الإيجازتقارير وتقديرات

“البعثة الأمميـة” تكشف عن عناصر مبادرتها وخطواتها القادمة.. ما مدى نجاحها في تحريك الجمود الراهن في ليبيا وجدية الدعم الدولي لهذه الخطوات؟

الإيجـــــاز
المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية

 

لازال المشهد السياسي في ليبيا يمر بحالة من الجمود والضبابية والسيولة جراء تعنت الأطراف المتنفذة في عقد توافق مستدام وواضح بمدد زمنية يمكن البناء عليها للوصول إلى العملية الانتخابية المرتقبة.

وفي محاولة لكسر هذا الجمود طرحت المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة، ستيفاني خوري مبادرة جديدة خلال إحاطتها الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي في ديسمبر الماضي رأت خلالها ضرورة حل أزمة القوانين الانتخابية الخلافية، وتشكيل حكومة توافقية للوصول إلى الانتخابات عبر تشكيل لجنة استشارية لحلحلة المسائل الخلافية.

وشددت الدبلوماسية الأميركية ” خوري ” خلال إحاطتها، على ضرورة أن تلتزم أي حكومة جديدة قد تنبثق عن مفاوضات ليبية- ليبية التزاما صارما بالمبادئ والضمانات والأهداف والآجال الزمنية للوصول إلى الانتخابات كشرط لشرعيتها والاعتراف بها دوليا.

وبقراءة دقيقة لنا في المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية، لما ورد في مبادرة البعثة وحلقتها النقاشية الموسعة حولها، نجد أن بعض الكلمات فضفاضة، وتحتاج إلى ضبط وتوضيح أكثر، مثل كيفية اختيار اللجنة ومعايير هذا الاختيار، والمدة الزمنية لإنجاز مهامها، وعلاقة مجلسي النواب والدولة بهذه اللجنة، ومن يملك ترشيح عناصر الحكومة القادمة وآلية اختيارها، وضمان المجتمع الدولي ممثلا في البعثة للقبول بهذه الحكومة، وإجبار الحكومتين على تسليم السلطة دون تعنت أو رفض.

لكن في المجمل هي خطوة جيدة لتحريك مياه راكدة أزكمت رائحتها أنوف المواطن، ومحاولة لكسر حالة الجمود السياسي التي طالت، ويتوقف نجاح وجدية هذه الخطى على عدة أمور منها ما هو محلي ومنها ما هو دولي وأممي.

محليا: تحتاج هذه المبادرة إلى حاضنة قوية من مؤسسات لها قبول ومصداقية وتأثير وفاعلية، وكذلك قبول من أطراف الصراع ومؤسسات الأمر الواقع، وأخيرا ضغطا شعبيا وتحشيدا من قبل البعثة للشارع الليبي للضغط على هذه الأطراف من أجل تقديم التنازلات، وإبداء مرونة للمضي قدما في تنفيذ المبادرة.

دوليا: تحتاج الخطوة الي دعما حقيقيا على الأرض وليس مجرد بيانات، دعما يترجم على هيئة تهديد بعقوبات، وتنفيذ عقوبات بالفعل على الأطراف المحلية المتعنتة، وإجبارها على المضي قدما نحو تسوية سياسية مستدامة، وتعديل القوانين الانتخابية، وإنهاء حالة الانقسام والصراع، ثم الانتقال إلى مرحلة التجهيز لعملية انتخابية شفافة وليست انتخابات مخطط لها ومضمونة نتائجها، ووجود القوى الدولية الفاعلة كمراقب لكل هذه الخطوات.

وعلــيه   

فإن مبادرة البعثة الأممية، رغم التحفظ على بعض بنودها وآلية عملها وغياب المدد الزمنية، إلا أنها خطوة جيدة لفك الجمود السياسي الراهن لعل الأطراف المحلية تزدجر وتتراجع عن حالة التعنت التي تمارسها من سنوات، وإلا سيكون الأجدر بالبعثة ومن ورائها القوى الدولية أن تتجاوز هذه الأجسام خاصة مجلسي النواب والدولة وتمارس هي أيضا سياسة الأمر الواقع، بمنح المجلسين مدة زمنية 30 يوما مثلا لتشكيل لجنة لحل أزمة النقاط الخلافية في القوانين الانتخابية، وترشيح أعضاء منهما للمشاركة في اللجنة الفنية الاستشارية المرتقبة، وإلا سيتم تجاوز المجلسين وتشكيل لجنة عليا بإشراف دولي وإقليمي يكون من مهمتها إنجاز ملف توحيد السلطة التنفيذية، ومعالجة القوانين الانتخابية، وإعلان موعد رسمي لعملية انتخابية في البلاد تخص السلطة التشريعية، على أن تتبعها انتخابات رئاسية، ومن يتعنت أو يمتنع يتم تطبيق عقوبات دولية عليه كطرف معرقل، ومتهم بارتكاب جريمة بمنعه الشعب الليبي من ممارسة حقوقه الدستورية في انتخاب من يمثله.

يمكنكم تحميل النسخة الإلكترونية PDF (اضغط هنا)

زر الذهاب إلى الأعلى