ما وراء الولاء والخيانة: مقاربة الحتمية البنيوية لفشل الأيديولوجيا في تطويع المؤسسة العسكرية تحليل نقدي لصراع المنطق المؤسسي بين الأحزاب والجيوش في العالم العربي (حزب البعث، الناصرية، والحركة الإسلامية)

تقدم هذه الورقة مقاربة تحليلية جديدة، ” مقاربة الحتمية البنيوية “، لفهم العلاقة المتوترة والمحكومة بالفشل بين الأحزاب السياسية الأيديولوجية والجيوش الوطنية الحديثة. وتجادل المقاربة بأن محاولات الأحزاب لفرض سيطرتها الأيديولوجية على المؤسسة العسكرية، هي عمليات محكومة بالفشل البنيوي على المدى الطويل، ليس بسبب الخيارات الفردية للضباط، بل نتيجة للتعارض الجوهري بين ” المنطق المؤسسي ” الحاكم لكل كيان. تحدد المقاربة منطقين متعارضين:
الاول المنطق العقائدي-التعبوي (DML) الذي يحكم الأحزاب ويرتكز على الولاء للفكرة وتعبئة الجماهير، والثاني المنطق البيروقراطي-السيادي (BSL) الذي يحكم الجيوش ويرتكز على الولاء للهرمية والكفاءة المهنية واستمرارية الدولة، تفترض المقاربة أن ” صراع المنطق ” هذا ينتهي حتمًا بـ ” غلبة بنيوية ” للمنطق البيروقراطي – السيادي، لأنه أكثر توافقًا مع متطلبات إدارة الدولة القومية الحديثة ومصالح النخبة العسكرية المهنية.
تختبر الدراسة هذه المقاربة عبر منهج دراسة الحالة المقارن بتحليل أربع تجارب تاريخية رئيسية: تجربة تنظيم الضباط الأحرار الشيوعي في السودان (1969-1971)، تجربة تنظيم الضباط الأحرار الناصري في مصر (1952-1970)، تجربة حزب البعث في العراق وسوريا، وتجربة الحركة الإسلامية السودانية (1989-2023).
يُظهر التحليل نمطًا متكررًا: بعد الاستيلاء على السلطة، تقوم ” النخبة العسكرية الهجينة ” ذات الخلفية الحزبية بـ ” حسم ولائها المزدوج ” لصالح المنطق البيروقراطي – السيادي، وتهمش أو تُصفّي الحزب الأيديولوجي الذي أوصلها، وذلك بهدف ترسيخ سلطتها المؤسسية، وتأمين مصالحها الطبقية، وتأكيد احتكار الجيش للعنف المنظم.
تخلص الورقة إلى، أن العلاقة بين الحزب والجيش ليست علاقة ” فاعل – أداة “، بل علاقة بنيوية محكومة بقوانين التوافق التنظيمي، وأن الفشل في السيطرة الحزبية هو حتمية بنيوية.
الكلمات المفتاحية: الحتمية البنيوية، المنطق المؤسسي، الضباط الأحرار، الحركة الإسلامية، الجيش السوداني، العلاقات المدنية-العسكرية، علم اجتماع المؤسسات، البيروقراطية.