المؤشرالمؤشر الليبي

المؤشــر العـــــدد الســادس عشـــر النصـف الثانـــي مـــارس 2024

المؤشــر العـدد الســـادس عشـــر

يصـدر عن المركز الليبي لبناء المؤشـــرات

بينما هناك حراك من قبل حكومتي ليبيا لتنشيط الاقتصاد وتنويعه وبدء مشروعات البنية التحتية وإعادة الإعمار، فإن قرارات السياسات المالية والاقتصادية المركزية تواجه اضطراباً كبيراً يعيق كل هذه الجهود، بسبب تصاعد حدة الانقسامات والخلافات بين المؤسسات الليبية الرسمية، سواء حكومتي الشرق والغرب، أو المجلس الرئاسي ومجلس الدولة والنواب والمصرف المركزي وهيئة الرقابة الإدارية وديوان المحاسبة. فعلى سبيل المثال، قرار فرض ضريبة على سعر صرف النقد الأجنبي، وافق عليه مجلس النواب والمصرف المركزي، وأعلنت حكومة الدبيبة والمجلس الرئاسي والمجلس الأعلى للدولة رفضهم للقرار.

وإذا كان هذا التخبط والتضارب الحاصل مع السياسات المالية العليا، فما هو الوضع مع القرارات والسياسات الأدنى في القطاع المالي والاقتصادي. هذا يعني، أنه حتى وإن كانت هذه السياسات صائبة، فإن جدواها ومدى فاعليتها ونجاح تطبيقها سيكون ضعيف جداً.

تزايد حجم الاحتجاجات في المدن الليبية، شرقاً وغرباً، يشير لمدى يأس وضجر المكونات الشعبية من المؤسسات الرسمية المتحكمة في المشهد السياسي الليبي، والذي يطغى عليه حالة انقسامات بنوية حادة، متزامنة مع تدهور الوضع الاقتصادي، وانعكاسه على مستوى معيشة المواطنين. ويلاحظ أن احتجاجات الشرق تتجنب أي هتافات ضد القادة الرئيسيين في المنطقة: حماد وحفتر وعقيلة، بخلاف الاحتجاجات في الغرب، حيث يتم التركيز على الدبيبة، كمسؤول أول عن الوضع العام المتدهور في البلاد، بما في ذلك الاحتجاجات المتصاعدة في مسقط رأسه مصراتة. وهي نتيجة لطبيعة الحكم العسكري الصارم في الشرق الليبي. كما أن الاحتجاجات تتم في كل مدينة بمعزل عن الأخرى، فهل مع استمرار التدهور الاقتصادي والانقسام السياسي في البلاد، يمكن للدولة الليبية أن تشهد احتجاجات شاملة لكل مدنها شرقاً وغرباً بهتافات ومطالب موحدة، تعيد خلط الأوراق من جديد في المعادلة السياسية؟ وإن لم يكن ذلك مستبعد بشكل مطلق، لكنه غير مرجح في المدى القريب والمتوسط؛ لأن حالة الانقسام السياسي ذاتها تحول أيضا ضد توحد الفئات الشعبية في الشرق والغرب، أو بمعنى آخر، القادة في كلا المنطقتين يحرصون على ديمومة تلك الحالة لهذا السبب، بحيث يضمن لهم استمرارهم في مناصبهم دون أي تهديد وجودي لهم.

يمكنكم تحميل النسخة الإلكترونية PDF (اضغط هنا)

 

زر الذهاب إلى الأعلى