إقرار ميزانية ضخمة لحكومتين.. مهدد للأمن القومي الليبي خطوة لتكريس الانقسام السياسي والاقتصادي وشرعنه للفساد المالي والإداري
أبعــــــــاد الموقـــــــف
المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية
أن الغائب عند الكثير كان هو مدى انعكاس إقرار ميزانية ضخمة على وحدة سيادة الدولة الليبية، وتبعات ودوافع أن تكون الميزانية بهذا الحجم ومقسمة بين حكومتين بهذه الطريقة، ومن ذلك أن هذه الميزانية دشنت سابقة الصرف على حكومتين في دولة واحدة، عبر “مصرفين” مركزيين- كما هو في اليمن وبدرجة ما في بريطانيا ذات الكيانات السياسية الأربع، أو كما هو حال نظام الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي القائم على 12 مصرف “مركزي” إقليمي، غير أن الفرق في المثالين الأخيرين هو وجود حكومة مركزية واحدة تتعامل بميزانية موحدة، وكذلك يبرز الهاجس المتولد، الناتج عن حجم الميزانية وتقسيمها، بأنها قد تكون خطوة مشجعة نحو ترسيخ وتقنين الانقسام أو تحفيزه لاحتمال حرب “ليبية- ليبية” قادمة يجهز لها بتوفير التمويل لمزيد من التسلح أو العسكرة أو أنه نوع من أشكال الانقلابات لترتيب البيت السياسي الليبي بتقسيماته وانقساماته المعروفة”.
بالإضافة إلى تداعيات الميزانية الإضافية على مجمل الأمن القومي الليبي، فإن سابقة تقسيم الميزانية على حكومتين جهويتين، وبما أن الميزانية ليست جدول تبويب أرقام الإيرادات والنفقات فقط، بل أن أبوابها ستكون مرآة عاكسة لحال ومستقبل ليبيا، فهذا التقسيم وبالذات في البنود المتعلقة بالتسيير والتنمية سيترتب عليها وعبر التراكم الزمني فصل ميزانيات قطاعات الجيش والأمن والخارجية والتنمية، كأن ليبيا التي كانت منقسمة الرأس ومتحدة الجسد ستتحول تدريجيا إلى انقسام القلب، باعتبار الميزانية هي الدورة الدموية لجسد الدولة”
وأضاف: “ما سبق يعني أن كل حكومة يمكنها التعامل والتعاقد الداخلي والخارجي ككيان مستقل، وقد يتطور الأمر في تقييد الخدمات على شريحة جهوية من السكان، فهذه الميزانية ما لم يتم ضبطها تشريعيا ورقابيا بحزم، يدفع بـ ليبيا الي أن تكون “كونفدرالية” وليست “فيدرالية”، حيث أن الكونفدرالية اتحاد تنسيقي هش بين دولتين، في حين الفيدرالية هو اتحاد مقاطعات أو أقاليم في دولة ذات حكومة مركزية واحدة، وفي هذا تهديد للأمن القومي الليبي ككيان سيادي واحد، نحو انقسام لمفهوم ونطاق الأمن القومي ليكون أمن قومي منقسم أو مشترك وليس واحد، وهذا سيفرض نفسه في التعامل السكاني الوطني أو السياسي الدولي من دول العالم قريبها وبعيدها، كما هو الحال في قبرص أو الصومال أو اليمن، بالإضافة إلى زيادة احتمال الصراع على تقسيم الموارد جهوياً، والتي مصدرها الأغلب هو النفط، وبالتالي، وفي حال لم يتم الاستدراك وتواصلت السابقة، فإن صراع على الموارد سيظهر ويزحف، وهذا تهديد جدي للأمن القومي الليبي والسلم السكاني الليبي”
يمكنكم تحميل النسخة الإلكترونية PDF (اضغط هنا)