المؤشرالمؤشر الليبي

المؤشــر العـدد الرابــع والثلاثـــون النصــف الثانــي من شهر ديسمبر 2024

المؤشــــر العـــــــــدد الرابـــع والثلاثــــون

يصــــدر عــن المركــز الليبي لبنـاء المؤشـــرات

المؤشرات الأمنية والعسكرية خلال النصف الثاني من شهر ديسمبر 2024:

  • افتتاح عدة نقاط أمنية جديدة بالعاصمة، بهدف توسيع نطاق انتشار التمركزات الأمنية. لتحقيق السيطرة الأمنية الكاملة على الطريق من خلال فحص الحركة المرورية، وتنفيذ الحملات الأمنية. وهو يندرج في إطار محاولات الدبيبة فرض السيطرة الأمنية والعسكرية في المنطقة الغربية، وإخلاء العاصمة من التشكيلات المسلحة، وهو القرار الذي فشلت حكومته في تنفذه حتى الآن.
  • وسط بحثها عن موطئ قدم بديل في المتوسط، تواصل روسيا سحب قواتها من سورية منذ سقوط الأسد، إذ سحبت حتى الآن حوالي 40% من قدراتها العسكرية في سورية، باتجاه روسيا وليبيا، كما تم رصد دخول 6 طائرات عسكرية روسية إلى ليبيا، بعضها قادم من روسيا، وعدد منها قادمة من سوريا، والأخطر نقل صواريخ اس 400 واس 300 من سوريا إلى المنطقة الشرقية من ليبيا. وفي ظل هذه التطورات، يلاحظ أن الحراك الأمني بين ليبيا والفاعلين الإقليميين والدوليين قد تضاعف، وفي هذا السياق، يأتي الحديث عن لقاءات أمنية أمريكية مع شرق وغرب البلاد، واتفاقية مرتقبة بين الولايات المتحدة وحكومة الدبيبة حول القوات الجوية. وأيضا اللقاء بين مسؤولين عسكريين رفيعي المستوى بين إيطاليا وحكومة الدبيبة، وأخيرا اللقاء الذي جمع رئيس جهاز الاستخبارات العامة المصري بخليفة حفتر.

المؤشرات الاقتصادية والتجارية خلال النصف الثاني من شهر ديسمبر 2024:

  • من المؤشرات الإيجابية التي تختم بها المؤسسة الوطنية للنفط العام 2024، تجاوز المعدل المعلن عنه في خطتها لزيادة الانتاج النفطي لهذا العام. حيث سجل اليوم الأخير من العام 2024، زيادة بقيمة بلغت أكثر من 17 ألف برميل عن المعدل المطلوب، والمحدد بقيمة 1.4 مليون.

وفي هذا السياق، حققت شركة سرت لإنتاج وتصنيع النفط والغاز إنجازًا جديدًا لتعزيز الإنتاج، حيث تجاوز معدل إنتاج الشركة من النفط الخام 103 آلاف برميل يومياً خلال الأيام الماضية، وهو رقم لم يجر تحقيقه منذ عام 2007. كما أعلنت شركة أكاكوس للعمليات النفطية، تجاوز هدفها اليومي من إنتاج النفط، مع بلوغه 301 ألف و587 برميلا يومياً.

  • ومن المؤشرات السلبية التي أكدها البنك الدولي، إعلانه عن بلوغ خسائر الاقتصاد الليبي خلال 10 سنوات 600 مليار دولار. وأحال البنك ذلك للأوضاع الاقتصادية والسياسية الغير مستقرة في البلاد، مشيرا إلى أنه لولا الصراع لكانت ليبيا حققت إنتاجا محليا بنسبة 74% خلال عام 2023 وحده. لكن تقرير البنك توقع أن ينتعش الانتاج النفطي إلى 1.2 مليون برميل يوميا العام المقبل، و 1.3 مليون عام 2026، مما يعزز نمو إجمالي الناتج المحلي إلى 9.6٪ في عام 2025، و8.4٪ في عام 2026. والغريب في هذا الأمر، أن الانتاج اليومي للنفط في 2024 تجاوز المعدلات التي يتوقعها البنك الدولي لعامي 2025 و2026. وأخيراً أدرج التقرير ليبيا من بين البلدان متوسطة الدخل، ببلوغ نصيب الفرد من إجمالي الدخل القومي 7.570 دولارا في عام 2023. هذه الفئة التي أُدرج فيها الليبيون لا تتناسب مع حجم الثروات الطاقوية التي تمتلكها بلادهم، إذ هي كفيلة لجعلهم من البلدان ذات مستويات الدخل المرتفعة؛ لذلك أشار التقرير إلى أن ليبيا يمكنها أن توفر فرص عمل عالية القيمة وأن تعزز مؤشراتها الإنمائية، من خلال إعطاء الأولوية للقطاعات غير النفطية وتشجيع النمو الذي يقوده القطاع الخاص، وذلك لتعرض الاقتصاد الليبي لهزات كثيرة نتيجة اعتمادها الحصري على النفط في ظل اقتصاد ريعي غير متنوع.
  • وفي إطار المؤشرات السلبية، لا يمكن تجاهل ادعاء الدبيبة بأن حكومته تخضع لرقابة لم يخضع لها الإنفاق الموازي غير الخاضع للرقابة، مشيرا إلى أن هذا الإنفاق بلغ أكثر من 40 مليار دينار في العام 2024. وهنا إشارة لثلاثة مخاطر:

أولا :- الانقسام السياسي والذي قاد لانقسام حكومي.

ثانيا :-  غياب الرقابة والشفافية نتيجة تعمق حالة الانقسام.

ثالثاً :- حجم الأموال المهدرة نتيجة حالة الانقسام الحكومي.

المؤشرات السياسية الداخلية خلال النصف الثاني من شهر ديسمبر 2024:

  • من المؤشرات الإيجابية التي شهدتها ليبيا في هذه الفترة:
  1. إعلان ستيفاني خوري إنشاء لجنة استشارية محددة الزمن للتعامل مع القضايا الشائكة وتقديم خطة لعقد الانتخابات. ومن أجل هذا الهدف، اقترحت خوري خطة لإعادة تنشيط العملية السياسية تقوم على تعزيز الثقة بين أصحاب المصلحة الرئيسيين. وقد رحبت سفارات دول فرنسا وألمانيا وإيطاليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة بالمبادرة للدفع بالعملية السياسية في ليبيا. وهو مؤشر على توجه غربي يدفع نحو إنهاء الانقسام السياسي، بشرط ان يقود ذلك لإنهاء الوجود الروسي من ليبيا.
  2. توقيع وفدي مجلسي النواب والأعلى للدولة اتفاق يقضي بإنجاز الانتخابات وفق القوانين الانتخابية، وإعادة تشكيل السلطة التنفيذية في البلاد.
  3. إعلان المفوضية العليا للانتخابات، اعتماد النتائج النهائية لانتخابات المجموعة الأولى من المجالس البلدية، وإصدار قرارات تشكيل المجالس البلدية المنتخبة.
  • أما على مستوى المؤشرات السياسية السلبية، فشملت التالي:
  • قرار مجلس النواب باستدعاء الحكومة المكلفة منه بكامل أعضائها للجلسة المقبلة، للمساءلة وتوضيح ما قامت به العام 2024، وما ستقوم به في العام 2025. فهو قرار وإن كان يبدو ظاهرياً إيجابياً نتيجة تقرير مبدأ المحاسبة والرقابة، إلا أن في جوهره أمرين سلبيين: الأول ترسيخ لفكرة الانقسام السياسي والحكومي في البلاد، الثاني أن قرار المساءلة هذا هو إجراء روتيني مع نهاية كل عام، لكن الأهم هو أن تتم مساءلة الحكومة خلال العام وليس نهايته عند الإخفاقات المتكررة، وأوضح مثال هو كارثة درنة، التي لم يقم البرلمان خلالها باستدعاء الحكومة برغم فشلها الكبير، ومعها ولدي حفتر صدام وبلقاسم، في مواجهة هذه الكارثة. وكأن البرلمان في هذه المناسبات يريد أن يرسل رسالة لحكومته بأنها ذراعه التنفيذي، وبالتالي فلا خوف من العقاب.
  • انقسام بين أعضاء في الهيئة التأسيسية للدستور، بشأن أولوية الاستفتاء على مواد المشروع الذي جرى إقراره قبل 7 سنوات، أو إعادة النظر فيما يعرف بـ”المواد الخلافية”. ويحظى الاستفتاء على الدستور بدعم الدبيبة الذي كرر في مناسبات عدّة دعمه هذا المسار، خصوصاً لدى لقائه مع أعضاء من الهيئة هذا الشهر، فيما عدّ منتقدوه هذا الاتجاه محاولة للالتفاف على محاولات خصومه في شرق ليبيا لتشكيل حكومة موحدة تقود البلاد لانتخابات رئاسية وتشريعية.
  • أخيرا، على الرغم من وجود تطورات إيجابية كمبادرة خوري واتفاق بوزنيقة، وخطوات للأمام كإعلان النتيجة النهائية للمجالس البلدية المجموعة الأولى، إلا أن خبرة التجربة الليبية في السنوات الأخيرة تقول إن هذه الخطوات لا يمكن التعويل عليها طالما ظلت ذات الأطراف بمصفوفة مصالحها الخاصة الضيقة هي المهيمنة على المشهد السياسي الليبي. كما أن توحيد البلاد على المستوى السياسي والعسكري، لابد أن يسبقه معالجة الانقسامات الفرعية، في مجلس الدولة وديوان المحاسبة، وتوحيد التشكيلات المسلحة في المنطقة الغربية حتى تكون موحدة أمام منافستها في الشرق أثناء التفاوض حول التوحيد على مستوى ليبيا ككل.

كما لابد من معالجة معضلة هيمنة أسرة حفتر على الشرق الليبي، عبر ضغط أممي وإقليمي ومحلي لتوسيع دائرة المشاركة في هيكل السلطة في شرق البلاد. معالجة هذه الهيمنة ضرورية قبل إنهاء عملية الانقسام وشرط ضروري له، لأن حفتر وأبناءه لن يقبلوا بأي صيغة للحل تقوض منظومة مصالحهم التي على الأرجح سيفقدونها أو جزء كبير منها مع أي عملية توحيدية للبلاد. وأكثر ما سيعقد عملية الحل، هي التطورات الجيوسياسية في الإقليم، بعد خسارة روسيا لحليفها الأسد، وما تلاه من جسر جوي عسكري بين قواعدها في سوريا وليبيا، وما يمكن أن تفرزه هذه التطورات من حرب جديدة بين الشرق والغرب. ما يحتم على الفرقاء الليبيين، عدم إعطاء فرصة للفاعلين الأجانب لتحقيق مصالحهم على حساب الدولة الليبية، بتبني سياسة الحياد الإيجابي.

المؤشرات السياسية الدولية خلال النصف الثاني من شهر ديسمبر 2024:

  • انعكس الانقسام السياسي والحكومي على سياسة حكومتي الشرق والغرب الخارجية؛ فبحكم اصطفافاهم الإقليمي وتوجهاتهم الفكرية، أعلنت حكومة الوحدة الوطنية دعمها لسقوط الأسد، واعترافها بالسلطة الجديدة، ولذلك سارعت لإرسال وفد حكومي لسوريا لتعزيز العلاقات الثنائية بين دمشق وطرابلس، ضم وزير الدولة للاتصال والشؤون السياسية ووزير العمل ومدير الاستخبارات العسكرية، والتقوا هناك بقائد الإدارة السورية الجديدة.

أما في الشرق، فلم تبد حكومة حماد أي رد فعل تجاه التطورات في سوريا، ومن المعلوم أن الشرق في انحيازه أقرب لنظام بشار الأسد. ولذلك، أشار خليفة حفتر بشكل ضمني إلى موقفه الحذر من التغيرات في سوريا، أما عقيلة صالح فلا يمكن إغفال في هذا السياق زيارته صحبة اتحاد البرلمانات العربية لدمشق ولقاءه بشار الأسد في فبراير 2023.

يمكنكم تحميل النسخة الإلكترونية PDF (اضغط هنا)

زر الذهاب إلى الأعلى