فتاوى “تحريضية” ضد دول إقليمية جارة.. هل تسبب مواقف وتصريحات دار الإفتاء الليبية في أزمات دبلوماسية للدولة في هذه المرحلة الحساسة؟
المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية
قــــــــــــــــــــــــرآءة تفصيليــــــــــــــــــــــة
المقــدمة
يمر الخطاب الديني في ليبيا بحالة من التخبط بعدما دخل على خط الصراعات السياسية وحتى العسكرية، وأقحمت المؤسسات الدينية نفسها في هذا المعترك لتصدر بعض الفتاوى والدعوات التي تحمل في طياتها تحريضا أو تكفيرا أو دعما لطرف على حساب آخرين، وهذا بعيدا عن الاستناد إلى نص ديني قطعي الدلالة والثبوت بل فقط من أجل مناكفات سياسية أو مناطقية.
وتصدر هذه المؤسسات الدينية دارا الإفتاء برئاسة المفتي العام الدكتور، الصادق الغرياني، ومع ازدياد الوضع السياسي والعسكري ضبابية وقتامة زاد تواجد دار الإفتاء ومساهمتها بشكل ضمني أو مباشر في زيادة البلبلة والضبابية، وبدلا من تسخير إمكانياتها وقبول الشيخ الغرياني ومكانته العلمية والدينية في نفوس الليبيين في تقريب وجهات النظر ومنع الاقتتال، ساهمت للأسف في زيادة الاحتقان والتحريض سواء محليا أو دوليا.
لذا وجب علينا في ” المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية ” تناول هذا الملف الحساس آملين أن يساهم في إعادة المؤسسة الدينية (دار الإفتاء) إلى دورها المعروف قانونا وشرعا، على أن تكون الورقة البحثية بمثابة ” نصيحة ” لهذه المؤسسة من جانب، وصرخة في آذان السلطات التنفيذية والتشريعية من جانب آخر في المساهمة في منع هذه المؤسسة من الابتعاد عن دورها أو استغلالها كأداة لتصفية حسابات سياسية أو عسكرية، وحتى لا تصبح دماء الشباب الليبي رهينة فتوى من هذه الدار لصالح طرف هي في خلاف معه.
وعليه
فإن الفتاوي التي تحمل صبغة سياسية ومناكفات ولغة تحريضية قد تعرض أمن ليبيا القومي للتهديد والخطر، كونها تعمل على تأليب دول أخرى ومنها دول جارة ولها يد طولي في المشهد الليبي مثال مصر والإمارات والسعودية، (مع التحفظ على أي دور سلبي لهذه البلدان وتدخلها السافر في الشأن الداخلي الليبي)، ما قد يسبب أزمات دبلوماسية مع هذه الدول، لا تتحملها الدولة الليبية في هذا التوقيت الحساس وكون ليبيا دولة هشة الآن ويغيب عنها مفهوم السيادة، تبقى هذه التصريحات التحريضية ذات الصبغة الدينية إحدى مهددات الأمن القومي الليبي.
توصيات
يطالب المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية، دار الإفتاء بمراجعة فتاوي وتصريحات المفتي العام لتخرج منضبطة متماشية مع مواد القانون الذي تأسست على ضوئه الدار، بل ونطالبها بالابتعاد تماما عن المعترك السياسي المتغير يوميا، حتى لا تضيع هيبتها وتتحول لمعول هدم في أركان الدولة الليبية الهشة أصلا.
ونطالب مجمع البحوث والدراسات الشرعية بمراجعة المفتي العام في التصريحات التي تحمل صبغة فتوى شرعية قبل إطلاقها، وقياس مطابقتها للقاعدة الشرعية المعروفة، ” درء المفاسد مقدم على جلب المصالح “، لربما يتراجع الشيخ عن مواقفه التحريضية ضد دول تربطها علاقات دبلوماسية بليبيا.
ويوصي المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية، حكومة الوحدة الوطنية بالتواصل مع المفتي العام للوقوف على التصريحات والفتاوى التي تحمل صبغة سياسية، لمراجعته فيها، والحديث إليه، أن مثل هذا التوجه سيمثل أزمة للحكومة مع دول ذات تدخلات وتواجد فعلي في المشهد الليبي مما يثقل كاهلها.
وأخيرا.. ما سبق من قراءة وتحليل لا يمكن أبدا أن يكون هجوما على شخص فضيلة المفتي العام، فله تقديره كعالم دين، لكنها بمثابة نصيحة موسعة لعلها تجد آذانا صاغية، ولا تدخلنا في دائرة فتاوي الدار بأننا من ” الخوارج أو المراكز الملحدة “، لذا نود أن يتسع صدر فضيلة المفتي للاستماع والقراءة، ونرحب بتواصله وتعاطيه مع هذه الورقة التي سنرسل له نسخة رسمية منها لعلها تجد لديها وقتا للاطلاع.
يمكنكم تحميل النسخة الإلكترونية PDF (اضغط هنا) ↓