المؤشرالمؤشر الليبي
المؤشــر العـــــدد العشـــرون النصـف الثاني مايو 2024
المؤشــــر العــــــدد العشـــــرون
يصـدر عن المركز الليبي لبناء المؤشـــرات
- يلاحظ في هذه الفترة كما في السابق، احتكار ثلاثة قادة ليبيين بدور السياسة الخارجية الليبية وتمثيلها في المحافل الدولية: رئيس حكومة الوحدة الوطنية المعترف بها دولياً “عبدالحميد الدبيبة”، ووزير خارجيته “الطاهر الباعور”، ورئيس المجلس الرئاسي “محمد المنفي” أو نائبيه الكوني أو اللافي. في حين تغيب الحكومة المكلفة من البرلمان في الشرق برئاسة “أسامة حماد”، عن القيام بهذه الأدوار، لأنها غير معترف بها دولياً، فهي تنافس حكومة الدبيبة في السياسة الداخلية وقرارتها، لكن في السياسة الخارجية فهي بعيدة عن الاشتباك معها. ولعل لهذا السبب، يستعجل عقيلة صلاح عملية تشكيل حكومة جديدة، لعدم وجود صلاحيات لحكومته في السياسة الخارجية وعدم الاعتراف الدولي بها.
- يلاحظ أيضا أن لقاءات المسؤولين الأجانب رفيعي المستوى داخل ليبيا في المنطقة الشرقية تكون مع خليفة حفتر وأبناءه. وهو ما ظهر هذه الفترة في لقاء السفير الأمريكي مع نجلي حفتر خالد وبلقاسم. وهو أمر مخالف لكل الأعراف المتعارف عليها في العلاقات الدولية، إذ أن تجاهل الحكومة ووزير خارجيتها، والاقتصار على لقاء القادة العسكريين هو أولاً ترسيخ للانقسام السياسي في ليبيا، باعتبار أن هناك حكومة واحدة معترف بها دولياً يجب التواصل معها في كل ما يخص الدولة الليبية، وثانياً ترسيخ واعتراف بهيمنة حفتر وأبناءه وقواته على شرق البلاد، وثالثاً التأكيد على أن حكومة حماد لا تملك من أمرها شيء، وأنها مجرد أداة في يد حفتر.
- لا يتوقف الاستثناء الليبي على الملاحظات السابقة، ففي الاحتفال الذي أقامته الدولة التشادية بمناسبة تنصيب ديبي رئيساً للبلاد، يلاحظ أن الدبيبة والمنفي في زيارتين رسميتين منفصلتين ذهبا لتهنئة ديبي، وهو أمر غير معتاد في البروتوكولات التي تحكم علاقات الدول ببعضها البعض، إذ أنه من الطبيعي أن يكون هناك ممثل واحد للدولة في مثل هذه المناسبات. وبالتالي، هذا تعبير عن مدى التخبط المؤسساتي والتباينات بين المؤسسات الرسمية والقادة الرئيسيين في الدولة الليبية. يُذكر أن المنفي برئاسته للمجلس الرئاسي، يعتبر صاحب منصب تشريفي بروتوكولي وهو الأقرب لتمثيل ليبيا في مثل هذه المناسبات.
- لعل مشاركة الدبيبة في احتفال تنصيب ديبي، برغم أنه احتفال بروتوكولي كان من الممكن أن ينوب عنه فيه المنفي، مدفوعة بحسابات سياسية، إذ أنه لا يفوت أي مناسبة دولية أو إقليمية إلا ويشارك فيها، ليثبت أمام الفاعلين في الداخل والخارج أنه الرجل الأقوى في ليبيا والقادر على الاستمرار في منصبه وقيادة حكومته أو أي حكومة جديدة محتملة. ولعل هذا يفسر الحراك النشط للدبيبة في هذه الفترة، فقد حضر حفل تنصيب ديبي والتقى بالرئيس الموريتاني في تشاد للتأكيد على الحياد الليبي تجاه الصراعات المغاربية والالتزام بالاتحاد المغاربي، وشارك في المنتدى العربي الصيني والتقى ببن زايد في الصين حيث يمثل الأخير الداعم الرئيسي لاستمرار الدبيبة في منصبه، كما أجرى الدبيبة زيارة رسمية لتركيا والتقى بأردوغان، وهو الداعم الرئيسي الثاني للدبيبة. وبالتالي، فإن اجتماع الدبيبة بأردوغان وبن زايد هي ذات دوافع سياسية بحتة، لتعميق التحالف الذي يجمعه بهما، وأدواته في ذلك عدة، على رأسها توقيع الاتفاقيات الاقتصادية الاستراتيجية.
يمكنكم تحميل النسخة الإلكترونية PDF (اضغط هنا)