المرصدالمرصد الأسبوعي

المرصد الأسبوعي 02 أغسطس – 2023

تمهيد

في هذه الورقة ، نسعي الي تسليط الضوء علي ملخص للاحداث السياسية الجارية في خلال المدة السابقة ، ونهدف فيها الي قراءة تحليلية لبعض المواقف ، ومحاولة فهم سياقها وتقديمها للمهتمين ، للمساهمة ورفع الوعي حول الاحداث وتطوراتها.

  • خارطة الطريق.. بين المجلسين ورفض البعثة

وافق  مجلس النواب و الأعلى للدولة في ليبيا على خارطة طريق  جديدة  للانتخابات، وسط  مخاوف  من فشلها، وتدعو  الخارطة  إلى  إجراء  انتخابات خلال 240 يوماً  من  تاريخ إصدار القوانين الانتخابية، وتشكيل حكومة جديدة  مصغرة  بديلاً عن الحكومتين القائمتين – ” حكومة الدبيبة وحكومة حماد “.

ومع ذلك، لم  يتم  إعتماد قوانين الانتخابات حتى الآن، بل  وهناك خلاف حول  تركيبة الحكومة  الجديدة، كما أن  هناك  مخاوف  من أن الخارطة لن تكون  قادرة على إنهاء الانقسام السياسي في ليبيا ، كما تواجه الخارطة  عدم  اعتماد  للقوانين الانتخابية  حتى الآن، بالإضافة  إلى جهود رئيس حكومة  الوحدة  الوطنية “عبد الحميد الدبيبة” التي باتت تعادل المجلسين في إفشال مخططات الطرف الآخر.

وإلى جوار  ذلك، أصدرت البعثة الأممية  بياناً  حذرت فيه من إتخاذ أي خطوة أحادية  الجانب في مسار  معالجة الانسداد السياسي.

وقالت البعثة ” إن أي إجراءات أحادية يمكن أن تؤدي  إلى  عواقب وخيمة وتتسبب في  مزيد من  عدم  الإستقرار وإثارة العنف ” ،  وأضافت البعثة الأممية أن ” العملية السياسية في ليبيا تمر بمرحلة حرجة تستلزم اتفاقاً سياسياً  شاملاً مع  قبول  ومشاركة من جميع الأطراف الفاعلة ” ، وأوضحت البعثة أن المبعوث باتيلي يكثف اتصالاته  مع  جميع  الأطراف  للتوصل إلى تسوية تجعل مشاريع  قوانين الانتخابات  قابلة للتنفيذ والاتفاق  على  إنشاء حكومة  موحدة جديدة ،  وحذرت البعثة الأممية من جميع  الأعمال التي تقوض  مطالب الشعب بإجراء انتخابات وطنية تؤدي إلى إضفاء الشرعية على المؤسسات الليبية بطريقة سلمية وديمقراطية – بحسب قولها.

وتتجه  رئاسة  مجلسي  النواب  والأعلى  للدولة  إلى فرض التغيير الحكومي، وسط  توقعات بأن يشرع المجلسان في إجراءات  الترشح لمنصب رئيس الحكومة  والتصويت على الترشيحات قريبا.

وفي نفس السياق ، فقد حذر المبعوث الاممي ” عبدالله باتيلي ” عبر تصريح له ، بإنه من المهم حل قضية الحكومتين  في  البلاد ، كما  يجب أن  تشارك  كل الأطراف في العملية السياسية  للوصول الي إتفاق وطني شامل، وأضاف  في  بيانه أن ” بعض البنود المقترحة في قوانين الانتخابات قد تخلق صراعات سياسية” .

غير أن  انتخابات رئاسة المجلس  الأعلى  للدولة  قادمة  في الطريق ، وموعدها  يحل خلال  بضعة  أيام، وتشكل هذه الانتخابات حدثاً  كبيراً  إذ يراهن الرئيس الحالي – المشري – على الفوز   فيها،  إلا أن هناك  معارضة  قوية  داخل المجلس تدعمها  حكومة الدبيبة ،  قد تشكل تحدياً  أمام طموح  الرئيس الحالي، وقد يلجأ “المشري ” إلى تأجيلها  لأجل  التقدم على مسار  خارطة الطريق، وسيكون هذا سبباً لمزيد من التوتر داخل المجلس الأعلى للدولة.

وعلي المستوي الإجرائي  ، فأنه إذا  لم تتضح  بعد  عملية مراجعة قوانين الانتخابات ومعالجة ما اعتبرته البعثة  قصوراً   فيها، فإن هذا  الخلل  سيعيق   تفاهمات  المجلسين  حول  التغيير  الحكومي،  وستكون  النتيجة  تكرار  سيناريو الحكومة  الليبية  بقيادة  فتحي باشاغا، والخلوص إلى  إضافة أسم  جديد لرئاسة  الحكومة في حلبة التنازع  وتكريس التأزيم  الراهن.

وبطبيعة الحال ، إن  الوصول إلى عنق  الزجاجة  في  التأزيم   والدخول  في حالة   الجمود  من  جديد  قد يفسح  المجال للدفع  ببدائل ، منها مبادرة  البعثة  الأممية  المتعلقة ” باللجنة رفيعة المستوى “، خاصة  مع عدم  التعويل  على آلية محلية   يقودها جسم  معتبر  ” كالمؤسسة  القضائية ” ،  وذلك بعد  التنازع الذي أصاب المؤسسة القضائية  مؤخراً  ، والذي تسببت فيه سياسات مجلس النواب بخصوص  إعادة تنظيم الجهاز  القضائي.

و بشكل  عام ، يشير سياق  الأحداث  إلى ، أن الوضع  السياسي في ليبيا  غير مستقر ، وغير  مؤكد  المضي  في أي من  المسارات  التي  يمكن  لها  أن  تؤدي الي الأستقرار   والوصول  إلي الأستحقاق  الانتخابي المنتظر ، لوجود  العديد من  التحديات  التي  تواجه التنفيذ  السليم  لخارطة  الطريق ، والتي من  الممكن أن  تؤدي  إلى المزيد  من التوتر  والنزاع.

  • القضاء الليبي في نفق الصراع السياسي

أدخل مجلس النواب، المؤسسة  القضائية  في  دائرة  الصراع  بين  أعضائها، منذ أن أصدر  قراراً   بإجراء  تعديلات على  قانون  النظام  القضائي نهاية  نوفمبر 2021، يقضي  بتنحية رئيس المحكمة العليا السابق “محمد الحافي”، من رئاسة  المجلس الأعلى للقضاء، ثم إصدار  قانون  بإنشاء  محكمة  دستورية، ونقل  اختصاصات الدائرة  الدستورية  بالمحكمة   العليا   إليها.

وجاء  قرار   مجلس  النواب اليوم، بعد  أن  أصدرت  الدائرة  الدستورية  بالمحكمة  العليا، حكماً  بعدم   دستورية  القرار الصادر عن مجلس النواب، بشأن نظام القضاء.

ومؤخراً ، وفي يوم 12  يوليو  الجاري أعاد مجلس النواب تعيين  المستشار “مفتاح القوي” رئيسا للمجلس الأعلى للقضاء، بعد  تصويته  بالموافقة على  تعديل جديد  يخص  قانون  القضاء في جلسة   ترأسها  عقيلة صالح ، وتزامن   تعيين “القوي”  مع  مطالبة  عدد من  المتظاهرين أمام  مقر المجلس الأعلى  للقضاء بطرابلس، بتمكين  رئيس المحكمة  العليا ” عبد الله أبو رزيزة ” ، من رئاسة المجلس.

وفي  وقت لاحق ، أعلن  مجلس النواب في بيان  قيام  مجموعة  مسلحة بإقتحام  مقر  المجلس  الأعلى للقضاء في العاصمة  طرابلس، معبراً عن إدانته وإستنكاره لهذا الاعتداء.

ومن هذا المنطلق ،  ينظر  للأزمة  القضائية  في ليبيا  على أنها  عميقة  تؤثر  على قدرة  القضاء  في أداء  وظيفته في الفصل  بين   السلطات، ومن  غير  الواضح  ما إذا   كان  سيتم  حل  النزاع  في  وقت  قريب، ولكن  من المرجح  أنه سيستمر في  التأثير على مستقبل ليبيا ، وسيعد ضمن أكبر التحديات التي تواجه مستقبل البلاد على جميع  الأصعدة، أمنياً  وسياسياً  وانتخابياً ، وغير  بعيد أن تكون  هذه المصارعة  توظيفاً  للقضاء  في لعبة  الانتخابات محتملة  القدوم.

 

لتحميل الملف إضغط هنا

 

هذا المحتوى متوفر أيضًا باللغة: English Français Türkçe Italiano

زر الذهاب إلى الأعلى