الامن الدوائي في ليبيا.. مرضي السرطان وغياب الكيماوي نموذجا “غش وسرقة جرعات العلاج الكيماوي”.. أزمة تؤرق مرضى “السرطان” في ليبيا وتسبب انهيار منظومة الأمن الدوائي.. هل تحتاج إلى تحرك نيابي ودولي؟
قـــرآءة تفصيليـــة
المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية
يتعرض العالم لمجموعة من الكوارث والأزمات لكن تبقى الأوبئة الصحية من بين أشد هذه الكوارث وأصعبها كونها تترك أثرا سلبيا على أهم عنصر في هذا العالم وهو العنصر البشري، لذا كان الأمن الدوائي من أهم أنماط الأمن التي يجب على الدولة توفيرها وتسييل الميزانيات لها لارتباطه الوثيق بالأمن القومي.
والمتابع للمشهد في ليبيا يجد أن منظومة الأمن الدوائي تكاد تكون منعدمة وأن القطاع الصحي برمته يفتقد لأقل الإمكانيات التي يتوافر معها هذا النوع من الأمن، ولعل أفواج المواطنين الليبيين الموزعة في مستشفيات مصر وتونس والأردن وتركيا وغيرها من أدلة غياب المنظومة الصحية وفقد ثقة المواطن في مؤسسات الدولة الصحية.
وسنركز في هذه الورقة البحثية المخصصة لموضوع غياب منظومة الأمن الدوائي في ليبيا، وهي أول ورقة بحثية معمقة تتناول هذا الملف باستفاضة وتفاصيل، عن أزمة سرقة وغش العلاج الكيماوي وتداعيات ذلك على زيادة معاناة مرضى السرطان في البلاد كبارا وأطفالا.
وسنعتمد في هذه الورقة على الإحصاءات الرسمية للدولة وكذلك على مجموعة من المستندات وصلت “المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية” بشكل خاص، وننطلق في بحثنا من منطلق اهتمام المركز بمنظومة الأمن بشكل عام وكل ما يرتبط بالأمن القومي للبلاد ولعل الأمن الدوائي هو من أهم أدوات الأمن القومي وبه تكون الدولة أصلا كونه ذو صلة بعنصر الإنسان أهم ما في المنظومة الحياتية وأهم عنصر من عناصر “الدولة”.
وكون الورقة مخصصة لـ ” الأمن الدوائي.. مرض السرطان وغياب الكيماوي نموذجا “، سنذكر هنا ما أوردته آخر الأرقام الرسمية الحديثة للبلاد من صول عدد مرضى السرطان في ليبيا إلى أكثر من 22 ألف شخصا، أغلبهم من نوع سرطان الثدي والقولون يتوزعون بين أطفال وكبار (هذه إحصائية عرضت في يناير2024، لكن الأعداد الآن تجاوزت 25 ألف مصاب بينهم حوالي 8 آلاف طفل).
توصيات ومطالبات
وكون ” المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية ” ينطلق في دراساته وأبحاثه من ثلاث وجهات نظر منفصلة هي: الفرد والدولة والنظام الدولي، ويولي الفرد وأمنه ومواطنته وصحته وبيئته أهمية كبرى نتوجه في نهاية الورقة البحثية ببعض التوصيات والمطالبات، ومنها:
- نطالب النائب العام الليبي بسرعة فتح تحقيقات شاملة وعاجلة وشفافة في ملف استيراد الأدوية من الخارج بشكل عام ومساءلة الجهات المنوط بها هذا الأمر، ومعاقبة كل من تورط في أزمة نقص جرعات علاج الكيماوي لمرضى الأورام واعتبار الأمر جريمة كبرى يطبق على فاعلها أقسى العقوبات.
- كما نطالب وزارة الصحة في كلتا الحكومتين بتشكيل لجنة عاجلة ومتخصصة وذات مصداقية ومعها قانونيين ومراقبين لتقديم كشوفات دقيقة لأعداد مرضى الأورام في ليبيا، خاصة ورم السرطان وأسباب انتشار هذا المرض، وأكثر المناطق المنتشر فيها، وكذلك فتح مراكز صحية متخصصة في علاج حالات الأورام موزعة على كافة مناطق البلاد، لمواجهة هذه الكارثة الصحية، وكذلك التحقيق في ملفات الفساد التي كشفتها التقارير الحديثة عن استيراد جهاز الإمداد الطبي لأدوية غير صالحة لمرضى الأورام وتقديم المسؤولين عن هذه الصفقات للنيابة العامة بشكل عاجل.
- كما يطالب ” المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية ” المركز الوطني لمكافحة الأمراض في ليبيا بإصدار تقارير دقيقة توضح أسباب انتشار أورام السرطان في البلاد والكشف عن الأعداد الحقيقية للمرضى سواء من يتعالجون في الداخل أو الخارج، وكذلك توضيح مستقبل مشروع “توطين العلاج بالداخل” الذي أطلقته الحكومة مؤخرا، وعقد المؤتمرات الدولية للبحث عن طرق واستراتيجيات لبناء منظومة ” الأمن الدوائي “، في ليبيا واستحضار التجارب القريبة من الحالة الليبية، كذلك توفير مراقبة صارمة ومشددة على جرعات الكيماوي في مراكز الأورام المتواجدة في البلاد.
- ونوصي منظمات المجتمع المدني في ليبيا وكذلك المنظمات الحقوقية المحلية بضرورة تتبع قضايا الفساد في قطاع الصحة، ومنها الفساد في سرقة وغش أدوية مرضى الأورام، ومراقبة هذه الجهات وتقاريرها وتقديم تقارير دورية للجهات الصحية المحلية والدولية للوقوف على الوضع الصحي في البلاد.
ومن جانبنا في ” المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية ” سنقوم بدور المتابعة والمراقبة وتقديم التقارير والتوصيات السالفة لكل من يمكنه المساهمة في بناء منظومة الأمن الدوائي في ليبيا، وسنشد على يد كل من يساهم في البناء، وسنلاحق ونطالب بملاحقة ومعاقبة كل من يسعى لهدم هذه المنظومة المنهارة أصلا، ولن ندخر جهدا في كشف ملفات الفساد في القطاع الصحي والدوائي وتقديم تقارير وأوراق بحثية دورية لحث الجهات القضائية والنيابية والتشريعية والتنفيذية لملاحقة ومعاقبة المتورطين في ذلك، وفي حال وجدنا تراخ أو تواطئ أو خمول من قبل الجهات المحلية في التعاطي مع مطالبنا بمعاقبة المتورطين سنقوم بمخاطبة الجهات الدولية والمنظمات العالمية بالتدخل وتقديم الجناة للعدالة، فلا مستقبل للبلاد إلا بوجود عنصر بشري سليم صحيا وعقليا وجسديا.
يمكنكم تحميل النسخة الإلكترونية PDF (اضغط هنا)