المغرب ما بين التحديات الداخلية والطموحات الدولية

وحــــــــــدة الدراســــــــــــــات والأبحـــــاث
المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية
المقدمة
كشفت الاحتجاجات الأخيرة في المغرب عن حالة من الغضب والإحباط لدى المواطنين إزاء السياسات العامة والأوضاع الاجتماعية والظروف السياسية، وانطلقت في سبتمبر الماضي مظاهرات شبابية شملت مختلف المدن والقرى المغربية، وتطالب بإصلاحات تشمل قطاعي الصحة والتعليم وتحقيق العدالة الاجتماعية ، وتأتي المظاهرات في الوقت الذي يستعد فيه المغرب لتنظيم مونديال 2030، وكأس أفريقيا 2025 كجزء من خطة الدولة للترويج لمشاريعها الاقتصادية، وعلى الرغم من القصور في بعض الملفات، لكن المغرب حقق إنجازات واضحة تتعلق بقدرته على تنويع اقتصاداته، كما استطاع تأمين حدوده البلاد وبسط الأمن في ظل إقليم محاط بالإرهاب، بالإضافة إلى ما اكتسبه من مكانة إقليمية ودولية رائدة خلال السنوات الأخيرة.
دوافع الغضب الاجتماعي
إثر حادثة وفاة 8 نساء في قسم الولادة بمستشفى الحسن الثاني الجهوي بأغادير، انطلقت مظاهرات واسعة في المغرب امتدت إلى المناطق القروية والنائية، ورفعت شعارات: “حرية، عدالة، كرامة اجتماعية، الشعب يريد إسقاط الفساد، ما بغيناش كأس العالم.. الصحة أولاً “، وطالبت بإقالة الحكومة ومحاسبتها، وإصلاح قطاعي الصحة والتعليم ، وتدفع هذه الاحتجاجات باتجاه إلقاء الضوء على الواقع السياسي والاجتماعي والأمني فضلا عن جهود المغرب في ملف السياسة الخارجية، كالآتي:
الظروف السياسية
يتبع المغرب نظام حكم ملكي دستوري برلماني ديمقراطي وفقا لدستور عام 2011، وحقق مستوى متقدم بالنسبة لمؤشر الديمقراطية هذا العام ليحتل المركز 107 عالميا متفوقا بفارق 4 مراكز عن العام الماضي وفقا لتقرير الحالة العامة للديمقراطية لعام 2025 الصادر عن المعهد الدولي للديمقراطية والمساعدة الانتخابية، كما أتى في المرتبة الـ 19 على الصعيد الأفريقي.
وإن كان يعاني المغرب ضعفا نسبيا من حيث جودة الأداء على مستوى المؤسسات المنتخبة، ولكنه يحتفظ بدرجة من الاستقرار الديمقراطي والسياسي مقارنة بدول المنطقة.
وتعكس تصريحات الملك محمد السادس في خطابه بمناسبة عيد العرش في يوليو الماضي بخصوص ” ضرورة توفير المنظومة المؤطر لانتخابات مجلس النواب، وأن تكون معتمدة ومعروفة قبل نهاية السنة الحالية “، جهود المملكة في تعزيز ثوابت الحكم الديمقراطي، وحرصها على خلق ظروف مواتية وتوفير الوقت الكافي لبناء التوافقات السياسية، بهدف تفعيل دور البرلمان كـ مؤسسة تعمل على تمثيل مطالب المواطنين والتأسيس لمرحلة جديدة من إعادة بناء الثقة بين الدولة والمجتمع عبر تخليق المسار الانتخابي.
وتواجه البيئة الحزبية في المغرب العديد من المشكلات والتي كانت أحد الأسباب وراء تراجع جودة العملية السياسية، وكانت الاحتجاجات الأخيرة دليلا دامغا على تراجع الثقة في النخبة السياسية والأحزاب وحتى النقابات والمجتمع المدني، إذ قاد المظاهرات مواطنون لا ينتمون إلى أي توجهات سياسية، ولم يظهر أي دور للأحزاب في إيصال مطالب الجمهور إلى الحكومة، وأظهر استطلاع أن نسبة الثقة في الأحزاب انخفضت إلى 33% في 2023 ، كما لعب التردي الحزبي دورا هاما في عزوف المواطنين عن المشاركة السياسية، وجاء المغرب في تقرير الحالة العامة الديمقراطية في المركز 96 عالميا على مؤشر المشاركة السياسية.
وسجل المغرب مرتبة متدنية في التمثيل السياسي ليحل في المركز 107 عالميا، كدليل آخر على الأزمة التي تمر بها الأحزاب السياسية والتي تتمثل أبرز ملامحها في جمود النخب وعجزها عن تأطير المواطنين، وصرح الباحث محمد الشهبي لرويترز، أن ” المغرب يعيش منذ عقود أزمة تمثيل سياسي حادة، فالأحزاب التقليدية فقدت مصداقيتها لدى الشباب، لا لضعف برامجها فحسب، بل لارتهانها لمنطق التوافق، ما جعلها تبدو على أنها جزء من المشكلة لا الحل… كما أن الحركة النقابية، التي كانت ذات يوم قاطرة للمطالب الاجتماعية، تراجعت قوتها التنظيمية والتعبوية، خاصة في صفوف الشباب غير المنخرطين في سوق الشغل الرسمي ” .
أداء المؤسسات الحكومية
كشف استطلاع أفرو باروميتر في فبراير 2024، أن 65.6% من المغاربة لا يثقون في رئيس الحكومة، وطبقا لدراسة نشرها المعهد المغربي لتحليل السياسات تحت عنوان: ” هل الثقة السياسية بالمغرب في تراجع؟ ” في سبتمبر 2023، أشارت إلى أن الثقة في الحكومة انخفضت من 69% سنة 2022، إلى 43% خلال سنة 2023، وركزت المظاهرات الأخيرة على مراجعة ملف السياسات العامة لاسيما في الصحة والتعليم والبطالة .
ويستعد المغرب لتنظيم كأس أفريقيا 2025، وكأس العالم 2030، ومن أجل بناء الملاعب ومراكز التدريب، خصص نحو 25 مليار درهم (حوالي 2.5 مليار دولار) بالإضافة إلى قروض خاصة بقيمة 17 مليار درهم (1.7 مليار دولار)، وهو ما اعتبره البعض عبئا ضخما على الميزانية على حساب قطاعات حيوية مثل التعليم والصحة، ورفع المتظاهرون شعار ” ما بغيناش كأس العالم.. الصحة أولاً “، في إشارة إلى اعتراضهم على الملفات التي تحظى باهتمام الحكومة. وتراجعت ثقة المواطنين في الحكومة خلال الآونة الأخيرة، وقد خلص محمد الهلالي رئيس المركز المغربي للدراسات والأبحاث المعاصرة، أن ذلك يعود إلى العجز البين في أداء الحكومة، والبطء في اتحاذ القرارات، والفجوة المهولة بين الوعود الحكومية والتطبيق، كما جمعت حكومة أخنوش بين الثروة والسلطة .
ويرى المواطنون أن الحكومة فشلت في تلبية الاحتياجات الأساسية، وعبروا عن ذلك في اعتصامات العطش في الأطلس المتوسط أغسطس الماضي، للتنديد بأزمة صعوبة الحصول على المياه، ومازال سكان الحوز يعانون آثار الزلزال وضعف الخدمات، وفي المقابل حققت الحكومة إنجازات هائلة في البنى التحتية والطاقة والمتجددة والتصنيع ومشاريع التعاون الإقليمي، وهو ما يرسخ سياسة ” مغرب بـ وتيرتين “، فعلى الرغم من نقص التمويل وعجز الكفاءات في القطاعات الأساسية، هناك قطاعات إدارية فعالة بوسائل ضخمة وموارد بشرية مؤهلة بمعايير دولية، وتتفاقم هذه التحديات في الريف، إذ أن 72% من الفقراء يقطنون القرى.
واقتصاديا، يتوقع بنك المغرب المركزي نمو الناتج المحلي الإجمالي 4.6% هذا العام ارتفاعا من 3.8% العام الماضي، ورفعت وكالة ستاندرد اند بورز التصنيف الائتماني للمغرب إلى فئة درجة الاستثمار، ويجد المغرب تنظيم كأس العالم فرصة تاريخية لتسويق صورة البلاد عالميا وجذب الاستثمارات، ومن المرجح أن تدر البطولة عوائد اقتصادية تصل إلى 10 مليار دولار، وخلق ما بين 130 ألفاً و160 ألف فرصة عمل، وفقاً لتوقعات أطلس كابيتال ومركز العمل الحكومي (أوتراغو).
قطاع الصحة
كشفت حادثة وفاة 8 نساء في مستشفى الحسن الثاني التي أطلق عليها لاحقا ” مستشفى الموت” عن عدم رضا المواطنين على مستوى الخدمات الصحية في المغرب، حيث تجمع المواطنون أمام المستشفيات العامة فور الواقعة ورفعوا شعارات مثل ” الصحة حق وليست امتيازًا ” و” الكرامة تبدأ من باب المستشفى “، وطالبوا بتحسين جودة المستشفيات، وتوفير تجهيزات أفضل، كما طالبوا وزير الصحة بالاستقالة، مؤكدين أن وعود الإصلاح لم تُترجم إلى واقع ملموس، ومع استمرار المظاهرات، أقرت الأغلبية الحكومية بمختلف التراكمات والإشكالات في المنظومة الصحية منذ عقود، وتتمثل أبرز مشكلات قطاع الصحة في:
عدم كفاية المعدات: احتل المغرب المركز 94 من أصل 99 دولة في مؤشر الرعاية الصحية العالمي لعام 2025 الصادر عن موقع نامبيو، ويلجأ المواطنون إلى المستشفيات الخاصة التي تمارس استغلالا ماديا كبيرا نظرا لتدهور قطاع الصحة العام، وأقر وزير الصحة أمين التهراوي، بأن قطاع الصحة يعاني نقص المعدات وضعف الخدمات، وغالبًا ما يضطر المرضى إلى شراء الأدوية الأساسية من خارج المستشفى.كما كشفت حادث مستشفى الحسن عن تراجع مستوى الرعاية أو صيانة المعدات، إذ أفادت صحيفة “مغرب تايمز”، أن النتائج الأولية تشير إلى أن الحادث وقع بسبب عطل في نظام التبريد أو التعامل مع مادة الهالوثان المخدرة – التي تستخدم في العمليات الجراحية – مما أفقدها فعاليتها، لذا اضطر الأطباء إلى إعطاء جرعات أعلى أدت إلى الوفاة .
أزمة في الموارد البشرية: لم تعد المستشفيات المغربية قادرة على استيعاب الاكتظاظ، ويحجز المرضى مواعيد تمتد لأيام، فضلا عن وجود عجز في بعض التخصصات، لاسيما في المناطق القروية نتيجة الهجرة المتصاعدة للكوادر الطبية في السنوات الأخيرة، وهناك أكثر من 10- 14 ألف طبيب مغربي يعملون حاليا في الخارج، أغلبهم في أوروبا، مقابل نحو 23 ألف طبيب فقط داخل البلاد وفق المجلس الوطني لحقوق الإنسان في المغرب، مما يجعل معدل الأطباء 7.3 لكل 10 آلاف مواطن، بينما يبلغ المعدل العالمي 17.2 لكل 10 آلاف مواطن، ويترك المغرب بحاجة إلى أكثر من 32 ألف طبيب إضافي، إلى جانب 65 ألف مهني صحي آخر لسد العجز، ويهاجر نصف عدد خريجي كليات الطلب سنويا، وكان تدهور ظروف العمل السبب الرئيسي وراء هجرة الأطباء، وتكررت مظاهرات الأطباء التي تطالب بتطبيق مؤشر الرواتب في حساب أجورهم وتحسين ظروف العمل بتوفير المعدات الطبية اللازمة في المستشفيات العامة .
التعليم
في السنوات الأخيرة، زادت نسبة لجوء أغلب المواطنين إلى القطاع الخاص لضمان الحصول على تعليم جيد، وشملت مطالب المتظاهرين إصلاح قطاع التعليم، وتحسين الأطر التربوية، واحتل المغرب المرتبة 101 من حيث جودة التعليم في منتدى دافوس، والمرتبة 98 في مؤشر المعرفة العالمي، حيث يعاني عدة مشكلات منها:
تسرب الطلاب: تشير تقارير المجلس الاقتصادي والاجتماعي إلى أن ربع الشباب المغربي (من 15 إلى 24 سنة) خارج التعليم والعمل والتدريب، وهناك حوالي 331 ألف تلميذ ينقطعون عن الدراسة سنويًا، مع ارتفاع هذه النسبة في المناطق القروية إلى 5.9%، ويُعزى هذا الوضع إلى تدهور الظروف الاجتماعية والاقتصادية.
الاكتظاظ في الفصول الدراسية: مما يؤثر على جودة التعليم، حيث يضطر التلاميذ إلى التعلم في ظروف غير ملائمة، وبالتالي تتراجع قدرتهم على الاستيعاب والمشاركة الفعالة .
نقص الكوادر: يبلغ عدد الطلاب في المدارس الحكومية 8.27 مليون طالب، ويبلغ عدد المعلمين 299 ألف معلم (أي نسبة 36 معلم لكل 1000 طالب)، ويعتبر ضعف الأجور والتوظيف بالتعاقد من أبرز الأسباب التي تدفع المعلمين إلى مغادرة المهنة، وتكررت احتجاجات وإضرابات خاضها أساتذة التعليم الابتدائي والثانوي.
البطالة
بلغ معدل البطالة 12.8% في الفصل الثاني لعام 2025 وفق بيانات المندوبية السامية للتخطيط، ويمثل العاطلون عن العمل حوالي 1.5 مليون شخص وتتراوح أعمار 35.8 % من العاطلين عن العمل ما بين 15 و24 سنة، بمن فيهم 19% من الشباب حاملي الشهادات العليا، ونظرا لضيق فرص العمل، يضطر البعض إلى العمل في مجالات جزئية غير ملائمة، إذ أن 40% من خريجي التعليم العالي يعملون في مجالات غير متصلة بتعليمهم مقابل 35% فقط ممن يعملون في مجال دراستهم، وهو ما يكشف فجوة كبيرة بين قدرة الجامعات على تغطية احتياجات سوق العمل .
الفساد والمحسوبية
سجل المغرب تحديات أكبر في مؤشر سيادة القانون، إذ حل في المرتبة 107 عالميا، وانتقدت المنظمة الوطنية لحقوق الإنسان ومكافحة الفساد في 16 سبتمبر النظام الصحي في المغرب ووصفته بأنه يديره غرباء بلا رؤية أو خبرة، في إشارة إلى وزير الصحة كون خلفيته العملية تنطلق من شغله سابقًا منصب نائب رئيس مجموعة أكسال، المملوكة لسلوى أخنوش زوجة رئيس الوزراء، كما عمل رئيسًا لمكتب أخنوش عندما كان وزيرًا للفلاحة والصيد البحري، وتساءلت ” كيف يمكن لشخص لم يسبق له العمل في مجال الرعاية الصحية أو تجربة تحديات المستشفيات العامة إدارة قطاع حساس كهذا؟ “، وعبر المتظاهرون عن شجبهم للفساد والمحسوبية في قطاع الصحة كونهما يؤديان إلى قرارات متسرعة، وبرامج فاشلة، وميزانيات مهدرة .
الاستقرار الأمني
يحتل المغرب مكانة الدولة الأكثر أمانًا في شمال أفريقيا، فعلى الرغم مما يتعرض له الساحل وغرب أفريقيا من تفشي إرهاب تنظيمي داعش والقاعدة، لم يسجل المغرب أي حادث إرهابي منذ عام 2018، ومنذ سنوات، تبنى استراتيجية شاملة تجمع بين الجانب القانوني والسياسي والأمني، وركزت على الحوار مع المتطرفين ودمج الإرهابيين في إطار برنامج المصالحة الذي استفاد منه مئات الجهاديين منذ عام ٢٠١٧، مما أهل المغرب لأن يمثل نموذجا رائدا في مكافحة الإرهاب، ولذلك اختارت الأمم المتحدة الرباط كـ مقر رئيسي لبرنامج مكافحة الإرهاب والتدريب في أفريقيا اعترافا بدورها المركزي في مكافحة الإرهاب في المنطقة.
وفي السنوات الأخيرة، تمكنت أجهزة الأمن المغربية من تفكيك خلايا جهادية وأحبطت مخططات أعمال إرهابية، ويؤثر استقرار الساحل على ديناميكيات الأمن في غرب وشمال أفريقيا وصولا إلى أوروبا، إذ أن دول الساحل المصدر الأول للمهاجرين غير النظاميين إلى أوروبا، كما أنها بؤرة رئيسية للإرهاب، وترتبط أولويات المغرب السياسية وأمنه الوطني ارتباطًا وثيقًا بالتطورات في منطقة الساحل، حيث تثير الأوضاع الأمنية في المنطقة مخاوف انتشار عدوى الجهاد في شمال أفريقيا.
السياسة الخارجية
تضع الدولة جزءا كبيرا من اهتمامها لصالح طموحاتها الخارجية، سواء على المستوى الإقليمي والدولي:
على المستوى الأفريقي، يسعى المغرب نحو تقديم صورته كـ قوة إقليمية مهيمنة في أفريقيا أمام المجتمع الدولي، ولذا نشط قنواته نحو توطيد العلاقات مع الدول الأفريقية، من خلال تطوير شبكة من السفارات والمستشارين القنصليين، والتحالف مع المنظمات الإقليمية، ووسعت عودته إلى الاتحاد الأفريقي عام ٢٠١٧، نفوذه في جميع أنحاء القارة، مع التركيز بشكل خاص على الساحل وغرب أفريقيا، وفي 24 فبراير 2017 أعربت المملكة رسميًا عن رغبتها في الانضمام إلى الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، بهدف تعميق التكامل الاقتصادي مع المنطقة، كما أبرم اتفاقية تجارة حرة مع الجماعة الاقتصادية والنقدية لوسط أفريقيا (CEMAC) ، وبذل مساعٍ حثيثة للانضمام إلى مجموعة الدول الساحل الخمس.
وارتفعت الصادرات المغربية إلى أفريقيا من 300 مليون دولار إلى أكثر من 3 مليار دولار بين عامي 2004 و2024، كما توسعت التجارة المغربية مع دول الساحل من 300 مليون دولار في مطلع التسعينيات إلى مليار دولار عام 2008، ويمثل المغرب ثاني أكبر مستثمر أفريقي في جنوب الصحراء ، ويعد مشروع خط أنابيب الغاز أفريقيا – الأطلسي (AAGP) الذي يربط المغرب بنيجيريا مرورا بـ 13 دولة أفريقية ثم يتوجه إلى أوروبا طفرة كبيرة في التكامل الأفريقي في مجال الطاقة ، وتؤكد المبادرة الأطلسية التي أطلقها المغرب في 2023 بهدف تعزيز التنمية والتعاون الإقليمي، على طموحه في احتواء منطقة الساحل ، وهو ما يؤدي تدريجيا إلى إزاحة الجزائر من المنطقة.
دوليا، اعتمد المغرب على الطاقة ومكافحة الهجرة كوسيلة لضمان دعم الدول الأوروبية، وتتوالى الاعترافات بسيادة المغرب على الصحراء الغربية آخرها بلجيكا في أكتوبر الماضي، واستثمر المغرب طويلا في مجال الطاقة المتجددة، وأعلن خارطة طريق الرباط للهيدروجين الأخضر في عام ٢٠٢١، بهدف تعزيز اندماجه في منظومة الطاقة الأوروبية كـ مركز للطاقة المتجددة في منطقة الطاقة الجنوبية للاتحاد الأوروبي، مستغلا القرب الجغرافي، ويعد الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري للمغرب وأكبر مستثمر أجنبي فيه برصيد يبلغ نحو 24 مليار دولار.
وختاما.. تعتبر المظاهرات في المغرب انعكاسا مباشرا لتدهور الأوضاع الاجتماعية وتقصير المسئولين في الصحة والتعليم والتوظيف ومكافحة الفساد ومعالجة الفجوة بين الريف والمدينة، ويحاول المحتجون إعادة توجيه بوصلة اهتمام الحكومة نحو القطاعات التي تمس عددا كبيرا من المواطنين، ودفعها نحو التكافؤ في توزيع الاهتمام والتمويل بين مختف القطاعات لدحض سياسة “مغرب بـ وتيرتين”، وهو ما يتضمن الحاجة إلى إصلاحات طويلة الأمد وجذرية وشاملة، لا إصلاحات جزئية، وإلا فإن البلاد معرضة لموجات من التظاهرات خاصة وأن الاحتجاجات الرقمية تمكنت من اختراق الخطوط الطبقية والجيلية، ولم تعد المظاهرات تحتاج منظمة كبيرة المتظاهرين.
لتحميل الملف من هنا ….