المؤشــر العـــــدد الخامس والعشـــرون النصف الأول من شهر أغسطس2024
المؤشــــر العــــــدد الخامس والعشـــــرون
يصـدر عن المركز الليبي لبناء المؤشـــرات
المؤشرات الأمنية والعسكرية خلال النصف الأول من شهر أغسطس 2024:
- استمرار حالة الفوضى الأمنية والعسكرية في المنطقة الغربية، على وقع المعارك المتكررة بين التشكيلات المسلحة فيها. وكانت الاشتباكات هذه المرة بين كتيبتي رحبة الدروع والشهيدة صبرية في تاجوراء، قبل أن يتوصلا لوساطة توقف الاشتباكات وتعيدهما إلى ثكناتهما، مع السماح لقوة محايدة بالتمركز بين الطرفين.
كما شهد الجنوب الغربي تصعيداً عبر تحشيدات عسكرية متضادة هناك، على خلفية إعلان حفتر تحريك أرتال من قواته باتجاه الجنوب الغربي، وتلاه إعلان قوات حكومة الوحدة الوطنية النفير، ورفع حالة التأهب القصوى لصد أي هجوم محتمل. وتركّز التوتر في مدينة غدامس على الحدود مع الجزائر. وبالتالي، بينما ينعم الشرق الليبي باستقرار أمني وعسكري في ظل سيطرة القوات التي يقودها حفتر بإحكام على المنطقة، فإن الغرب الليبي أولاً يشهد تحارب بين تشكيلاته المسلحة، خاصة وأن كتيبتي رحبة الدروع والشهيدة صبرية تتبعان حكومة الوحدة، وهو مؤشر على عدم قدرة الدبيبة على السيطرة على قواته. وثانياً يشهد الغرب الليبي تحشيدات عسكرية بين قوات الغرب والشرق في مؤشر على احتمالية اندلاع الحرب الأهلية من جديد في ليبيا، بدفع ودعم من القوى الدولية، بالأخص روسيا والولايات المتحدة. ويبدو أن الدعم العسكري التركي الأخير لحكومة الوحدة الوطنية يأتي في هذا السياق.
وفي أعدد سابقة من المؤشر، كنا قد حذرنا من خطر انغماس الأطراف الليبية في لعبة الصراع الدولي بين روسيا والقوى الغربية في منطقة الساحل والصحراء، خاصةً مع تنامي التحالف بين حفتر وروسيا، والتي حفزت الولايات المتحدة على العودة لليبيا من بوابة حكومة الوحدة الوطنية. وأكدنا على ضرورة إعلان كل الأطراف موقفاً محايداً من هذا الصراع، وعدم الدخول في تحالفات استراتيجية في المرحلة الانتقالية، والانتظار حتى إجراء الانتخابات وإفراز نظام سياسي منتخب. والآن تدفع ليبيا ثمن عدم الحيادة في هذه الصراع.
استمرار تفاقم ظاهرة الهجرة الغير شرعية، حيث تم تحرير أكثر من مائة مهاجر غير شرعي كانوا محتجزين في مزرعة جنوب مدينة طبرق، كما داهم مركز شرطة قاريونس بمدينة بنغازي منزلاً قيد الإنشاء يستخدم وكراً للهجرة غير الشرعية، وأعلن فرع جهاز مكافحة الهجرة الغير شرعية بالمنطقة الجنوبية، ترحيل 163 مهاجراً غير شرعي من الجنسية النيجيرية، وأعلن الجهاز فرع بنغازي أيضا ترحيل 126 مهاجراً مصري، كما أسفرت الحملات ضد هذه الظاهرة عن ضبط عدد كبير من العمالة الوافدة من الجنسيات المصرية والسودانية والتشادية، ومعظمهم لا يحمل أي أوراق ثبوتية، كما تمكنت الإدارة العامة لأمن السواحل من إنقاذ 220 مهاجراً غير شرعي من جنسيات مختلفة في عرض البحر أمام سواحل زوارة.
- التجاذبات بين محافظ المصرف المركزي من ناحية ورئيسي المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية من ناحية أخرى، نتيجة رغبة الأخيرين في إقالة الكبير وسط تمسك الأخير بمنصبه، مؤشر على عمق الأزمة المؤسساتية في الدولة الليبية. ويبدو أن لقاء الكبير بالمبعوث الأمريكي الخاص في خضم هذه التوترات كان مؤشراً كافياً لرغبة أمريكية في بقاء الكبير في منصبه، وهو سبب كافي لضمان الكبير للاستمرار في هذا المنصب، في ظل تحكم القوى الدولية والإقليمية في المشهد الليبي على كل المستويات.
- إن النزاع وانقسام المجلس إلى كتلتين متساويتين في العدد يشير بوضوح إلى التطور الذي وقع في الأعلى للدولة واتجاهه إلى حالة مأزومة، من أبرز تمظهراتها فقدانه الثقل السياسي وسلبه خاصية وقوة تمثيل الجبهة الغربية التي تتنازع مع كتلة الشرق حول المسار السياسي والتسوية السياسية. فـ تكاله وأنصاره في المجلس يتحفظون على خطة البرلمان بخصوص القاعدة الدستورية والأساس القانوني للانتخابات، ويرفضون التغيير الحكومي، وهو المطلب الرئيسي للنواب، حتى يتم إعادة النظر في المسار التشريعي الخاص بالانتخابات.
في المقابل، فإن المشري ومؤيديه يقرون بالأساس الدستوري والقانوني الذي اعتمده البرلمان، ويدفعون باتجاه إسقاط حكومة الوحدة الداعمة لـ تكاله. وبالتالي، فإن التدافع الحالي حول نتيجة انتخابات المجلس الأعلى للدولة، لا يقتصر على الرغبة الشخصية الجامحة في تولي المنصب والتمتع بميزاته، بل أيضاً يعبر عن خلاف سياسي عميق داخل المجلس الذي كان يمثل الواجهة والمظلة السياسية للجبهة الغربية في مواجهتها لجبهة الشرق. بل إن استمرار الأعلى للدولة كرمانة ميزان في المعادلة السياسية بات غير مضمون، ومن المحتمل أن يفتح النزاع بين كتلتيه باب الصراع داخل الجبهة الغربية، التي هي بالأساس هشة ولدى مكوناتها العسكرية والأمنية مرونة عالية للاستجابة للصدام.
وبشكل أوضح، قد تجد جبهة الشرق في نزاع المجلس الأعلى وانقسامه، ورقة رابحة في التدافع السياسي لأجل تقوية موقفها التفاوضي وتعظيم مكاسبها، وهذا قد يعزز من الخلل في العملية السياسية والمسار السياسي ويعرقل وقوع تسوية شاملة وعادلة.
يمكنكم تحميل النسخة الإلكترونية PDF (اضغط هنا)