التنسيق الإقليمي المصري – التركي.. يمهد لتعاون أوسع في ملفات المنطقة

أبعــــــــــــاد الموقـــــــــــــف
شهدت العلاقات المصرية–التركية خلال العقد الأخير تقلبات حادة، نتيجة خلافات حول عدة ملفات كان من اهمها تواجد لأفراد من جماعة الإخوان المسلمين على أراضي الاخيرة، والانقلاب العسكري في 2013، والأزمة الليبية، وصراعات شرق المتوسط. غير أن السنوات الأخيرة شهدت تحوّلاً واضحاً، تجسّد في تبادل زيارات رفيعة المستوى بين الرئيسين عبد الفتاح السيسي ورجب طيب أردوغان عام 2024، إضافة إلى نشاط دبلوماسي مكثف على مستوى وزراء الخارجية، مما يعكس رغبة الطرفين في فتح صفحة جديدة بعد سنوات من التوتر.
ويعكس هذا التقارب طبيعة التحديات الإقليمية والدولية، بما في ذلك الأزمة الليبية، والحرب الإسرائيلية على قطاع غزة ولبنان سوريا وفي حربها الأخيرة مع إيران، فضلاً عن التداعيات الاقتصادية. فإن هذه الخطوة، تمثل بداية اعتماد نهج براغماتي يركّز على الحوار والتنسيق لإدارة التباينات وتحقيق المصالح مشتركة، في ظل تحولات الإقليم المتسارعة والعمل على تجاوز الخلافات، سعياً نحو تحقيق تكاتف إقليمي يحفظ مصالحهما الاستراتيجية في عدة ملفات.
تشير التطورات الإقليمية والدولية الراهنة، إلى أنها شكّلت دافعًا قويًا لكل من مصر وتركيا، لإعادة تقييم سياساتهما الخارجية، وإعادة ترتيب أولوياتهما في المنطقة بما يتلاءم مع حجم التحديات والمصالح المشتركة. ” ومع امتلاك الطرفين أوراق ضغط مؤثرة على مسار الأزمات والنزاعات، فإن تقاربهما لا ينطوي على أي خسارة، بل يفتح أمامهما آفاقًا أوسع للتعاون، ويمنحهما موقعًا أكثر تأثيرًا في المعادلات الإقليمية “.
وفي هذا السياق، يمكن النظر إلى العلاقات المصرية – التركية اليوم باعتبارها تمر بمرحلة إعادة تموضع نوعي، حيث انتقلت من صدام طويل الأمد إلى مسار أكثر واقعية وبراغماتية يقوم على التنسيق والحوار. وقد عكست اللقاءات المباشرة بين الرئيسين، والاتصالات الدبلوماسية المكثفة، رغبة متبادلة في تجاوز الخلافات وتعزيز الثقة. كما ظهر هذا التحول جليًا في التعاون حول ملفات حساسة مثل القرن الإفريقي، والجهود المشتركة لاحتواء الحرب في قطاع غزة، إلى جانب غياب التصريحات العدائية التي ميّزت الماضي.
ومع ذلك، فإن تجاوز حالة التنافس لا يزال رهنًا بقدرة البلدين على إدارة الملفات الشائكة، وعلى رأسها الأزمة الليبية وقضية ترسيم الحدود البحرية، غير أن المؤشرات الحالية تدل على استعداد أكبر للتعامل مع هذه القضايا بمنهج أكثر مرونة وتوازن.
يمكنكم تحميل النسخة الإلكترونية PDF (اضغط هنا)