركزي
ارتفاع جديد لسعر الدولار في ليبيا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أظهر تراجع سعر صرف العملة الأجنبية في السوق الموازية إلى 5.50 دنانير للدولار، بينما ظل سعره بالمصرف المركزي مستقرًا عند 4.91 دنانير للدولار، كما بلغ سعر اليورو في السوق الموازي 5.64 دنانير مقابل سعر رسمي عند 5.16 دنانير. وأكدت مصادر من مصرف ليبيا المركزي لـ”العربي الجديد”، أن “سعر الصرف مستقر منذ عام 2021 عبر السعر الموحد المعمول به، وما يحدث في السوق عبر عن مضاربات يقوم بها بعض التجار، ولا داعي للقلق”.
ومن جهته، رأى المحلل الاقتصادي “عبد الحكيم جانبية”، أن هناك جملة من الإجراءات اتخذها مصرف ليبيا المركزي تسببت في رفع سعر الصرف. وقال جانبية لـ”العربي الجديد”، إن هناك ربما قيوداً جديدة على العملة الصعبة بعد ارتفاع العجز في ميزان المدفوعات إلى أكثر 9 مليارات دولار، مما يستوجب اتخاذ إجراءات خلال الربع الأخير من أجل تقليل استخدامات النقد الأجنبي. وأضاف أن الارتفاع لن يكون كبيراً بالمقارنة بالسنوات الماضية ما دام المركزي لديه القدرة على الدفاع عن السعر الحالي على المديين القصير والمتوسط، مع وجود احتياطيات جيدة من النقد الأجنبي.
وفي عام 2021، قرر مجلس إدارة مصرف ليبيا المركزي تعديل سعر الصرف مجددًا برفع قيمة الدينار، لينخفض سعر الدولار من 4.48 إلى 4.23 دنانير، ثم ارتفع إلى 4.8 دنانير بعد ذلك للدولار، ثم ارتفع الى 4.9 دنانير للدولار. وبلغ إجمالي الاستخدامات والالتزامات القائمة بالنقد الأجنبي خلال الأشهر التسعة الأولى من العام نحو 27.6 مليار دولار، فيما بلغ إجمالي إيرادات النقد الأجنبي خلال تلك المدة 17.7 مليار دولار، وفقاً لبيانات مصرف ليبيا المركزي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نو إنسايدرز: اقتصاد ليبيا من بين أسرع الاقتصادات نمواً في العالم
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
توقع تقرير إحصائي نشره موقع “نو إنسايدرز” الإخباري الأميركي أسرع الاقتصادات نموا في العالم خلال العام 2024، ومن بينها الليبي. التقرير أكد توقعات صندوق النقد الدولي بشأن تحقيق الاقتصاد الليبي نمواً بمقدار 7.5%، فيما توقعت مجموعة بنك التنمية الإفريقي أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 8% في العام المقبل. وأرجع التقرير هذه التوقعات إلى ارتفاع أسعار النفط والانتعاش في قطاع الهيدروكربونات بنسبة بلغت 17.9% في العام 2023، متوقعاً بقاء التضخم تحت السيطرة ليصل إلى 4.5% خلال هذا العام و4.6% في العام 2024.
وبحسب التقرير، من المتوقع أن يسجل ميزان المالية العامة فائضاً يتراوح بين 18.8 و22.1% من الناتج المحلي الإجمالي في القريب العاجل، مؤكداً أن ليبيا كانت من أسرع الاقتصادات نموا في العالم، رغم ظروفها الصعبة خلال الفترة الممتدة بين العامين 2022 و2026.
المؤشرات الاقتصادية والتجارية خلال النصف الثاني من شهر أكتوبر:
- الحراك التجاري والتعاون الاقتصادي بين ليبيا والدول الأخرى تركز في هذه الفترة على مصر وتركيا. وهو استمرار للحراك التجاري النشط بين الدولتين مع ليبيا، والذي هو انعكاس لطبيعة التحالف الاستراتيجي الذي يربط مصر بالمنطقة الشرقية وتركيا بالمنطقة الغربية. ولذلك حلت تركيا في المرتبة الأولى ومصر في المرتبة الثاني كأكثر الدول المصدرة لليبيا، كما حلت مصر المرتبة الثانية وتركيا المرتبة الثالثة كأكثر الدول استيراداً من ليبيا. وهو يعطي دلالة على أهمية المنظور الاقتصادي لكل الدول الفاعلة في تعاطيهم مع الأزمة الليبية، لما تمثله لهم من بيئة مناسبة لمزيد من المنافع الاقتصادية، سواء على مستوى الاستثمارات أو التبادلات التجارية أو إعادة الإعمار، فضلا عن قطاع النفط والغاز.
- يشهد قطاع النفط والغاز طفرة في الانتاج الحالي فضلاً عن الخطط المستقبلية لتعظيم هذا الانتاج، كما برز في عودة شركة الطاقة الجزائرية سوناطراك للتنقيب عن النفط والغاز في ليبيا، وإعادة تشغيل بئر متوقف أضاف أكثر من ألف برميل نفط يومياً للانتاج الليبي. فضلاً عن خطة ليبية لزيادة انتاج الغاز خلال الـ5 سنوات المقبلة.
- بينما تراجع سعر صرف العملة الليبية أمام الدولار ، والذي يرجح بعض الخبراء بأنه تراجع مؤقت، فإن التقارير تتحدث عن توقعات إيجابية للاقتصاد الليبي على مستوى معدلات النمو الاقتصادي والناتج المحلي الإجمالي والموازنة العامة للدولة.
- في المحصلة، تقييم المؤشر الاقتصادي والتجاري بشكل عام متوسط، حيث برزت نقاط إيجابية كتزايد الإنتاج النفطي والنمو الاقتصادي، فضلاً عن توحيد المصرف المركزي. في المقابل، هناك نقاط سلبية، حيث يواجه الاقتصاد الليبي معضلة بنيوية تتعلق بضرورة التخلص من الاقتصاد الريعي بتنويع الانتاج ومصادر الدخل، كما أن استمرار الانقسام السياسي يجهض الاستفادة المثلى من المداخيل، فضلاً عن تغلغل الفساد واستخدام المال السياسي في كسب الولاءات في الشرق والغرب، وأخيراً التراجع الطفيف لسعر الصرف.
ثالثاً: المؤشر السياسي الداخلي
يتناول هذا المحور التطورات السياسية الداخلية، وتشمل الاحتجاجات الشعبية وما يرتبط بها من مطالب، وطريقة تعاطي السلطات معها. فضلاً عن اللقاءات الهامة بين المؤسسات السياسية الرسمية وغير الرسمية داخل ليبيا، وما تصدر عنها من قرارات وتصريحات. وأخيراً ملف الصراع بين المنطقتين الشرقية والغربية، وما يرتبط بذلك من جهود لتسوية الصراع، بما في ذلك إجراء الانتخابات وتشكيل الحكومة.
1. الاحتجاجات والمطالب
الجنوب الليبي يعاني من نقص حاد في الخدمات المعيشية والصحية
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وسط الصراعات السياسية القائمة بين شرقي ليبيا وغربها منذ عام 2014، يبقى الجنوب الليبي خارج دائرة الضوء، في حين يشكل المساحة الكبرى في ليبيا، لكن الكثافة السكانية في البلاد تنحصر في الشريط الساحلي الشمالي الخصب الذي يمتد على مسافة 2000 كيلومتر؛ من معبر رأس الجدير الحدودي مع تونس غرباً إلى معبر امساعد مع مصر شرقاً. وهكذا تبقى المناطق الصحراوية الجنوبية مهملة رغم أنها تضم غالبية مخزونات الدولة من الثروات المعدنية والبترولية والمياه الجوفية أيضاً. يقول أهالي الجنوب الليبي إنهم يعانون من نقص حاد في الخدمات المعيشية والصحية، ومن عدم توفر الأمن، ويعزون معاناتهم إلى الإهمال الحكومي والرسمي الكبير بسبب الصراعات السياسية. يقول الناشط السياسي والمدني “رمزي المقرحي” لـ”العربي الجديد” إن “مزيج التبعية وابتعاد الجنوب عن مدن الشمال الأكثر ازدهاراً تسببا سابقاً في إهمال مدن وسكان الجنوب وصولاً حتى إلى عدم تغطية أخبار الكوارث الطبيعية التي تحدث في الجنوب وتؤثر على حياة سكانه، وهو ما حصل حين غمرت سيول الأمطار بشكل غير اعتيادي غالبية مناطق الجنوب الغربي مطلع أكتوبر”. من جهته يرى المقرحي أن “الإهمال الحكومي لمناطق الجنوب ليس جديداً أو وليد اللحظة، وهو أمر اعتيادي، علماً أن أكبر المشكلات تتمثل في الوضع السيئ لطرقاتها التي لم تخضع لأي أعمال صيانة منذ أن أنشئت في ثمانينيات القرن الماضي، وكذلك المطارات مثل مطاري سبها واوباري، كما تعاني هذه المناطق من سوء خدمات الاتصالات الهاتفية والإنترنت”. وفي عاصمة الجنوب سبها، يشتكي السكان منذ سنوات من مشكلات مياه الصرف الصحي التي شكلت بحيرات في مناطق متفرقة، ما ينذر بكوارث بيئية. ويعترف المقرحي بصعوبة حل مشكلة الصرف الصحي نهائياً في الوقت الراهن، لكنه يؤكد عدم وجود محاولات جدية من السلطات في الشرق والغرب للشروع في البحث عن حل للمشكلة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2. القرارات واللقاءات والتصريحات الرسمية
حكومة الشرق تتجه بشكل منفرد لعقد مؤتمر دولي لإعمار المناطق المنكوبة
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
على الرغم من الدعوات الدولية للحكومتين المتنافستين على السلطة في ليبيا بضرورة تنسيق الجهود بشأن إعادة إعمار المناطق المتضررة شرق البلاد جراء إعصار “دانيال” المدمر، أعلنت حكومة الشرق الليبي برئاسة “أسامة حماد”، مضيها قدما وبشكل منفرد في إقامة مؤتمر دولي لإعادة إعمار مدينة درنة. وقالت حكومة حماد، في 20 أكتوبر 2023، إن اللجنة التحضيرية العليا للمؤتمر تفقدت بمدينة درنة مقر إقامة فعاليات اليوم الأول من المؤتمر للاطلاع على سير العمل، ومتابعة آخر التجهيزات والاستعدادات، مشيرة إلى إبداء اللجنة بعض الملاحظات، وتأكيدها على ضرورة توفير بعض الأمور اللوجيستية المهمة.
وقد طفا على سطح الأزمة الليبية خلافاً بين محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي، وحكومة أسامة حماد، أرجعه متابعون إلى التنافس على قيادة وإدارة مشاريع إعادة إعمار مدينة درنة. واندلع سجال إعلامي بين المنفي وحماد على خلفية ما ذكره المنفي خلال الاجتماع الأخير لـ”الجنة المالية العليا” في طرابلس مؤخراً، حيث صرح بأنه “لن يُسْمَح بتحول إعمار المناطق المتضررة إلى فرصة للمتجاوزين والمعرقلين لأي مشاريع”، وهو ما عدّه حماد تنكراً لدور حكومته، ودور قوات الشرق الليبي في معالجة تداعيات كارثة الإعصار، الذي ضرب مدناً عدة بشرق البلاد. ودعا حمّاد لحل اللجنة المالية، التي شكلها ويترأسها المنفي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لجنة جبر أضرار درنة: 4150 عائلة مُدخلة بقاعدة بيانات المتضررين
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كشف “أحمد عبد الله” مسؤول بلجنة جبر أضرار مدينة درنة، في 31 أكتوبر 2023، أن اللجنة أدخلت حتى الآن بيانات 4150 عائلة متضررة من الفيضانات الأخيرة ضمن قاعدة بيانات المستحقين للتعويضات، موضحاً أنه من المقرر إدخال بيانات 2000 عائلة إضافية. كما أوضح عبدالله أن لجنة الحصر الميداني مقسمة إلى 3 فرق لمعاينة المنازل المتضررة والتأكد من صحة البلاغات، على أن تعاين كل فرقة 75 منزلاً يومياً. أشار أيضاً إلى أن قيمة تعويضات الأضرار حُددت بـ20 ألف دينار للمنازل التي تضرر أثاثها، و50 ألفاً للمنازل التي تحتاج لإصلاحات، فيما خُصص مبلغ 100 ألف دينار للمنازل المنهارة تماماً جراء الفيضانات. ولفت إلى وجود بعض حالات التحايل من بعض الأهالي من خلال المطالبة بتعويضات لمنازل مهجورة أو مطالبة أزواج منفصلين بتعويضين بدلاً من واحد.
ولا تزال مدينة درنة والمناطق المنكوبة في الجبل الأخضر تعاني آثار الفيضانات المدمرة التي ضربتها في سبتمبر الماضي، والتي خلفت الآلاف من الضحايا والنازحين ودمرت البنية التحتية بشكل واسع. وفي ظل محاولات إعادة إعمار المدينة وتعويض المتضررين، ما زالت هناك تحديات كبيرة تواجه عملية الإغاثة وجبر الأضرار، إلى جانب مخاطر تفشي الأمراض وانتشار الأوبئة نتيجة المياه الملوثة وتحلل الجثث.
وكانت حكومة الوحدة الوطنية الليبية قد أعلنت، في 29 أكتوبر، استئناف الدراسة رسميا في جميع المؤسسات التعليمية غير المتضررة بمدينة درنة، والتي تشمل 85 مؤسسة تعليمية. ونقل البيان الحكومي عن مراقب التربية والتعليم بدرنة “عبد الحميد حماد الطيب” قوله إن “الدراسة استؤنفت في المؤسسات التعليمية التي لم تتعرض إلى أضرار”، مشيرا إلى نقل “التلاميذ والطلاب المتضررة مدارسهم إلى مدارس قريبة من موقع سكناهم”. وأفاد الطيب “بتضرر 18 مدرسة جراء الفيضانات والسيول التي اجتاحت المدينة، منها 10 تضررت بشكل كبير”.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
3. الصراع بين الشرق والغرب وجهود التسوية
إحاطة باتيلي حول الوضع في ليبيا: تحذيرات من الانزلاق نحو نزاع جديد
أمام أعضاء مجلس الأمن، ألقى المبعوث الأممي إلى ليبيا “عبد الله باتيلي”، في 16 أكتوبر 2023، إحاطة حول الوضع في ليبيا. هذه الإحاطة اتسمت بطابع المراوحة والتردد في الموقف الذي تتخذه الأمم المتحدة تجاه الواقع الليبي الذي يزداد تعقيداً يوماً بعد يوم. تضمنت الإحاطة العديد من التوصيات والتوجيهات، ولكنها لم تقدم أي حلول جديدة تساعد في تجاوز الانسداد السياسي القائم وتهيئ الأرضية لإجراء الانتخابات في ليبيا.
باتيلي أشار، في إحاطته، إلى أن النسخة المنقحة من القوانين الانتخابية التي أقرها مجلس النواب في الخامس من أكتوبر الجاري، لم تحقق تقدماً كبيراً في معالجة النقاط الخلافية المهمة، ولا تتضمن هذه القوانين الملاحظات التي سجلتها البعثة الأممية بشأن نصوص القوانين بحيث تكون جاهزة للتنفيذ. وذكر المبعوث الأممي أن النقاط الخلافية تتعلق بالجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، وبالربط بين الانتخابات التشريعية والرئاسية، بالإضافة إلى مسألة تشكيل حكومة واحدة. باتيلي أيضاً أبدى قلقه إزاء نجاح القوانين الحالية في ضمان سلامة وشفافية العملية الانتخابية. كما أشار إلى تصاعد التوتر بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة بشأن هذه القوانين، وحذر من أن هذا التصاعد يمكن أن يعرض جهود إجراء الانتخابات للخطر. بالإضافة إلى ذلك، دعا باتيلي مجلس الدولة إلى التخلي عن موقفه والتوصل إلى توافق يسهم في تحقيق التقدم نحو إجراء الانتخابات وتحقيق الاستقرار.
وفيما كرر باتيلي دعوته القادة الليبيين للحوار من أجل تجاوز الخلافات للوصول إلى توافق حول الأطر القانونية للانتخابات، لم يعلن أي تفاصيل جديدة في خطته الرامية لإطلاق مسار تفاوضي شامل حول النقاط الخلافية في القوانين. والجديد في إحاطة باتيلي تحذيره من نشوب نزاع جديد في حال تعيين حكومة جديدة بشكل أحادي من أحد الأطراف، داعياً مجلس الأمن إلى ضرورة استخدام نفوذه لمنع نشوب نزاع جديد، والتعبئة لحوار سياسي تفاوضي بين مختلف الأطراف لمنع تجنب انزلاق البلاد إلى أزمة جديدة، وللوصول إلى تسوية ملزمة، تقود نحو عملية انتخابية سليمة يكون عمودها الفقري هو حكومة موحدة تقود البلاد نحو الانتخابات.
وعقب إحاطة باتيلي أصدرت سفارات دول الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وفرنسا بيانا مشتركاً، عبرت فيه عن تأييدها لدعوة باتيلي القادة الليبيين لحوار جديد من أجل التوصل إلى تسوية سياسية مُلزمة تمهد الطريق لإجراء انتخابات وطنية، وحكومة موحدة. وفي إشارة للمسار التفاوضي الشامل الذي سبق أن أعلن باتيلي عن رغبته في إطلاقه، كإطار لتفاوض سياسي جديد، أكد بيان السفارات الخمس على أن أي مسار متفق عليه بالإجماع ويحظى بمشاركة من جميع الأطراف يوفر أفضل الطرق لإجراء الانتخابات ومستقبل السلام والوحدة والاستقرار والازدهار للشعب الليبي.
جدير بالذكر، اعتمد مجلس الأمن الدولي، في 30 أكتوبر 2023، بالإجماع مشروع قرار يجدد ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا “أونسميل” لمدة عام. حيث اعتمد أعضاء مجلس الأمن (15 دولة) بالإجماع تمديد ولاية البعثة لمدة عام كامل ينتهي في 31 أكتوبر 2024. وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا أنشأها مجلس الأمن الدولي في 16 سبتمبر2011، بناءً على طلب السلطات الليبية لدعم عملية الانتقال السياسي في البلاد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عقيلة يؤكد للمبعوث الفرنسي على تشكيل حكومة موحدة تدير الانتخابات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التقى رئيس مجلس النواب “عقيلة صالح”، في 29 أكتوبر 2023، بمدينة القبة، المبعوث الفرنسي الخاص “بول سولير” والسفير الفرنسي “مصطفى مهراج”، وبحث معهما عديد الملفات، وذلك بعد أسبوع فقط من طلب مقاطعة الدول الداعمة للاحتلال الإسرائيلي. وتناول الطرفان مستجدات الأوضاع السياسية في البلاد، والقوانين الانتخابية الصادرة عن مجلس النواب. وأكد عقيلة على الضرورة المُلحة لتشكيل حكومة موحدة على مستوى ليبيا، مهمتها بالدرجة الأولى اجراء الانتخابات، بدعمها للمفوضية الوطنية العليا للانتخابات.
جدير بالذكر، قام المبعوث الفرنسي خلال هذه الفترة بجولة سياسية داخل ليبيا، التقى خلالها، بجانب عقيلة صالح، برئيس حكومة الوحدة الوطنية “عبد الحميد الدبيبة”، ورئيس المجلس الرئاسي “محمد المنفي”، ورئيس المجلس الأعلى للدولة “محمد تكالة”، والمشير “خليفة حفتر” قائد قوات الشرق الليبي، و”ريزدون زينيغا” نائب رئيس البعثة الأممية. وخلال كل هذه اللقاءات أكد المبعوث الفرنسي على ضرورة تشكيل حكومة موحدة في البلاد للتحرك نحو الانتخابات.
المؤشرات السياسية الداخلية خلال النصف الثاني من شهر أكتوبر:
- المؤشرات السياسية : على الرغم من إنجاز قوانين الانتخابات، إلا أنها تأخذ منحنى سلبي؛ فبجانب استمرار الانقسام السياسي والمؤسساتي، عبر حكومتين في الشرق والغرب، والفشل في تشكيل حكومة موحدة مؤقتة تجري العملية الانتخابية، فإن الخلافات بين الحكومتين قد تصاعدت على وقع ملف إعادة الإعمار، واستمرار حكومة الشرق في طريقها لعقد مؤتمر لإعادة الإعمار بشكل منفرد دون تنسيق مع المنطقة الغربية، بل إن الخلافات في هذا الملف شملت العلاقة ما بين أسامة حماد ومحمد المنفي.
- إحاطة المبعوث الأممي في الأمم المتحدة عن الوضع في ليبيا كافية لتقديم مؤشرات واضحة عن مدى تعقد الأزمة السياسية في ليبيا، لدرجة أنه حذر من انزلاق البلاد نحو نزاع جديد. وبينما كثفت الولايات المتحدة، عبر مبعوثها الخاص، من جهودها لرأب الصدع بين الفرقاء السياسيين في ليبيا في النصف الأول من شهر أكتوبر، فإن النصف الثاني شهد خفوت هذه الجهود لصالح تصاعد دور المبعوث الفرنسي الخاص، ولا يبدو أن لدى الفرنسيين ما ليس لدى الأمريكيين والبعثة الأممية ليقدموه لليبيا.
- أخيراً، التقيم العام للمؤشر السياسي الداخلي سلبي جدا، إذ أن احتمالية تشكيل حكومة موحدة مؤقتة وإجراء الانتخابات، وفقا لمعطيات الفترة الحالية، تبدو بعيدة المنال، إلا إذا كانت هناك ضغوط حقيقية إقليمية ودولية في هذا الاتجاه.
رابعاً: المؤشر السياسي الدولي
يتناول هذا المحور الأنشطة السياسية الخارجية للدولة الليبية وتفاعلاتها مع القضايا الإقليمية والدولية. ويشمل اللقاءات والزيارات والتصريحات الرسمية، بالإضافة إلى السياسات والقرارات المتعلقة بالسياسة الخارجية، وأخيراً النفوذ السياسي للقوى الإقليمية والدولية في ليبيا.
1. اللقاءات والتصريحات الرسمية
تفاعل ليبي قوي على المستويات الرسمية والشعبية تجاه حرب غزة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
قرر مشايخ وأعيان ليبيا التوجه، في 17 أكتوبر 2023، إلى مجمع مليتة للنفط والغاز لوقف عمليات تصدير الغاز إلى إيطاليا، احتجاجاً على موقف الدول الغربية من العدوان على غزة. ومنذ اندلاع الحرب، خرجت مظاهرات عدة مؤيدة للفلسطينيين في مدن ليبية عدة، حيث شارك مئات الليبيين، في 20 أكتوبر، في تظاهرة بميدان الشهداء وسط العاصمة طرابلس تضامناً مع غزة. كما اتخذت السلطات الليبية في المنطقتين الشرقية والغربية قرارات لتمييز الجالية الفلسطينية في ليبيا. فقد اعتمدت حكومة الوحدة الوطنية قراراً يمنح الأرامل والمطلقات من الجالية الفلسطينية المعاش الأساسي كمساعدات لهم، كما أصدرت الحكومة في اجتماعها العادي الثامن لعام 2023، قراراً يقضي باستمرار صرف المنحة الشهرية للطلبة الفلسطينيين في الجامعات والمعاهد العليا. من جهته، أصدر رئيس حكومة الشرق الليبي “أسامة حماد”، تعليماته العاجلة لكافة المؤسسات والوزارات بضرورة تفعيل القرار (49) لعام 1990، القاضي بمعاملة الفلسطينيين المقيمين في الدولة الليبية معاملة الليبيين وتمتعهم بكافة حقوق المواطنة.
وفي ذات السياق، قال رئيس المجلس الرئاسي “محمد المنفي”، في كلمته بقمة القاهرة للسلام، في 21 أكتوبر، بشأن تداعيات القضية الفلسطينية: “يجب علينا جميعا العمل من أجل تحقيق السلام والحماية لصالح المدنيين من الشعب الفلسطيني“، موضحاً أن تأخر مجلس الأمن فى التوصل لقرار يوقف العدوان “يحتم علينا كدول أن نطالب بالوقف الفورى للعمليات العسكرية فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، ويجب التوقف عن استهداف المقدسات ويحب دعوة الأشقاء الفلسطينيين لوحدة الصف من أجل حل القضية الفلسطينية”. كما دعا مجلس النواب الليبي إلى وقف فوري للإبادة الجماعية التي يتعرض لها سكان قطاع غزة. جاء ذلك على لسان وفد المجلس المشارك في أعمال الجمعية العامة الـ147 للاتحاد البرلماني الدولي في العاصمة الأنغولية. وترأس الوفد النائب الأول للمجلس “فوزي النويري”، الذي أصر على إدراج بند طارئ حول القضية الفلسطينية لمناقشة آخر الأوضاع الإنسانية جراء الاعتداء الذي تتعرض له غزة من الكيان الصهيوني.
وفي خطوة مهمة من مجلس النواب تجاه القضية الفلسطينية، طالب المجلس في بيان نشره المجلس على صفحته الرسمية في الفيسبوك، في 25 أكتوبر، طالب فيه بمغادرة سفراء الدول الداعمة للكيان الصهيوني المحتل البلاد فورًا، داعيًا إلى وقف تصدير النفط والغاز لها في حال استمرار المجازر في قطاع غزة. وأكد المجلس في بيان، في 25 أكتوبر، ضرورة الوقف الفوري للعدوان الذي وصفه بأنه حملة إبادة جماعية من قبل العصابات الصهيونية، مشيرًا إلى رفضه تهجير أهالي قطاع غزة بأي شكل. وأخيراً، عقد المجلس الأعلى للدولة، في 26 أكتوبر، جلسة استثنائية خصصت لمناقشة ما يقترفه الكيان الصهيوني في حق الشعب الفلسطيني، خصوصا في غزة، من قتل وتهجير قسري وإبادة جماعية. وناقش الأعضاء خلال الجلسة سبل توفير وإيصال المساعدات الإنسانية والطبية العاجلة لسكان غزة، وطالبوا بقطع العلاقات مع الدول الداعمة للكيان الصهيوني وإيقاف تصدير الغاز والنفط لها، ومقاطعة منتجاتها، وتعليق التعامل مع سفراء هذه الدول حتى يتم إيقاف العدوان الغاشم على غزة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الدبيبة يلتقي أردوغان في إسطنبول وفيدان في أنقرة
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
التقى رئيس حكومة الوحدة الوطنية “عبد الحميد الدبيبة”، في 20 أكتوبر 2023، الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في قصر وحيد الدين بمدينة إسطنبول. الدبيبة وأردوغان بحثا عددا من الملفات المشتركة بين البلدين، إلى جانب عدد من القضايا الإقليمية والدولية. وقدم الدبيبة الشكر لدولة تركيا على دورها في أحداث كارثة مدينة درنة ومساهمتها الفنية، وتقديم الدعم في عدة مجالات مشيداً بدور فرق الإنقاذ وانتشال الجثث. من جانبه، أكد أردوغان استعداد تركيا للمساهمة في إعادة الإعمار لبلدية درنة والبلديات المجاورة في كل المجالات، والاستفادة من الخبرة التركية في التعامل مع مثل هذه التداعيات. كما تم الاتفاق على زيادة التعاون في مجالات التدريب العسكرية، والرفع من كفاءة عناصر “الجيش الليبي”. وتم التطرق أيضا إلى سبل تعزيز التبادل التجاري وتسهيل إجراءات التنقل بين البلدين . كما كلف أردوغان وزير الطاقة التركي للمشاركة في مؤتمر الطاقة الليبي المزمع عقده في نوفمبر القادم بالعاصمة طرابلس، بمشاركة عدد من الدول والشركات العالمية.
وفي 23 أكتوبر، بحث وزير الخارجية التركي “هاكان فيدان”، مع عبد الحميد الدبيبة، التطورات في ليبيا وسبل حل الأزمة السياسية في البلاد. ووفق مصادر بالخارجية التركية، أكد فيدان والدبيبة، خلال محادثات في مقر الخارجية في أنقرة، دعم تركيا وحكومة الوحدة الوطنية جهود المبعوث الأممي باتيلي لإجراء الانتخابات، وفق قوانين عادلة ونزيهة، وإنهاء المراحل الانتقالية في ليبيا..كما تطرق الجانبان إلى ملف إعادة إعمار درنة، حيث جدد فيدان استعداد تركيا للمساهمة في إعادة إعمار المناطق المتضررة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2. السياسات والقرارات
حكومة الدبيبة تعلن توسيع حدود ليبيا البحرية
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وسط انشغال إقليمي ودولي بالحرب المستعرة في غزة، أعلنت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة “عبد الحميد الدبيبة”، إنشاء منطقة بحرية جديدة متاخمة لحدودها في البحر المتوسط، في خطوة عدّها محللون صفحة من فصل جديد في مضمار السباق المحتدم على مصادر الطاقة في حوض البحر المتوسط. وعلاوة على تباين المواقف بين معسكري شرق ليبيا وغربها بشأن ترسيم الحدود البحرية، فإن هذا الملف لا يزال يشكل نقطة خلاف إقليمي جوهري بين تركيا من جانب، وبين اليونان وقبرص ومصر من جانب آخر، وهو ما ظهرت بوادره منذ توقيع اتفاق حدودي بحري بين حكومة طرابلس وتركيا عام 2019.
ويوسع القرار الليبي الجديد سلطة الحدود البحرية من 12 إلى 24 ميلاً بحرياً، وقد بررت وزارة الخارجية بحكومة الدبيبة ذلك بأن المنطقة تقع “ضمن الحقوق السيادية لليبيا على المنطقة المتاخمة لمياهها الإقليمية، ولا تخالف القانون الدولي، أو تعتدي على الحدود البحرية للدول الأخرى”، وفق محمد الحراري رئيس لجنة الحدود البرية والبحرية بالوزارة في اجتماع حكومي، في 19 أكتوبر. وفي مقابل تأكيده على أن مشروع القرار الليبي يؤيد دولة تونس في حدودها البحرية الشرقية، قال الحراري أمام الاجتماع الوزاري إن “الرسم الموجود في الخريطة المرفقة بمشروع القانون يؤيد موقف بلاده ضد قرار مصر (595) بتحديد حدودها البحرية الغربية في البحر المتوسط”.
وعلى الرغم من نفي الحراري في تصريح لـ”الشرق الأوسط” وجود أي تأثير لهذه المنطقة البحرية على دول الجوار والدول المقابلة بأي شكل، فقد توقع أستاذ القانون الدولي “محمد الزبيدي” أن يغذي مشروع القرار الليبي صراع نفوذ في منطقة شرق المتوسط. ويعتقد الزبيدي في تصريح لـ”الشرق الأوسط” أن “الأتراك يلحون على تنفيذ الاتفاقية وتفعيلها في التشريعات المحلية الليبية، بحيث يصبح لديهم المسوغ القانوني لاستكمال الترتيبات الحدودية في حوض المتوسط، حتى وإن رحلت حكومة الدبيبة بعد الانتخابات المنتظرة”. ووفق بعض المحللين، فإن المشروع الليبي هو خطوة متقدمة في مسار تفعيل مذكرة التفاهم، الموقعة بين حكومة فائز السراج السابقة في غرب ليبيا وبين تركيا في عام 2019، بشأن تحديد مناطق الصلاحية في البحر المتوسط، وهي المذكرة التي لاقت رفضاً من مصر واليونان.
الدبيبة يعطي الإذن بفتح القنصلية التركية في بنغازي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
استقبل رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، في 30 أكتوبر، نائب وزير الخارجية التركية “أحمد يلدز”، والسفير التركي لدى ليبيا “كنعان يلماز”، بحضور وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية، ومدير إدارة الشؤون الخارجية والتعاون الدولي بمجلس الوزراء، ومستشار الرئيس للشؤون الخارجية والأمنية. المجتمعون بحثوا بحسب منصة “حكومتنا”، عدداً من القضايا المحلية والدولية المشتركة، وسبل تعزيز مستوى التعاون الاقتصادي بين البلدين.
وتم خلال اللقاء، إعطاء الإذن بفتح القنصلية التركية في بنغازي، للشروع في تنفيذ الإجراءات الفنية والإدارية لانطلاق عملها، إضافةً إلى مناقشة عدد من الإجراءات المتفق عليها بين أردوغان والدبيبة خلال زيارة الأخيرة لأنقرة، وأبرزها عودة رحلات الخطوط التركية إلى طرابلس، ومعالجة مشكلات الإقامة لليبيين في تركيا، وإلغاء تأشيرة الدخول للمواطنين من البلدين.
3. النفوذ السياسي الإقليمي والدولي
فرنسا تسعى لتعويض تراجع نفوذها السياسي في أفريقيا عبر ليبيا
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تكثّف فرنسا من وجودها السياسي والدبلوماسي في ليبيا، بينما تنشغل غالبية الأطراف الدولية بما يجري في قطاع غزة من تصعيد إسرائيلي. فالجولات مكوكية التي أجراها “بول سولير “المبعوث الخاص للرئيس الفرنسي والسفير الفرنسي “مصطفى مهراج” لدى ليبيا هذه الأيام مع ساسة البلاد شرقاً وغرباً، شملت حفتر وعقيلة والدبيبة والمنفي وتكالة، طرحت أسئلة عن طبيعة هذه الاجتماعات، وماذا تستهدف في ظل انقطاع زيارات دبلوماسيين غربيين آخرين عن العاصمة طرابلس؟
وفي ظل الجمود السياسي الذي يعتري الأزمة الراهنة، وعدم التوصّل لاتفاق بين ساسة البلاد، باتت أصابع الليبيين تشير مجدداً إلى ما تلعبه الدول التي تتدخل في الملف من دور سلبي لحساب مصالحها وأجندتها، ويعتقدون أن فرنسا واحدة من تلك الدول، ويتحدث محللون سياسيون ليبيون عن أن فرنسا تعمل على استغلال الأوضاع، سواء في ليبيا أو بالمنطقة، لاستعادة مكانتها المفقودة، وتعويض ما خسرته في أفريقيا خلال الأشهر الماضية، لافتين إلى أنها توطد علاقاتها بالأطراف كافة، بعد أن كانت مقتصرة على التواصل مع شرق ليبيا عبر قائد قوات الشرق الليبي المشير “خليفة حفتر”.
المؤشرات السياسية الدولية خلال النصف الثاني من شهر أكتوبر:
- استمرار ما حدث في النصف الأول من شهر أكتوبر، من تفاعل قوي وواسع على المستوى الرسمي والشعبي تجاه الحرب على غزة. الموقف الشعبي يعزو إلى أن إسرائيل تعد العدو الاستراتيجي في الوعي أو المدرك الشعبي الليبي. أما الموقف الرسمي، فبجانب أنه امتداد للموقف الرسمي الليبي تاريخياً منذ عهد القذافي، يأتي كرد فعل على الأزمة الناتجة عن لقاء وزيرة الخارجية المقالة في حكومة الوحدة الوطنية “نجلاء المنقوش”، مع نظيرها الإسرائيلي “إيلي كوهين”، إذ يحاول المسؤولون الليبيون استغلال الحرب في إثبات موقف، بعد إدراكهم أن الشعب الليبي غير مستعد للتطبيع، وبالتالي من أراد أن يكسب هذا الشعب، بالأخص وهناك انتخابات رئاسية وبرلمانية مرتقبة، عليه أن يتبنى خطاباً تصعيدياً ضد الكيان الصهيوني. هذه مؤشرات على موقف الشعب الليبي من القضية الفلسطينية، وأيضا على استبعاد أي عملية تطبيعية بين ليبيا وإسرائيل في المدى المنظور.
- يلاحظ أنه على مستوى السياسة الخارجية، فإن قدرة حكومة الدبيبة على الحركة أفضل بكثير مقارنةَ بالسياسة الداخلية، لأنه في الأولى تنفرد حكومة الدبيبة بتمثيل الدولة الليبية لكونها المعترف بها دولياً، بينما في الثانية تنازعها حكومة أسامة حماد، إذ تتوزع إدارة الشؤون الداخلية الليبية بين الحكومتين.
- يلاحظ أيضا أن معظم الأنشطة الخارجية للدولة الليبية، تركزت حول علاقاتها مع تركيا. إذ كان هناك هناك تواصل رسمي على مستوى القادة، بين الدولتين، تمثل في اللقاء الذي جمع الدبيبة بكل من أردوغان وهاكان فيدان. كما أصدر الدبيبة قراراً بإنشاء قنصلية تركية في بنغازي، وأخيراً أصدرت حكومة الدبيبة قراراً بتوسيع حدود ليبيا البحرية، تفعيلاً لاتفاقية بحرية سابقة بين حكومة الوفاق وتركيا. وبالتالي، كل هذه التطورات تشير لطبيعة التحالف القوي الذي يربط تركيا بالمنطقة الغربية والسلطات فيها منذ 2019، وهي مؤشر على خطوات استراتيجية محتملة يتم التحضير لها بين الطرفين. وتشير من ناحية أخرى أيضا لضعف التواصل السياسي الخارجي بين ليبيا والدول الأخرى، إذ غالبا ما تتركز على الدول التي تربطها بها تحالفات سياسية أو على حضور الفاعليات والمؤتمرات الدولية والإقليمية، ويبدو أن السياسة الخارجية الليبية ستسلك مسارات أكثر فاعلية بعد الانتخابات ووجود حكومة موحدة منتخبة. وفقاً للمعطيات السابقة، التي تتضمن نقاط إيجابية وأخرى سلبية، فإن التقييم العام للمؤشر السياسي الدولي متوسط.
خامساً: مختارات
يشمل هذا المحور ملفين رئيسيين، الأول شخصية العدد، والثاني مقال العدد.
1. شخصية العدد
إدريس السنوسي.. آخر ملوك ليبيا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
إدريس السنوسي، سليل الأسرة السنوسية، ولد عام 1890، ثم اعتلى عرش المملكة الليبية المتحدة عام 1951، وحكم 18 عاما. كان حكمه مليئا بالتجاذبات السياسية والتحديات المصيرية للدولة الفتية الناشئة، وشعبها المتعطش للتنمية والازدهار، والتحرر من بقايا الاحتلال الأجنبي، قبل أن ينقلب عليه معمر القذافي سنة 1969، وتوفي في منفاه عام 1983. ورث عن أبيه وأجداده مكانة مرموقة في الدعوة الصوفية السنوسية، حتى بويع أميراً لها وزعيماً روحياً لأتباعها على امتداد شمال أفريقيا. عُرِف عنه الصلاح والتواضع، والزهد في المناصب، على الرغم من اجتماع السلطة في يده. ومثلما كان له أنصار ومريدون كثر، فقد كان له خصوم ومعارضون، واختلف فيه الناس كثيراً، فرفعه قوم إلى مرتبة الولاية، ووضعه آخرون في أدنى مهاوي الخيانة والتبعية للأجنبي.
هو محمد إدريس بن المهدي بن محمد بن علي السنوسي الخطابي الإدريسي، ولد بزاوية الجغبوب شرقي ليبيا، في 12 مارس 1890. والده المهدي السنوسي أمير الدعوة السنوسية في ليبيا وشمال أفريقيا، ووالدته السيدة فاطمة بنت عمران بن بركة. هاجر أبوه من منطقة مستغانم في الجزائر، واستقر به المقام في زاوية الجغبوب شرقي ليبيا، ويتصل نسبه بالشجرة المباركة من ولد الحسن بن علي بن أبي طالب وابن فاطمة الزهراء، رضي الله عنهم جميعا.
تولى إمارة الحركة السنوسية في عام 1916 بعد تنازل أحمد الشريف الذي قاد المجاهدين في ليبيا مع غزو إيطاليا لها في 1911، حتى هُزم في معركته ضد الإنجليز أثناء الحرب العالمية الأولى. عمل السنوسي منذ اللحظة الأولى على الإمساك بزمام الأمور وتوحد البلاد وحمايتها من حرب أهلية، وشن هجمات على معسكرات الإيطالين، وأجرى معهم مفاوضات الزوتينية 1916، عكرمة 1917، الرجمة 1920، واستطاع الحصول على اعتراف به كأمير سنوسي لإدارة الحكم الذاتي، وحصل في نوفمبر 1920 على الحكم الذاتي “حكومة إجدابيا”. وعندما تولى الفاشيون حكم إيطاليا، سعوا لإلغاء تلك الاتفاقيات، فكلف شقيقة محمد الرضا السنوسي وكيلًا عنه في الإمارة وعين عمر المختار نائباً له وقائداً للمجاهدين في نوفمبر 1922، ورحل إلى مصر حيث فرض عليه الاحتلال البريطاني عدم ممارسة السياسية، فكتب في الصحف المصرية عن القضية الليبية. والتقي في مارس 1923 بمقر إقامته بمصر، بالمختار ومجموعة من المجاهدين، واعتمد معهم خطة قتال وتشكيل المعسكرات واختيار القيادات، وتم الاتفاق على تولى المختار القيادة العسكرية والعمل السياسي يتولاه السنوسي من مصر.
انضم للحلفاء مع اندلاع الحرب العالمية الثانية وإعدام المختار. كما أعد من منفاه جيشا عُرف باسم “جيش السنوسي” وأقام معسكراً للتدريب في إمبابة بمصر، وبلغ عدد المتطوعين ما يزيد على 4 آلاف، ودخل الجيش ليبيا في 9 أغسطس 1940، ومع انتهاء الحرب عاد للبلاد في يوليو 1944. وحرص على كتابة الدستور وإقراره قبل تولي الحكم، فأصبحت الدولة الوحيدة في العالم التي سبق إعلان صدور دستورها استقلالها، وتكون من 204 مادة، كفلت حرية العقيدة والفكر والملكية والمساواة بين الأهالي، وتأسيس حكومة دستورية ومجلس نواب منتخب، واعترفت إيطاليا باستقلال ليبيا في 1946.
تأسست أول جمعية وطنية للولايات الليبية (برقة –طرابلس- فزان) في 25 نوفمبر 1950، وأُعلن الاستقلال التام وإعلان السنوسي ملكاً على الدولة الليبية المستقلة بموافقة جميع العشائر في 24 ديسمبر 1951. وانضم إلى جامعة الدول العربية عام 1953 وإلى الأمم المتحدة عام 1955. ومع اكتشاف البترول، تحولت ليبيا من ثاني أفقر دولة في العالم إلى إحدى أغنى الدول مع رفع مستوي معيشة المواطنين، وسُمي عهده “العهد الباهي”. وأخيراً، قاد معمر القذافي حركة لضباط الجيش في 1 سبتمبر 1969، مستغلين رحلة علاج السنوسي في تركيا لعزله وإنهاء الحكم الملكي وتحويلها إلى جمهورية. فسافر إلى مصر واستقبله الرئيس عبد الناصر واستقر بها، ولم يغادرها سوي للحج مرتين. وتوفى في 25 مايو 1983 عن عمر يناهز 94 عاما، ودُفن في البقيع حسب وصيته، وتم إعادة اعتباره وردت له الجنسية وأُعيد لورثته أمواله وأملاكه الخاصة بعد الإطاحة بحكم القذافي.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2. مقال العدد
انقلاب النيجر يهدد استراتيجية الولايات المتحدة بشأن مكافحة الإرهاب وروسيا.. آنا بورشفسكايا
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
في 26 يوليو 2023، اعتُقل رئيس النيجر “محمد بازوم” على يد أفراد من حرسه الخاص ووُضع قيد الإقامة الجبرية، حيث لا يزال حتى اليوم في ظروف قاسية. ومنذ ذلك الحين، أعلن الجنرال “عبد الرحمن تشياني” نفسه رئيساً لما يسمى “المجلس الوطني لحماية الوطن”، وعين حكومة مؤلفة من 21 شخصاً في 8 أغسطس. ويأتي الانقلاب في أعقاب موجة استيلاءات عسكرية اجتاحت كل من غينيا وبوركينا فاسو ومالي وتشاد والسودان خلال السنوات الثلاث الماضية، مما يدل على اتجاهات إقليمية مناهضة للديمقراطية في ظل عدم الاستقرار العابر للأقاليم.
لدى قوات “فاغنر” وجود راسخ أساساً في مالي وبوركينا فاسو الواقعتين غرب النيجر وجمهورية أفريقيا الوسطى والسودان الواقعتين في شرقها. كما تستخدم الفاغنر ليبيا كمركز عبور لعملياتها في أفريقيا، حيث توفر خدمات الحماية للحكومات المحلية مقابل منحها الحق في استخراج الموارد من الدول الفقيرة. وسيكون الوصول إلى النيجر مناسباً لهذا النمط بالنظر إلى رواسب اليورانيوم الغنية التي تملكها، والتي تشكل 5 في المائة من الإمدادات العالمية تجعل من النيجر مزوداً رئيسياً لأوروبا. كما أن الانتقال إلى النيجر سيعزز تواجد الفاغنر في أفريقيا، وقد أشاد زعيمها “بريغوجين”، قبل أن يتم اغتياله، بانقلاب النيجر باعتباره انتفاضة الشعب ضد مستعمريه.
ومن جهته، انتقد الكرملين علناً كلاً من الانقلاب واحتمال التدخل العسكري. ومع ذلك، فمن الواضح أن روسيا ستستفيد من تراجع النفوذ الأمريكي في النيجر. ووفقاً لواشنطن، ليس هناك دليل على أن موسكو أو الفاغنر قد دعمتا الانقلاب بشكل مباشر، لكن أذرعهما الدعائية نشرت على الأرجح معلومات مضللة تستهدف بازوم. وحتى الآن ، لم يصدر إلا القليل من التقارير عن احتمال انتشار الفاغنر في النيجر. وربما التقى ممثلو المجلس العسكري بالمجموعة في مالي لطلب الدعم ضد تدخل محتمل من قبل الإيكواس.
لدى الولايات المتحدة مصلحة واضحة في هزيمة الانقلاب، من خلال التوصل إلى حل دبلوماسي من الناحية المثالية، كما أن لديها مصلحة في منع الكرملين من استغلال نزاع آخر لصالحه. وقد أوقفت واشنطن أساساً وبصورة مؤقتة مساعداتها غير الإنسانية، الأمر الذي سيكون له آثار جانبية تتمثل في منع التعاون في مكافحة الإرهاب وأنشطة الأصول الفريدة المتمركزة في النيجر. وإذا أعلنت إدارة بايدن رسمياً أن عملية الإطاحة ببازوم تشكل انقلاباً، فإن التوقف المؤقت عن تقديم المساعدات سيصبح دائماً، الأمر الذي يوجه ضربة قاسية إلى المقاربة الأمريكية في مكافحة الإرهاب في أجزاء مختلفة من أفريقيا.وفي هذا السياق، سلط الانقلاب الضوء مجدداً على ضرورة مراجعة النهج الأمريكي تجاه منطقة الساحل. على سبيل المثال، لا يزال برنامج “شراكة مكافحة الإرهاب عبر الصحراء”، وهو صندوق تأسس عام 2005 لدعم جهود مكافحة الإرهاب في جميع أنحاء المنطقة، من بينها منطقة الساحل، يتلقى 35 مليون دولار فقط سنوياً، وهو مبلغ صغير نسبياً نظراً لنطاق المهمة.
وفي النيجر، قد تتمثل المقاربة الأفضل في الوقت الحالي الضغط بشكل مكثف باتجاه التوصل إلى حل دبلوماسي، مع استخدام التهديد بالعزلة التامة للتشجيع على بعض التعاون من قبل المجلس العسكري. وقد يكون شريك غير تقليدي مثل الجزائر مفيداً نظراً لمعارضته للانقلاب والتدخل العسكري، ناهيك عن مصالحها في منع صعود الجهاديين.
ويلوح في الأفق التهديد بتوسع “فاغنر” بشكل أوضح اليوم أيضاً. لذلك، على الولايات المتحدة أن تدرس إمكانية ممارسة المزيد من الضغوط على المجموعة في ليبيا، لأن ذلك الميدان يمكّنها من تنفيذ عملياتها الأفريقية الأوسع نطاقاً. وحتى الآن حثت واشنطن حفتر على قطع علاقاته مع الفاغنر، وشجعت الانتخابات الوطنية على أمل أن تطلب حكومة جديدة من هذه المجموعة مغادرة البلاد. ولكن أياً من النهجين لم ينجح، لذلك على المسؤولين التفكير في مقاربة أكثر حزماً، من خلال العمل مع شركاء الولايات المتحدة لمنع الفاغنر من الوصول إلى المطارات التي تديرها حالياً.