كيف يمكن لليبيا تجاوز مأزقها السياسي؟ الدبلوماسية متعددة المسارات كمقترح للحل
ورقـــــــــــــــــــة بحثيـــــــــــــــــة
المركز الليبي للدراسات الأمنية والعسكرية
مقدمــــة
منذ عام 2012، أدت التحولات السياسية المتعثرة والمتكررة إلى تأثيرات سلبية عميقة على الشعب الليبي على جميع الأصعدة. مع الانقسامات الداخلية المستمرة والمتزايدة تعقيداً، إلى جانب التدخلات الخارجية، والتي تهدد بإغراق ليبيا في موجة جديدة من الأزمات والعنف. وقد تزايدت مشاعر التشاؤم بين الأوساط الشعبية نتيجة فشل القادة والمسؤولين وشركائهم الدوليين والإقليميين في تحقيق الاستقرار والأمن على المستوى المحلي.
شكلت الخارطة السياسية الليبية المعقدة بين أطراف النزاع في ليبيا عقبة أمام التقدم نحو توحيد الحكومتين المتنافستين بين الشرق بقيادة أسامة حماد، وحكومة الغرب بقيادة عبد الحميد الدبيبة والمعترف بها دولياً. علاوة على ذلك، فإن التهميش الاقتصادي والاجتماعي واستغلال غير عادل للموارد الدولة، لتحقيق مصالح شخصية، يضع البلاد في حالة أكثر تعقيداً وتدهوراً من المشهد الحالي.
ولايزال المشهد الاجتماعي والسياسي مليئاً بالتوترات في الوقت الذي أعلنت فيه الأمم المتحدة عن خطط جديدة لدعم ليبيا لدفع مسار الحل السياسي والتقدم نحو انتخابات وطنية ديمقراطية، لكسر حالة الجمود السياسي الذي تعيشه البلاد منذ عقود من الزمن.
والنتيجة، فأن حل الصراعات لا يقتصر فقط على مستوى النخبة؛ المتمثل في عملية المفاوضات الرسمية (المسار الأول)، على الرغم من أهمية هذا المسار في حل الصراع. ومع ذلك، ينبغي دعم المسار الأول من خلال القنوات الخلفية (دبلوماسية المسار الواحد والنصف) والمجتمع المدني والمنظمات الغير حكومية (المسار الثاني)؛ لما لها من تأثير كبير على نجاح عملية حل الصراع.
خاتمـــــة
على الرغم من التحديات التي تواجه الساحة السياسية الليبية، والتي ساهمت بشكل كبير في إعاقة الجهود الدولية والمحلية، الرامية إلى تحقيق حل سياسي مستدام يُفضي إلى استقرار ليبيا وإرساء السلام بين جميع أطراف النزاع، لا تزال هناك فرص دبلوماسية واعدة قد تساهم في إعادة الاستقرار إلى البلاد، لاسيّما دبلوماسية المسار الواحد والنصف، والتي قد تسهم بشكل كبير في إحداث فارق كبير عن الجهود الدبلوماسية الأخرى. ولكن هذه الجهود تتطلب تعاوناً محلياً من المجتمع الليبي نفسه، جنبًا إلى جنب مع دعم إقليمي ودولي فعّال قادر على جمع الأطراف المتنازعة على طاولة الحوار. مثل هذه الجهود المشتركة قد تكون المفتاح لإيجاد تسوية سياسية تُعيد ليبيا إلى طريق الاستقرار والسلام.