الإيجاز

الأزمة الليبية وتناوب اللجان

تمهيد   

لقد صرح رئيس المفوضية العليا للانتخابات ” أن يكون هناك عملية انتخابية في ليبيا خلال العام الجاري ، أمر يتوقف على مدى سرعة لجنة ( 6+6 ) في إنجاز القوانين الانتخابية ” ، في مقابلة أجرتها معه وكالة أنباء الأناضول الأسبوع الماضي.

وكما هو معروف أن لجنة ( 6+6 ) مشكلة من أعضاء من مجلسي النواب و الأعلى للدولة ، قد نص على تشكيلها التعديل الثالث عشر للإعلان الدستوري ، وكُلفت بإعداد قوانين انتخابية “توافقية”، تجرى عبرها انتخابات تحل أزمة الصراع على السلطة بين حكومة عينها مجلس النواب مطلع عام 2022 برئاسة فتحي باشاغا ” أوقفه المجلس قبل حوالي أسبوعين ” ، وحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب، بحسب قوله.

وقد أكد المبعوث الأممي عبد الله باتيلي ، ورئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح ، في وقت سابق على ضرورة دعم لجنة ( 6+6 ) ، لتنجز مهامها  للوصول إلى الانتخابات الليبية ، وفي 23 مايو الماضي دعت لجنة ( 6+6 ) إلى تشكيل حكومة موحدة تمهد للانتخابات  قبل دخول القوانين التي تعكف على سنها  وإصدارها حيز التنفيذ ، وذلك في مؤتمر صحفي من بوزنيقة المغربية الأسبوع قبل الماضي ، صرح عضو لجنة ( 6+6 ) عن مجلس الدولة  “ماما سليمان”  لقناة ليبيا الأحرار ، بأن أعضاء اللجنة وقعوا على قوانين الانتخابات بعد وصولهم إلى “حلول وسط تتعلق بترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين “،  مشدداً في الوقت ذاته على أنه  ” لا يمكن الآن الإفصاح أكثر عن المضامين”.

ومع أن لجنة ( 6+6 ) لم تعلن تفاصيل بشأن اتفاقها بشكل رسمي ، إلا أن عضو اللجنة عن مجلس النواب، عز الدين قويرب، أعلن عبر صفحته على فيسبوك ، عن تصويت أعضاء اللجنة ” على القوانين الثلاثة بالإجماع “، في إشارة إلى القوانين الانتخابية الخاصة برئيس الدولة ، ومجلسي النواب والشيوخ.

 في توضيح أكثر ، قال عضو الأعلى للدولة في لجنة ( 6 + 6 ) فتح الله السريري ، ” إن رئيسي مجلسي النواب والدولة ، سيوقعان الاتفاق رسمياً يوم الإثنين 5 يونيو  في بوزنيقة المغربية ، وهو ما صرحت به بعض المصادر المقربة من اللجنة في وقت سابق لـ ” العربي الجديد “، موضحة أن ” صالح والمشري سيوقعان بالأحرف الأولى على الاتفاق في مراسم رسمية في بوزنيقة بحضور لجنة ( 6+6 ).

ردود الافعال

وبعد هذه التصريحات ، أعلن عدد من أعضاء مجلس النواب استنكارهم يوم السبت 3 يونيو تجاوز لجنة ( 6+6 ) المكلفة من مجلسي النواب و للدولة ، لإعداد القوانين الانتخابية مهامها التي أختيرت من أجلها ، في الوقت الذي كشفت فيه مصادر ليبية مقربة ، عن توقيع أعضاء اللجنة للأتفاق النهائي حول القوانين الانتخابية فيما بينهم .

 وفي بيان لإعضاء مجلس النواب ، حمل توقيع 61 نائباً ، حدد فيه مهام لجنة ( 6+6 ) ، و الأتفاق على النقاط الخلافية المتعلقة بانتخاب الرئيس ، موضحاً أن اللجنة ، “انحرفت عن مهمتها وتجاوزتها من خلال زيادة عدد مقاعد مجلس النواب ،  وتحديد السلطة التشريعية بغرفتين “.

 وطالب النواب الموقعون على البيان ، ” بعدم الموافقة على أي تعديلات دون الرجوع للمجلس ، وعدم التدخل في المقاعد البرلمانية زيادة أو نقصاناً ، وتركها للدستور المقبل “، وحملوا رئاسة مجلس النواب الممثلة في عقيلة صالح ونائبيه ، المسؤولية عن ، ” الخلافات التي سيجرها ذلك بين أبناء الوطن في حال التوقيع على ذلك التعديل دون الرجوع إلى المجلس للتشاور والاتفاق عليه “.

وفي بيان أخر لإعضاء مجلس الدولة الرافضين للتعديل الثالث عشر ، رفضوا كل مخرجات لجنة ( 6+6 ) ، واعتبروها غير دستورية ، أما المجلس الرئاسي ، فلم يعلق إلى الآن.

الخلاصة

  قد تعود الليبيون على سياسة الفعل ورد الفعل ، والمماحكة السياسية بين المكونات التشريعية والتنفيذية بالدولة، ولكلا أسبابه التي يربطها بالوطن والوطنية ، وإعلاء مصلحة الشعب .

وما تجدر الإشارة إليه ، أن تعارض المصالح بين الفاعلين في المشهد السياسي الليبي المحليين والدوليين ، يعقد مسألة الوصول إلى أي توافقات من شأنها أن تنتج انتخابات تشريعية ورئاسية ، ولعل بعض أعضاء لجنة ( 6+ 6 ) يدركون تماماً أن ما تم الاتفاق عليه أخيراً بالصخيرات ، لن يكون له أي أثر سياسي  او أجرائي ، وهي عبارة عن قفزة في الهواء ،  وذلك بسبب عمق الخلاف على المواد الخلافية في مشروع القانون الانتخابي ، حتى على مستوى شعبي،  وقد أصدر حزب العدالة والبناء بياناً رفض فيه ذات المخرجات ، واعتبرها صيغت بحيث يتم عرقلتها عن طريق الطعون القضائية ، واعتبر لجنة ( 6+ 6 ) ، تجاوزت صلاحياتها باقتراحها تشكيل حكومة تشرف على الانتخابات.

وفي وقت سابق أبدى باتيلي عدم نيته في حضور مراسم التوقيع في بوزنيقة ، معتبراً الاتفاق غير واقعي وغير قابل للتطبيق ،  هذا ما يعزز خياره في تشكيل لجنة وجيهة رفيعة المستوى ، التي عرض فكرتها في إفادته أمام مجلس الأمن نهاية فبراير 2023 ،  علما بإن لم يبقى على هذه  المهلة التي منحها باتيلي للأطراف الليبية سوى عشرة أيام تقريباً ، ولا يعلم حتى الآن ما هي المعايير التي بموجبها سيختار باتيلي أعضاء هذه اللجنة  “الوجيهة “، والتي ستجد هي الأخرى نفسها في قلب صراعات محلية وإقليمية ودولية ، مع  تضارب في المصالح  بين  الفرقاء  إلى الحد الذي يجعل احتمالية الوصول إلى توافقات حقيقية منتجة ويمكن البناء عليها أمر بالغ الصعوبة والتعقيد.

و جديرا  بالذكر ، فأن نفسه  النائب عزالدين قويرب وفي تصرح خاص أمس الاثنين لوكالة الاناضول الإخبارية ، أن لجنة ( 6+6 ) المشتركة بين مجلسي النواب والدولة أجلت التوقيع الرسمي على مخرجاتها المتعلقة بالقوانين الانتخابية المكلفة بصياغتها ،  و قال فيه ” إن التوقيع بالأحرف الأولي علي مخرجات لجنة ( 6 + 6 ) تأجل الي غدا الثلاثاء ” مضيفا،  أن ” التأجيل جاء لأسباب تنظيمية ” ، دون ذكر مزيد من التفاصيل.

السيناريوهات المحتملة

ربما يتم  الإعلان عن التوقيع على مخرجات لجنة ( 6+6 ) في بوزنيقة ، من طرف عقيلة صالح وخالد المشري ، سيقابل ذلك برفض شعبوي ونخبوي واسع ، يجعل التوقيع مجرد حدث عابر لا أثر له ، ويستمر الوضع على ما هو عليه.

قد تعلن الولايات المتحدة مباركتها لهذا التوافق ، وتضغط على بعض الأطراف المحلية والدولية الفاعلة للتعاطي مع هذا الاتفاق و الذهاب للانتخابات.

وربما تتجاهل الولايات المتحدة الأمريكية هذا الاتفاق جملة وتفصيلا ، ومرد ذلك ، لأنه بموجب هذا الاتفاق يحق لسيف الإسلام القذافي الترشح للانتخابات الرئاسية ، وهذا ما ترفضه الولايات المتحدة.

 

5 يونيو  2023

لتحميل الملف إضغط هنا 

 

هذا المحتوى متوفر أيضًا باللغة: English Français Türkçe Italiano

زر الذهاب إلى الأعلى