مختصر: بالتزامن مع تجدد الخلافات بين مجلسي النواب والأعلى للدولة حول قوانين الانتخابات الليبية، أثيرت تساؤلات حول فُرص نجاح مفاوضات مرتقبة للمبعوث الأممي لدى ليبيا “عبد الله باتيلي” لحلحلة أزمة الانتخابات.
وكان رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي ” محمد تكالة”، قد صرح أن التشريعات الانتخابية الصادرة عن مجلس النواب قبل أيام ” مخالفة للتعديل الدستوري” و” باطلة “.
جاء ذلك في رسالة وجهها تكالة إلى باتيلي، في 6 أكتوبر 2023، وأكد تكالة في رسالته “ضرورة اعتبار ما صدر عن مجلس النواب من تشريعات انتخابية مخالفا للتعديل الدستوري الثالث عشر، ومشوبا بعيوب وأخطاء تنحدر به إلى درجة الانعدام ، ناهيك عن تجاوزه لقواعد إدارة التوافق والاختلاف”، وتابع أن هذا ” يجعل من التشريعات الصادرة عنه باطلة بطلانا مطلقاً وغير منتجة لأي أثر، ويعد معه هذا المنحى خرقاً جسيماً للاتفاق السياسي “، يقتضي التعامل معه في أنسب الآليات.
ومن أهم النقاط الخلافية ، والتي عدلها مجلس النواب هو السماح بترشح المدنيين والعسكريين ، حيث صرح رئيس المجلس ” عقيلة صالح “، أن القوانين ” لم تُقص أحدا ممن تتوافر فيه الشروط الخاصة بالترشح “. وأضاف صالح ” لن تُقصي هذه القوانين مدنياً ولا عسكرياً ، ومن سيخسر في الانتخابات فسوف يعود لسابق وظيفته “، لافتاً إلى مراعاة كل الاعتبارات والظروف التي تمر بها البلاد. وكان المبعوث الأميركي إلى ليبيا ” ريتشارد نورلاند ” ، قد أعلن أخيراً اعتزام باتيلي
عقد لقاءات مع القادة الليبيين ، أو ممثليهم ، لحسم الخلاف حول القوانين الانتخابية ، ومناقشة التحضير أيضا لتشكيل حكومة تكنوقراط تقود البلاد نحو الانتخابات.
وتباينت آراء الخبراء حول إمكانية قبول النواب والأعلى للدولة الانخراط في مسار تفاوضي جديد تحت رعاية باتيلي ، ورفض النائب الثاني لرئيس المجلس الأعلى للدولة ” عمر خالد العبيدي ” “تشكيل أي كيان جديد يضطلع بمهمة وضع القوانين الانتخابية “.
وقال لـ” الشرق الأوسط “: ” حتى اللحظة الراهنة لم يطرح على ( الأعلى للدولة ) رسمياً الانخراط في أي كيان أو مفاوضات جديدة ، لكننا كثيرا ما أكدنا خلال لقاءات سابقة مع المبعوث الأممي رفضنا لأي محاولة للخروج عن الأجسام الشرعية المتمثلة في مجلسي النواب والأعلى للدولة ، ومشاركة أي قوى أو أطراف أخرى لاختصاصاتهما المنصوص عليها بالاتفاق السياسي ، بالاضطلاع بوضع التشريعات الانتخابية “.
وكشف العبيدي عن أن المطروح من قبل البعثة الأممية ، وإن كان على نحو غير رسمي ” تشكيل لجنة تفاوض موسعة لن تتعدى نسبة مشاركة ممثلي مجلسي النواب والأعلى للدولة بها 50 % ، وهو ما يعني، حتى في حال توافقهما التام ، مشاركة أطراف أخرى لهما غير منتخبة بمهمة التشريع “، وقال : إنه ” يتم الحديث عن مشاركة ممثلي أحزاب ومنظمات ، فضلاً عن مشاركة المجلس الرئاسي وحكومة الوحدة الوطنية ، وبالأساس لا أحد يعرف موعداً ولو تقريبياً لانعقاد هذه المفاوضات ، أو حتى الآلية التي سيتم بها اختيار المشاركين بها “.
ورأى العبيدي أنه ” لا تزال هناك فرصة للتوافق بين مجلسه والبرلمان… إذا سارع الأخير بإرسال نسخة رسمية إلى الأعلى للدولة من القوانين ، التي قام بإصدارها أخيراً ، للمراجعة والمطابقة مع النسخة الأولى”، مشددا على أنه ”
في حال صحة تصريحات بعض النواب بعدم إدخال أي تعديلات على النسخة الأولى ، التي يتمسك بها مجلسه ، فلن تكون هناك أي أزمة”، محذراً ” من خطورة تصاعد الخلاف بين المجلسين ، والانتقال فعلياً لمسار المفاوضات التي يعد لها باتيلي ، لكونها قد تمهد لإدخال البلاد لمرحلة انتقالية جديدة “.
من جانبه ، توقع رئيس الهيئة العليا لقوى التحالف الوطنية ” توفيق الشهيبي” ، أن يرفض مجلسا النواب والأعلى للدولة في البداية ” الدعوة للمشاركة في هذه المفاوضات الأممية ، ثم سرعان ما يتراجعان في مواقفهما ويقبلان بالانضمام لها ، ليجددا داخلها خلافاتهما حول النقاط الخلافية ذاتها ، المتعلقة بترشح العسكريين ومزدوجي الجنسية للرئاسة ، من دون الوصول إلى حل “.
وانتقد الشهيبي ” حرص نورلاند على مشاركة الدبيبة بوصفه أحد الأطراف الرئيسية ، بالتوازي مع مجلسي النواب والأعلى للدولة والمجلس الرئاسي “، موضحاً لـ” الشرق الأوسط ” أن ” الدبيبة لا يمثل تياراً سياسياً لتتم دعوته لمفاوضات سياسية حول القوانين والحكومة “.
من جهته ، توقع المحلل السياسي الليبي ” عبد الله الكبير”، أن يقوم باتيلي ” بتوسيع قاعدة المشاركة في لجنته لتمثل مختلف الكيانات الليبية ، واللجوء لمجلس الأمن الدولي لدعمها كي يضمن عدم إثارة مجلسي النواب والأعلى للدولة على مشاركة أطراف غير منتخبة بأعمالها “، وقال لـ” الشرق الأوسط ” إن ” توسيع المشاركة سيتيح للقوى الدولية والإقليمية ، المنخرطة بالشأن الليبي ، الوصول لتوافقات رغم صراعاتها بأماكن أخرى، فكل طرف سيكون له ممثلوه المعروفون ، ولكن بطبيعة الحال لن تنتفي الفرصة أمام القوى الليبية لتقديم تنازلات فيما بينها لإعلاء المصلحة الوطنية، ما سيكفل تحجيم التدخلات“.