اشتباكات غريان على وقع عودة ادعاب..الدوافع والمآلات
في 29 أكتوبر 2023، دخل عادل ادعاب إلى مدينة غريان بكامل قواته القادم بها من المنطقة الشرقية ، بعد تنسيق مسبق مع المجلس البلدي للمدينة وقبيلته ، ومع آمر القوة المشتركة بقيادة عبد الخالق الدايخ، ومع ناصر اشطيبة أحد قادة القوات المتواجدة في مدينة غريان.
وبمجرد دخول ادعاب المدينة ، تحدثت تقارير عن حدوث اشتباكات بين قواته وقوات الدعم والاستقرار بقيادة محمود الغصري التابعة لحكومة الوحدة الوطنية ، أسفرت ، كما أعلن مدير مستشفى غريان خالد زويط ، عن سقوط ستة قتلى وإثنى عشر جريحًا وصلوا المستشفى منذ صباح اليوم 29 أكتوبر. وأسفرت هذه المعارك عن سيطرة مؤقتة لقوات دعاب على كامل مدينة غريان، مع توقف حذر للاشتباكات.
ورداً على سيطرة دعاب على مدينة غريان ، قررت حكومة الوحدة الوطنية في تفس اليوم ، تشكيل غرفة عمليات مشتركة للدفاع عن المنطقة الغربية والجنوب الغربي بقرار رقم ( 445 ) لسنة 2023، ضمت تكليف 28 من آمري الوحدات العسكرية والأجهزة الأمنية في المنطقة الغربية ، برئاسة المقدم عبد السلام الزوبي، ويعاونه كل من: ضابط من اللواء 444 قتال، وضابط من جهاز الأمن العام، وعضوية مندوب عن كل وحدة مكلفة ضمن هذه الغرفة.
وتتركز مهام الغرفة في التحرك الفوري لمواجهة وردع المجموعات الخارجة عن القانون والمعتدية على مدينة غريان ، واستخدامها للسلاح الثقيل في ترويع المواطنين ، ومواجهتها لوحدات الجيش، ودحر المجموعات المسلحة المعتدية على المدينة، والتعامل معها بالقوة إن لزم الأمر وفق المعمول به في العمليات العسكرية ، وملاحقة فلولها، وتأمين المدينة والمناطق المحيطة والمجاورة وكافة المناطق الغربية والجنوب الغربي _ كما ورد في نص القرار.
بعد هذا القرار مباشرةً ، وكما ذكرت بعض المصادر، توجهت حشود عسكرية ضخمة بقيادة الزوبي لمدينة غريان ، متضمنةً أكثر التشكيلات العسكرية خصومةً ” الردع و 444″ ، فضلاً عن كتيبة البقرة وكتائب أخرى من تاجوراء ، وبصحبتهم الطيران المسير، بهدف استعادة السيطرة على المدينة من قوات ادعاب _ بحسب المعلن.
كما ألمح آمر قوة الإسناد الأولى الزاوية محمد بحرون الملقب بالفار، لاتجاهه للمشاركة في اشتباكات غريان ضمن القوات التابعة للدبيبة ، وبعد دخول القوات التي أرسلها الدبيبة للمدينة ، تحدثت مصادر عن حدوث اشتباكات متقطعة في عدد من أحياء غريان ، ونتيجةً لاستهداف الطيران المسير التابع للدبيبة لمقرات ادعاب ، سقط ثلاثة قتلى ، من بينهم محمد المرغني القيادي بقوات ادعاب ، وجبريل الغصري اخ آمر اللواء محمود الغصري وثمانية جرحى، كما أشارت مصادر إلى أن قوات الأمن العام بقيادة عبدالله الطرابلسي ، شقيق وزير داخلية الدبيبة، سيطرت بشكل كامل على مدينة غريان، وأن العناصر والقوات التابعة لعادل ادعاب وناصر اشطيبة انسحبت خارج المدينة.
ويعتبر عادل ادعاب أحد أذرع حفتر القوية في المنطقة الغربية في حرب 2019 ، وهو أحد ابناء مدينة غريان، وكان له فضل كبير في تمكين ودعم حفتر في هجومه على العاصمة طرابلس في 4 أبريل 2019، حيث هو والقوة العسكرية التابعة له في ذلك الوقت ، من سهل الطريق لوصول حفتر إلى الحدود الإدارية للعاصمة طرابلس ، وقد أصيب ادعاب في تلك الأشتباكات بمدينة الغريان ، قبل أن تستعيد قوات حكومة الوفاق الوطني السيطرة على المدينة ، وانتقل بعدها إلى الإقامة في المنطقة الشرقية بصحبة ما تبقى من قواته ، ويحمل ادعاب الجنسية الإنجليزية ، وترقي إلى رتبة رائد مؤخراً من قبل المشير خليفة حفتر، على الرغم أنه لم يدخل الكلية العسكرية من قبل ، وتذكر بعض المصادر أن ادعاب قد استلم مبلغ 60 مليون دينار ليبي من حكومة الدبيبة الفترة السابقة ، قام باستخدامها في كسب ولاء أبناء قبيلته والمكونات الاجتماعية في المدينة ، و لحلحلة مشاكل الدماء ودفع الدية لمن قُتل في 2019.
داوفع عودة ادعاب
فيما يتعلق بدوافع عودة عادل ادعاب لمدينة غريان هناك احتمالان:
الأول ، أن تكون عودة ادعاب للمدينة تكراراً لنفس السيناريو والمشهد الذي حدث في يومي 2 و3 أبريل 2019 ، قبل هجوم خليفة حفتر على طرابلس ، إذ كانت قوات ادعاب هي رأس الحربة في تلك الحرب فهو من بدأ المعارك الأولى في 2019
بهدف السيطرة على طرابلس ، خاصةً وأن غريان مدينة استراتيجية تقع في منطقة جبلية مطلة علي الحدود الإدارية للعاصمة، وتعتبر بوابة الدخول لطرابلس وتبعد عنها 70 كم.
وبالتالي وفقاً لهذا السيناريو فإن عودة ادعاب واسترجاعه السيطرة على المدينة بقواته ربما هي مقدمة أو جزء من خطة كبيرة لتحقيق حلم حفتر بالسيطرة على طرابلس والغرب الليبي ، وهذا السيناريو يتواكب مع الترتيبات العسكرية التي قام بها حفتر من خلال أبناءه مع قيادات عسكرية وأمنية في المنطقة الغربية ، مثل مصراتة والزاوية وغرب الزاوية. وكذلك عودة القوات العسكرية التي تتبع التوجه المدخلي إلى مدن غرب الزاوية من جديد بعد إبعادهم منها سابقا ً، وهي مؤشر أيضا يرجح هذا السيناريو، ولعل عامل التوقيت مهم ، إذ قد يستغل حفتر انشغال المجتمع الدولي بالحرب على غزة في تكرار سييناريو الهجوم على طرابلس من جديد.
الثاني ، أن تكون عودته طبيعية كأبن من أبناء المدينة لحل مشاكلها التي كان هو أحد أسبابها ، بسبب اشتباكات 2019، وما نتج عنها من دماء وانتهاكات ضد أبناء وعائلات المدينة ، وهذا يرتبط بالتنسيق وترتيبه مع المجلس البلدي ومع القوات العسكرية المسيطرة على المدينة والمكونات الاجتماعية في المدينة.
الخلاصة
في ضوء معارك الكر والفر وتبادل السيطرة على المدينة بين قوات عادل ادعاب والقوات التابعة لحكومة الوحدة الوطنية والتي تسيطر حتى الآن على المدينة، فإن هناك تساؤلان يطرحان نفسهما:
الأول ، كيف يواجه الدبيبة قوات ادعاب بكل هذه القوة والحزم ، في حين أن الأخير تحدث في البيان المصور، الذي ألقاه بعد سيطرته المؤقتة على المدينة، عن أنه يدعم حكومة الدبيبة ، والمجلس الرئاسي بقيادة محمد المنفي.
والتساؤل الثاني ، هل ستتحرك قوات الشرق الليبي بقيادة حفتر لنجدة ودعم ادعاب في معركته مع قوات حكومة الدبيبة، خاصة في ظل العلاقة التي تربط الرجلين منذ معارك طرابلس 2019، وإذا حدث ذلك ، ما مدى قدرة قوات حفتر على إنجاح مساعي ادعاب في استعادة السيطرة على المدينة من جديد ، ومدى تطور هذه المعارك خارج المدينة، بمعنى هل ستشهد ليبيا حربا شاملة بين المنطقة الشرقية والغربية مرة أخرى؟